إشارات إنجيل يوحنّا إلى العهد القديم ــ ج2 القيامة شدَّدت إيمان التلاميذ

نقرأ في الأصحاح الثاني من إنجيل يوحنّا اللاهوتي 1 تحويل الماء إلى خمر أفاق بها السكارى 13 إخراج الباعة من هيكل الله 23 إيمان كثيرين بالمسيح لسبب آياته في أورشليم. وفي هذا الأصحاح إشارتان...
09 ديسمبر 2016 - 21:38 بتوقيت القدس

نقرأ في الأصحاح الثاني من إنجيل يوحنّا اللاهوتي 1 تحويل الماء إلى خمر أفاق بها السكارى 13 إخراج الباعة من هيكل الله 23 إيمان كثيرين بالمسيح لسبب آياته في أورشليم. وفي هذا الأصحاح إشارتان:-

الإشارة الأولى

{16 وقالَ لِبَاعَةِ الحَمَام: ارْفَعُوا هذِهِ مِنْ ههُنا! لا تَجعَلُوا بَيتَ أبي بَيتَ تِجَارة! 17 فتَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوب: غَيرَةُ بَيتِكَ أكَلَتني}+ 
وفي الآية الـ17 إشارة إلى سِفر المزامير 69: 9 
وفي التفسير المسيحي- بتصرّف: [لقد فرح التلاميذ بما عمل المسيح إذ قابلوا عمله بالنبوّات فازداد إيمانهم (مز 69: 9) وهو مزمور مليء بالنبوات عن آلام المسيح.
لاحظ-ي أنّ ما فعل السيد المسيح كان صعبًا جدّا؛ إذ يوجد في عيد الفصح ملايين من الناس في أورشليم، فتصوَّر-ي الزحام في الهيكل، وما عمل المسيح وسط هذا الزحام. فلو لم ترهبهم هيبتُه لقتلوه في الهيكل.
لاحِظ-ي أن المسيح أتى ليطهّر الهيكل فلمّا رفضوا التطهير ترك لهم الهيكلَ خَرابا (متّى 23: 38) هكذا يعمل الله على تطهير أجسادنا وحياتنا فإذا رفضنا تطهيره نفسد، لأنّ مَن يُفسِد هيكَلَ الله يُفسدُهُ الله (1كورنثوس 3: 17) إذًا لنصرخ إلى الله كي يطهّرنا ونقبل عمل التطهير فينا ونقبل السَّوط الذي يؤدّبنا به.
ملحوظة: يوحنّا هو الوحيد بين الإنجيليّين الأربعة الذي أشار إلى السَّوط في يد المسيح. وهدفه أنْ يقول أنّ السوط يرمز إلى التجارب التي يسمح بها الله ليؤدِّب شعبه، ولا سيّما أولاده غير القادرين على تطهير أنفسهم، فيتطهّر ويفرح. عِلمًا أنّ يوحنا ذكر موضوع السوط عقب موضوع أجران التطهير في عرس قانا الجليل]- بقلم القس أنطونيوس فكري.

وتعقيبًا على إشارة المفسِّر إلى آية 1كورنثوس 3: 17 حسب ترجمة فان دايك فإنها التالي في الترجمة المشتركة: {فمَنْ هدَمَ هَيكَلَ اللهِ هَدمَهُ اللهُ، لأنَّ هَيكَلَ اللهِ مُقَدَّس، وأنتُم أنفسُكُم هذا الهَيكَل} عٍلمًا أنّ الوحي الإلهي قال بلسان بولس الرسول في الآية التي سبقتها: {أَمَا تَعرفونَ أَنّكُمْ هَيْكَلُ الله، وأنّ رُوحَ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟} آمين.

وفي تفسير آخر: [بدأ التلاميذ يدركون ما وراء تصرفات السيد المسيح، متذكّرين ما ورد في الكتاب المقدَّس. فإنّ كلًّا في كلمة الله يفسِّر الآخر ويوضحه. فتذكروا المكتوب في المزمور 69: 9
حقًّا أنّ غيرة بيت الآب (أي الكنيسة) قد التهبت في قلب يسوع المسيح إذ أحبّها وأسلم نفسه لأجلها، لكي يهبها الحياة الأبدية فتشاركه مجده]- بقلم القمّص تادرس يعقوب ملطي.

ـــ ـــ

الإشارة الثانية 

{18 فأَجَابَ الْيَهُودُ وَقَالوُا لَهُ: أَيَّةَ آيَةٍ تُرِينا حَتَّى تَفعَلَ هذا؟ 19 أَجَابَ يَسُوعُ وقالَ لَهُمْ: انْقُضُوا هذا الهَيكَل، وفي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُه. 20 فقالَ اليَهُود: في سِتٍّ وأَربَعِينَ سَنَةً بُنِيَ هذا الهَيْكَل، أَفأَنتَ في ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ تُقِيمُه؟ 21 وأَمَّا هُوَ فكَانَ يَقُولُ عَنْ هَيْكَلِ جَسَدِه. 22 فلَمَّا قامَ مِنَ الأموَات، تَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ قالَ هذا، فآمَنُوا بالكِتَابِ والكَلاَمِ الَّذِي قَالَهُ يَسُوع}+
وفي الآية الـ22 {فآمَنُوا بالكِتَاب} إشارة إلى العهد القديم؛
ففي التفسير المسيحي- بتصرّف:
[القيامة شددت إيمان التلاميذ إذ استعلنت حقيقة ابن الله. فآمنوا بالكتاب= نبوّات العهد القديم عن موت المسيح وقيامته]- بقلم القس أنطونيوس فكري

وفي تفسير ثان تحت عنوان: يسوع يتنبأ بموته وقيامته- بتصرّف: [ثمّ لاحقا، وبعدما صُلِب الرب يسوع، وقام من الأموات، تذكّر تلاميذه وعده بأنْ سيقوم في اليوم الثالث. وعلى أثر تتميم هذه النبوّة بهذا الشكل المدهش، أمام عيونهم، آمَنوا بالكتاب والكلام الذي قاله يسوع.
غالبًا ما نواجه بعض الحقائق التي يصعب علينا فهمها، لكننا نتعلم هنا ضرورة ادّخار كلمة الله في قلوبنا. فسيأتي اليوم الذي فيه يوضح لنا الله معناها ولو كنّا عاجزين عن إدراكه الآن. أمّا العبارة، فآمنوا بالكتاب، فتفيد أنهم آمنوا بنبوّات العهد القديم بشأن قيامة المَسِيّا]- بقلم الأخ المنتقل وليم ماكدونالد.
وتعليقي على قول المفسِّر [بعدما صُلِب الرب يسوع] أي بعدما صُلِب جسد يسوع، لم يُصلَب الله الحالّ فيه- حاشا الله- لأنّ الله روح. فأدعو نُقّاد المسيحيّة إلى التخلّي عن الثقافة المنحرفة عن هذا التفسير حينما يتعلّق الموضوع بالسيد المسيح خصوصًا وبالمسيحيّة عموما، لأنّ من الصعب على مراقب النقد أن يُطيق الغباء في زمن تشغيل المخّ.

وفي تفسير ثالث: [كثير من النبوّات لا يمكن إدراكها إلاَّ بعد إتمامها. هكذا صعب حتى على تلاميذ المسيح أن يدركوا ما قال لهم في ذلك الحين إذ كانوا أطفالًا في المعرفة. عند قيامته فتح أذهانهم ليفهموا الكتب، وألهب قلوبهم بالمعرفة الصادقة للنبوّات (لوقا 24: 45) فقد كانوا بطيئي القلوب في الإيمان (لوقا 24: 25) لكنهم كانوا في يقين بأنّ كلماته صادقة.
قال القديس يوحنّا الذهبي الفم: ذَكَّر الروحُ القدسُ التلاميذَ بما قال المسيح لهم فيما سبق، لأنهم تمسَّكوا بالموهبة وأظهروا حياة نيّرة وحكمة كثيرة وأتعابًا عظيمة. وما احتسبوا البركات الإنسانية شيئًا البتّة، لكنهم صاروا أعلى منها، وكانت صورتهم صورة نسور طائرة إلى الأعالي بأعمالهم (بالنعمة) ووصلوا إلى السماء عينها، وبها امتلكوا نعمة الروح]- بقلم القمّص تادرس يعقوب ملطي.

وتعليقي: يعود سبب بطء فهم التلاميذ في تقديري إلى أنّ الروح القدس لم يكن حالًّا عليهم قبل صعود المسيح إلى السماء. فحلّ عليهم في اليوم الخمسين (أعمال الرسل\2) المسمّى أيضًا بيوم العنصرة، حسبما وعد السيد المسيح تلاميذه، ليمكث مع أتباع المسيح إلى الأبد. وهو عينه روح الحقّ المُعَزِّي المذكور في أصحاحات إنجيل يوحنّا\ 14 و15 و16 فتمّ الاحتفال سنويًّا بذكرى حلول الروح القدس على التلاميذ (بعد أحد القيامة بسبعة أسابيع) منذ ذلك الحين. ويستمرّ الاحتفال بها إلى الأبد.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا