لقد راقب العالم بالأمس الشاب فيليكس بومغارتنر النمساوي الأصل، الذي قرر أن يقفز من علو 39 كيلو مترًا خارج سطح الأرض، وتحطيم أرقام قياسية سابقة. وقد إستطاع أيضًا أن يحطم الرقم القياسي في أطول مسافة ينزل بها إنسان بسقوط حر، إضافة أنه أصبح أول إنسان يتحرك بأسرع من سرعة الصوت من غير آلة. ومن بين تسميات كثيرة، فقد كان من أسماه "اله السموات" ، كونه تخصص بالقفز من علو، من السماء.
فتشعبت بالبحث عنه لأجد أنه قبل خمس سنوات قفز من على تمثال " المسيح المخلص" في البرازيل بعد أن وقف على يد التمثال واقفًا على كفه. فشاهدت المشهد على أحد المواقع، فرأيته مشهدًا غريبًا بالنسبة لي، فلا يمكن لأحد أن يسقط وهو مسلِّمًا نفسه للمسيح واقفًا على كفيه. نعم فإن هذا مشهدًا صنعه إنسان، لكنه أثار فضولي لأعرف أكثر كيف ينظر هذا المغامر لله.
وفي سلسلة بحثي عنه، قال فيليكس قبل مغامرة السقوط ببضعة أيام: "اذا حدث أي خطأ، فالأمر الوحيد الذي يمكنه مساعدتك هو الله فلو فقدت حظك، ومهاراتك، عليك أن تأمل أن لا يخذلك الله" .
فاذًا هذا الشاب علم يقينًا أنه عند إقتراب موعد مغامرته، لا شيء ينفع ولا يستطيع أن يعتمد على قدراته، فالله وحده قادر أن يعينه عندما يفشل.
وقد صرح فيليكس، أنه قبل أن يخرج من الكبسولة قال: " أنا أعلم أن كل العالم يشاهدني، وكنت أتمنى أنهم يستطيعون أن يروا ما أرى. عليك أن تصعد عاليًا لترى كم أنت صغير. وفي النهاية قال أيضًا: ارجوك يا الله لا تخذلني فأنا بين ذراعيك. "
لا أعلم حقيقة ما في داخل قلب فيليكس، فهو طلب الله حين إحتاجه، كما يفعل الكثيرون.
لكن، ها هو فيليكس ينظر من الأعلى، ينظر خليقة الخالق بجمالها، ورغم أن العالم يشاهده، ومجد العالم في إنتظاره، لكنه تيقن أنه لا يستطيع أن يبدأ الخطوة القادمة من غير أن يطلب من الله. فمهما علونا في إنجازاتنا و ازددنا معرفة، فالله وحده قادر أن يرفعنا، فالمعرفة والإنجاز ليسا كافيان في تسديد إحتياجاتنا .. فالكل باطل وقبض الريح من غير خالق هذا الكون، الأرض والفضاء وكل ما فيها ومهما علونا يظل الله فوقنا في السموات عاليًا، وفوق الكل.