انا الأصغر

اذا اعطانا الله الذكاء والمعرفة والعِلم، هل نتكبر او نتواضع ونعترف ان كل شيء هو عطية الله؟
11 ديسمبر 2021 - 09:34 بتوقيت القدس
انا الأصغر

يميل الانسان عادة بطبيعته البشرية ان ينظر ويركز على اخطاء وضعفات الاخرين، بينما يحاول ان يُظهر صفاته الايجابية وانجازاته الشخصية، واخفاء قدر المستطاع السلبية منها وخاصة الخطايا.

لكن الله فاحص القلوب والكلى لا يخفى عليه امر، وبدافع محبته لنا ارسل روحه القدوس لكي يُبكت كل منا على خطية وبِر ودينونة، لاننا جميعنا اخطأنا واعوزنا مجد الله، كذلك ليس فينا بار ولا واحد بل الله وحده هو البار، ومن يرفض ان يعترف بخطاياه ويتمسك ببره الذاتي، ويرفض بِر المسيح وحده، فلا بُد ان يُلاقي الله الديان العادل بدينونة رهيبة!!

كان فكر المسيح في حياته هو فكر التواضع والاخلاء، وحياته شهدت على ذلك. فهو الذي وُلد في مذود بسيط في بيت لحم، وهو الذي عاش حياة بسيطة مع عائلة فقيرة ماديًا، وفي ايام خدمته لم يجد مكان ليتكئ رأسه، وحتى قبره كان مستعار!!

ونحن اليوم، كيف نتصرف وكيف نفكر اذا امتلكنا بعض البيوت او السيارات او الاراضي او الاموال في البنوك، هل نظن انها لنا الى ابد الآبدين؟! ام ان كل شيء لنا هو عطية الله على حساب محبته ونعمته لنا جميعًا، لان الذي وهبنا ابنه يسوع المسيح، كيف لا يهبنا معه كل شيء؟؟!!

وفي المجال الروحي، اذا وهبنا الله الايمان والخلاص، كذلك المواهب الروحية، هل اتكبر على اخوتي واصدقائي كاني حصلت على ذلك بقدرتي وبِري، ام اعترف ان كل شيء هو على حساب نعمة الله؟!

نقرأ في رسالة افسس 8:3، كيف يُصرِّح بولس الرسول انه "اصغر جميع القديسين"، وانه اصبح خادمًا للانجيل على حساب النعمة.

هذا الذي كان قبلًا مضطهدًا للكنيسة ومُفتريًا، يرضى بقتل المؤمنين، ومتفاخرًا بانه يهوديًا من نسل ابراهيم، ومن سبط بنيامين، مختتن وغيور للناموس، عندما عرف المسيح وتغيرت حياته، حسب كل شيء نفاية لكي يعرف المسيح. 

من اروع الصفات التي يغرسها الله في قلب كل مؤمن هي التواضع، واعطاء كل المجد لله في الامور المادية والروحية ايضًا. لذلك نرى الرسول بولس يقول انه اصغر جميع القديسين، وكان هذا الشعور حقيقيًا في قلب الرسول كما انه حقيقي في قلب كل مؤمن حقيقي بالله.

لم يتفاخر الرسول انه بشر بالانجيل العديد من المدن في آسيا واوروبا، لم يتفاخر بانه شفى المرضى واقام الموتى، بل صرَّح قائلًا:

“اني اصغر الرُسل، وبنعمة الله انا ما انا” (كورنثوس الاولى 9:15).

في مجال الايمان يقول انا اصغر القديسين، وفي مجال الخدمة يقول انا اصغر الرسل، وفي كل شيء يقول ليس انا بل نعمة الله.

ونحن ماذا نقول اليوم؟

انا اكبر واقوى المؤمنين؟!

انا اكبر واقوى الخدام؟!

اقول انا وقوتي ومجدي، او الله ونعمته ومجده؟؟

جاء المسيح ارضنا تاركًا امجاد السماء، وهو القدوس البار اخذ صورة عبد وصورة انسان، عاش حياة بسيطة وديعًا ومتواضعًا مع الكل، اخفى مجده وسلطانه لكي يُظهر مجد الآب وحده.

ما احوجنا ان نتعلم من رسول الامم بولس، اننا بنعمة الله ما نحن عليه وما نملك، وما احوجنا ان نتعلم من رب المجد يسوع التواضع والوداعة والاخلاء، وان لا نأخذ المجد لنا لا في الامور الارضية المادية، ولا السماوية الروحية.

انه وقت اخوتي ان نقول مع الرسول:

"انه تفاضلت نعمة ربنا جدًا مع الايمان والمحبة التي في المسيح يسوع. صادقة هي الكلمة ومُستحقة كل قبول، ان المسيح يسوع جاء الى العالم لِيُخلص الخطاة الذين اولهم انا". (تيموثاوس الاولى 14:1).

اذا قال الرسول انه اصغر جميع القديسين واصغر الرسل، بل واول الخطاة!!

فماذا نقول نحن بعد؟

انا الاكبر ام انا الاصغر؟!

انها قوتي ومجدي ام انها نعمته ومجده؟!

لانه مكتوب:

"يُقاوم الله المستكبرين، واما المتواضعون فيُعطيهم نعمةً".

ارحمنا يا الله.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا