في مشهد صادم تابعَه العالم مباشرة عبر الإنترنت، اقتحم مسلّحون كنيسة تابعة لـ«كنيسة المسيح الرسولية – Christ Apostolic Church» في بلدة إيروْكو (Eruku) بولاية كوارا وسط نيجيريا، مساء الثلاثاء 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، أثناء قدّاس كان يُبَثّ مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، ما أدّى إلى سقوط قتلى واختطاف الراعي وعدد من المصلّين.
وبحسب بيان للشرطة في ولاية كوارا، فإن الهجوم وقع قرابة السادسة مساءً، حين دوَّت طلقات نارية خارج الكنيسة قبل أن يقتحم أكثر من خمسة مسلّحين المكان، ويُطلِقوا النار عشوائيًا داخل القاعة، في مشهد وثّقته كاميرات البث المباشر، حيث ظهرت حالة الذعر وهروب المؤمنين نحو المخارج بحثًا عن مأوى. وأكّد متحدّث باسم الشرطة مقتل شخصين على الأقل، فيما تحدّثت تقارير محلية عن ثلاثة قتلى، بينهم أحد حرّاس الكنيسة.
تُظهر مقاطع الفيديو التي راجت على مواقع التواصل الاجتماعي المسلّحين وهم يجوبون الممرّات داخل الكنيسة بعد فرار المصلّين، ويفتشون المقاعد ويجمعون المتعلّقات الشخصية، ثم يقتادون الراعي وعددًا غير محدّد من المؤمنين إلى الخارج قبل أن يختفوا بهم في الأحراش المحيطة بالبلدة. وتقول مصادر محلّية إن الخاطفين استخدموا مسالك ترابية في اتجاه الحدود مع ولاية كوغي، ما صعّب ملاحقتهم رغم تدخّل قوى الأمن وفرق الحراسة الأهلية.
حاكم ولاية كوارا، عبد الرحمن عبد الرزّاق، أشاد في بيان رسمي بـ«الاستجابة السريعة» لقوى الأمن، معلنًا تعزيز الانتشار العسكري والأمني في المنطقة، فيما أفادت الرئاسة النيجيرية بأن الرئيس بولا تينوبو طلب نشر وحدات إضافية من الجيش في الولاية، في ظل تصاعد هجمات العصابات المسلّحة وخطف المدنيين في وسط البلاد وشمالها.
الهجوم على الكنيسة في إيروْكو يأتي ضمن سلسلة أوسع من اعتداءاتٍ تستهدف المجتمعات المسيحية في نيجيريا، من هجمات على القرى والكنائس إلى مجازر في أثناء القداديس والأعياد. وقد حذّرت رابطة المسيحيين في نيجيريا (CAN) مؤخرًا من أنّ ما يتعرّض له المسيحيون في البلاد «أقرب إلى إبادة جماعية ترتدي قناع الفوضى»، داعية الحكومة إلى تحرّك حاسم وفعّال لحماية دور العبادة والقرى المسيحية.
على الصعيد الدولي، زاد الهجوم من حدّة النقاش حول أوضاع المسيحيين في نيجيريا، خصوصًا بعد تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب ومسؤولين أميركيين تحدثوا فيها عن «تهديد وجودي للمسيحية» في البلاد، ولوّحوا بوقف المساعدات بل وحتى بإمكان تدخّل عسكري إذا استمر العنف ضدّ المسيحيين. وفي المقابل، ترفض الحكومة النيجيرية تصوير الصراع باعتباره حربًا دينية، مؤكّدة أن ضحايا الجماعات المسلّحة يشملون مسلمين ومسيحيين على حدّ سواء.
ما زال مصير الراعي والمخطوفين الآخرين مجهولًا حتى ساعة إعداد هذا الخبر، فيما يواصل الأهالي الصلاة والاعتصام أمام الكنيسة الملطَّخة بآثار الرصاص، حاملين الشموع وصور أحبّائهم. ومع غياب أي إعلان مسؤولية عن الهجوم حتى الآن، يبقى سؤال المسيحيين في إيروْكو – وفي نيجيريا كلّها – واحدًا: من يحمي جماعاتٍ لا تريد أكثر من أن تلتقي بهدوء للصلاة وعيش إيمانها بسلام؟
