السيد المسيح الملك (المولود الملكي)

فرح المجوس بالنجم الشديد اللمعان الذي يدل على ولادة ملك عظيم، وجهزوا قافلة كبيرة من الجمال يفوق عددها على 80 جملاً، مزودة بالهدايا وتوجهوا الى أورشليم
09 يناير 2018 - 08:59 بتوقيت القدس

المجوس يبحثون عن يسوع الملك

كان المجوس حكماء وفلاسفة يدرسون علم الفلك، ينظرون الى السماء وحركات النجوم والكواكب وبينما هم يتطلعون الى السماء ظهر امامهم نجم شديد اللمعان يدل على مولود عظيم.
لقد كانوا مختلطين بيهود الشتات وربما هم من أصل يهودي وعندهم كتاب النبي دانيال ونبواته المحفوظة في سجلات مملكة فارس، النبوة التي تذكر زمن مجيء السيد المسيح الرئيس، ايضًا يعرفون نبوة بلعام التي تقول "اراه ولكن ليس الآن. أبصرهُ ولكن ليس قريبًا.. برز كوكب من يعقوب" (سفر العدد 24: 17).

عندما رأوا النجم فرحوا جدًا وجهزوا قافلة كبيرة من الجمال يفوق عددها على 80 جملاً، مزودة بالهدايا وتوجهوا الى أورشليم، يبحثون عن المولود الملكي في قصر الملك. "قائلين أين هو المولود ملك اليهود. فإننا رأينا نجمه في المشرق واتينا لنسجد له. فلما سمع هيرودس الملك اضطرب وجميع أورشليم معه. فجمع كل رؤساء الكهنة وكتبة الشعب وسألهم: أين يولد المسيح. فقالوا في بيت لحم اليهودية لأنه هكذا مكتوب بالنبي" (متى 2: 2-5).

لقد كان من المنطقي والطبيعي ان يتوقع المجوس ان يكون المولود الملكي في قصر الملوك وليس في بيت عادي من عامة الشعب، لذلك تركوا ارشاد النجم لهم وذهبوا وراء ظنونهم، لكن تفاجأوا بعدم وجود مولود حديث بالقصر الملكي وكانت الصدمة الكبرى بالنسبة لهم رد فعل الملك هيرودس الكبير الذي اضطرب وظهر القلق على محياه، بل اضطربت اورشليم معه من هذه القافلة الكبيرة. فقام بجمع كل رؤساء الكهنة والكتبة ليسألهم عن اين يولد المسيح.

العجيب ان المجوس يسألون عن الملك المولود، أما الملك هيرودس يسأل: أين يولد المسيح فيصبح لقبه "المسيح الملك". لم يكن المجوس يعلمون ان هذا الذي يسألونه لم يكن الوارث الشرعي لعرش داود الذي سيأتي منه المسيح، لأنه نصف يهودي ونصف آرامي. لقد قامت روما بتعيينه ملك على اليهود فكرهه اليهود على اعتبار انه مغتصبًا للعرش.

 المدهش حقًا هو موقف رؤساء الكهنة وكتبة الشعب، لقد كانوا يعرفون النبوات والمكان الذي سيولد فيه المسيح الملك، ورغم ذلك لم يرسلوا أحد مع المجوس ليعرفوا مكان المسيح في بيت لحم! ولم يبحثوا في سجلات الهيكل عن مواليد بيت لحم الذين من نسل الملك داود! كان يفترض انهم يذهبون ويقدمون له التحية بل يسبغون عليه الحماية والرعاية، وخاصة ان عندهم جنود الهيكل ولا ينقصهم مال. لماذا لم يفعلوا ذلك؟ هل لخوفهم من هيرودس الملك القاسي الذي قتل ثلاثة من اولاده وزوجته مريام. أم خوفًا على نفوذهم ومراكزهم وسلطانهم على الشعب؟ أم أنانيتهم جعلتهم يفكرون بمكر ان هيرودس كفيل بالمولود الذي يهدد عرشه في المستقبل فيفتك به ويقتله.

ربما إحدى هذه الاحتمالات او كلها مجتمعة، لكن المفروض أنهم ينتظرون المسيا حسب النبوات التي بين ايديهم، نجدهم يتعاملون مع هذا الخبر بلا مبالاة ولا اهتمام يثير الاستغراب ويضع كثير من علامات الاستفهام؟ بعكس المجوس الغرباء الذين عانوا تعب السفر على الجمال من أرض بعيدة، يبحثون باهتمام بالغ واشتياق قلبي حاملين الهدايا لكي ما يسجدوا للمولود الملكي.

لقد أهتم الله بكل البشر، نرى في نبوة بلعام والنجم الذي  ظهر للمجوس ليدلهم على ولادة السيد المسيح أن الله لم يقصر نفسه على اليهود، بل هو يهتم ببشارة الامم وخاصة من يطلبه بأمانة. لقد كان المجوس يمثلون كنيسة الأمم المنجذبة الى عريسها الملك. فبينما رفضه اليهود أتى إليه الأمم الوثنيين فكان مجيئهم توبيخًا لليهود. لقد كان المجوس هم باكورة الشعوب الأممية الذين قبلوا المسيح. كان المسيح منذ ولادته حجر الزاوية الذي رفضُه البناؤون (الملوك والأغنياء ورؤساء الكهنة وكتبه الشعب) وقبله رعاة الغنم البسطاء فرحين ببشارة الملاك "... فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب: أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب"(لوقا 2: 10).

 يكتب البشير متى الى اليهود "كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن ابراهيم" ومعنى كلمة كتاب أي سجل ميلاد يسوع المسيح، فهو يكتب لليهود عن المسيا فيبدأ بنسبه الى داود الملك ابن ابراهيم أب اليهود، وسجلات المواليد والانساب كانت محفوظة في الهيكل قبل تدميره وحرقه سنة 70 م على يد تيطس الروماني، وجدول البشير متى يشير من ابراهيم الى يوسف ليعلن وصول المُلك الى المسيح شرعيًا عن طريق يوسف.

أما جدول البشير لوقا فيعلن انتساب المسيح لآدم كأبن الإنسان عن طريق الولادة من العذراء مريم بنت ناثان بن داود الملك. نجد البشير لوقا يكتب للبشر جميعًا عن مخلصهم، فيبدأ بآدم اب الجنس البشري كله.

لذلك نجد المسيح المخلص جاء الى العالم أجمع، لأنه مكتوب "الى خاصته جاء، وخاصته لم تقبله، أما كل الذين قبلوه أعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون بإسمه. الذين ولدوا ليس من دم، ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل، بل من الله (ولادة روحية) يوحنا 1: 12و13.

فهل قبلت المسيح مخلصاً ورباً على حياتك، لكى ما تكون لك الحياة الأبدية. أم ما زلت مع الرافضين. أتمنى من كل قلبي ان يكون له مكان، في قلبك لكي ما تتوجه على عرش حياتك ملك أبدي. ولن تندم على اختيارك أبدًا لأنك ستتمتع بالغفران والسلام الذي لا يقدر أحد أن ينزعه منك.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا