واشنطن تتحرّك: أسبوع مزدحم بملف اضطهاد المسيحيين في نيجيريا والعراق

في الأيام الأخيرة، تحوّلت واشنطن إلى مركز حراك مكثّف حول ملف اضطهاد المسيحيين في نيجيريا والعراق، بين عقوبات دبلوماسية جديدة، وإحاطة برلمانية خاصة، وحملة يقودها إعلام ومنظمات كنسية لكسر صمت العالم.
قبل 7 ساعات
واشنطن تتحرّك: أسبوع مزدحم بملف اضطهاد المسيحيين في نيجيريا والعراق
لينغا

في أسبوع واحد فقط، تحوّل ملف اضطهاد المسيحيين في نيجيريا – ومعه جراح مسيحيي العراق – إلى محور تحرّكات متزامنة في واشنطن: قرارات سياسية من الإدارة الأميركية، جلسات استماع في الكونغرس، ضغط من إعلام مسيحي، وفعالية كنسية تركّز على كرامة الإنسان.

قيود أميركية على تأشيرات المتورّطين في قتل المسيحيين

وزارة الخارجية الأميركية أعلنت في 3 كانون الأول/ديسمبر عن فرض قيود على منح التأشيرات لنيجيريين – ومعهم أفراد من عائلاتهم – يُعتقد بأنهم متورّطون في "عمليات قتل جماعي وعنف" استهدفت مسيحيين في مناطق مختلفة من نيجيريا. القرار يأتي في إطار قانون الحرية الدينية الدولية، ويطال من يُشتبه بانتهاكهم حرية الدين أو تغاضيهم عن تلك الانتهاكات.

وبحسب التصريحات الرسمية، ترتبط هذه الخطوة بسلسلة من الهجمات التي شنّتها جماعات متطرّفة ومليشيات مسلّحة، أسفرت خلال السنوات الأخيرة عن مقتل آلاف المسيحيين وتدمير مئات الكنائس في ولايات الشمال والوسط النيجيري.

الكونغرس: إحاطة مشتركة حول "أزمة اضطهاد المسيحيين في نيجيريا"

التحرّك السياسي ترافق مع مبادرة من مجلس النواب الأميركي؛ إذ قاد نائب رئيس لجنة الاعتمادات ورئيس اللجنة الفرعية للأمن القومي، النائب ماريو دياز-بالارت، إحاطة مشتركة مع لجنة الشؤون الخارجية للبحث في "تصاعد العنف والاضطهاد الموجّه ضد المسيحيين في نيجيريا".

شارك في الإحاطة ممثّلون عن "اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية" وخبراء في حقوق الإنسان والعلاقات الخارجية، قدّموا معطيات عن مقتل الآلاف وتهجير عدد كبير من القرى ذات الغالبية المسيحية خلال الأعوام الأخيرة، مع تحذير من تحوّل الوضع إلى ما وصفه بعض النواب بـ"أزمة إبادة صامتة".

الإحاطة تأتي أيضًا في سياق ضغوط متزايدة لإعادة إدراج نيجيريا على قائمة "الدول ذات القلق الخاص" في ملف الحرية الدينية، بعد أن كانت أُزيلت من القائمة قبل أعوام، في خطوة أثارت انتقادات واسعة من منظمات مسيحية وحقوقية.

الإعلام المسيحي يدقّ ناقوس الخطر: "الاضطهاد يتصاعد… والتغطية تتراجع"

بالتوازي مع التحرّكات السياسية، واصلت "الرابطة الوطنية للمذيعين الدينيين" (NRB) حملتها للفت الانتباه إلى ما تعتبره "صمتًا إعلاميًا" تجاه اضطهاد المسيحيين عالميًّا. ففي بيان صحفي صدر في 1 كانون الأول/ديسمبر، أكّدت الرابطة أن الملايين من المسيحيين يواجهون مستويات عالية من الاضطهاد، بينما تحظى معاناتهم بحيّز محدود جدًّا في الإعلام التقليدي.


رئيس الرابطة، تروي ميلر، شدّد في مقال رأي ولقاءات إعلامية على أنّ الاضطهاد "آخذ في الارتفاع فيما تقلّ التغطية"، داعيًا وسائل الإعلام المسيحية إلى "كسر دائرة التجاهل" وتقديم قصص الشهود من نيجيريا وسواها إلى الرأي العام العالمي.

فعالية كنسية: كرامة الإنسان في قلب مأساة العراق ونيجيريا

وفي 5 كانون الأول/ديسمبر، استضافت واشنطن فعالية روحية-إعلامية نظّمتها جهات كاثوليكية بينها فرسان كولومبس، بعنوان يركّز على كرامة الإنسان في وسط الاضطهاد، مع تسليط الضوء على حال المسيحيين في العراق ونيجيريا.

الكهنة والمتحدثون – ومن بينهم كهنة من سهل نينوى وشهود من نيجيريا – استعادوا مشاهد الكنائس المدمّرة والبلدات المسيحية التي اجتاحها تنظيم داعش في العراق، إلى جانب القرى النيجيرية التي تعرّضت لهجمات متكرّرة من جماعات متطرّفة. شهاداتهم ربطت بين الدعم المادي والروحي الذي تقدّمه الكنيسة وبين السعي إلى الحفاظ على كرامة الإنسان وإتاحة التعليم والعمل للمسيحيين الذين بقوا في أرضهم رغم العنف.

دلالات للمسيحيين في الشرق والعالم

تزامن هذه الخطوات – من العقوبات الدبلوماسية، إلى الإحاطة البرلمانية، إلى ضغط الإعلام المسيحي والفعالية الكنسية – يعكس إدراكًا متزايدًا في واشنطن بأن اضطهاد المسيحيين في نيجيريا، ومعاناة الجماعات المسيحية في الشرق الأوسط، لم تعد ملفات ثانوية يمكن تجاهلها.

بالنسبة للمؤمنين في منطقتنا، قد تحمل هذه التطوّرات رسالة مزدوجة: من ناحية، اعتراف دولي متزايد بعمق الجراح التي تصيب الجسد المسيحي حول العالم؛ ومن ناحية أخرى، دعوة لمزيد من الوحدة والصلاة والعمل المشترك، حتى تتحوّل هذه التحرّكات السياسية والإعلامية إلى حماية ملموسة للمسيحيين المهدّدين في نيجيريا والعراق وسائر البلدان.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا