مَن قال إنّ الفنّ يَفتِنُ أهلَهُ؟

قصيدة صعبة لأنها عارضت بالشكل قصيدة شهيرة للشاعر المتنبي، لكن غرض هذه القصيدة مختلف تمامًا؛ بتلك كان المتنبي يتسوّل مادحا أو طالبا مجدًا أرضيّا فانيًا أمّا هذه القصيدة فتمدح جانبا من فضائل رب المجد
30 ابريل 2014 - 23:05 بتوقيت القدس

بُعدُ الحبيبة مؤلِمٌ ومؤرِّقُ – لا هَمَّ يُشبهُ همَّهُ فيوثَّقُ

ما زاد شوقٌ فاشتعلتُ بنارهِ – إلّا بدا حدثًا وظرفًا يُقلِقُ

كالبحر أسْودُ تارةً إن تنتفضْ – سُحُبُ السماء وقد يَعِزّ الأزرقُ

إني إذا طال الغيابُ سويعة – أسهو وفي بحر الصّبابة أغرقُ

حتّى إذا أشكو قساوةَ وَقْعِهِ – يطفو الحنينُ وجَمرُهُ يتخندقُ

لولا الصلاة لذاب قلبي حائرًا – ولكاد من فرط الأذى يتمزّقُ

إنّ الصلاة عِلاجُ قلب خاشعٍ – أمّا الزواج عِلاجُ مَن يتحرّقُ 1

بالرّبّ كلّ اٌثنين يُمسي واحِدًا – هذا الرِّباطُ مبارَكٌ ومصدَّقُ 2
- -

شكرًا لمن جعل اللقاء مُيَسَّرًا – في بطن جَوّالٍ يرِنّ ويخفِقُ

فإذا الدنى باتت أسيرة هزّةٍ – وإذا الفضاء بما توسّعَ ضَيّقُ

وإذا الشبابُ تفنّنوا في وصْلِهِمْ – حتّى اٌقتضى الجوّالُ أن يتأنّقوا

إني بذكر الفنّ ذقتُ مرارة – ممّنْ به طعنوا وعيبًا لفّقوا

مَن قال إنّ الفنّ يَفتِنُ أهلَهُ؟ – بئسَ المقالُ وذلك المتفيهِقُ

الفنّ نعمة ربّنا الحيّ اٌنتقى – للفنّ أهلًـا فالمواهبُ تُرزَقُ

ربّ المحبّة والمواهب كلِّها – يبقى العليمَ بما يدورُ فيفرُقُ

يرقى الأنامُ بفضلهِ وبعدلهِ – لا إنسَ يعدِلُهُ بما يتشدّقُ

مَن صَدّ عمّا نصّ وحيُ كتابنا – وهو المقدَّسُ فالحسودُ الأخرقُ

حركاتُ إبليسَ اٌنتهتْ مفضوحة – لمْ يتّبِعْ إبليسَ إلّـا الأحمقُ
 - -

شكرًا على كلّ اتّصال بيننا – محبوبتي يا مَن تحِنّ وترفُقُ

كم رنّ جَوّالي وأنتِ بعيدة – لكنّ رقمَكِ لا سواهُ يزقزقُ

فإذا حكيتِ حكى ملاكٌ ساحرٌ – قلبي يطيرُ بصوتِهِ ويُحلِّقُ

وإذا اٌنتهينا أرصدُ الآمال في – طيف من الأحلام أو أتعلّقُ

آهاتُ بُعدكِ أوصِدتْ أبوابُها – بمياه وَصْلكِ بات حَلقي يَشرَقُ

أنتِ التي سكبَ الرحيقَ لسانُها – أنتِ الوحيدة مَن فؤادي يَعشقُ

الرّبّ علّمَنا الوفاء ومَنْ يذُقْ – ليسوعَ طَعْمًا طاب ما يتذوّقُ

لا زال في قانا الجليل يشدّني – طَعمٌ ورائحةٌ لهُ تُستنشَقُ 3

إني بدون يسوع أمشي ضائعًا – وبدونه قِصصُ الغرام تملُّقُ

لولا يسوع لما اٌجتمعْنا إنّما – مِن فضلِهِ نبتُ المحبّة يورقُ
 
لولاه لم تستمتعي بقصيدة – ممّا كتبتُ ولا اٌستقام المَنطِقُ
- -

نزل الإلهُ بشخصِهِ متواضعًا – حمَلًـا وديعًا كلَّ باب يطرُقُ 4

فمن اٌستجابَ لهُ اٌستجابَ لعقله – ولقلبه إنّ الحكيمَ يدقِّقُ 5

أنتِ اٌستجبتِ لهُ فنِلتِ بعطفِهِ – ماءَ الحياة ولم يزلْ يتدفّقُ

لمّا يزلْ ماءَ الخليقة كلّها – لولا عيونٌ في الظلام تُحدِّقُ

ما شأنُ مَن رفضَ المحبّة ما الذي – يبقى لهُ وبأيّ رَكْب يَلحَقُ؟

بمسيحِهِ ظهَرَ الإلهُ المُطْلقُ – بدأتْ نبوّاتٌ به تتحقّقُ

بصليبهِ اٌمّحَتِ الخطايا كلُّها – والنّاسُ مِن سيف الخلاص تفرّقوا 6

هُوَذا الأمينُ الصّادقُ اٌعترفتْ بهِ – أقلامُ وَحْيٍ والشّهادةُ تسبِقُ 7

هذا الذي موسى عَنى بكلامِهِ – مِن قبْلُ والرُّسُلُ الأوائلُ صَدَّقُوا 8

مَن عاش واللاهوتُ في ناسوتهِ – متجسِّدٌ متأصِّلٌ متألِّقُ

ماذا أحدِّثُ عن يسوع وأمِّهِ – كُتبٌ تضيقُ وقد تضيعُ وتُحرَقُ 9

إلّـا كتابَ الله فهو مقدَّسٌ – في حِضْن حافظِهِ يُضِيءُ ويَبرُقُ
¤ ¤

* نُظمت في أواخر أبريل\ نيسان 2014 على وزن بحر الكامل؛ بشكل يبدو معارضًا شكل قصيدة الشاعر المتنبّي (915- 965 م) التي مطلعها التالي
أرَقٌ عَلى أرَقٍ ومِثْلِيَ يَأرَقُ – وجَوًى يَزيدُ وعَبرةٌ تترَقرَقُ

1 إشارة إلى ما ورد في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس: {ولكن إن لم يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا. لأن التزوّج أصلح من التحرّق} – 1كورنثوس 9:7

2 إشارة إلى الآية: {ويكون الإثنان جسدًا واحدًا} – في العهد الجديد؛ متّى 5:19 ومرقس 8:10 و1 كورنثوس 16:6 وفي العهد القديم \ تكوين 24:2

3 إشارة إلى معجزة الرب يسوع الأولى في قانا الجليل الواردة في الإنجيل بتدوين يوحنّا\ الأصحاح الثاني

4 إشارة إلى الوارد في الإنجيل: {هاءنذا واقف على الباب وأقرع. إن سَمِع أحد صوتي وفتح الباب أدخلْ إليه وأتعشَّ معه وهو معي} - رؤيا 20:3

5 إشارة إلى قول السيد المسيح له المجد: {فتِّشوا الكتب لأنكم تظنون أنّ لكم فيها حياة أبدية. وهي التي تشهد لي} – يوحنّا 39:5

6 إشارة إلى قوله له المجد: {لا تظنوا أني جئت لألقي سلامًا على الارض. ما جئت لألقي سلامًا بل سيفًا} – متّى 34:10 والمقصود بالسيف: الإنقسام (راجع-ي الآية عينها في الإنجيل بتدوين لوقا 51:12 إذ دوّن الانقسام عوض السيف) وهي من الآيات التي أخفق النقّاد في تفسيرها بل حرّف بعضهم معناها، كأنّ السيد المسيح حمل سيفًا أو نشر دعوته بالسيف- حاشا! أمّا المقصود فهو المدوّن بالتفصيل في الآيات اللاحقة مباشرة والذي يعني باختصار شديد: انقسام أتباع المسيح عن أهاليهم الذين لم يتّبعوه.

7 الأمينُ والصّادقُ من ألقاب السيد المسيح التي قد يصعب إحصاؤها. أنظر-ي لطفًا سلسلة مقالتي المؤلفة من ثلاثة أجزاء المنشورة في موقع لينغا الموقّر تحت عنوان ألقاب الرب يسوع وتحديدًا ج3 أمّا الشهادة فمثالًـا: {هذا هُوَ التِّلمِيذُ الّذي يَشْهَدُ بهذا وكَتَبَ هذا. ونَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ حَقّ} – يوحنّا 24:21

8 إشارة إلى الوارد في سفر التثنية \ الأصحاح 18 الذي فهمه تلاميذ المسيح والرسل كما هو وكما يجب؛ مثالًـا الوارد بلسان بطرس الرسول: {فإنّ موسى قال للآباء إنّ نبيًّا مثلي سيُقيم لكم الرّبّ إلهكم مِن إخوتكم. له تسمعون في كلّ ما يكلِّمُكُمْ به} – أعمال الرسل 22:3 فليدقّق الباحث عن الحقّ

9 في البيت إشارة إلى الآية الأخيرة في إنجيل يوحنّا: {وأشياء أخَر كثيرة صنعها يسوع إن كُتبت واحدة واحدة فلست أظنّ أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة. آمين} آمين

¤ ¤ ¤

مَن قال إنّ الفنّ يَفتِنُ أهلَهُ؟

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. جميل بربارة 01 مايو 2014 - 22:02 بتوقيت القدس
قصيدة رائعة قصيدة رائعة
قد أصبحت من أحبهم إلى قلبي. أخص البيت: الرّبّ علّمَنا الوفاء ومَنْ يذُقْ – ليسوعَ طَعْمًا طاب ما يتذوّقُ
1.1. الكاتب 02 مايو 2014 - 18:31 بتوقيت القدس
الأخ جميل بربارة: شكرًا جزيلًـا
سلام المسيح معك. يسعدني دائما مرورك واهتمامك وتذوّقك. شكرًا والرب يبارك حياتك