لقد جاء المسيح، وعلم عن ملكوت الله؛ ولم يعد أتباعه بحوريات الجنة ولا بملذات وشهوات غنائم مال الدنيا. بل بالعكس، وعدهم بأنهم سيتألمون من أجله كثيرًا، فقال لهم: " ٢٤ .. إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي" متى ١٦. وقال لهم: "٢ سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ، بَلْ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً ِللهِ." يوحنا ١٦. وأيضًا " 9 حِينَئِذٍ يُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ضِيقٍ وَيَقْتُلُونَكُمْ وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ لأَجْلِ اسْمِي." متى 24. وفوق جميع هذه التحذيرات المرعبة، أحاط تعاليمه أيضًا بأمور أصعب من الخيال؛ ومخالفة تمامًا لميول نفس أي إنسان طبيعي؛ مثل: "أحبوا أعدائكم باركوا لاعنيكم... من أرد أن يكون عظيمًا فليكن للجميع خادمًا... إلخ. فلم يكن لدعوة المسيح أي منطقية وجاذبية من ناحية بشرية؛ ولا أي إنسان، ذكي أم غبي، سيشتهي أن يتبع ذلك التعليم الصعب أبدًا!!

سؤالي لكم هو: كيف ممكن أن تنتشر دعوة صعبة وغير جذابة كهذه، بدون حرب وفتوحات ؟؟؟
أولا: إن هذا التعليم هو فعلا ما علمه المسيح، بلا تبديل ولا تعطيل ولا تحريف. فلو كان المسيحيين قد حرفوا كتبهم، لكانوا غيروا تلك الآيات دون أي تردد؛ ليحللوا انتقامهم من أعدائكم؛ ويشرعوا الفتوحات الصليبية وقمع كثير مارسته الكنيسة في العصور المظلمة، المخالف تمامًا لكل ما علمه المسيح. لكن وجود تلك التعاليم في الكتاب، هو أكبر دليل على صحته من أي تحريف.
ثانيًا: نحن أمام حقيقة تاريخة لا تُنقد، وهي أن المسيحية انتشرت في أول ٣٠٠ عام، إلى جميع العالم وبقوة. ووصلت المسيحية قبل نهاية القرن الأول، إلى جميع أنحاء الشرق الأوسط، وكل أوروبا وأفريقيا والهند والصين، وتغيرت دول بجملتها إلى المسيحية مثل أرمينيا وسلوفانيا والحبشة وغيرها. لقد انتشرت تلك المسيحية، التي أبعد ما تكون عن الجاذبية، دون حرب؛ دون سيف؛ دون عنف، دون أي سبب منطقي مقنع يعلل نشرها!! وأتحدى أي فقيه أو مؤرخ، يعطيني تعليلاً منطقيًا يعلل انتشارها.
السبب الوحيد الذي يعلل انتشارها، هو استعلان قوة الله المعجزية على أيدي رسل المسيح؛ الذي أصغرهم صنع معجزات لا تُقهر؛ حيث حتى ظِل التلاميذ، كان يشفي مرضى (أعمال 5: 15-16)؛ وأقام التلاميذ موتى (أعمل 9: 40)؛ وكان الناس أيضًا يضعون مناديلهم على التلاميذ، ومن ثم يضعونها على المرضى والمعذبين بأرواح شريرة فيشفوا جميعًا (أعمال 19: 12). ليس هذا فقط، بل انتشرت الدعوة المسالمة للمسيحية بقوة، في ظل أعظم اضطهاد عرفه أي شعب عاش على مدار التاريخ. ففي سنة ٦٩ م أضاء الأمبراطور نيرون كل روما بأشلاء المسيحيين، ورماهم للأسود لإثارة تسلية أهل روما في الكولوسيوم. ومع هذا، في أقل من مئة عام، يقول الكتاب أن أتباع المسيح فتنوا المسكونة (أعمال ١٧: ٦).
إن انتشار المسيحية هو دليل كاسح أن الله فعلاً ورائها؛ لكي يخلص البشرية من هلاكها، ويرجعها إلى أحضانه الأبدية، من خلال المخلص يسوع المسيح ومعجزاته الكاسحة التي فعلها على أيدي جميع تلاميذه الذين أرسلهم. لكي يضم الشعب العربي الضائع، إلى حضنه الحنون؛ الذي صرخ في أغنية الحلم العربي بالفطرة الإلهية قائلا: "دا حلمنا طول عمرنا، حضن يضمنا، يضمنا كلنا". نعم هذا هو الإله الحقيقي الذي وعد قبل 2800 عام في كتابه، وقال: "10 هُوَذَا السَّيِّدُ الرَّبُّ بِقُوَّةٍ يَأْتِي وَذِرَاعُهُ تَحْكُمُ لَهُ. هُوَذَا أُجْرَتُهُ مَعَهُ وَعُمْلَتُهُ قُدَّامَهُ. 11 كَرَاعٍ يَرْعَى قَطِيعَهُ. بِذِرَاعِهِ يَجْمَعُ الْحُمْلاَنَ، وَفِي حِضْنِهِ يَحْمِلُهَا، وَيَقُودُ الْمُرْضِعَاتِ" أشعياء 40.
إستيقظوا من ظلمتكم، أرجوكم:
من هو إلهكم يا رجال الدماء؟ يبدو أنكم لا تدركون أنكم تتبعون إلهًا ضعيفًا جبانًا، ليس له حول ولا قوة لنشر دينه بالحسنى؛ لذلك يلتجئ، وهو مغلوب على أمره، لذراع البشر الدموي. وليست له اي قدرة لإقناع البشر دون حرب وقمع ودماء؛ فهو إله عقيم وخائب، حاشا أن يقارن بالله الحقيقي ذات القدرة المعجزية التي فتن العالم بها على أيدي رسل المسيح، بالمحبة والسلام والمعجزات. أما إلهكم، الواقف وراء ظهوركم يحتمي بكم، قائلا: "أرجوكم أنا ضعيف، دافعوا عني، قاتلوا في سبيلي، أنا محتاج لذراعكم وقوتكم. إن هؤلاء لا يريدون أن يتبعوا "الدين الحق"، أنا محتاج لكم أرجوكم انصروني، واقتلوهم واقمعوهم حتى يتبعوه". فيأتي ذلك الإله الجبان الفاشل الشرير، لأناس عميان مخدوعين مثلكم؛ ويدعكم تفهمون أنكم تخدمون "الله". وأنتم عميان لا تدركون أنكم تخدمون إلهكم وهو إبليس؛ الذي وصفه المسيح بدقة وقال: "...ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ". يوحنا 8.
هذا هو إلهكم إبليس، إله قايين الذي لا يشبع دماء؛ اليوم يلتهم المسيحيين، وغدًا الشيعة، وبعده السُّنة، والمنديين، واليزيديين، والأكراد، والدروز.... وأجندته طويلة جدًا. وسوف لا يشبع إلهكم إبليس دماء أبدًا؛ حتى يمحوكم ويمحو غيركم؛ ويمنع البشر من خلال سلاح الكراهية، من أن يعرفوا الإله الحقيقي.
أدعوكم أن تتعرفوا على الإله الحقيقي، الذي لستم تعرفونه؛ إله المحبة والنعمة والسلام والحياة؛ ليس إله الكراهية والعنف والحرب والموت.
(ملاحظة: هذه الرسالة ليست للمسلمين الذين أحبهم وأحترمهم من كل قلبي؛ بل لإسلاميين يعتقدون أن "الله" أمرهم أن يقتلوا البشر الأبرياء، في الوطن العربي)