"اِحْمَدُوا الرَّبَّ. ادْعُوا بِاسْمِهِ. أَخْبِرُوا فِي الشُّعُوبِ بِأَعْمَالِهِ." (أخبار الأيام 16 : 8)
تعرّف دائرة المعارف الكتابية الشكر بأنه "هو التعبير عن الحمد والثناء والاعتراف بالجميل والإجلال لله".
في هذا المجال ستقتصر المراجعة على كلمة "شكر" ومشتقاتها دون الرجوع لمرادفاتها وذلك لضيق المجال.
من خلال البحث في موقع http://www.enjeel.com ، نجد انه في العهد القديم تذكر كلمة "شكر" 13 مرة وتأتي غالبا مقترنة بالذبائح والقرابين والتقدمة، (ذبائح شكر (8 مرات)، قرابين شكر (2)، تقدمة شكر (1)). لقد كانت بعض الذبائح والقرابين في العهد القديم تقدم تعبيرًا عن شكر الإنسان لخالقه، ويقول في ذلك القديس اغسطينوس "من مخزن القلب نقدّم بخور الشكر، ومن مخزن الضمير الصالح نقدم ذبيحة الإيمان. فكل ما تقدمه فليكن ملتهبًا بالحب."
كما وتذكر كلمة "شكر" ومشتقاتها في العهد الجديد، عهد النعمة، 57 مرة.
شكر الرّب يسوع على الطعام، شكر على السبع خبزات والسمك (مت15: 36، مر8: 6، يو6: 11 و 23) ، وعلى الخبز في العشاء الأخير (لو22: 19)، وعلى الشراب (الكأس) (مت26: 27، مر14: 23، لو22: 17)، وشكر الآب لأنه يسمع له في صلاته عند قبر لعازر (يو11: 41).
وقد نبهنا يسوع في مَثَل الفريسي والعشّار (لوقا 18: 11) من الشكر غير المقبول وغير المرضي عند الله، أي شُكر التكبّر كما ظهر في صلاة الفريسي المتعجرف، فصلاة الشكر النابعة من الكبرياء هي مرفوضة من قبل الرّب وبالتالي لا يستمع لها الرّب بل بالأحرى تكون مكروهة من الرًب، إذ قال الفريسي "اللهم أنا أشكرك أني لست مثل باقي الناس..."
في سفر أعمال الرسل يعرفنا بولس الرسول على أهمية الشكر للولاة والسلاطين فيقدم بولس للوالي فيلكس الشكر في كل مكان وزمان على ما يعمله من مصالح لأجل الأمة (أع 24: 3)، وبولس شكر على الخبز (الطعام) (أع27: 35) وشكر الله على رؤيته للأخوة الذين خرجوا لاستقباله وتشجّع (أع28: 15).
وفي الرسالة إلى أهل رومية يشكر بولس الله بيسوع المسيح على إيمان الإخوة المنادى به في كل العالم (رو1: 18) وشكر الرّب على التحوّل الذي حصل مع المؤمنين الذين كانوا عبيدًا للخطية ولكنهم تغيّروا وأطاعوا الرّب من القلب (رو6: 17)، ويعلمنا أن نشكر الله بيسوع ربنا في كلّ شيء (رو7: 25، و14: 6) كما وعبّر عن شكره وشكر الكنائس لمن يضحي ويقدم من أجل خدمة الرّب (رو16: 4). وينبهنا من الذين تمادوا في عدم شكرهم لله بالرغم من معرفتهم له، بل حمقوا في أفكارهم وأظلم قلبهم الغبي (رو1: 21).
كما يتابع بولس في الشكر في رسالتي كورنثوس، إذ يشكر الرسول على نعمة الله المعطاة للمؤمنين (1كو1: 11) وعلى المواهب (1كو14: 18) وعلى الغلبة التي نحصل عليها بالمسيح يسوع (1كو15: 57) وعلى قيادة الرّب لنا في موكب نصرته كل حين ليظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان (2كو2: 14). ويؤكد على أهمية اشتراك الجميع بالشكر والصلاة (2كو1: 11) وأنّ النعمة والخدمة تزيد الشكر لمجد الله (2كو4: 15 و 2 كو 9 : 11 و12) وبالتالي نرفع صوتنا مع الرسول قائلين " فشكرًا لله على عطيته التي لا يعبّر عنها " (2كو9: 15).
ويتابع الوحي في العديد من الرسائل التي كتبها الرسول بولس بزخم من الآيات عن الشكر، فيوضح أن العديد من الأمور مثل كلام السفاهة والهزل لا تليق بالمؤمن، بل بالحري يليق بنا الشكر (أف5: 4) ويشكر الرّب إلهه في كل ذكر له لمن يرسل لهم رسائله (في 1: 3 ، 1 تس1: 2، 1تس2: 13 ، 1تس3: 9 ، 2تس2: 13، 2تي1: 3، فل1: 4)، ويحثنا أن لا نجعل الهَمّ أسلوب حياة، بل في كل شيء بالصلاة والدعاء المشفوعين بالشكر لتعلم طلباتنا لدى الله (في4: 6 ، كو4: 2)، وأن نقدم الشكر لله في كل حين (كو1: 3)، وأن نكون متفاضلين بالشكر: أي مكثرين وفائضين بالشكر (كو2: 7)، وأن نشكر في كلّ شيء (1تس5: 18)، ويشكر الرسول المسيح الرّب الذي قواه وحسبه أمينًا إذ جعله للخدمة (1تي1: 12)، كما أننا بالشكر نخدم الرّب (عب12: 28)، ويؤكد أن الأطعمة قد خلقها الله لنتناولها بالشكر (1تي4: 3)، ويضيف "أن كل خليقة الله جيّدة ولا يُرفضُ شيءٌ إذا أخذ مع الشكر" (1تي4: 4)، ويطلب "أول كلّ شيء أن تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لأجل جميع الناس" (1تي2: 1).
يكشف لنا يوحنا الرائي في خاتم أسفار الكتاب المقدس، أنّ السماء بكل ما فيها تعلن المجد والكرامة والبركة والحكمة والقدرة والقوة للرّب وتقدم الشكر لإلهنا، للجالس على العرش الحيّ إلى أبد الآبدين (رؤ4: 9 و 7: 12)، ويسجّل لنا ترنيمة وسجود الشكر الذي قدمه الأربعة والعشرون شيخًا الجالسون أمام الله "قائلين نشكرك أيها الرّب الإله القادر على كل شيء الكائن والذي كان والذي يأتي لأنك أخذت قدرتك العظيمة وملكت" (رؤ7: 11).