...وتقولون: بمَ احتقرنا اسمك؟

يفضل الناس الظلام على النور، والأعمال الشريرة تجعل الناس يبغضون النور. هذا المقال ليس موجّهًا فقط لأولئك الذين لا يؤمنون بيسوع، بل للمؤمنين الذين يمثّلونه. أنّ الإنسان يميل إلى الاختباء داخل نفسه، ويتصرّف كأنّه شخص روحي، ولكنه ينمّي أفكار الشهوة عندما يكون وحيدًا. أنّ الرّوح القدس يبكّي على الخطيئة والبر والدينونة، وأنّ هذا التوبيخ موجّه للمؤمنين الذين ينتمون إلى الله ويمثّلونه في هذا العالم
17 يناير - 06:02 بتوقيت القدس
...وتقولون: بمَ احتقرنا اسمك؟

"...وَتَقُولُونَ: بِمَ احْتَقَرْنَا اسْمَكَ؟" (ملاخي 1: 6)

نرى في سفر ملاخي أنّ شعب الله يزعمون مرارًا وتكرارًا في محضر الله أنّه ليس لديهم أيّ فكرة عمّا يشكو منه (انظر 1: 6، 7؛ 2: 14، 17؛ 3: 7، 13). "هل نحن على خطأ؟ ما الّذي تتحدّث عنه؟ ربّما أنك تقصد شخصًا آخر سواي... أنا بخير، أنّهم هم المخطئون".

كانت كلمات يسوع صحيحة وتتناسب مع أيّام ملاخي، في أيّام يسوع على الأرض قبل حوالي ألفيّ عام، وهي صحيحة حتّى في يومنا هذا: "...إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلاَّ تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ" (يوحنا 3: 19-20). عندما نقرأ هذه الآيات، ننسبها على الفور إلى أشخاص لا يؤمنون بيسوع، لكن هذا خطأ. إنّ توبيخ الله هنا إنّما هو موجّه أوّلًا وقبل كلّ شيء إلى الّذين يحبّهم، الّذين ينتمون إليه، إلى المؤمنين الّذين يمثّلونه.

إنّ مقدرتنا على أن نكون ساذجين، لتبرير وإخفاء حقيقة أنفسنا عن الآخرين وحتّى عن أنفسنا، أمر مذهل. إنّنا نختبئ داخل ذواتنا، ونتصرّف على الملأ كأشخاص روحيّين، ولكن عندما نكون وحدنا فإنّنا ننمّي أفكار الشّهوة، وننظر إلى الصّور أو الأفلام الّتي تثير فينا شهوات ممنوعة، ونعزّي لأنفسنا احترامًا يستحقّه الله وحده، ونعتقد أنّنا أفضل من الآخرين، ونستخدم كلمة الله و"روحانيّاتنا" لنحقّق لذواتنا مكانة مشرّفة ومنافع شخصيّة، بينما نلحق الأذى بالآخرين الّذين يظهرون لنا كتهديد لمكانتنا وأمور أخرى...

في (يوحنا 16: 8-7)، يعد يسوع بأنّه سيرسل الرّوح القدس للمؤمنين. دور الرّوح هو أن يبكّت على الخطيّة وعلى بِرٍّ وعلى دينونة. إنّ التّبكيت على هذه الأمور موجّه أوّلًا وقبل كلّ شيء للمؤمنين الّذين ينتمون إلى الله ويمثّلونه في هذا العالم (كملائكته / رسله)، لأنّ الرّوح قد أُرسل إليهم.

قيل في (رسالة يعقوب 1: 25-22)، أنّ كلمة الله مثل المرآة الّتي تكشف لنا في نور الرّوح القدس مَن نحن حقًّا. إن استخفافنا بقبحنا، ومحاولتنا تناسي حقيقة ما نحن عليه لا يخفي الحقيقة عن الله. عندما يكون هناك عدم توافق بين كلمة الله وبيننا، تكون كلمة الله دائمًا على حقّ ونحن دائمًا على خطأ.

لكي نكون رسلًا أمناء لله يجب أن نقبل كلمته على أنّها حقيقة، وأن نقرأها كلّ يوم. يجب أن نسأل الله أن يكشف خبايا قلوبنا - تلك الأشياء الّتي نخفيها حتّى عن أنفسنا ولا نريد رؤيتها.

هل لديك الشّجاعة لتفتح قلبك لله وتطلب منه أن يُظهر لك حقيقة نفسك، أم أنّك تجادله وهو يحاول تبكيتك لكي تصلح من طرقك؟ تذكّر أنّ كلّ ما يعمله الله فهو نابع من محبّته! 


إذا كنت لا تريد إجابة مفصّلة من الله، فالأفضل ألّا تسأله سؤالًا مفتوحًا... يسألون: "بِمَ احْتَقَرْنَا اسْمَكَ؟"، ولدهشتهم فإنّ الله يفصّل.

حيث أنّ لديه قائمة طويلة من الأمور الّتي يريدنا إصلاحها. أولئك الّذين ينتمون إلى الله ويريدون أن يكونوا مُرْسَلِيه، يجب أن يمنحوه مُطلق الحرّيّة لتغييرهم. نريد أن نكون مُرْسَلِين مُخْلِصين لله، لذلك يجب أن نأخذ هذه القائمة على محمل الجدّ ونستمع إليها. عندما نبدأ في الإيمان بيسوع والله يستبدل قلبنا الحجريّ بقلب من لحم ويضع روحه فينا (حزقيال 36)، لا تزال هناك مجالات في حياتنا حيث يكون قلبنا قاسيًا ويعارض إرادة الله. يسمّيها الكتاب المقدّس "عناد قلبنا"( )، في الأصل العبريّ "القلب المتعضّل"، قوّة قلبنا الّذي تصلّب وأصبح عنيدًا ورافضًا.

إن عمليّة نموّنا في الله هي عمليّة يكشف فيها الله في قلوبنا مجالات واحد تلو الآخر تقسّى قلبنا فيه، وهو يليّنه. وبسبب محبّته لنا، فإنّ الله لا يكشف لنا عن المواضع الصّعبة الّتي في قلوبنا دفعة واحدة، ولكنّه يفعل ذلك في عمليّة بطيئة، وفقًا لقدرتنا على القبول ووفقًا لتعاوننا. فهو يبدأ بالمجالات الأكبر بمرور الوقت ينتقل لمعالجة المجالات الأصغر، ومن ثمّ الأصغر. تبدأ هذه العمليّة عندما نتوب ونؤمن بيسوع، وهي تستمرّ طوال حياتنا. هدف الله هو أن يطهّر لنفسه أمّة مقدّسة تمثله بأمانة في العالم.

الله لا يكشف عن الخطيئة وينير بنوره على قساوة قلوبنا لأنّه يريد أن يخجّلنا أو يلومنا، إنّما لأنّه بسبب عُظْمِ محبّته لنا فهو يريد أن يزيل من حياتنا أيّ شيء يمنعنا من الاقتراب منه. وهو يقوم بهذا العمل دائمًا بالتّعاون من جانبنا. إنّه لا يجبرنا على التّخلّي عن قساوة قلوبنا، لكنّه يحثّنا على القيام بذلك مرارًا وتكرارًا. في كثير من الأحيان، عندما نفكّر في الألم الّذي ينطوي عليه تحطيم الحجر الّذي في قلوبنا، فإنّنا نخاف ونقاوم. عندما يحدث هذا، فإنّ الله يعاملنا بصبر. لا يمكننا تقديس أنفسنا وتطهيرها، لكن يمكننا بالتّأكيد أن نتعاون معه في العمل الّذي يقوم به فينا، ذلك من خلال تليين قلوبنا والموافقة. يجب علينا اتّخاذ القرار بالتّعاون، وأن نطلب منه يوميًّا أن يعمل بيننا وفقًا لإرادته وحسب طرقه.

يجب على كلّ من يريد أن يكون مُرْسَلًا أمينًا لله أن يكون شريكًا في عمله وأن يسلّم نفسه بين يديه.

ماذا تقول لله اليوم؟ تعاون معه واطلب منه أن يعمل فيك اليوم، وفي كلّ يوم.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا