معارضة المعلّقات العشر (٥) مُعَلّقة لبيد بن ربيعة

10 يناير 2011 - 13:56 بتوقيت القدس

أقتبس من الرابط المذكور أدنى باختصار: {تحتل المعلّقة، كما قال التبريزي، مرتبة الصدارة في ديوان لبيد من حيث دلالتها على شاعريته قبل الإسلام. وهي السابعة بين معلّقات معاصريه، وتقع في حدود التسعين بيتاً. ومن أهم أغراضها: وصف الأطلال وآثار الديار، الإشفاق لرحيل الأحبة والتغزل بالمرأة المحبوبة، العناية بوصف الناقة والافتتان في تشبيهها تارة بالغمامة الحمراء وتارة بالبقرة الوحشية، الخلوص ثانية من الوصف إلى الغزل والفخر، وفي معلقته وصف للّهو والخمر وتطرّق إلى نعت الفرس والتغني بالفروسية والكرم... إلخ} انتهى. عِلماً أنّ اٌسم محبوبة الشاعر: نـَوَار.

وأقتبس من سيرة لبيد التي في ويكيپـيديا بتصرّف: {عندما رأى النابغة الذبياني علامات الشاعرية على لبيد قال له: (يا غلام إنّ عَـينيك لعَيْنا شاعر أنشِدْني) فأنشده اٌثنتين من قصائده فقال له: (زِدْني) فأنشده المعلّقة فقال له النابغة: (إذهب فأنت أشعَرُ العرب- وفي رواية: أشعر هوازن) وأساسُ معلّقته الطلولُ ومنتصفها وصف الخمرة والمحبوبة وآخرها على الكرم والفخر. مدح بعض ملوك الغساسنة مثل عمرو بن جبلة وجبلة بن الحارث. أدرك الإسلام فأسلم وعُدّ من الصحابة ومن المُؤلّفة قلوبُهُم. وترك الشعر فلم يقل في الإسلام إلّا بيتاً واحداً. سكن الكوفة وعاش عمراً طويلاً؛ 157 سنة بحسب ابن قتيبة أو 145 كما ورد في كتاب الأغاني، تسعون منها في الجاهلية وما تبقى في الإسلام. أرسل حاكم الكوفة يوماً في طلب لبيد وسأله أن يُلقي بعضاً من شعره فقرأ لبيد سورة البقرة وقال عندما انتهى "منحني الله هذا عوض شعري بعد أن أصبحت مسلماً" فعندما سمع الخليفة عمر بذلك أضاف مبلغ 500 درهم إلى 2000 درهم التي كان يتقاضها لبيد} انتهى.

وتعليقاً على إضافة 500 درهم؛ يسرّني أن أذكر قصة الغني الذي أراد أن يرث الحياة الأبدية في الإنجيل بتدوين لوقا 18: 18-27 {وسألهُ رئيسٌ قائلاً أيّها المُعَلِّمُ الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحاً، ليس أحدٌ صالحاً الاّ واحد وهو الله. أنت تعرف الوصايا لا تزن، لا تقتل، لا تسرق، لا تشهد بالزور، أكرم أباك وأمّك. فقال: هذه كلّها حفظتها منذ حداثتي. فلمّا سَمِع يسوع ذلك قال له: يعوزك أيضًا شيء؛ بعْ كلّ ما لك ووزّع على الفقراء فيكون لك كنز في السماء و تعال اٌتبعني. فلمّا سمع ذلك حزن لأنه كان غنيّاً جدّاً. فلمّا رآه يسوع قد حزن قال: ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله، لأنّ دخول جَمَل من ثقب إبرة أيسر مِن أن يدخل غنيّ الى ملكوت الله. فقال الذين سَمِعوا: فمَن يستطيع أن يخلُص؟ فقال: غيرُ المُستطاع عند الناس مستطاع عند الله} انتهى. وقد اخترت من معلّقة لبيد الأبيات التالية:

عَفتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فمُقامُهَا-- بمِنىً تأبَّدَ غَوْلُهَا فرِجَامُهَا
فمَدَافِعُ الرَّيَّانِ عُرِّيَ رَسْمُهَا-- خـَلَقاً كمَا ضَمِن الوُحِيَّ سِلامُهَا
دِمَنٌ تجَرَّمَ بَعْدَ عَهْدِ أنِيسِهَا-- حِجَجٌ خَلوْن حَلالُهَا وحَرَامُهَا
فوقفتُ أسْألُهَا وكيْفَ سُؤالُنا-- صُمَّاً خوَالِدَ مَا يَبيْنُ كلامُهَا
عَرِيَتْ وكان بهَا الجَمِيْعُ فأبْكَرُوا-- مِنهَا وغُودِرَ نُؤيُهَا وثُمَامُهَا
بَلْ مَا تـَذكَّرُ مِن نَوَارَ وقدْ نأتْ-- وتقطَّعَتْ أسْبَابُهَا ورِمَامُهَا
أوَ لمْ تكُنْ تدرِي نَوَارُ بأنَّنِي-- وَصَّالُ عَقدِ حَبَائِلٍ جَذَّامُهَا
تـَرَّاكُ أمْكِنَةٍ إذا لمْ أرْضَهَا-- أوْ يَعْتلِقْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا
بَلْ أنْتِ لا تدْرِين كمْ مِن ليْلةٍ-- طَلْقٍ لذِيذٍ لهْوُهَا ونِدَامُهَا
قد بتُّ سَامِرَهَا وغايَةَ تاجرٍ-- وافيْتُ إذ رُفِعَتْ وعَزَّ مُدَامُهَا
ولقد حَمَيْتُ الحَيَّ تحْمِلُ شِكَّتِي-- فُرْطٌ وِشاحِي إذ غدَوْتُ لِجَامُهَا
وكثِيرَةٍ غُرَبَاؤهَا مَجْهُولةٍ-- تُرْجَى نوَافِلُهَا ويُخْشى ذامُهَا
أنكرْتُ بَاطِلهَا وبُؤتُ بحَقّهَا-- عندي ولمْ يفخرْ عليّ كِرَامُهَا
إنَّا إذا التقتِ المَجَامِعُ لمْ يزلْ-- مِنَّا لِزازُ عَظِيمَةٍ جَشَّامُهَا
ومُقَسِّمٌ يُعْطِي العَشِيرَة حَقَّهَا-- ومُغذمِرٌ لِحُقوقِهَا هَضَّامُهَا
فضْلاً وذو كرَمٍ يُعِينُ عَلى النَّدَى-- سَمْحٌ كَسُوبُ رَغائِبٍ غنَّامُهَا
مِن مَعْشَرٍ سَنَّتْ لهُمْ آبَاؤهُمْ-- ولِكُلِّ قوْمٍ سُنَّة ٌ وإمَامُهَا
لا يَطبَعُون ولا يَبُورُ فِعَالُهُمْ-- إذ لا يَمِيلُ مَعَ الهَوَى أحْلامُهَا
فاقنعْ بمَا قسَمَ المَلِيكُ فإنَّمَا-- قسَمَ الخلائِقَ بَيْننا عَلاَّمُهَا
وإذا الأمَانة قُسِّمَتْ في مَعْشرٍ-- أوْفى بأوفر حَظِّنا قسَّامُهَا
http://www.almoallaqat.com

المعارضة
----------

حَـفِـظ الـدِّيـارَ أمانُـهـا وسلامُـهـا – سِـيّــانِ فـيـهـا ضـوءُهــا وظـلامُـهـا
نفـحَـتْ نسائمُـهـا وفــاحَ عَبـيـرُهـا – لـمّــا تـآخــى أهـلُـهـا وكِـرامُـهـا
لبنائِـهـا فنهوضِـهـا فسُـمُـوِّهـا – فـــوق الـمُـحـالِ وفـخـرُهـا أعـلامُـهـا
للـذَّوْدِ عَـن غدِهـا كسالِـفِ عَهْدِهـا – حـتّـى مَـضَـتْ بسَـلامَـةٍ أيّامُـهـا
مَهْمَـا أغـارَ علـى مَعالِمِهـا العِـدَى – صَمَـدَتْ وفُـضّ نِزاعُهـا وخِصامُهـا
عَرَفـتْ أعادِيَهـا وجُـلُّ مُـرادِهِـمْ – إذلالُـهـا وعـلـى الـطَّـوَى إرغامُـهـا *
إلّا عــدوّاً مِــن ذوِي القـرْبَـى سَـعَـى – مُتسَـلِّـلاً فـــإذا بـــهِ هـدّامُـهـا
صَعْبٌ على حامي الحِمَى تمييزهُ – والأصعبُ التصديق: ذاكَ سُخامُها
خـان الدِّيـارَ وعِرْضَهـا وحَلالهـا – مـا عُـدّ فـي ضِمْـن الـحَـلال حَرامُـهـا
إنّ الــدِّيــارَ عــزيــزة ٌ بلُـحُـومِـهـا – وشُـحُـومِـهـا مَـحْـمُـولـة ٌ أورامُــهــا
أمّـا الخبيـث فـلا سَبـيـلَ لحَمْـلِـهِ – مَـسَـخ الـدِّيَـارَ وقـصْـدُهُ إضرامُـهـا
طُـــرّاً فـــلا يُـبـقـي لـهــا أثـــراً ولا – ذِكْـــراً ليَـعْـبَـث بـالـديـار لِئـامُـهـا
مـا زال يَسلبُـهـا الـرّعـاعُ بَريقـهـا – مــا غــضّ طَـرْفـاً عنـهُـمُ حُكّامُـهـا
مِـثــل الـذيــن تمَسْـكـنـوا فتمَـكّـنـوا – وتعَمْـلـقـوا لـكـنّـهُـمْ أقـزامُـهــا
حَـضّـوا عـلـى تكفـيـر كــلّ مُخـالـفٍ – لشـريـعـةٍ أزرتْ بـهــا أوهـامُـهـا
واٌستحْدَثـوا التهجيـرَ دون رقابـةٍ – فمتـى يَعُـودُ إلـى القضـاءِ زمامُهـا؟
واٌسْتعْـرَضـوا التفجـيـر يَــوْمَ تسَـرّبـتْ – أحقـادُهُـمْ وتفـجّـرتْ ألغـامُـهـا
في الأبرياء وفي الفضاء بأسْـرِهِ – فغـدا المَـدَى نـاراً تطيـشُ سِهامُهـا
وشَكتْ طبيعتُـهُ التلـوّثَ مـا هَـوَى – مَطـرٌ ومـا غسَـلَ الريـاحَ غمامُهـا
لا مـاؤهـا عــذبٌ ولا خضـراؤهـا – نـفـعـتْ لـيـأسِـرَ شـاعــراً إلهـامُـهـا
حتـى المُدامـة لـمْ تـسُـغْ لـفـؤادِهِ – خُلِـطـتْ فـعَـزّ صَفـاؤهـا ونِدَامُـهَـا
ويـكـادُ ريــشُ الـرّسـم يفـقـدُ لـونـهُ – أو يستعـيـن بفحْـمَـةٍ رسّـامُـهـا
فـتـبـدّلــتْ أشـكـالُـهــا وتـغــيّــرتْ – ألـوانُــهــا وتـغــبّــرتْ أنـسـامُـهــا
تُرثـى الديـارُ المُستفَـزّة بَعْدَمـا – هَــدَأتْ عَـسَـى أنْ يَستـقِـرّ وئامُـهـا
خـيـرُ الـدّيـار المُستـقِـلّ قضـاؤهـا – والمُستـتِـبّ طريـقـهـا ونِظـامُـهـا
أغـفـتْ وأعْـيُـن صَوْنِـهـا مفتـوحـة ٌ – رِيـعَـتْ فـهَـبّ مُسِنّـهـا وغـلامُـهـا
تبقـى الأقلّيـاتُ وهْـيَ أصيلـة ٌ – فــي الأرض فــوق جـذورهـا آرامُـهـا
فسألتُ سـارة بَعْـدَ نيـل خلاصِهـا – عَـن مِحْنـةٍ قاسَـتْ وولّـى عامُهـا
للهِ دَرّكِ هــــلْ وَثِــقــتِ بـمُـسْـلِـمٍ؟ أو مــــا ديــــارٌ نــافِــعٌ إسـلامُــهــا
قـالـتْ لَــوَ اٌنّ المُسْلِمِـيْـن بحَيِّـنـا – صَـدَقـوا وشـيـخُ دِيـارِنـا وإمـامُـهـا
لــن تطمَـئِـنّ النَّـفْـسُ بَـعْـدَ تقِـيّـةٍ -- مِــن ربِّـهِـمْ محفـوظـة أنغـامُـهـا
مـا عــادَ مِــن أمْــرٍ خفـيّـاً مُبْهَـمَـاً – خـلـفَ الحَقيـقـةِ سـائـرٌ خُدّامُـهـا
مَـن يسـألِ الخبَـرَ اليقيـن تـشُـدَّهُ – بـيـضُ الصَّحـائـفِ حُــرّة أقلامُـهـا
إنّ المَصَـادِرَ كالمَعَـادِنِ بَعْضُهـا – صـافٍ فـمَـا شــابَ المَـعَـادن خامُـهـا

_____________________

* الطَّوَى: الجوع

الحلقة السادسة: مُعَلّقة عمرو بن كلثوم

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. ج حايك 10 يناير 2011 - 16:36 بتوقيت القدس
شاعرنا الموهوب رياض المعارضة رقم (5) فاقت معلقة لب شاعرنا الموهوب رياض المعارضة رقم (5) فاقت معلقة لب
أسفي على الشاعر لبيد المُسمى او الملقب قبل إسلامه ب أشعر العرب أسلم لقاء مال فخسر نفسه وموهبته ولقبه ليكسب المال الفاني فجعله الإسلام فاقدا لموهبة عظيمة .. الملفت للنظر أنه لم يقل في الإسلام إلٌا بيتا واحدا هذا دليل على أن إسلامه لم يكن عن قناعة أبدا مع تقديري العظيم لهذه المعارضة الحية التي تناولت الرعاع وخونة العراق ********************************************** ما زال يَسلبُها الرّعاعُ بَريقها – ما غـضّ طَرْفـاً عنهُـمُ حُكّامُهـا مِثـل الذيـن تمَسْكنـوا فتمَكّنـوا – وتعَمْلقـوا لكنّهُـمْ أقزامُـهـا حَضّوا على تكفير كلّ مُخالـفٍ – لشريعـةٍ أزرتْ بهـا أوهامُهـا واٌستحْدَثوا التهجيرَ دون رقابةٍ – فمتى يَعُودُ إلى القضـاءِ زمامُهـا؟ *********************************************** مبارك قلمك للأبد كاتب المعارضات العشرة سلام ونعمة جانيت
2. رياض الحبيّب 11 يناير 2011 - 21:55 بتوقيت القدس
الزنبقة جانيت حايك: أعتز بتقديرك الزنبقة جانيت حايك: أعتز بتقديرك
إن ما تفضلتِ به صحيح. والواقع أن شعراء "الجاهلية" بعد ظهور الإسلام أصبحوا في حيرة من أمرهم ورعب في قلوبهم ولا سيّما بعد سماعهم الفقرات الأخيرة في سورة الشعراء ابتداء بقوله (والشعراء يتبعهم الغاوون) – ٢٢٤ والتي فور سماعها جاء الشعراء حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك إلى مؤلفها وهم يبكون- تفسير الطبري- ما دعا المؤلف إلى الإستطراد في النهاية (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرًا... إلخ- ٢٢٧) مميزاً بين شعراء الإسلام وشعراء “المشركين” الذين باتت حياتهم في خطر. لذا كان خيراً للبيد أن يسكت من أن يمتدح ديناً غير مقتنع بصحّته وإلّا لامتدحه. شكراً جزيلاً لك أختي الغالية على هذه الإلتفاتة والرب يسوع يباركك- آمين مع أطيب التمنيات
3. شهرزاد 20 يناير 2011 - 19:55 بتوقيت القدس
رائع جدا" رائع جدا"
باركك الرب على هذا الابداع فأنت أقدر شاعر, وليس غريبا" عنك ان تكتب بهذه الروحية العالية والصدق فأنا من قرّاءك المواضبين ودائما" استمتع واستفاد كثير مما تكتب ... حفظك الرب وقوّاك