كرنيليوس وبطرس - دعوة كرنيليوس

قائد مئة بمعنى انه كان انسان صاحب سلطان ونفوذ، كما نقرأ في اعمال الرسل 22:10 بانه كان مشهودًا له من كل امة اليهود.
08 سبتمبر 2018 - 10:56 بتوقيت القدس

كان كرنيليوس قائد مئة من الكتيبة التي تدعى الإيطالية، رجل اممي وليس يهودي من شعب اسرائيل.

قائد مئة بمعنى انه كان انسان صاحب سلطان ونفوذ، كما نقرأ في اعمال الرسل 22:10 بانه كان مشهودًا له من كل امة اليهود.

يذكرنا هذا بقائد المئة الذي شهد عنه شيوخ اليهود بأنه مستحق ان يشفي يسوع عبده، لأنه كان يحب أمتهم وبنى لهم المجمع. لكن قائد المئة هذا قال بأنه غير مستحق ان يدخل يسوع تحت سقفه، ولم يحسب نفسه اهلًا ان يأتي الى يسوع، لكنه قال بكل ايمان "قل كلمة فيبرأ غلامي"، وشهد يسوع عن ايمانه بأنه لم يجد ولا في اسرائيل إيمانًا بمقدار هذا! ( لوقا اصحاح 7 ).

كان كرنيليوس صاحب نفوذ وسلطة في المجتمع، مشهودًا له من اليهود، لكن كما نقرأ عن كرنيليوس انه لم "يستكفِ" بمنصبه الإجتماعي المرموق، بل يشهد الكتاب أنه كان انسان تقي وخائف الله مع جميع بيته، يصنع حسنات كثيرة للشعب، ويصلي الى الله في كل حين. 

ممكن لنا ان نقول بأنه كان انسانًا غنيًّا ايضًا، لأنه كان يقدم حسنات كثيرة، لكن هذا ايضًا لم يمنعه ان يكون متعبدًا لله ورجل صلاة.

نقرأ في تيموثاوس الأولى ان محبة المال اصل لكل الشرور، الذي اذ ابتغاه قوم ضلوا عن الايمان، وطعنوا انفسهم باوجاع كثيرة. لم يقل المال، بل محبة المال والتركيز على ذلك قد يفقدنا امور كثيرة في حياتنا اليومية، مثل الالتزام نحو شريك حياتنا، الاولاد والعائلة، الاستخفاف بل والاستهتار بالأمور الروحية مثل الايمان ومصيرنا الأبدي.

هنالك خطر آخر من الممكن ان يبعدنا عن دعوة الله لحياتنا، وهو التركيز على الأمور الأرضية اكثر من السماوية، كما قال بولس في الرسالة الى اهل  كولوسي ان يطلبوا ما فوق، حيث المسيح جالس عن يمين الله.

من الممكن ان نكون اشخاص ذوي نفوذ واهمية في مجتمعاتنا أو لا نكون، لكن علينا جميعًا الحذر من الاهتمام بالأرضيات، وان تمتلك هذه الامور قلوبنا اكثر من محبة الله وخطته لحياتنا.

فهناك من ينغمس في السياسة لدرجة أنها تعمي نظره الروحي، ويصبح انسان متطرف بل يكره ويحقد على شعوب اخرى ليست من شعبه، لكن كرنيليوس لم يكن هكذا مع كونه من الكتيبة الايطالية، لكنه استطاع ان يكون انسان ذو شهادة حسنة عند اليهود، الذين كانوا فقط هُم شعب الله في ذلك الوقت، وهذا الامر لم يمنع منه ان يكون امينًا نحو عمله والتزامه، ومن جهة اخرى عبادته لله.

ففي ايامنا هذه وللأسف الشديد، نسمع من يقول انه ليس عندي وقت لهذه الأمور الروحية، عندي انشغالات وامور كثيرة يجب عليّ اكمالها.

هذا ليس معناه ان نهمل امور حياتنا اليومية، كالعمل والعائلة بل العكس تمام، لكن علينا ان نطلب اولًا ملكوت الله وبره، وجميع الأشياء الأخرى تزاد لنا.

كرنيليوس كان مثالا رائعًا لنا جميعًا، لأنه لم يكن فقط قائد مئة، بل متعبد لله ايضًا، يصلي وصاحب احسانات كثيرة، لكن نرى أيضا ان قلب كرنيليوس لم يكن متكبر ومتعجرف كقلب الفريسي، لأن الله وحده فاحص القلوب، ذاك الفريسي الذي ظَنَّ انه فقط بالصلاة والصوم وفعل الاعمال الحسنة، يمكننا ان نرضي الله، وان ندخل السماء باعمالنا وصلواتنا.

لكن الكتاب المقدس واضح جدًا بهذا الامر، وكما يقول في العبرانيين انه من دون ايمان لا يمكن ارضاء الله، واي ايمان ؟ انه فقط الايمان بالرب يسوع المسيح، وليس اي انتماء ديني او عرقي آخر، لا ايطالي،لا يوناني ولا حتى يهودي، وكما يعلن لنا اشعياء باننا صرنا كلنا كنجس، وكثوب عِدَّة ( بالية ومتسخة ) كل اعمال برنا، وقد ذبلنا كورقة، وآثامنا كريح تحملنا!

كم نسمع في ايامنا هذه عن من يقوم باعمال حسنة، وكل البلد يجب ان تعرف بذلك! او من يعتقد انه بامكانه ارضاء الله بمجرد انتمائه لديانة معينة.

حتى في كنائسنا، هل يكفي الذهاب مرة في الأسبوع الى اجتماع الصلاة، وبعدها نستمر بحياتنا الاعتيادية كما نريد نحن، وافكارنا بعيدة كل البعد عن افكار الله وحياتنا خالية من كل عمل روحي للرب بحياتنا او في خدماتنا؟

كرنيليوس لا، لم يكن هكذا، لم يستكفِ ولم يشبع قلبه بكونه قائد مئة صاحب نفوذ، لم يستكفي بالأعمال الحسنة او بانتمائه العرقي، وقبل كل شيء فهم جيدًا ان الصلوات والصدقات لن تكفيه ولن تشفع له بعد الموت، لكن الله المحب والرحيم، نظر الى صلوات وصدقات كرنيليوس، وبادر بخطة مباركة لخلاص حياته وعائلته بالكامل، لان الذي وعد صادق وامين، بان كل من يؤمن يخلص واهل بيته.

الله ارسل ملاكه ليخبر كرنيليوس بما يجب عليه ان يعمل، وهو لم يتردد ولم يتكبر بل بكل طاعة وخضوع تصرف بما اوصاه ملاك الله، مع انه دخله الخوف في البداية، لكنه نال بركات عظيمة جدًا هو واهل بيته، بعد ان طاع صوت الله ودعوته له.

وماذا عنا نحن اخوتي، هل نحن منشغلين بأمور حياتنا الشخصية، ام اننا نخبر الجميع بما صنع الله لنا، ونكرز للجميع بالحق الإلهي، او اننا نساوم بالحق ونُجامِل كثيرين بانه يكفي فقط الأعمال الحسنة، يكفي ان نصلي ونصوم، يكفي التدين الخارجي!

أم اننا جميعًا بمعونة الرب يسوع وارشاد الروح القدس، نصرخ مع بطرس:

" توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا، فتقبلوا عطية الروح القدس ".

لعل من يسمع هذه الدعوة يُنخَس في قلبه ويطلب الرحمة والغفران، ويطلب ارشاد الله له كما فعل كرنيليوس، وكان مثال رائع لحياة التسليم لله، الخضوع والطاعة له لانه هو وحده يعرف الأفضل لنا جميعًا، ان كان في حياتنا الروحية والشركة معه، او في خدمة ملكوته.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. sara 17 فبراير 2019 - 18:26 بتوقيت القدس
حميل حميل
قصة جميلة اتمني ايضا رايكم في موقعي https://avamina2.blogspot.com/
1.1. ايمن سرور 08 مارس 2019 - 18:21 بتوقيت القدس
ربنا يباركك
الرب يبارك كل عمل مسيحي لخلاص نفوس كثيرين ولمجد اسمه القدوس.