مفاتيح السّعادة.. لوحات فسيفسائيّة

طالما تبنّينا وجهة نظر الله في كل ما يحدث لنا ومعنا، سنجد أن الإحساس بالتّعاسة ينسحب من قلوبنا ليحل مكانه الإحساس بالسّعادة ذات الصّنف السّمائي الرّابض كلجّة. ما علينا سوى أن نقرِّر: لا نريد في ما بعد أن نرى الأمور بالمنظار البشري القاتم والقصير المدى
03 سبتمبر 2011 - 03:10 بتوقيت القدس

طالما تبنّينا وجهة نظر الله في كل ما يحدث لنا ومعنا، سنجد أن الإحساس بالتّعاسة ينسحب من قلوبنا ليحل مكانه الإحساس بالسّعادة ذات الصّنف السّمائي الرّابض كلجّة. ما علينا سوى أن نقرِّر: لا نريد في ما بعد أن نرى الأمور بالمنظار البشري القاتم والقصير المدى، بل نريد أن نصعد إلى مرصد كلمة الله ونراقب الأحداث ونرصدها بدقّة بالغة في ضوء منظور إعلانها الذي لا يعرف إليه الخطأ سبيلا.

هناك عناصر هامّة تفجِّر ينابيع السّعادة الكامنة فينا – الشكر، الإعتراف بالخطأ، التّفاؤل الروحي، رؤية يد الرب في كل شيء، قبول تعيينه لقرعتنا، الصّلاة والتسبيح، الإنجاز، المسامحة، ترك الأنانية وخدمة الآخرين.

أمّا تذوّقنا اليومي لحلاوتها فيأتي حين نتيقّن من وجود ترتيب مميّز من الرب لكل يوم من أيّام حياتنا، ومنذ الصّباح نسأله عنه ونسير بمقتضاه مؤازَرين بقوته وإرشاده وحضوره، لنجد أن آثاره خلاله تقطر وضوحاً وإنجازاً وإتقاناً.

وهكذا، مع كل مغيب شمس، نشاهد يد المبدع البارع وهي تضع بعضاً من القطع الصّغيرة من حجارة الفُسيفساء المتنوعة الأشكال والألوان في مكانها المعد لها لتكشف شيئاً فشيئاً عن تحفة نادرة هي على وشك أن تكتمل في محترف إبداعات الله الكونية الأدبية في حياة أولاده وبناته المختارين. فالله هو ذلك الفنّان الماهر الذي يهتم بتفاصيل الأشياء، إذ يستخدم كل ما"يصادفنا" من أحداث متنوعة خلال ساعات اليوم، سواء كانت تحمل لنا الإبتهاج أو المعاناة؛ السرور أم الضيق، لكي يزخرف أشخاصنا بسِماته ويزيّن طلعتنا ببهائه، تماماً كما تُستخدم تلك القطع من الرخام والخزف والبلّور والصّدف في ابتكار لوحات فسيفسائيّة ذات قيمة عالية جدّاً، مع لمساتٍ جماليّة فائقة!

من المهم أن نعترف بكل خطيّة معروفة لنا ونتركها لتوِّنا؛ والإغتسال اليومي بماء الكلمة لَكم هو حيويّ ومُلح. لأن ربّة المنزل مهما أحكمت إغلاق نوافذ بيتها، يبقى للغبار دخول إليه واضعاً بصمات جزيئاته الدّقيقة على الأثاث اللاّمع! ما أروع أن نصلي لأجل أن يقودنا الرب للسّطور التي نحتاجها لذلك اليوم من الكتاب أو السِّفرالذي يناسب أحوالنا.

فعند قراءة الكلمة تتنظم خلايا أذهاننا وتتنقّى، كما يتم توجيه أفكارنا وخطانا في الطريق الأفضل، ونُروى ونتقوّى. وكل شيء نفعله إذ ذاك يصير له معنى، وفيه استمتاع. أمَا قال رئيس الحياة : " ...الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة" (يو 6:63).

يا سيد، بعيداً عمّا عيّنته لي أحسّ بالتّعاسة والذبول.. وبدون وليمة كلمتك، الجوع قاتل والفراغ رهيب جدّاً. أبقني على مرمى ناظريك كي أميّز مشيئتك لهذا اليوم في كل المجالات، ولا أتوانى عن فعلها بسرور، بينما نهر السّعادة يتدفّق فيّ مع كل قطعة تأخذ مكانها الصّحيح في لوحة فُسيفساء حياتي.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. رب المنزل 03 سبتمبر 2011 - 14:01 بتوقيت القدس
لأن ربّة المنزل مهما... لأن ربّة المنزل مهما...
هاي مزبوطة ورائعة:"لأن ربّة المنزل مهما أحكمت إغلاق نوافذ بيتها، يبقى للغبار دخول إليه واضعاً بصمات جزيئاته الدّقيقة على الأثاث اللاّمع!" شكرا على المقال الفسيفسائي الجميل.
2. Ebn elmalik 04 سبتمبر 2011 - 09:50 بتوقيت القدس
The most important point The most important point
The most important point in this influential essay أمّا تذوّقنا اليومي لحلاوتها فيأتي حين نتيقّن من وجود ترتيب مميّز من الرب لكل يوم من أيّام حياتنا، ومنذ الصّباح نسأله عنه ونسير بمقتضاه