هل ننشد نشيد الحرية من ميدان التحرير؟

اذكرُ يوم وصلت للقاهرة لأول مرة في إحدى الليالي الصيفية من آب 1987 ورأيت المدينة العملاقة مترامية الأرجاء ، البنايات الشاهقة ، الشوارع متعددة المسارات وعشرات آلاف المشاة والسيارات في كل بقعة. للوهلة الأولى انتابني زهو بكوني عربياً أتواجد في عاصمة العالم العربي الذي انقطعنا عنه لسنين طويلة.
30 يناير 2011 - 03:19 بتوقيت القدس

اذكرُ يوم وصلت للقاهرة لأول مرة في إحدى الليالي الصيفية من آب 1987 ورأيت المدينة العملاقة مترامية الأرجاء ، البنايات الشاهقة ، الشوارع متعددة المسارات وعشرات آلاف المشاة والسيارات في كل بقعة. للوهلة الأولى انتابني زهو بكوني عربياً أتواجد في عاصمة العالم العربي الذي انقطعنا عنه لسنين طويلة.

خلال زيارتي اتضحت لي الصورة الحقيقة لمصر وشعبها. تحول هذا الفخر الى خيبة أمل من مصر كدولة ولكن محبة لهذا الشعب المرح والطيب.
بعد انسداد الشهية الاولى للتواصل الجديد مع حضارة كبرى الدول العربية، اقتصرت زيارات عرب بلادنا لمصر في السعي وراء منتجعات سياحية رخيصة وشعبية وخاصة في طابة وشرم الشيخ .

شاهدنا بأم عيننا ذل الفقر وقمع الحريات في مصر واختبرنا دولة عالم ثالث مكتظة يشق دخان السيارات عباب السماء فيخنق التلوث كل قاطن فيها. مع ذلك لم ننس حضارة المصريين ولا منابر الأدب والفن التي لمعت في مصر. أعجبنا بالأهرامات وأبو الهول وذهلنا لقبر توت عانخ أمون ورمسيس. ترعرعنا كما كل العرب على أنغام أغاني ام كلثوم وفريد الأطرش وأسرعنا لسماع عبد الوهاب وعبد الحليم، كما قرأنا وأحببنا كتابات يوسف ادريس ، نجيب محفوظ وطه حسين. كانت القاهرة العاصمة الروحية وليس الحضارية فحسب. فاستوردنا مئات الترانيم المصرية للعبادة في كنائسنا واستمتعنا بأداء فريق الحياة الأفضل والمرنم نجيب لبيب لها . كما تباركنا من عظات طيب الذكر اميل بطرس وتعلمنا من تفاسير وكتابات أكرم لمعي، متى بهنام وابراهيم سعيد.

رغم مساهمات المصريين العديدة عبر العصور غير ان لحظة حبي لمصر تولدت حين فتحت ذراعيها للطفل يسوع أمام قمع وبطش الدموي هيرودس. مصر احتضنته وكانت له نعم الملجأ حتى هدأت الأحوال فخرج منها عائداً لفلسطين وللناصرة تحديداً. كان حري بمصر الا تهمل دورها كملجأ آمن لذلك الطفل ولأتباعه، ولكن هيهات...

نتابع اليوم بترقب على شاشة التلفاز الهبّة الشعبية ضد نظام الرئيس حسني مبارك والنخب الحاكمة المستفيدة، ولا يسعنا ان نراها الا في ظل العملية الإرهابية ليلة راس السنة ضد المسيحيين الأقباط في الإسكندرية. لقد فشل الرئيس مبارك في لجم الإرهابيين كارهي المسيحيين لسنين طويلة، فوجد هؤلاء في اتباع المسيح فريسة سهلة.

من هنا استحق مبارك مصير عزله لهذا الفشل على الأقل. كما جلس الرئيس المصري مكتوف الأيدي ثلاثة عقود أمام المطالبة بتغيير القوانين والإجراءات الحكومية الموجهة ضد المسيحيين. فهناك تقييدات بناء الكنائس وهناك التمييز ضد المواطنين المسيحيين في التعيينات والوظائف وهناك التهميش المنهجي وغيرها.

تقوم الاحتجاجات الجماهيرية اليوم ضد الرئيس المصري لأسباب أخرى هي الفقر المستشري والفساد ويطالبونه بالاستقالة وإفساح المجال لقيادات اخرى . الرئيس يحاول إسكات المناهضين المحتجين عن طريق بعض التعيينات الجديدة وكلام منمق عن الحريات والديمقراطية. المحتجّون يصرّون على أن يخلي الساحة. طبيعة كل هبة شعبية كهذه ان يسودها فوضى وأن يتبعها للأسف نهب للممتلكات العامة وحتى الخاصة.

في حال نجح مبارك في التشبث برئاسته فانه لربما سيضطر القيام بتغييرات وإصلاحات دستورية تخفف القمع . أما في حال تنحيّه عن الحكم فأننا نصلّي ان لا يخلفه رؤساء من ذات الصنف . سيناريو أسوأ هو استلام الحركات الدينية الإسلامية للحكم فيزيدون الطين بلّة ضد المسيحيين وضد مصر ككل فيقودونها إلى الوراء .

كمسيحيين علّمنا سيدنا بضرورة محبة الخير للناس أجمعين وكأتباع المسيح من العرب فإننا نطلب الخير لأرض الكنانة وشعبها ونصلّي أن لا يكون هناك سكب دماء إضافي. كما نضرع للعلي أن تسود حريات دينية في مصر بدل القمع والتعصب وهما من سمات التخلف أصلاً.

كعرب علينا واجب مضاعف أن نصلي ان يفتح الرب ابواب العالم العربي بأكمله وليس مصر فقط للحريات الدينية فتتحول بلاد الشرق من تخلف وتعصب الى حرية وانفتاح ونجاح ورفاهية.

تواجد العرب في اورشليم يوم الخمسين في احتفال تأسيس كنيسة الرب يسوع وهم يستحقون اليوم أن تمتلئ بلادهم في الشرق برمته، وأولها في مصر،بالكرامة، العدل ،لقمة العيش الكريم والحرية السياسية والدينية.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. شاول 30 يناير 2011 - 08:43 بتوقيت القدس
احسنت يا أخ بطرس... احسنت يا أخ بطرس...
شكرا يا اخ بطرس. فعلا إن توانت فانتظرها لأنها(لابد) ستأتي اتياناً ولا تتأخر ، لقد ظُلمنا كثير وانا شخصياً اختبرت هذا الظُلم بأم عيني حين كنت اعيش في مصر. ولكن أخيراً تدخل الرب وسمع للصلوات وللأنين الذي كنا فيه. بحق فوق العالي والأعلى فوقهمايلاحظ.نصلي أن تكون كل هذه الأشياء تعمل معاً للخير لأولاد الرب في مصر. واشكرك على هذا المقال.
2. Yara.B 30 يناير 2011 - 12:19 بتوقيت القدس
God Bless you God Bless you
3. مؤمن بيسوع 30 يناير 2011 - 16:28 بتوقيت القدس
السياسة لاهل السياسة السياسة لاهل السياسة
بما اننا سفراء عن المسيح وموطننا هو السماء فقانونيا لا يحق لنا ان نتدخل بالسياسة الارضية,صحيح يا اخ بطرس (ارجو من مسؤولوا الموقع احترام الرأي الاخر ونشره ما دام رأي)
4. بطرس منصور 30 يناير 2011 - 18:38 بتوقيت القدس
الى مؤمن بيسوع من الناصرة الى مؤمن بيسوع من الناصرة
اخي العزيز اشكرك على تعقيبك وابداء رأيك الصريح. رأيي الشخصي هو انه لا يوجد شئ اسمه عدم التدخل بالسياسة فكل أمر نفعله مرتبط بالسياسة. عدم التدخل بالسياسة هو ابداء راي بالساسة والموافقة على الوضع القائم وارئاسة الحالية وسياساتها. علمنا الرب ان نهتم لالم الاخرين واحزانهم وخاصة اهل الايمان. ان كان مبارك بطش وقمع شعبه ومنع الانجيل فواجبي (وليس حقي فحسب)ان ارفع صوت نبوي يدين الخطية . الم يفعل اشعياء وايليا ذلك؟ماذا مع عاموس وارميا؟ اننا نحاول ان نكون صوت للحق في وجه الظلم حتى تكون صلاتنا "ليأتي ملكوتك ولتكن مشيئتك" ليست من باب التمني بل متوافقة مع اقوالنا وافعالنا دون عنف طبعاً. والرب يباركك. بطرس
5. عنان نجار 30 يناير 2011 - 22:01 بتوقيت القدس
في الصميم في الصميم
الحق يقال لا نقف منزهلين امام الوضع في مصر كان متوقع ان التشرد والفقر يوئدي اكثر من ذلك وخاصتا التعدي على اتباع المسيح واضهاد الكنيسة .
6. باسم أدرنلي 30 يناير 2011 - 22:11 بتوقيت القدس
يا رب، حقق خلاصك لمصر يا رب، حقق خلاصك لمصر
الكثير من المؤمنين والباحثين حول العالم يستشهدون بهاتان الآيتان، ليشيرو أن الله في الأزمنة الأخيرة سيهز العراق، سوريا، فلسطين وإسرائيل ومصر حتى يرجعوا للمسيح ويصبحوا تابعين له. " 24 فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ إِسْرَائِيلُ ثُلْثاً لِمِصْرَ وَلأَشُّورَ بَرَكَةً فِي الأَرْضِ 25 بِهَا يُبَارِكُ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلاً: مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ وَعَمَلُ يَدَيَّ أَشُّورُ وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلُ." البعض الآخر يعتقد أن هذه النبوءة ستتحقق عندما يأتي المسيح لأن معظم المفسرين لم يجدوا أي تحقيق لهذه النبوة في الماضي. لكن إذا صدق تحليل كلا المجموعتين، وإذا نظرنا للسياق الذي أُخذت منه هاتان الآيتان، سنجد أنه سيسبق هذا الحدث ضربات صعبة لمصر، ومن ثم خلاص ونهضة هائلة حيث تقول الفقرة التي قبلها: " 18 فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ فِي أَرْضِ مِصْرَ خَمْسُ مُدُنٍ تَتَكَلَّمُ بِلُغَةِ كَنْعَانَ وَتَحْلِفُ لِرَبِّ الْجُنُودِ يُقَالُ لإِحْدَاهَا «مَدِينَةُ الشَّمْسِ». 19 فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِي وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ وَعَمُودٌ لِلرَّبِّ عِنْدَ تُخُمِهَا. 20 فَيَكُونُ عَلاَمَةً وَشَهَادَةً لِرَبِّ الْجُنُودِ فِي أَرْضِ مِصْرَ. لأَنَّهُمْ يَصْرُخُونَ إِلَى الرَّبِّ بِسَبَبِ الْمُضَايِقِينَ فَيُرْسِلُ لَهُمْ مُخَلِّصاً وَمُحَامِياً وَيُنْقِذُهُمْ. 21 فَيُعْرَفُ الرَّبُّ فِي مِصْرَ وَيَعْرِفُ الْمِصْريُّونَ الرَّبَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَيُقَدِّمُونَ ذَبِيحَةً وَتَقْدِمَةً وَيَنْذُرُونَ لِلرَّبِّ نَذْراً وَيُوفُونَ بِهِ. 22 وَيَضْرِبُ الرَّبُّ مِصْرَ ضَارِباً فَشَافِياً فَيَرْجِعُونَ إِلَى الرَّبِّ فَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ وَيَشْفِيهِمْ." لذلك يجب أن نصلي لكي ما يفتدي الرب ما يحدث الآن لخلاص مصر في وسط هذه الظروف الصعبة. لأنه إذا عمت الفوضى وفقدان السيطرة على دولة بحجم دولة مصر، سيكون من الصعب إعادة الأمان والنظام قبل مرور عشرات السنين. ليرحمنا الله، ويرحم شعبه مصر.
7. سهى 31 يناير 2011 - 08:35 بتوقيت القدس
جوابي لمؤمن بيسوع جوابي لمؤمن بيسوع
هذا لا يعني تدخل في السياسة هذا رجاء الى الله ان تكون حرية صلاة وعبادة كما لنا ايضا لاخوتنا في المسيح في الدول العربية فكل مرة اسمع بها تعدي على المسيحية في دولة عربية اشكر الله انه اعطانا هذه الحرية ان نجتمع ونعلن عن مؤتمرات وامسيات نهضة بدون اي تردد وخوف انت تحاول ان تقول لنا حتى صلاتكم لاخوتنا غير مسموحة
8. وائل 31 يناير 2011 - 09:57 بتوقيت القدس
الرب يباركك الرب يباركك
الرب يباركك يا أخ بطرس على هذا الموضوع.