صهيون كمال الجمال

كلمة "صهيون" ما المعنى اللاهوتي الذي تحمله؟ تستخدم كلمة صهيون للإشارة البلاغية إلى إسرائيل كشعب الله (اشعياء 60: 14). ويستمر المعنى الروحي لصهيون في العهد الجديد، حيث تحمل المعنى المسيحي لملكوت الله
11 ديسمبر 2019 - 12:50 بتوقيت القدس

نقرأ في كتاب التكوين ان الله خلق كل شيء بشكل حسنٌ جدًّا، هو خالق السماوات والارض والبحار والنجوم، خالق الانسان وكل كائن حي.

نحن بطبيعتنا البشرية ننجذب الى الامور الجميلة وحسنة المنظر، مثل الطبيعة الجميلة ببحارها وجبالها وزهورها، احيانًا ننجذب الى البنايات الشامخة والبيوت الكبيرة والجميلة، او حتى الى سيارات فخمة وغالية الثمن، وهناك من تجذبه الملابس كثيرة الثمن او الذهب والجواهر.

من الممكن ايضًا ان يُرَكِز الانسان على جماله الخارجي مثل جمال الشعر، واستخدام المكياج والعطور كثيرة الثمن لاظهار الجمال الخارجي، حتى ايضًا اللباس الكثير الثمن والذي يشد الانظار الى صاحبه!

نقرأ في الكتاب المقدس ان موسى كان حسن المنظر، كذلك كان داود ويوسف، سارة وراحيل ايضًا.

لكن هل كان جمال هؤلاء هو ما مَيَّز حياة ايمانهم؟ 

طبعًا الله هو الخالق والذي يهب كل واحد منا تركيبة جسده وشكله الخارجي، وكل ما نملك هو له وحده، ان كانت اجسادنا او حتى بيوتنا واموالنا وكل ما لنا.

فلماذا اذا الافتخار بجمال الجسد والعيون والوجه؟ ولماذا الافتخار ببيوتنا وحقولنا واموالنا، أليس كل شيء هو ملك الله وحده وهو واهب العطايا الحسنة لكل واحد منا؟

نقرأ في المزمور 2:50 انه "من صهيون، كمال الجمال، الله اشرق". هناك احيانًا من يفتخر بل ويتكبر على الآخرين بما يملك او بما انجز في حياته، او حتى يفتخر بانتمائه الى بلد او دولة معينة، حتى الى دين او عقيدة معينة، ويرى بها الاكمل والاحسن.

والى يومنا هذا هناك من يفتخر بصهيون واورشليم ونسوا ربها وخالقها، وعلى اي صهيون نتكلم نحن ؟ وعلى اي جمال؟

اراد الله ان يكون الشعب القديم، شعب اسرائيل نور لجميع الامم، وان يظهر مجده من خلال هذا والشعب وان يكون سبب بركة لجميع الشعوب.

لكن كما نعلم ان الرب يسوع المسيح جاء الى خاصته، وخاصته لم تقبله، وكل الذين قبلوه اعطاهم سلطانًا ان يصيروا اولاد الله، اي المؤمنون باسمه.

الله لا يفرق بين شعب وشعب، او بين أُمَّة وأُمَّة، وكما نقرأ في الكتاب المقدس ان الله قبل كل شيء ينظر الى القلب والى الداخل، وان كان جُل اهتمامه اورشليم الارضية لما اعد لنا السماوية، وان كان كل اهتمامه فقط باجسادنا الارضية، لما اعد لنا اجساد لا تفنى بعد القيامة.

طبعًا من المهم ان نحافظ على سلامة اجسادنا وصحتنا، ان نصونها ونعتني بها، لكن لا ان تصبح هي اساس حياتنا ونعطيها كل اهتمامنا بل واموالنا ايضًا.

الله خلق لنفسه شعبًا مقدسًا ومكرسًا من كل قبيلة ولسان وشعب وأُمَّة، هذا الشعب هو الكنيسة، اولاد الله الذين اشتراهم الرب يسوع بدمه الكريم الذي سُفِك على عود الصليب. ومشيئة ودعوة الله لنا جميعًا هي ان يتمجد في حياة كل واحد منا، كافراد، كعائلات، ككنائس وفي النهاية كجسد المسيح الواحد على الارض اي الكنيسة الواحدة الجامعة والرسولية.

فهل نقبل نحن هذه الدعوة من رب المجد يسوع لكل واحد منا ؟ ام ما زلنا منشغلين بجمال كل ما حولنا، ونسينا ان نتفرَّس بجمال من هو ابرع جمالًا من كل بني البشر، الذي انسكبت النعمة على شفتيه، لذلك باركه الله الى الابد ( مزمور 2:45 ). 

لم يكن الجمال الذي تكلم عنه كاتب المزمور جمال العيون والشعر والجسد، بل يصف ذلك الجمال بمن احب البِرَّ وابغض الاثم، جمال ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، الذي مسحه الله من اجل ذلك بدهن الابتهاج اكثر من رفقائه.

هل نسأل نحن مع الملك داود تلك الطلبة الواحدة والوحيدة، واياها نلتمس، ان نسكن في بيت الرب كل ايام حياتنا، لكي ننظر جمال الرب، ونتفرس في هيكله؟

اليس هو الرب الاله الذي وعد بان لا يسكت من اجل صهيون، ومن اجل اورشليم لا يهدأ، حتى يخرج بِرُّها كضياءٍ وخلاصها كمصباح يتَّقد؟

فترى الامم بِرَّكِ، وكل الملوك مجدكِ، وتُسَمَّين يا كنيسة الرب الاله باسم جديد يُعَيِّنه فم الرب، وتكونين أكليل جمالٍ بيد الرب، وتاجًا ملكيًّا بكفِّ الهك؟

انسمع نحن نداء الحبيب:

" قومي استنيري لانه قد جاء نورك، ومجد الرب اشرق عليكِ، لانه ها الظلمة تُغطي الارض والظلام الدامس الامم، اما عليكِ فيشرق الرب، ومجده عليك يُرى، فتسير الامم في نوركِ، والملوك في ضياء اشراقك ". ( اشعياء 1:60 ).

هل كان كل ذلك بكل سهولة ؟ الم يكلف هذا المجد حياة ربنا يسوع؟ ذاك الذي كان ( وما زال وسوف يكون الى ابد الآبدين) ابرع جمالًا من كل بني البشر، ابرع جمالًا من كل الانبياء، او من يدعون انهم انبياء، ابرع جمالًا من كل ملوك الارض، ذاك الابرع جمالًا اصبح من اجلي ومن اجلك لا صورة له ولا جمال... فننظر اليه، ولا منظر منشتهيه!!! الابرع جمالًا اصبح مُختبِر الحزن، وكمُسَتَّر عنه وجوهنا، محتقر فلم نعتدَّ به!!!

بالفعل، من صدق خبرنا، ولمن استعلنت ذراع الرب؟

نعم على عود الصليب، الابرع جمالًا اصبح بلا صورة ولا جمال، لنكون نحن اليوم اكليل جمال بيد الرب الاله، على عود الصليب القدوس البار اصبح خطية بل ولعنة ايضًا، لكي يخرج برنا نحن اليوم امام الله الآب القدوس، امام ملوك الارض وكل بشر.

هل نُهمِل نحن هذا المجد؟ ونركز على ضفائر الشعر او الذهب او لآلىء او ملابس كثيرة الثمن، وننسى ان نزين ذواتنا بلباس الحشمة، وتقوى الله باعمال صالحة ( تيموثاوس الاولى 9:2 )، وان لا تكون زينتنا الزينة الخارجية، بل انسان القلب الخفيَّ في العديمة الفساد، زينة الروح الوديع الهادىء، الذي هو قدام الله كثير الثمن( بطرس الاولى 3:3 ).

اليوم صوت الحبيب يدعوا:

" قومي يا حبيبتي، يا جميلتي وتعالي "...

فتُجيب العروس مع الروح ويقولان:

" تعال "...

وكل من آمن يقول:

" آمين، تعال ايها الرب يسوع ".

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا