إن ظاهرة الاكتئاب بدأت تتفشى في مجتمعنا العربي بصورة عالية مما يؤدي إلى إرتفاع حالات الإنتحار والتدهور الإجتماعي.
في حياتنا اليومية الآخذة في تسارع أكثر وأكثر، نجد أن الأسباب والدوافع المؤدية لحالة الاكتئاب عديدة وكثيرة، منها:
- سرعة التطور العلمي والتكنولوجي: الأمر الذي يجعل المرء في حالة دائمة من الانشغال والعجلة، لا وقت للعلاقات الاجتماعية التي كانت يومًا أمر حيوي وفعّال في المجتمع. أصبحت اليوم عادات بالية لا ضرورة لها. فيستبدل الشخص علاقاته الاجتماعية الطبيعية بعلاقات خلف الشاشة تحت قناع مزيف ومُزخرف... الأمر الذي يترك الإنسان في حالة من التوحُّد والانعزال، والذي يقود بالأخير إلى الشعور بالفراغ.
- عدم ممارسة نشاط روتيني يومي: عند انعدام وجود جدول يومي لبرنامج أو برامج حياتية فعّالة في حياة الإنسان، يكون قد سمح بفتح باب كبير من الملل والشعور بالإحباط. الأمر الذي يسمح للكثير من الاستسلام واللامبالاة وانعدام المسؤولية، وبالتالي يقود إلى فراغ آخر مع الشعور بقيمة متدنية للذات!
- ممارسة فائقة عن حدّها للنشاط اليومي: عندما ينغمس المرء حتى رأسه في انشغالاته اليومية بالعمل أو الدراسة أو غيرها من المشاريع لدرجة تمنعه من الاستمتاع والتروّي ومشاركة العائلة والأصدقاء بأوقات طيبة وحميمة، قد يجد نفسه فجأة في زوبعة هائجة من الضغوطات النفسية والجسدية التي قد تستهلك كل طاقاته وتتركه يشعر بالإعياء الجسدي والنفسي على حد سواء.
- تغذية غير سليمة: تناول الأطعمة غير الصحية تؤثر وبصورة كبيرة على صحة النفس والجسد معًا.
- نشاط جسدي متدني أو فائق عن الحد: عندما يسمح المرء لنفسه بالانغماس في الخمول الجسدي وعدم القيام بأية أعمال أو حركة أو نشاط جسدي يزيد من الشعور بالتدني والإعياء وقد يُضعف عضلة القلب وعضلات الجسم عامةً، الأمر الذي يطغي على النفسية ويؤثر عليها بصورة سلبية جدًا. وعلى العكس تمامًا، فإن النشاط الجسدي الفائق عن حده يترك الجسد في حالة من الإعياء والتعب ولذلك أيضًا تأثير سلبي على النفسية!
- ممارسة العادات السيئة: التقوقع حول الذات والانغماس في ممارسة العادات السيئة كالعلاقات الجنسية الزانية ومشاهدة أفلام إباحية، العلاقات السيئة مع أبناء السوء والانجراف وراءها، السرقة والإساءة... وما إلى ذلك من أعمال مشينة تسيء بك وبجسدك ونفسك وروحك.
- حالة مرضية تستدعي العلاج واستخدام الأدوية: وهنا يتطلب مراجعة طبيب مختص يقوم بالفحص الجسدي والنفسي اللازم مع متابعة دائمة ومتواصلة، وتعاطي بعض الأدوية الضرورية لضبط الحالة والسيطرة عليها إذ تكون ناتجة عن تفاعلات في الدماغ.
- عدم وجود وقت للخلوة الشخصية: هل سبق لك وأن جلست في مكان منعزل عن الضوضاء والحركة، مكان ينعم بالهدوء والخصوصية والانفراد...مكان يسمح لك بالتأمل الطويل والتسامر مع ذاتك ومع الله؟! إنها من أجمل وأروع الأوقات على الإطلاق عندما تحمل كتابك المقدس وتذهب إلى هذا المكان الخالي لتجلس بهدوء وطمأنينة، مُعطيًا جسدك وفكرك وروحك المجال والفسحة ليتنفس ويستنشق هواءً عليلاً نقيًا خاليًا من أية ضغوطات وأتعاب وأوجاع...مكان تُمارس فيه المعالجة على يد أقوى محترف ومُعالج نفسي، الطبيب الشافي والصديق المُصغي والأب الحنون...الرب يسوع. اطرح كل ما تحمله على كاهلك من هموم وأتعاب أمام قدمي الفادي...تحدث معه في كل شيء...أخبره ما يُضحكك وما يُبكيك..ما يؤلمك وما يُعزيك... غني معه...رنّم له..تلذذ بصحبته وانعم برفقته...فيملأك بكل شبع وسرور لتشعر حقًا بأن : "النفس الشبعانة تدوس العسل، وللنفس الجائعة كل حلوٍ مرّ"!
كيفية معالجة حالات الاكتئاب؟
عندما يُعرف السبب، يبطل العجب!
كن معتدلاً في نشاطاتك...أعطِ جسدك ونفسك الوقت اللازم لاستيعاب النشاط اليومي ولاستخدامه بأكثر صورة فعالة ومفيدة ورزينة. تناول طعامًا صحيًا قدر ما تستطيع.. اقضِ أوقات لطيفة مع عائلتك وأصدقاءك في البيت وخارج البيت..اضحك كثيرًا كلما سنحت لك الفرصة...تنفس هواءً نظيفًا بين الفترة والأخرى..افتكر بأفكار جيدة وطيبة قدر ما تستطيع... والأهم من كل ذلك، التصق بالرب يسوع ففيه منبع الحياة والفرح والسعادة.