بُرج بابل وسُلَّم يعقوب

لا زال الانسان يحاول الرجوع الى الله بقدرته الشخصية وموارده الطبيعية، فنرى آدم وحواء يحاولان التستر باستعمال ورق التين، وقايين يقدم لله من محصول الارض...
12 مايو 2023 - 17:16 بتوقيت القدس
بُرج بابل وسُلَّم يعقوب

نقرأ في كتب التكوين كيف خلق الله السماء والارض وكل الكائنات الحية.

لكن الله لم يكتف بذلك، بل خلق الانسان ذكرا وانثى على صورته ومثاله، والله احب خليقته بما فيها الانسان وقال ان كل شئ كان حسن.

لكن هذه المحبة وهذا التناغُم المقدس انكسر بسبب عصيان الانسان لله، لذلك طرد الله آدم وحواء من جنة عدن، وانفصل الانسان عن الله ودخلت الخطية والدمار الى الجنس البشري حتى يومنا هذا.

بعد سقوط الانسان قتل قايين اخيه هابيل، ودخل الزنى العالم، ونذكر الحدث الصعب في عائلة لوط، ونرى يعقوب المحتال المخادع لابيه واهل بيته حتى هرب من وجه اخيه عيسو وخاله لابان.

من تلك الايام، لا زال الانسان يحاول الرجوع الى الله بقدرته الشخصية وموارده الطبيعية، فنرى آدم وحواء يحاولان التستر باستعمال ورق التين، وقايين يقدم لله من محصول الارض، اي بمجهوده الذاتي، كذلك حاول سكان الارض بناء برج بابل، الامر الذي يدل على ان الانسان من بداية الخليقة يحاول الرجوع الى الله بمجهوده الذاتي، حتى ان الله تدخل في هذا الامر وبلبل لسان الامم، ومن هنا يأتي اسم بابل اي الفوضى، لان كل عمل وكل محاولة لارضاء الله والاقتراب اليه بدون نعمته والمبادرة منه مصيرها الفشل !

نقرأ في الكتاب المقدس عن الشعب الآشوري والبابلي الذين سبوا شعب الرب في القديم، كذلك نقرأ في سفر الرؤيا مصير بابل الشريرة، اي مصير العالم بالبعد عن الله ورفض نعمته ورحمته.

هل ما زلنا نعتقد انه من خلال  التدين والصوم والصلاوات، او الاعمال الحسنة والاخلاق الجيدة من دون نعمة يسوع المسيح، من الممكن لنا ان ننال رضى الله، وان نخلص من الدينونة والهلاك ؟!

من الممكن لنا ان نتعلم عِبَر هامة في حياتنا، من خلال حياة يعقوب المخادع، مع كونه ابن اسحاق الوديع وحفيد ابراهيم رجل الايمان، لكن نرى ان كل محاولات يعقوب لكي يحصل على البركة والباكورية بائت بالفشل، لانه اتكل على "ذكائه" وخداعه لابيه واخيه وخاله، وكل هذا سبب ان يعيش في قلق مستمر وهاربا من وجه اخيه، حتى انه لم يرى امه بعد هذه الاحداث !

لكن شكرا لله على رحمته لنا جميعا، كما رحم يعقوب عندما تقابله معه في بيت ايل وغير حياته واعطاه نظرة جديدة للامور، وافكار جديدة واسلوب حياة اساسه الاتكال على الله الحي وعلى قدرته ومواعيده.

ففي بيت ايل نقرأ عن سُلم يعقوب، والملائكة صاعدة ونازلة عليه، عندها ادرك يعقوب ان الله كان معه، واعطاه الوعد المبارك بالبركة، وبعد هذا الاختبار التقى بملاك الرب، الذي غير حياته واعطاه اسم جديد (اسرائيل)، رمز الخليقة الجديدة بالايمان بيسوع المسيح.

نصلي اخوتي بان يعطينا الله الايمان الحقيقي المبني على نعمة يسوع المسيح، والتوبة الحقيقية عن خطايانا، وبان نهدم بمعونة الرب كل "برج بابل" في حياتنا، الذي مصيره الفشل والابتعاد عن الله الخي الحقيقي،

وان نقبل عمل الله الآب القدوس الذي بادرة بالمحبة والعطاء حتى انه وصل السماء بالارض ليس بسلم يعقوب، بل بصليب مخلصنا ربنا والهنا يسوع المسيح، لان كل محاولة اخرى وكل اجتهاد آخر مصيره الفشل والهلاك الابدي !

فهل نقبل عطية الله التي لا يُعبر عنها ؟!

طوبى لكل من آمن ولم يرى.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا