قصّة حقيقيّة حصلت!!

قصّة حقيقيّة حصلت، لم يدوّن منها إلّا جزء بسيط وترك لنا الباقي لكي نعيشه مع أبطالها، أبطالها هم أعظم أبطال التّاريخ، الذين بالإيمان والمحبّة فتنوا المسكونة ونقلوا لنا أعظم خبر، هذا الخبر الذي في أيّام
22 ابريل 2019 - 18:38 بتوقيت القدس
عودة سلمان

قصّة حقيقيّة حصلت، لم يدوّن منها إلّا جزء بسيط وترك لنا الباقي لكي نعيشه مع أبطالها، أبطالها هم أعظم أبطال التّاريخ، الذين بالإيمان والمحبّة فتنوا المسكونة ونقلوا لنا أعظم خبر، هذا الخبر الذي في أيّامنا أصبح يخلو من كل خبر وإنّما أصبح تحيّة فاترة بل وباردة تخلو من كل معنى، جزء من هؤلاء الأبطال او إثنا عشرَ منهم يقفون أمام أعظم عرش في كل الخليقة، ينظرون، يسبّحون ويسجدون أمام سيده إلى الأبد.

تسلسل الأحداث مقدمة
لقد دعا يسوع تلاميذه إلى شيء جديد، وقتها كل منهم ترك كل شيء وراءه ولبّى الدعوة، ومنذ أن ساروا معه لم يعرفوا سيّدهم إلا وهو في مركز قوة، فقد وبّخ كهنة ورؤساء كهنة وفرّيسيّين وكتبة وأغنياء وزعماء حتّى قوّاد جيش قوّاد مئات وخماسين انحنوا أمامه وتذلّلوا ولكن في الأسبوع الأخير، رأوا شيئًا جديدًا رأوا يسوع آخر، يسوع ضعيف، لا قوة له ولا سلطان، يُضرب، يُلطم، يُوبّخ ويُبصق في وجهه وهو لم يحرك ساكن فكانت هكذا تجري وتتسلسل الأحداث.

إخريستوس آنستي، آليسوس آنستي
المسيح قام، في الحقيقة قام

الزّمان: يوم السّبت باكرًا، اليوم الذي خَلَفَ يوم صلب المسيح.
المكان: أورشليم، أكثر تحديدًا، بيت مرقس أو "علّيّة صهيون"، المكان الذي به اجتمع الرّب يسوع المسيح مع تلاميذه ليلة الفصح وهو المكان الذي عاد إليه التلاميذ ولبثوا بهِ بعد صلب سيّدهم.

أحداث القصّة:
مريم أم يسوع جالسة تبكي وتنحَب وترثي موت إبنها يسوع وإلى جانبها يجلس يوحنّا، التّلميذ الذي أحبّه يسوع، تارةً يضمّها إلى صدره وطورًا يربت على كتفها، محاولًا دون جدوى مواساتها بفقدان ابنها، معهم يجلس رجال ونساء أتوْا معهم من الجليل منهم بعض رسل المسيح ومريم المجدليّة وبعض النّساء الأخريات اللّواتي كُنّ يخدمن المسيح.

فمريم أم يسوع تبكي وترثي إبنها وتقول: آه يا ابني يا حبيبي، ما هذا الذي أصابك، آه ماذا فعلتَ حتّى لاقيتَ هذا كلّه، كيف صنعوا هذا بك؟

فيرد عليها  يوحنّا بكل رقّة وحنان ويقول: كفى يا أمّي، كفاكِ بكاءً أرجوكِ، فمنذ أن علمت أنه ألقَوْا القبض على سيّدي لم تَكُفّي عن ذرف الدّموع، كفى أرجوكِ.

فترد مريم وتقول: دعني يا بُنَي، دعني أبكي لكي أُخرج النّار التي أكلت صدري وأحرقت قلبي على فلذة كبدي، كيف عاملوه هكذا، كيف لاقى مصير قاتل ولص، كيف جلدوه وعذّبوه بهذه الوحشيّة، فكل جلده وقعت على ظهره إجتازت كسيفٍ في قلبي واقتلعت مِنْهُ أشلاءً، ولم يكن هذا كافيًا عندهم بل وأيضًا صلبوه، ماذا فَعَل حتّى يموت هكذا، لماذا صَمَتَ ولم يدافع عن نَفْسِهِ، كيفَ خَضَع لهم هكذا، كيف يا ابني لم تقاومهم كيف، آه يا ابني يا حبيبي، آه.

ويرد يوحنا بصوت يخنقه البكاء ويقول: نعم يا أمّي كيفَ سَمَحَ لهم بهذا، كيفَ فَجأَةً أَصْبَحَ بهذا الضّعف، أين ذَهَبَ سلطانه، كيفَ لَبِسَ ثوب حَمَلٍ وديعٍ هكذا، يكادُ يقتلني الذهول، فمنذ أن عرفته وهو يقاوم ويوبّخ وينتهر كل من لا يوافقه، حتّى عظماء الشّعب والكهنة بل وأيضًا رؤساء الكهنة لم يسلموا مِنْه، فقد كنت معه أوّل الأسبوع في الهيكل عندما طرد الباعة وَقَلَبَ موائد الصّيارفة ووبّخ الكهنة ورؤسائهم وليس هذا فقط بل ووصفهم أيضًا بلصوص، لم يستطِع أحد مقاومته كلهم صمتوا، كان له سلطان قوي وغريب عليهم. أين ذهب سلطانه هذا؟ أين ذهبت قوّته؟ أين؟ أين؟

فتتململ المجدليّة والألم يعتصر قلبها وتشتكي وتقول المجدليّة: آه يا سيّدي يا حبيبي، أنظير قاتلٍ عاملوك أنظير مُجَدِّف قابلوك، أنت الذي أخضعت الشّياطين وأخرجتهم من كل جَسَدٍ مستعبد، أنت حرّرتني من سبعة شياطين قيّدوني وأخضعوني، أنت الذي حرّرت كل مقيّد. أيجوز أن يقيّدوك ويجلدوك وعلى صليب يعلّقوك، وفي قبرٍ مغلق يضعوك، آه يا سيّدي يا حبيبي.

 وهنا يرد فيلپّس ويقول: ألم يقل لي أنّ من رآني قد رأى الآب، ألا يعني أنّه هو والآب واحد، ألا يحكم الآب هذا العالم، كيف الذي يحكم العالم يحاكم، كيف، ليجيبني أحدكم فإنّ الشّك أكلني، لا أعلم ماذا يحصل، أجيبوني أرجوكم، أرجوكم، ليجيبني أحد، فنظر الجميع اليه ولم يجدوا ما يجيبوه.

فأجابه نتنائيل: كيف تشكّ بالمعلّم هكذا، ألم تقل لي آنذاك (ونحن تحت التّينة) أنّنا وجدنا الذي كَتب عَنْهُ موسى في النّاموس والأنبياء ألم يقل لي أنّه رآني قبل أن تدعوني تحت التّينة، ألم يقل لنا أنّنا سنرى السّماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان، ألم يُرينا هذا كلّه، أرجوك لا تشكّ بالمعلّم، لا أعلم بماذا أجيبك ولكنّي متيقّن أنّه هو والآب واحد.

فيجيب يوحنّا: نعم هو الله، يا ليتكم كنتم معنا في الجبل عندما إصطحبنا أنا ويعقوب وبطرس، كيف ظهر له..

وهنا يقاطعه يعقوب ويقول له: أصمت يا يوحنّا لا تكمل، أنسيت بماذا أوصانا حينها بأنه أن لا نخبر أحد، لماذا تتكلّم الآن، لماذا لا تردعه يا بطرس، بطرس، ألا تتكلم؟!

فيرد يوحنّا: معك حق يا أخي، أعذرني أرجوك ولكنّي لا أطيق أن يتكلّم أحد بهذا الكلام عن المعلّم وأنا أيضًا لا أعلم لماذا خضع وصَمَتَ، فهو قد سبق وأخبرنا بهذا كلّه، بكل ما سيحصل مَعْهُ ولكنّي لا أعلم لماذا لم يدافع عن نفسه مع أنّه كان يستطيع أن يقلب كل الأمور ولكنّه اختار أن يصمت ويخضع، لا أعلم لماذا ولكنّي متأكّد من شيء واحد، أنّه هو الحب او المحبّة التي جعلته يصمت، هذه المحبّة التي ارتشفتها منه في كل مرّةٍ كنت أتّكئ فيه على صدره، فلم أعرف نظيرها في أي مكان. صحيح، أين بطرس؟

فيجيب أحد الموجودين: لا نعلم أين هو هذا المسكين، لم يره أحد منذ أن كان في دار رئيس الكهنة وهو جالسٌ خارجها ويبكي بكاءً مُرًّا..

فيقاطعه أحد آخر: كيف تقول مسكين، ألا تعلم ماذا فَعَل، كيف استطاع أن ينكر أنّه يعرف السّيّد، أليس هو دائمًا الذي يكون في الطّليعة في كل حين، ألَيْسَ هو الذي استلّ السّيف وقطع أذن عبد رئيس الكهنة، ألم يشهد ويقول آنذاك أنّه هو المسيح ابن الله الحي وهناك مدحه يسوع، كيف يخاف من جارية حتّى وينكر معرفته بالسّيّد؟ كيف؟

فتجيب مريم أم يسوع وتقول: أرجوكم، كُفّوا يا أولادي، لا تذمّوا أخاكم، لا أعلم ما الذي اجتازه ولكن الذي أعلمه أنه يحب السّيّد، يحبّه كثيرًا.

وهنا يُقْرع الباب فيملأ الخوف قلوب المجتمعين ويقرع من جديد مع صوت يقول: إفتحوا لي أرجوكم، أنا بطرس، فهرع أحد الموجودين إلى الباب وفتحه، فدخل بطرس ليلاقيه جميع الموجودين بنظرات الإستغراب واللّوم.

وتسأله أم يسوع قائلة: أين كنتَ يا بني؟ فقد شغلتنا عليك. فيجيبها بطرس والبكاء يملأ حلقه قائلًا: آه يا أمّي لا أعلم بماذا أجيبك، فقد كنت هائمًا على وجهي منذ أمس، منذ أمس لم أكف عن البكاء إضافةً إلى الخوف الذي اعتراني وأنا أختلس النّظر إلى ما يحصل، كيف جلدوه، كيف ضربوه وعذّبوه ولم يكن هذا كافيًا كيف صلبوه..

فتجيبُهُ المجدليّة وتقول: أرأيت هذا كلّه؟ أين كنت لم أرك هناك، ليس في دار بيلاطس وليس في الجلجثة، فقد بحثت عنك هناك ولكنّي لم أجدك.

فيجيب بطرس ويقول: نعم، معك حق فكنت دائمًا أجد مكانًا أختبئ فيه ومنه كنت أختلس النّظر، لا أستطيع أن أظهر علانيّةً أمام النّاس، فالكل يعرفني هنا حتّى الجواري في البيوت، ألا يكفيني ثلاث مرّات أنكرت المعلّم، ثلاث مرّات أنكرت أنّي أعرف المعلّم.

وهنا يشتد عليه البكاء ويضرب الحائط بقبضتيه ويقول: ثلاث مرّات، وأمام من، أمام جارية حقيرة، كيف آلت بنا الأمور إلى هذا الحد، فلم أستطيع أن أمنع نفسي عن التّفكير، ماذا سيحصل الآن، ماذا سَأجيب زوجتي وأولادي في البيت عندما يسألوني كيف صلب ومات المعلّم، ماذا سأقول للنّاس الذين تركتهم في الجليل لِأتبع المعلّم، الذين حاولوا ردعي عن أن أترك قاربي وشباكي عند البحر لِأتبع شيء مجهول، كيف سأنظر إلى عيونهم المستهزئة التي تكاد تقول، تعال لتصطادنا، ألم يقل لي المعلّم أنّي سأجعلك صيّاد ناس وهذا ما قلته لهم، أجيبوني كيف سنخرج من أورشليم إلى الجليل دون أن يصيبنا سوء، فالكل يبحث عنّا هنا من رئيس الكهنة إلى أحقر عبد.

وهنا خيّم الخوف الشّديد على كل الموجودين وتمر السّاعات وهم تارة يتكلّمون وطورًا يصمتون ويفكّرون إلى أن تقطعهم المجدليّة لتقول: ألا يعلم أحد أين أجد الحنوط والطيوب فقد فتّشت عنها ولم أجدها.

فتجيبها إحداهن: ها هم معي قد وجدتهم وحفظتهم معي.
فتجيبها المجدليّة: هيّا يا إخواتي لقد تقدّم الوقت، قُمن وارتحن لأنّي سأذهب باكرًا جدًا مع أوّل الأسبوع إلى القبر لوضع الطّيب على جسد السيّد ولم يمنعني من ذلك حتّى الآن إلّا السبت وها هو السبت يخرج، فمن منكن تريد مرافقتي لتقم وترتاح الآن. تصبحون على خير.
خير؟ وأي خيرٍ في هذا قال متّى، الخير كان عندما كنت أجلس على مائدتي ودنانير النّاس التي كانت تملأ خزائني، لماذا اختارني، لماذا دعاني، ما له لي، ماذا سأفعل الآن، كيف سأرجع إلى طاولتي؟ ومن سوف يعطيني عشوره؟
نعم معك حق أجاب بطرس، قد عشنا فيما مضى بحالٍ ميسور، نصطاد الأسماك ونتجر بها إلى أن دعاني فلبّيته، تركت كل شيء وليس فقط قاربي وشباكي بل بيتي وزوجتي وأولادي ألم يقل لي أنّي سآخذ مئة ضعف من هذا كلّه ألم يقل لي أنّي سأجلس معه على كرسي مجده وأدين معه أسباط إسرائيل الإثني عشر، أي كرسي هذا الذي أجلسنا عليه وأيّة أسباط هذه التي سندينها، فها هو راقد في قبر مظلم مغلق وكيف سندين أسباط إسرائيل، حتّى أنّ أحقر جندي قد أدانه وضربه، كيف، ها، كيف أجيبوني؟

فأجاب يوحنّا وقال: ألم تسمعوا ما قاله لتلاميذ يوحنّا عندما بعثهم ليسأله إن كان هو المسيح أم ننتظر آخر، ألم يسمع يوحنّا من المجد الأسنَى كلمة: هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت، ألم يرى الروح القُدس حالًّا عليه على هيئة حمامة نزلت على رأسه ومع كل هذا ضعف وشكّ بِهِ، وأنتم ألم تكونوا هناك وتسمعوا ماذا أجابه أنَّ: "العمي يبصرون والعرج يمشون والبرص يطهرون والموتى يقومون والمساكين يبشّرون، وطوبى للذي لا يعثر فِيَّ (متّى 5:11-6) وها نحن عشنا هذا كلّه ورأيناه بأعيننا وما حدث معه سبق وأخبرنا به وقال لنا أنّه في اليوم الثالث سيقوم وها هو حتّى الآن يومان، لننتظر إلى الغد ونرى ماذا سيحدث.

فأجابت مريم أم يسوع وقالت: نعم معك حق يا بني، سمعته مرارًا يتكلّم عن هذا الذي حصل وقد أخبرني أيضًا الشّيخ في الهيكل بعد أربعين يوم من ولادة يسوع عندما دخلت بِهِ إلى الهيكل هناك لاقاني سمعان الشّيخ وتنبّأ لي أنّه سيجتاز سيف في قلبي، وأي سيف أعظم من هذا، فهذا كله كان مخطّطًا لَه، حاذروا أن لا تعثروا يا أحبّائي، قوموا لترتاحوا الآن.

فقاموا ليناموا.
وها هو فجر أول الأسبوع في السّاعات الأولى من اللّيل، قامت المجدليّة مع بعض النّساء وخرجن إلى القبر والظّلام بعد باقٍ، خرجن ليلًا لربما لخوفهن الشّديد من النّاس، خرجن يجبن شوارع أورشليم حتّى أتوْا إلى أسوار المدينة وكانت لا تزال مغلقة فهناك وقفت المجدليّة تترجّى وتطلب من الحرّاس أن يفتحوا لها الباب ولكن دون جدوى وها هي لحظات حتّى إنبلج الفجر وابتدأ يوم جديد وفتحت أبواب الأسوار وخرجت مريم والأخريات مهرولات إلى القبر، نعم مهرولات وبالهن مشغول كيف أو من سيدحرج لهن الحجر الذي سد باب القبر، وصلن إلى القبر ليتفاجئوا بالحجر المدحرج من مكانه، نظرنه من بعيد وفرحن لأجل تخلّصهن من هذه العقبة التي إعترضتهن ولكنها فرحةً لم تكتمل بعد ان دخلن القبر لم يجدن السّيّد، لقد نقلوه إلى قبرٍ آخر أو أخفوه إلى الأبد، إعتقدت المريمات. كيف سيعرفن أين وضعوه؟ كيف سيأتوْا إلى قبره ليبكوا؟ أو كيف أخفوه ولم يضع أحد عليه الطّيب؟ كلّ هذه تساؤلات خطرت ببالهن إلى أن ظهر لهن الملاك وأخبرهن بقيامة السّيّد ولماذا يطلبن الحي بين الأموات حتّى أنّ يسوع بنفسه ظهر للمجدليّة خارج القبر وكلّمها، نعم كلّمك يا مريم ولم تعرفيه، أين كان قلبك؟ ألم يكن قلبك ملتهبًا داخلك؟
أين كان فكرك؟ ألم تعرفي صوته وهو الذي قال خرافي تعرف صوتي وتتبعني؟ الستِ من خرافه؟ وها هو ينادي من جديد "مريم" فانفتح قلبها وارتقص قلبها فرحًا داخلها، ربوني أجابته وهذا الإسم لم تنادي بِهِ أحد غير يسوع، إذًا يسوع أمامها، إذًا يسوع قام، إذًا يسوع ليس بميتٍ بعد، وها هي تسرع إلى باقي التّلاميذ في العلّيّة وتصرخ، المسيح قام، المسيح قام، المسيح قام، فهرع التّلاميذ من نومهم يتسائلون المسيح قام، من متى وكيف قام المسيح، ما هذا الخبر الذي اخترقنا، إخترق مسامعنا، ما هذه السّعادة التي إقتحمتنا من جديد، نعم قام المعلّم، قام المسيح، قام السّيّد من موته، إذًا نحن تلاميذ من جديد فهنيئًا لكم أيّها التلاميذ الذين صدّقتم الخبر وها هم بطرس المندفع دائمًا ويوحنّا التلميذ الرّزين يتراكضان إلى القبر وها هو الرّزين الصّغير صاحب الأخلاق العالية يسبق الكبير، لم يأخذ إعتبارًا لجيله المتقدّم الذي يجب أن يكون هو في الطّليعة سبقه مندفعًا إلى أن وصل إلى القبر قبله وهناك عاد إلى رشده ولم يدخل القبر قبله، بل انتظره إلى حين أتى وصل ودخل قبله ونظر الأكفان موضوعة ولم يكن هناك أحد، فعادوا مستغربين إلى موضعهم، مستغربين لكن فرحين، فقد قام المسيح فوداعًا للخوف، وداعًا للقلق، وداعًا لليأس، فقد قام المعلّم وزمن المعجزات سيرجع من جديد وزمن القوّات آتٍ لا محالة..

كيف قام قال توما: لا أصدّق أي من هذا، لقد نقلوه ووضعوه في مكان آخر، سأذهب لأبحث عنه، سأعرف أين وضعوه، سأذهب قال لهم توما وهمّ خارجًا، إنتظر يا توما لا تذهب لقد قام المعلّم من الموت، لن تجد أي قبر يحتجزه، إنّه ليس بميت بعد، لا تذهب إنتظر، ولكنّه لم يستمع اليهم وخرج من العلّيّة وبقي الكل هناك حتّى أتى المساء وهناك كان الفرح، نعم هناك كان الفرح فرحًا مجيدًا فرح التّلاميذ إذ رأوا الرّب ليس قبل أن وقف أمامهم في الوسط وقال لهم سلامٌ لكم، وأي سلام أعظم من هذا السّلام الذي يعطيه رئيس السّلام.

نعم إقتحم السّيّد ووقف في الوسط والأبواب مغلقة وأعطاهم سلامًا، فهنيئًا لكم يا خرافِه، هنيئًا لكم يا تلاميذه الذين آمنتم بالقيامة ونظرتموه واقفًا أمامكم في الوسط وأنت يا توما الذي لم تؤمن لا تخف سيعود من أجلك لا تضطرب فقط افتح قلبك وصدّق سيعود من أجلك حتمًا سيعود لأنّه لا يترك خرافه في البرّيّة حتّى ولا واحد، بل يعود من أجل واحد، نشكرك يا رب لأجل قيامتك المجيدة ونشكرك لأنّك أعلنت ذاتك لنا فاستعلنت لنا القيامة أيضًا، وداعًا للخوف، وداعًا للإضطراب، وداعًا لأجسادنا المائتة بالذّنوب والخطايا وأهلًا بالقوّة أهلًا بالسّلام وأهلًا بالحياة الأبديّة، نعطيك يا رب كل المجد.
آمين وثمّ آمين.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا