إشارات إنجيل يوحنّا ــ ج7 ثانيًا وأخيرا: المَسِيح يُقدِّم ماء الحياة الأبديّة

وفي اليوم الأخير العظيم من العيد، وقف يسوع ونادى قائلا: إن عطش أحد فليُقبِل إليّ ويشرب. 38 مَن آمَن بي، كما قال الكتاب، تجري مِن بطنه أنهارُ ماء حيّ...
15 مايو 2017 - 00:31 بتوقيت القدس

الإشارة السادسة

{37 وفي اليوم الأخير العظيم من العيد، وقف يسوع ونادى قائلا: إن عطش أحد فليُقبِل إليّ ويشرب. 38 مَن آمَن بي، كما قال الكتاب، تجري مِن بطنه أنهارُ ماء حيّ}+
وفي الآية الـ38 إشارة إلى إشعياء 44: 3 و58: 11 وإلى يوئيل 2: 23 و28 وانظر-ي أيضًا أعمال الرسل 2: 17
وقد نقلت تفسير القمّص تادرس يعقوب ملطي للآية الـ37 في القسم السابق من ج7 وأنقل الآن- بتصرّف- تفسيره للآية 38 تحت عنوان: الوعد بحلول الروح القدس:-
[مَن يؤمن بي ويقبلني، بكوني المَسِيّا الذي تنبأت عنه الأسفار المقدَّسة، فإنّ الروح القدس الفائض بالحياة يسكن في قلبه أو في أحشائه. فيصير المؤمن-ة ينبوعًا يفيض بثمار الروح من محبّة وفرح وسلام وحرّيّة واٌستنارة.
وقد اعتاد اليهود أنْ يشبّهوا عمل الروح القدس بالمطر المبكّر والمتأخّر والينابيع والآبار والأنهار... إلخ كما في المزامير 36: 8-9 وإشعياء 44: 3-4 ويوئيل 2: 23
بقول السيد المسيح {إن عطش} يعني الذي\التي يشعر بفقره إلى البِرّ، الذي يحتاج إلى البركات الروحية، الذي يشعر بفراغ داخلي.
وبقوله {فليُقبل إليّ ويشرب} لا يقف بعد عند رئيس الكهنة مُعجَبًا بالإناء الذهبي الذي يسكب منه قليلًا من ماء بركة سلوام، ولا يذهب إلى الفلسفات الوثنية الكثيرة والمتضاربة بما لها من جاذبية تخدع الإنسان، بل يأتي إلى السيد المسيح كما قدَّمه لنا الكتاب المقدَّس بعهديه]

وقد أضاف القمّص تادرس أقوال عدد من آباء الكنيسة وتأمّلاتهم إلى تفسيره، كما جرت العادة، وهو ما نوّهت به في القسم الأوّل من ج7 إليك منها التالي:
[مجازاة الإيمان عظيمة وبلا نهاية؛ يقول: مَن يؤمن ينعم بأغنى نعم الله، لأنه يمتلئ بعطايا الروح، فلا يسمن ذهنه فقط، بل يصبح قادرًا على أن يفيض على قلوب الآخرين، كتيّار النهر المتدفّق الذي يفيض بالخير المُعطى من الله على جاره أيضا]- القديس كيرلّس الكبير

وفي التفسير المسيحي أيضًا- تحت عنوان: الوعد بالروح القدس:-
[يبرهن العدد 38 أن المجيء إلى المسيح لأجل الشرب يعني الإيمان به. فجميع الذين يؤمنون به يحصلون على سدّ احتياجاتهم، كما أنهم ينالون ينابيع من البركة الروحية التي تجري منهم إلى الآخرين.
ففي كل مكان من العهد القديم، نتعلم أنّ الذين يقبلون المَسِيّا، ينالون هم أنفسهم العون، كما أنهم يكونون قنوات تجري من خلالهم البركة إلى الآخرين؛ انظر-ي مثالًا {وقالَ الرّبُّ: تعالَوا إلى المياهِ يا جميعَ العِطاش، تعالَوا يا مَنْ لا فِضَّةَ لهُم وكُلوا، أُطلُبوا خمرًا ولبَنًا بغيرِ ثمَن}+ إشعياء 55: 1
والعبارة {تجري من بطنه أنهار ماء حيّ} تعني أن ينابيع المساعدة للآخرين تجري من حياة الإنسان الداخلية. ولقد أشار ستوت (1) إلى (أننا نشرب بشكل جرعات صغيرة، لكنّها تتجمع لتكوّن ينابيع جارية...) وبالمقابل؛ يحذّرنا تمبل (2) بالقول: (ما مِن أحد يسكنه الروح القدس يستطيع أن يحتفظ بالروح لنفسه، فالروح يجري حيثما وُجد. وحيث لا يجري الروح لا يكون موجودا)...]- بقلم وليم ماكدونالد.

