في خطوة أثارت موجة قلق واحتجاجات واسعة داخل الأوساط المسيحية والدولية، أصدرت محكمة مصرية حكمًا قضائيًا يقضي بتحويل دير سانت كاترين – أقدم دير مسيحي مأهول في العالم – إلى متحف، مع نقل ملكية أرضه للدولة المصرية. القرار الذي وصفه البعض بـ"الإداري"، اعتبره آخرون مؤشرًا خطيرًا على تنامي تأثير التيارات الدينية المتشددة في مفاصل صنع القرار داخل مؤسسات الدولة.
يقع دير سانت كاترين عند سفح جبل سيناء، وقد بُني في القرن السادس الميلادي بأمر من الإمبراطور البيزنطي جستنيان. منذ ذلك الحين، احتفظ الدير بطابعه الديني كمكان عبادة، واحتضن داخله تراثًا روحيًا وثقافيًا نادرًا، من مخطوطات إلى فسيفساء بيزنطية لا تُقدّر بثمن.
لكن الحكم الأخير أعاد طرح أسئلة حساسة حول العلاقة بين الدين والدولة في مصر، ودور القوى المتشددة في التأثير على قرارات مفصلية تمس الأقليات الدينية ومواقعها المقدسة.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان قد أكد خلال زيارته الأخيرة إلى أثينا التزامه بعدم المساس بوضع الدير، ووصفه بأنه "مكان مقدس يجب الحفاظ عليه". إلا أن الحكم القضائي الصادر مؤخرًا يتناقض تمامًا مع هذا الالتزام، ما دفع كثيرين للتساؤل: هل أصبحت قرارات الدولة بيد القضاء وحده؟ أم أن هناك نفوذًا دينيًا غير معلن بدأ يتغلغل في مؤسسات الحكم؟
الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية تحذّر
ردّ فعل الكنيسة الأرثوذكسية لم يتأخر، إذ أعرب رئيس أساقفة اليونان، إيرونيموس الثاني، عن غضبه العارم من القرار، محذرًا من أنه يمثل تهديدًا مباشرًا للتراث المسيحي في الشرق الأوسط، وقد يؤدي إلى إخلاء قسري للرهبان وانتهاك حرية العبادة.
مخاوف دولية وتصعيد محتمل
الدير، المصنّف كموقع تراث عالمي من قبل اليونسكو، يحظى باهتمام كبير من المجتمع الدولي. ومع تزايد التحذيرات من محاولات "أسلمة" الحياة العامة في مصر، يرى مراقبون أن ما يحدث في سانت كاترين قد يكون بداية لمرحلة جديدة من التضييق على الحضور المسيحي التاريخي في المنطقة.