اعطنا مشوارنا والسمارتفون كفاف يومنا!

ما الخطأ بأن يعمل الانسان بنشاط وهمة ، يكسب المال ويستهلك ويشتري البيوت والسيارات ويسافر للنقاهة خارج البلاد ويشتري الملابس ويقضي اوقات فراغه بالتنزه ويعيش حياة "مريحة"؟
25 ابريل 2012 - 13:20 بتوقيت القدس

درج بين المسيحيين على مر العصور ان العدو الأكبر للمسيحية هو نظريات أو فلسفات الحادية أو ديانات اخرى لا تتفق في لاهوتها أو ممارساتها أو قيمها مع المسيحية.

كان من السهل على معقل الفكر المسيحي في اوروبا وأمريكا ان يعزز هذا الفكر ويطوره ولكنه تغافل عن عدو خبيث آخر للمسيحية هو روح المادية والرأسمالية. لم يتغافل المسيحيون عنها فحسب ، بل هادنوها، وقاموا بـ"تبييض" وجهها وحتى ادخالها للكنيسة.

تأثرنا في بلادنا بهذا الفكر واعتبرناه حليفاً للثقافة المسيحية. فما الخطأ بأن يعمل الانسان بنشاط وهمة ، يكسب المال ويستهلك ويشتري البيوت والسيارات ويسافر للنقاهة خارج البلاد ويشتري الملابس ويقضي اوقات فراغه بالتنزه ويعيش حياة "مريحة"؟

قمنا بتقديم التبريرات لطبيعة حياة كهذه. تساءلنا: ما الخطأ بأن يعمل ويتعب الانسان ويجني ارباح تعبه؟ لماذا لا يأكل الانسان خبزه ( وكعكته والفوندو والكوراسون) من تعب جبينه؟ ثم ان الفلسفة الشيوعية والاشتراكية التي تبنت الالحاد ديناً جعلت رافضي هذا الالحاد تلقائياً في الصف الآخر ايضاً. ان كانوا هم شيوعيين ملحدين فنحن مؤمنين رأسماليين! ابتعدنا عنا الاشتراكية بسبب من تبناها في القرن العشرين دون فحص حقيقي لملاءمتها للكتاب المقدس.

لكن الرأسمالية وفكر الاقتصاد الحر جلبا معهما دماراً اخلاقياً تسلل دون ان نشعر به. اصبح المواطن في الدول التي تنتهج هذا الفكر (واسرائيل هي بدون شك في طليعة هذا الفكر) يعمل ليل نهار لكي يكسب الأكثر. هو يكسب المزيد فيعتبره الناس اكثر، والعلاقة طردية بين الاثنين. يزيد الرصيد في البنك ويرتفع منسوب الاحترام والتقدير. هو يركض ليكسب المزيد والمتطلبات تزيد ولكنها حلقة مفرغة. الشهية لمزيد من الكسب لا تعرف شبعاً اذ ان الكماليات اصبحت اساسيات. "اعطنا خبزنا كفاف يومنا" اصبحت "اعطنا مشوارنا والسمارتفون والمارسيدس والطلعة كفاف يومنا". اصبح المال هدفاً وليس وسيلة للعيش. المضحك المبكي ان من كثرة ساعات العمل في سبيل كسب المزيد من المال، لم يعد هناك اصلاً وقت للاستمتاع به والأصعب من ذلك- لم يعد هناك مكان لله.

هذا الفكر خلّف ايضا اعوجاجاً في القيم. اذ اصبح كسب المال وتدفئة حساب البنك بعيداً عن الرصيد السلبي اللعين هو المهم بغض النظر عن الطريقة في سبيل تحقيق ذلك. فالغش اصبح طبيعياً والغاية (وهي الدخل الاضافي) اصبحت تبرر الوسيلة (غش وكذب). النماذج الانسانية التي اصبحت قدوة المجتمع هي اصحاب الاموال وندر من يسأل كيف حصلوا عليها. يتجاهل الناس صفات هذا الثري الباذخ. الاله الجديد هو التسلية واوقات الفراغ، ومن يفلح في استغلالها بشكل يبهر الانظار بسبب امواله يكسب اعجاب الجميع.

لقد قادت هذه الروح الانفرادية الرأسمالية المتطرفة في بعض دول الغرب ايضاً الى سحق الطبقات الفقيرة والمرضى واصحاب الاعاقات ، واتسعت الهوة بين الاغنياء والفقراء.

من يتأمل حياة الرب يسوع على الارض والكنيسة الاولى يجد توتراً بين طبيعة حياتهم وطبيعة ما وصفناه كنهج دارج في دول عديدة تعتبر مسيحية وايضاً في حياة مسيحيين يعيشون كاقلية في بلدان مختلفة مثل بلادنا.

بعض ظواهر الحياة الرأسمالية الانفرادية تغلغلت لحياة المسيحيين ككل في بلادنا وجدير بكنائسنا ان تتطرق لتأثير ذلك على نفوس المؤمنين فيها.

من خلق الانسان وعرف قلبه اصاب كبد الحقيقة المرّة حين قال:" لا يقدر خادم ان يخدم سيدين.لانه اما ان يبغض الواحد ويحب الآخر او يلازم الواحد ويحتقر الآخر.لا تقدرون ان تخدموا الله والمال" (لوقا 16 : 13).

لكل من يعتبر نفسه خادمًا للرب –وهو اعظم شرف- حذار من سطوة المال!

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. القس اشرف ابيشاي 27 ابريل 2012 - 05:49 بتوقيت القدس
شكرا جزيلا يسلم فمك شكرا جزيلا يسلم فمك
شكرا جزيلا لاجل الارشاد المبارك كما ادعو القراء للتامل في كلمات ترنيمة قديمة رائعة كتبت في هذا الموقع من قبل : http://www.linga.org/poems-articles/MjYyNQ== كما يمكن ان تستمعوا لها ايضا في هذا الموقع في قسم الترانيم ايضا وكلمات الترنيمة هي : إننا باللحن ننشد! إننا باللحن ننشد:"قصة الحب العجيب" إنما أين المحبه, في حياتي أو حياتك؟ أين صبر الحب فينا, أين روح الأحتمال؟ أين صفح الحب فينا, أين تصديق المقال؟ إننا باللحن ننشد:"قصة الحب العجيب" قد تجلت بالصليب قد رواها لي حبيبي ساعة الصلب الرهيب هل رواها كروايه تخرج منا الدموع؟ ثم تمضي في النهايه كبخار في الربوع؟ أم رواها بدماه, يبتغي منا الخضوع؟ يخلقنّ الحب فينا لنعيش ليسوع نعلن الحب حياة تتجلى في صليب. إننا بالصوت نهتف : "خلني قرب الصليب" بينما الواقع إنّا نبتغي منه الهروب. إننا نخشى الصليب, وانسحاق النفس فيه والعناء........ والبكاء.......... وانكسار النفس فيه والعطاء........ والفناء.......... بينما الأفواه تهتف:"خلني قرب الصليب" تهتف الأعماق فينا:"خلني قرب السرور" "خلني قرب المواكب, خلني قرب المناصب, أبتغي فيها السعاده. خلني في الناس رأسأً, في مكانٍ للقياده. خلني قرب الثراء, خلني قرب المظاهر, خلني قرب المفاخر. أعطني أرقى الثياب أبهجني بالطعام والشراب" لا ابالي بشقاء الناس في دنيا التعب, فالصليب صار رمزاً من حديد أو خشب, والصليب صار كنزاً من مصوغات الذهب. كل هذا والنفوس تتألم في صراع قاتل مر حزين! والجياع والعطاش كيف باتوا يلهثون! رحلة الدنيا عذاب وشقاء وأنين. هل لهم فيك بصيب؟ هل لهم منك حبيب؟ ومساكين القلوب يرزحون تحت نير الكبرياء يشربون الذل مراً ويقاسون العناء إخوة, في الظلم ذابوا سجناء تعساء هل كسرت القيد عنهم؟ هل هل بذلت الجهد والأعصاب ناراً؟ تدفع الضيم ولو رحت ضحيه؟ هل حملت النير عنهم؟وتعلمت من المصلوب درساً ووصيه؟ هل لهم في وقتك الغالي مكان؟ هل لهم في قلبك الساهي حنان؟ كيف تنساهم وتأتي لتصلي؟ خبّرني,كيف تلقى وجه مولاك الحبيب؟ وبصوت الزيف والبهتان تشدو: "خلني قرب الصليب"؟ هل تريدون القيامه؟ هل تريدون الحياه؟ هل تريدون إنتصاراً, وأبتهاجاً ونجاة؟ إحملوا نير المسيح, إحملوا معه الصليب, والبسوا إكليل شوكٍ طيبوا نفس الكئيب, واغسلوا الأقدام طوعاً مثل فادينا الحبيب, وابذلوا النفس بحب مثل حبه العجيب.