ـــ ـــ

الإشارة السابعة

40 فقال كَثيرون مِمَّنْ سَمِعوا كلامَ يَسوع: بالحقيقة هذا هُوَ النَّبيّ. 41 وقال غيرُهُم: هذا هُوَ المَسيح! وقال آخرون: أمِنَ الجليلِ يَجيءُ المَسيح؟ 42 أمَا قالَ الكِتابُ إنَّ المَسيحَ يَجيءُ مِنْ نَسلِ داودَ، ومِنْ بَيتَ لحمَ مدينةِ داود؟ 43 فاَنقَسَمَ رأيُ النّاسِ فيه. 44 وأرادَ بَعضُهُم أنْ يُمسكوهُ، فما مَدَّ أحَدٌ يَدًا علَيه}+
وفي الآية الـ42 إشارة إلى ميخا 5: 2 وانظر-ي متى 2: 6

وفي التفسير المسيحي- بتصرّف: [نرى أن بعض اليهود آمَنوا لأنّ المسيح صنع معجزات فظنّوا أنّه سيخلِّصهم من الرّومان، في وقت أتى المسيح ليخلِّصهم من أثار الخطيّة، فهو خلاص شخصيّ، فرديّ، ليس سياسيّا! والبعض تَعَطَّلَ إيمانهم لسبب تعاليم الرَّبّيِّين (3) والمسيح لم يؤكّد لهم أنه وُلِدَ في بيت لحم لأنّهم سيشكّكون في مجيئه من السماء حتى لو تأكّدوا من مكان ولادته! وهل ينسى اليهود ما فعل هيرودس بأطفال بيت لحم؟ (انظر-ي متّى 2: 16) ولاحظ-ي أنّ بعضهم قالوا عن المسيح: إنّه المسيح! (أي المسِيّا الذي ينتظرون مجيئه حسب كتبهم) وبعضهم قالوا: هو النبيّ (أي الذي أخبرهم عنه موسى في التثنية 18: 15 و18) لم يفهم اليهود أنّ النبيّ المقصود في التثنية\18 هو المسيح نفسه، بل حتى التلاميذ ما كانوا فاهمين بالضبط قبل حلول الروح القدس عليهم في اليوم الخمسين لصعود المسيح إلى السماء (انظر-ي أعمال الرسل\2) ومعلوم أنّ الروح القدس في ذلك اليوم بدأ يعلِّم التلاميذ كلّ شيء]- بقلم القس أنطونيوس فكري.

ـــ ـــ

الإشارة الثامنة

50 قال لهم نِيقُودِيمُوسُ الذي جاء إليه ليلًا وهو واحد منهم. 51 ألعلّ ناموسنا يدين إنسانًا لم يسمع منه أوّلًا ويعرف ماذا فعل. 52 أجابوا وقالوا له ألعلّك أنت أيضًا من الجليل؟ فتِّش وانظر! إنّه لم يَقُمْ نبيّ من الجليل}+
وفي الآية الـ51 إشارة إلى التثنية 17: 8 و19: 15

وفي التفسير المسيحي تحت عنوان: عودة الخدّام إلى رؤساء الكهنة ودفاع نيقوديموس:-
[أعطى كلامُ الفرّيسيّين الفرصة لنيقوديموس أن يوضح موقفه، إذ كان أحد الفرّيسيِّين ومِن معلّمي الشريعة وله مكانة مميّزة بينهم، وكان يعني بقوله: إنكم ما دمتم لم تسمعوا يسوع بأنفسكم، أو تروا أعماله وقوّته، فلماذا حكمتم عليه بأنه مُضِلّ؟ ينبغي أن تفحصوا الأمر جيّدًا قبل أن تحكموا، فاٌءتوا به أمام المجمع واستَمِعُوا إلى كلامه.
والتعبير {الذي جاء إليه ليلا} يذكّرنا بموقف نيقوديموس إذ كان خائفًا من مجيئه إلى الرَّبّ يسوع نهارًا (انظر-ي يوحنّا\3) لكنّه الآن أصبح شجاعًا! إذ نراه يدافع عن يسوع أمام المجمع؛ فلقد كان عمل النعمة يعمل ببطء في قلب نيقوديموس، إذْ مضى ما يقرب من ثمانية عشر شهرًا منذ أن تكلّم الرب يسوع معه عن {الولادة من فوق}+ يوحنّا 3: 3 حين كان نيقوديموس في "ظُلمة" حالكة. فأشرق نور الرب في قلبه إشراقًا كاملا، حتّى تشجَّع أيضًا لمّا جاء مع يوسف الرامي لتكفين جسد يسوع (يوحنّا 19: 38-42) مبرهِنًا أنه قد أصبح كأحد تلاميذ يسوع.

أمّا إجابة الفريسيّين {لم يَقُمْ نبيّ من الجليل} فبرهنت على جهلهم؛ لأنّ يونان النبيّ كان من {جَتَّ حَافِرَ}+ 2ملوك 14: 25 وهي من مدن الجليل، كما أنّ الرب يسوع كان في الحقيقة من {بَيْتَ لَحمَ} اليَهُودِيَّة (متّى 2: 5-6 ولوقا 2: 4-7 و11) وكان في إمكانهم معرفة هذه الحقيقة لو أرادوا]- بقلم هلال أمين.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا