هل الشيطان اصدق من الله في الكتاب المقدس؟

يدّعي الناقد ان الشيطان في الكتاب المقدس اصدق من الله، لان الله قال لآدم موتا تموت عندما تأكل من شجرة معرفة الخير والشر، اما الشيطان فقال له "لن تموت" وبالفعل تحقق كلام الشيطان بحسب الناقد...
23 أغسطس 2015 - 02:19 بتوقيت القدس

صديقنا الناقد يقول ان الشيطان في الكتاب المقدس اصدق من الله، لأن الله أوصى آدم: " من جميع شجر ‏الجنة تاكل اكلا. واما شجرة معرفة الخير والشر فلا تاكل منها. لانك يوم تاكل منها موتا تموت" (سفر ‏التكوين 2: 16، 17) أما الشيطان فقد قال " لن تموتا " وبالفعل تحقق كلام الشيطان ولم يموتا بحسب ‏الناقد.‏

بداية يجب ان نُدرك ان آدم كان أول انسان على وجه الأرض، وانه كان اول انسان يتكلم معه الله، وقد ‏كلمة بشكل مباشر، وعلينا ايضا ان ندرك ان كلمة "موت" لم تُنطق لأي انسان قبل آدم، ولا حتى مرة ‏واحدة، فكان آدم اول انسان وقبله لم يُعرف الموت، لأن الموت دخل الى العالم نتيجة لخطية الانسان الاول ‏‏(رومية 5: 12) فنحن اذا امام مفاهيم وكلمات وظواهر هي الاولى في تاريخ البشرية.‏

طرد ادم وحواء من الجنة

هذا يقودنا الى امر هام وهو أن الموت الذي تم تحذير ادم منه، له مفهوم اوسع مما ننطقه نحن او نراه، ‏فهذا الموت ليس فقط الموت الأول المشار اليه في تاريخ الكون، لكنه هو الذي تبع سقوط اول انسان في ‏الخطيه، من حالة بديعة فيها كمال انساني الى حالة التعاسه والبعد عن الله.‏

تناسقا مع هذا المفهوم ارغب ان نورد ما قاله كلفن في تعليقه على سفر التكوين، الاصحاح 2 وعدد 17 ‏‏"اي نوع من الموت هذا الذي اشار اليه الله هنا؟ يبدو لي ان معنى هذا الموت يمكن ادراكه من الضد له، ‏فعلينا إن نتذكر أية حالة كان يعيشها ادم وانه من هذه الحالة الاولى سقط، من كل جهة كان يعيش ‏السعادة، نفسا وجسدًا، كانت حياته على الارض مؤقته والى السماء كان سيصل بدون موت فلا فساد في ‏طبيعته نفسًا وجسدًا، اما الموت فهو في ذاته تدميرًا، فهو يُنهى الجسد وايضا هو لعنة تبعد للنفس لانه ‏يبعدها عن الله، وبكلمة "الموت" يمكننا أن نفهم التعاسة التي تورط فيها ادم بسبب عصيانه، فعند تورطه ‏في هذا العصيان ابتعد عن منبع حياته وهو الله وسقط من حالته الاولى وابتدء يتذوق تعاسات الحالة ‏الجديدة، وهي وضع الانسان في حياته بدون الله، الانسان البائس والهالك.. وهذا هو الموت، فالتعاسه ‏والشقاء التي دخل فيها الانسان، أحضرت الشر لنفسه وجسده، وادخلاه الى الموت في مفهومه الاشمل الى ‏إن يتحقق الموت حرفيا للجسد بعد ذلك".‏

ان مخالفة الوصية الالهية والتعدي على ما رسمه الله هو بحد ذاته موت، وهذا هو ما سمي بالموت الأدبي ‏او الروحي وهو الذاتية والاستقلال عن الله، وهذا الموت الادبي هو الذي جعل ادم وحواء يختبئان من الله ‏بسبب احساسهم بالذنب والخوف (تك 3 : 10) وهذا الموت هو ما يتكلم عنه بولس في رسالته الى افسس 2 ‏‏: 1 -3، ثم ابتدء الموت الجسدي يسري بعد هذا في كل الخليقة الالهية ورأى ادم بعينه ان هناك انتهاء ‏لحياة المخلوقات على الارض، وكان الله قد اراه بعينه انه لابد ان يموت احد فداءً له وان يسفك دما، وذلك ‏عندما ذبح له ذبيحة وكساه بجلدها (تك 3 : 21). لقد رأى ادم الموت بعينيه وفهم ان جسده سيموت ‏ايضا (تك 5 : 5) كأجره الخطيه، لقد افهمه الله هذا الموت الجسدي عندما قال له ان حياته هي ايام (تك ‏‏3 :17) وانه سيعود الى التراب (تك 3 : 19) ففى بقية حياة ادم على الارض اختبر الموت الادبي ورأى بعينيه ‏ايضا قبل موته الموت الجسدي الذى كلمه الله عنه في سفر التكوين 3 : 19.‏

التعبير العبري : " يوم ... موتا تموت "יום ... מות תמות"‏

ايضا لا يمكن ان نهمل ذلك المعنى المقصود في هذا التعبير " يوم .. موتا تموت " فالتعبير لا يشير الى زمن ‏حدوث الموت ولكن الى تأكيد حدوثه في المستقبل فالحرف العبري "تاء" في كلمة "تموت" يعنى "سوف ‏تموت " اي انه سيتحتّم عليك الموت ابتداء من هذا اليوم الذي ستاكل فيه، اما قبل الاكل فلا موت قادم ولم ‏يسري المرسوم الالهي الا ابتداء من لحظة الاكل التي غيرت في حالة ادم النفسية والجسدية وتحتم عليه ‏الموت مستقبلا وابتدأت اعراض المائتين تظهر عليه فهو ماض الى التراب لا محاله. اذن التعبير يشير الى ‏حتمية الحدوث ولكن ليس الى ذات اليوم عينه، رجل الله داربي وغالبية الترجمات الانجليزيه ترجمة تكوين ‏‏2 : 17 كما الاتي:‏

‏" يوم تأكل منها بكل تأكيد سوف تموت "‏‎ thou shalt certainly die ‎‏"، اي إن الموت قادم لك لا ‏محالة في ذات اليوم الذي تأكل فيه من الشجرة، أي ان الامر محقق الحدوث ومتعلق بحدث واحد هو ‏الأكل من الشجرة، فعند حدوث هذا سوف يدخل الاخر، ‏Leon morris ‎‏ في كتابه ‏the wages of sin ‎p.10‎‏ ذكر إن المعنى لا يشير الى وقت الموت الجسدي ولكن الى حتمية حدوثه بعد الاكل من الشجرة وان ‏هذا الحدوث مستقبلي وليس في ذات يوم الاكل، وقال إن هذا التعبير " سوف تموت " يعنى " ستبدأ في ‏الموت " ‏begin to die، انه بداية ظهور الموت وانطلاقه الى العالم، فالذي اعطى شرارة البدء له هو ادم " ‏روميه 5 : 12 "‏ ‏ ‏
‏ " كانما بانسان واحد دخلت الخطية الى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت الى جميع الناس اذا ‏اخطأ الجميع " ‏

امثله كتابية لهذا التعبير :"يوم ...موتا تموت "‏

استخدم الكتاب المقدس ذات التعبير "يوم.. موتاً تموت" في 1 مل 2 : 37 حيث حذر سليمان شمعي بن جيرا ‏قائلا "فيوم تخرج وتعبر وادي قدرون اعلمن بانك موتاً تموت " وواضح ان شمعي لم يمت يوم خرج وعبر ‏وادي قدرون، فقد سافر الى جت ورجع على حماره، وكان يعلم ان تحذير الملك سليمان له يفيد تأكيد ‏العقاب له بالموت حالما تطوله يده وليس بالضرورة أن يكون في ذات اليوم الذي حذره فيه، ولكن هذا ‏الموت تحتم بارتباطه بحدث عبور وادي قدرون. ان الله في نعمته ترك آدم حتى ما يحقق المقاصد الالهية ‏من جهه الجنس البشري ولم يخالف ما قد حذر منه ادم، واجرى عقابه على الخطيه بأن مات ادم حقاً في ‏يوم موته المعيّن من قبل (جامعه 3 : 2)‏
مثال اخر في سفر الخروج 10 : 28 عندما قال فرعون لموسى انك يوم ترى وجهي تموت.‏

تفسير اليهود لهذا التعبير:

يهمنا ان نذكر كيف يترجم الرابيون اليهود اصحاب اللغة هذا التعبير وفي سبيل ذلك اخترنا اكثرهم شهره ‏وهو الرابى ‏Shlomo Itzhaki‏ والمعروف بالاختصار ‏Rashi‏ (1040 – 1105).
حيث كتب ترجمته الانجليزية للنص العبري كما ترجمها المسيحيون ايضا ‏you shall surely die ‎‏ سوف ‏تموت بكل تاكيد .‏
ذات الترجمة ترجمها مترجمو السبعينية " سوف تموت بكل تاكيد " بمعنى ان الموت تحتم عليك من هذا ‏اليوم.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. ابن المسيح 23 أغسطس 2015 - 09:31 بتوقيت القدس
اخي ايهاب الرب يبارك حياتك امين اخي ايهاب الرب يبارك حياتك امين
(1) والواقع أن أولى الخطوات في سبيل الانتصار على إبليس قد تمت عندما علق السيد المسيح على الصليب وسحق رأس الحية القديمة التي هي إبليس بحسب النبوة القديمة "هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه" (تك3: 15) (2) وبهذه الغلبة التي غلب بها المسيح إبليس، صار إبليس مهزوما ولا سلطان له على المحتمين في الرب يسوع. (3) وأيضا عندما قام المسيح من الأموات كاسرا شوكة الموت عنا، كما نقول في (القداس الإلهي): "قمت يا مخلصي بالجبروت، وكسرت شوكة الجحيم عني" (4) وبهذه القيامة صار للمؤمنين إمكانية الانتصار على الموت أيضا، ولم يعد للموت سلطان بعد على أبناء الله. (5) وفي يوم الخمسين (البنتكوستي، أو العنصرة) أرسل الله على الكنيسة الروح القدس المعزي الذي يعطي قوة الانتصار على كل قوى الشر الشيطانية. (أف3: 16) "لكي يعطيكم بحسب غنى مجده أن تتأيدوا بالقوة بروحه في الإنسان الباطن" وبروح القوة هذا صارت لنا الإمكانية في الانتصار على كل قوى الشر. (4) وفي سر مسحة الروح القدس، يحل الروح القدس ليصير المعمد مسكنا للروح القدس للتثبيت في المسيح والكنيسة، وفي طريق الحياة الروحية والجهاد الروحي. كما يقول معلمنا يوحنا الرسول (1يو2: 27): "وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم ولا حاجة بكم إلى أن يعلمكم أحد، بل كما تعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء وهي حق وليست كذبا. كما تعلَّمكم تثبتون فيه" وبروح القوة هذا نغلب الشر.