زَكَّا رئيس العشَّارين

نقرأ في انجيل لوقا الاصحاح التاسع عشر، عن لقاء الرب يسوع مع زكا، الذي كان رئيس للعشارين وكان غنيَّا.
26 يونيو 2021 - 10:49 بتوقيت القدس
زَكَّا رئيس العشَّارين

يحثنا الكتاب المقدس ان نكون اغنياء لله، الغنى الحقيقي الروحي، غنى الايمان القلبي الصادق بدون رياء، غنى الاعمال الحسنة وخاصة في الخفاء، افتقاد اليتامى والارامل والفقراء، عندما لا تعلم شمالنا ما تعمله يميننا.

لكن زكا كان عشارا غنيا جابي ضرائب، كان مكروه من المجتمع لانه عمل ضد شعبه وامته لجبي الضرائب للرومان. كان غنيا ورئيسا، لكنه شعر بجوع وعطش روحي بان يرى يسوع ويعرف من هو.

هل سمعت عن يسوع في حياتك؟ من هو بالنسبة لك؟

نبي ومعلم صالح فقط، صانع العجائب ومُطعم الجياع لا غير، ام انه الرب الاله الذي تجسد، علم كلمة الله، وخلص كل من آمن به من شر الخطية والدينونة، واهب الحياة الابدية وحياة افضل هنا على الارض.

ليس فقط حياة الطعام والشراب والسفر والعمل وجمع الاموال ( ان كان بعرق الجبين على الاقل وليس الغش والخداع والنصب... )، بل حياة الايمان بالله ومعرفة المسيح يسوع الرب والمخلص، كما علمنا هو ان نطلب اولا ملكوت الله وبره، وجميع الاشياء تزاد لنا.

طلب زكا ان يرى يسوع من هو، ولم يقدر من الجمع، لانه كان قصير القامة.

هل ما زلنا نرى يسوع بعيون الآخرين وما يقولونه عنه، ام ان مرجعنا الوحيد لمعرفة الرب يسوع، هو ما قاله هو عن نفسه في الانجيل المقدس؟

كلنا "قصار القامة" روحيًا بان نعرف من هو يسوع بعقولنا البشرية واجتهادنا الشخصي، لذلك نحن بحاجة ان نتواضع ونطلب بصدق من كل قلوبنا من الله، الاعلان عن من هو يسوع بالحقيقية.

زكا لم يستسلم كونه قصير القامة، بل صعد الى جميزة لكي يرى يسوع، رأى يسوع زكا فوق الجميزة وامر بان ينزل بسرعة، لانه اراد ان يمكث في بيته.

علينا جميعا ان نشكر الله على كل "جميزة" في حياتنا، ساعدتنا بان نرى يسوع، وبدون هذه الجميزة فلم يكن باستطاعتنا ان نرى يسوع.

نقرأ ان زكا هو الذي ركض وصعد الى الجميزة بمبادرة منه، ونحن احيانا بحاجة لهذه الجميزة لكي نرى يسوع المخلص والرب، ومن الممكن ان تكون هذه الجميزة احتياج مادي او روحي، ضعف ومرض جسدي، فشل علاقة وارتباط او زواج، او اي تحدي في حياتنا.

علينا ان نشكر الله الذي يسمح لنا بان نمر في ظروف صعبة في حياتنا، ليس لانه يفرح بان نتألم ونجرب، لكنه بدافع محبته وقدرته يجعل كل الاشياء تعمل للخير للذين يحبونه، قبل كل شيء لكي نرى يسوع بالحقيقة من هو، ليس مرة او مرتين في السنة، بل ان نتفرس بجماله وعظمته كل يوم...

طلب الرب يسوع من زكا ان يمكث في بيته، وزكا قبل يسوع في بيته.

الرب يسوع لا يفرض نفسه بالقوة بان " يقتحم" بيت احد، بل هو ما زال واقفًا على ابواب القلوب قارعًا بكل محبة ورحمة، لعل من يسمع النداء، ليدخل الرب الى قلبه، ويمكث معه الى الابد، هنا على الارض، وفي السماء الى ابد الأبدين.

نقرا في انجيل يوحنا الاصحاح الرابع عشر، تشجيع يسوع لتلاميذه بان لا يخافوا ولا يرهبوا، لان في بيت ابيه منازل كثيرة.

يتابع رب المجد يسوع الحديث في نفس الاصحاح، بان من يحب الله يحفظ وصاياه، ويحبه الآب، واليه يأتي الآب والابن يسوع، وعنده يصنعوا منزلًا.

هل قلوبنا منزلًا لسكنى الله، هل يسكن عمل الله وصفاته قلوبنا؟ مثل المحبة والتواضع والبِر والتقوى والسلام والفرح؟ ام الاضطراب والخوف والانانية ومحبة الذات، والشهوة الرديئة والكبرياء؟

لنفحص اخوتي واصدقائي قلوبنا بكل صدق امام المجهر الالهي، ونور انجيل المسيح، لعلنا نعترف بخطايانا وتقصيراتنا احدنا مع الاخر ومع الله، ونرجع ونتوب اليه من كل قلوبنا كما رجع وتاب زكا، وقبل يسوع في قلبه قبل ان يقبله في بيته.

بعد اللقاء المبارك بين الرب يسوع وزكا، نلاحظ التغيير الجذري والفوري بحياة زكا، مع ان هذا الامر ازعج الكثيرين، كيف ان يسوع يدخل الى بيت عشار خاطئ.

تغيير جذري ومبارك، دفع زكا بان يُعلِن امام الجميع انه خاطئ وسارق، ولكن ليس فقط توبة الشفاه بل من كل القلب، لان توبته ظهرت بالعمل بانه رَدَّ المسلوب من الضرائب، ليس فقط خُمسه ( لاويين 5:6 ، عدد 7:5 )، بل رد اربعة اضعاف...

لان الناموس يقول لا تزنى، اما يسوع فقال لا تنظر الى امرأة لتشتهيها في قلبك...

الناموس قال لا تقتل، اما يسوع فقال لا تغضب على اخيك باطلًا...

الناموس علم بان لا نسرق، اما يسوع فعلم بان لا نشتهي ممتلكات الغير، بل ان نعطي المحتاج والمسكين، وحتى من اراد ان يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء ايضا...

ارحمنا يا الله!

بعد ان مكث يسوع في بيت زكا، ورأى توبته الحقيقية القلبية، اعلن يسوع بان اليوم حصل خلاص لهذا البيت، اذ هو ايضا ابن ابراهيم.

هل كان غنى زكا كفيل بان يخلصه ؟ او كونه انسان مهم في المجتمع جابي ضرائب وصاحب السلطان؟

هل كونه ابن ابراهيم (يهودي) كفيل بان يخلص ويدخله ملكوت الله؟

لا المال ولا الجاه ولا الدين يدخلنا ملكوت السماوات، بل فقط توبة حقيقية قلبية، وقبول لعمل يسوع الكفاري على الصليب، لانه ان لم يصعد يسوع على عود الصليب، لما كان بمقدور زكا "النزول من الجميزة" ، بل كانت تنتظره دينونة رهيبة ومصير ابدي مظلم مع الشيطان واعوانه!

لنسرع جميعا لا للصعود الى جميزة  المال والشهرة لنرى  يسوع، بل ان ننكر ذواتنا وشهواتنا، ونحمل الصليب ونموت نحن على ذواتنا، لكي يحيا المسيح فينا اليوم، لاننا بيته نحن ان تمسكنا بثقة الرجاء وافتخاره الى النهاية... (عبرانيين 6:3).

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا