لماذا يسمح الله الصالح للشر بأن يوجد؟

لماذا يُوجد الشرّ في العالم ولماذا يسمح الله به؟... ما هو سبب وجود المعاناة وذَنْب مَنْ هذا؟
04 فبراير 2021 - 10:43 بتوقيت القدس

لماذا؟ لماذا؟ أسئلة تدور في أذهاننا، يعتبرها البعض حجة كافية لإنكار وجود الله، أو للطعن في محبته وصلاحه، وإلا فلماذا يسمح هذا الإله بوجود الشر في العالم؟ 

وقد يسأل كثير من المؤمنين أيضا هذا السؤال لكن بنبرة حزينة، فيها من الحيرة ما يكشف قلة درايتهم بالكلمة المقدسة، إذ ان السبب الأول لوجود الشر هو اختيار الإنسان ان يطيع الشيطان فيعمل الشر مثله. "مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ" (رو 5 : 12).

دعونا نلقي نظرة على عنصري الشر الأساسيين، الشيطان (المحرك) والأشرار (المنفذون):

1- الشيطان:
قد تقول ان أساس المشكلة هو الشيطان الذي سقط، ويريد ان يُسقطنا كما أسقط أبوينا ادم وحواء، فلماذا لم يُخلصنا الله منه ومن شره منذ يوم سقط في الماضي السحيق؟

قد لا نعرف الإجابة بالتحديد على هذا السؤال، لكن ما نعرفه ان إلهنا الطيب يستخدم كل شيء مُنشئًا منه تمجيدًا لاسمه، وتشجيعًا وبركة وخيرًا لشعبه.

فالشيطان هو مجرد أداة يستخدمها الله في حكمته. فالله من الأزل كان يعلم بسقوطه العتيد، لكنه لم يمنعه ولم يُبده - مع انه قادر على ذلك - ولا يزال الله يسمح للشيطان ان يتابع غوايته للعالم الى ان يتمم مقاصده من وجوده، وعندها يقف أمام الله للدينونة العادلة التي سيثبت فيها هو بنفسه إدانته بشهادة الخليقة كلها، وينال الشيطان عندها عقابه الأبدي في جهنم التي أُعدت له أصلا حسب معرفة الله السابقة. 

2- الأشرار 
اعطى الله حرية الاختيار للبشر، ومنهم كثيرون ممن اختاروا ان يتبعوا الشيطان ويطيعوه في طرقه، ومن هؤلاء من يقوى حينًا ويتجبر حينًا آخر، بل قد يصل الى درجات من النجاح في درب الشر، يتساءل عنها حتى أولاد الله أحيانًا: "لاني غرت من المتكبرين إذ رأيت سلامة الأشرار... يستهزئون ويتكلمون بالشر ظلمًا، من العلاء يتكلمون.. هوذا هؤلاء هم الاشرار ومستريحين الى الدهر يكثرون ثروة.. حتى دخلت مقادس الله وانتبهت الى اخرتهم". (مز 73 : 3 ، 8 ، 12 ، 17).

عندما ندخل مع آساف (كاتب المزمور) الى مقادس الله لنفهم أفكاره، فسوف نتوقف عن الحيرة من جهة الأشرار ايضا، فالحياة الأرضية مؤقتة، وهؤلاء الذين تبعوا الشرير إن لم يغيروا طريقهم، فسينالون عقابهم الأبدي جزاء ضلالهم المحق. 

إن المؤمن الذي يثق ان لله قصدًا في كل شيء حتى في وجود الشيطان وتحركاته في العالم، يلتصق هذا المؤمن بالمسيح اكثر في التدريب العملي على العيشة المقدسة في كل الظروف. وأين يظهر النور أوضح ما يظهر، أليس في حلكة الظلام؟

هذا كله يقوي المؤمن ويعلمه دروسًا هامة في مدرسة الله "هنا صبر القديسين وإيمانهم" فالتجارب هي امتحان لإيماننا، يقصد فيه الله إعطائنا كل الفرص للنجاح والتفوق واكتساب الخبرات والتدريب والنمو في حياتنا الروحية  "..تُحزنون يسيرا بتجارب متنوعة، لكي تكون تزكية (برهنة) إيمانكم وهي أثمن من الذهب الفاني مع أنه يُمتحن بالنار توجد للمدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح". (1 بط 1: 6، 7).

إذًا فسماح الله للشر ان يوجد ويترعرع هو من دافع حكمته، حتى تكون دينونته للشيطان وأعوانه عادلة، وفي الوقت ذاته لكي ينمو المؤمنون ويتدربون روحيًا في العالم مُظهرين محبتهم وولائهم لله في كل الظروف ومقاومين الشرير بقوة وتصميم.

إن كنا ننظر بعيون الايمان فسنقول مثل يوسف ابن يعقوب والذي أصابه الشر ممن حوله لمدة طويلة: "هل انا مكان الله؟ انتم قصدتم لي شرا أما الله فقصد به خيرا". (تك 50: 19 ، 20).

مراجع:

يوسف رياض. الشيطان. مكتبة الاخوة 1992 

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا