بين المسيحية والغربية

تاريخيًا ارتبطت المسيحية الغربية مع المصطلح الجيوسياسي "الغرب المسيحي"، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى الدور الذي لعبته الكنائس المسيحية الغربية في تشكيل ملامح الحضارة الغربية
30 نوفمبر 2020 - 12:08 بتوقيت القدس

يظن معظم الشرقيين أن الغرب يمثل المسيحية في إيجابياته وسلبياته، دون أن يكلف الواحد منهم نفسه ويقارن بحكمة بين مرتع ومنبع المسيحية في الشرق وبين الحياة الغربية. لا أُحَمِّلُ الشخص الشرقي الذنب لوحده، لأن نظرته هذه متأتية من عدة أسباب منها على سبيل المثال، أن معظم المسيحيين في الشرق لا يعطون أهمية للإعلان عن إيمانهم المسيحي أمام الآخرين. أو ترى بعضهم لا يعرف كيف يمثل الرب يسوع في حياته من خلال تصرفاته وكلامه وأسلوب حياته، هذه أيضا لها أسبابها منها ان الشخص لا يملك شخصيًا من المعرفةِ عن المعتقد أو الإيمان المسيحي إلا النزر اليسير، إضافة إلى هذا لا يكلف نفسه ويقرأ الكتاب المقدس، بل لا يمنح من وقته ساعة لمشاهدة كرازة أو عظة من على شاشة فضائية مسيحية. 

إذن سبب هذه النظرة الشرقية غير المتيقنة التي تخلو من المقارنة الصحيحة بين الإيمان المسيحي ونمط الحياة الأوروبية، هو نحن مسيحيو الشرق لأننا لم نُعَرِّفْ المسيحية بالذين عشنا في وسطهم، كنا ولا زلنا نستأنس عندما نسمع من أحدهم ينعت أحدنا قائلًا: “يا أخي أنت واحد منا.” ما كنا نعلم ولا زلنا أن قبولنا بهذا النعت يمحي شخصيتنا المسيحية، كأننا صاحب بستان كرم (عنب) بخيل لا يبيع كرومه ولا يهبها لأحد ولا يأخذها إلى أفراد عائلته لكي يأكلوا ويشبعوا منها ولا يدعوا إلى تناولها أي من جيرانه أو أقرِبائه. لم نحسن العمل في الوكالة المعطاة لنا (لوقا 12: 42) بتصرفنا المشوب بالخوف تارة و الخجل والإسْتحياء تارة أخرى، حرمنا غيرنا من لذة التمتع بثمار المسيحية. 

هل مضى الوقت واِنقضى؟ كلا دع الواحد منا يبدأ من موقعه من كنيسته ويعرف المسيا بالناس. علينا أن نكون كنيسة تحقق قصد الله فيها، أن نكون كهنة نعلم الغير تعاليم المسيح، أن لا نكون مثل شعب إسرائيل الذي كسر العهد مع الله وفشل في أن يحقق قصد وهدف الله فيه، بل حزن الله لإختياره لهم، لأن بنو إسرائيل لم يرتقوا بقوة الله كي يكونوا أمة كهنة أو يد الله في تقويم الأمم المعوجة. 

على كل واحد منا أن يعمل مع أعضاء الكنيسة يُعرِّفُ الآخرين بتعاليم المسيح، سواء أكان في الغرب أو لا زال في الشرق. لا يمكن أن يلتقي الإيمان المسيحي مع نمط الحياة الأوروبية، شتان ما بين الإثنين، الأول سماوي والثاني أرضي. الأول مصدره الله، الثاني مصدره الإنسان. الأول أرضيته الإيمان، الثاني أرضيته الإلحاد. بالنسبة لنا كمسيحيين لا ندين النظام الأوروبي أو نمط الحياة الأوروبية، علينا أن نكون شمعات تنير أفكارهم، علينا أن لا نخشى ثقافتهم لأنها على رمل بنيت. نقرأ الكتاب المقدس، نؤمن به (كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ،)”2 تيموثاوس 3: 16” نذهب إلى الكنيسة، نستمع إلى كرازة رابي قاشا أو نشاهد الكرازات من على الفضائيات المسيحية لا ننس أن نطلب اِستنارة من الروح القدس عندئذ نقدر أن نجادل ونحاور الأوروبي نعلمه بأن حياته أرضية ملؤها الملذات الزائلة (بَاطِلُ الأَبَاطِيلِ، الْكُلُّ بَاطِلٌ.)”سفر الجامعة 1: 2” لن تمنحه الخلاص (حريته التي قدسها وجعلها فوق قدسية الله.) بل تُققِدَه البركات.

إذن لا يجوز ولا تتزن الموازين ولن تعدل عصا القياس عند المقارنة بين الإيمان المسيحي ونمط الحياة الأوروبية، لأن لا علاقة بينهما البتة ولا صورة للشبه تجمعهما. أن الموضوع لا يحتاج إلى مقارنة لأنها لا تصحُّ! لكن لو صمم الشخص على المقارنة عليه أن ينظرَ أين يقف يسوع المسيح من طرفي المقارنة. لطفًا يا أخي العزيز غير المسيحي لا تنظر إلى الإيمان أو المعتقد المسيحي من خلال نمط وأسلوب الحياة الأوروبية. ولا العكس صحيح. لست هنا لكي أدين النمط الأوروبي في الحياة كلنا خطاة (رومية 3: 23) لكني أوضح خطأ المقارنة. هل يستوي النظر من خلال جهة من الجهات الأربعة في العالم إلى بقية الجهات؟ بعبارة أوضح، لا يصحُّ النظر من خلال الشرق إلى الغرب؟ والعكس غير صحيح. يبقى لدينا رجاء أن دول أوروبا ستعود إلى طريق الصواب وتجعل يسوع المسيح محور حياة مواطنيها وتعاليمه مرجعًا أساسيًا لدساتيرها.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا