يقال أن صورة واحدة تساوي ألف كلمة، وبالطبع فأن الصور لها قدرة هائلة على بث الرهبة والإعجاب أو الخوف والاشمئزاز. وقد كانت هناك قيود وضوابط وقوانين على مر العصور حول ما هو مسموح تصويره وعرضه وكيف يتم ذلك، وبحدود معينه، ولكن ليس هنا في إسرائيل لأننا أصبحنا نعيش في دوله ذات فراغ حضاري واجتماعي، والآن لا بد أن اعثر أخيرا على الكلمات التي سأكتب بها فمن حقي أن اختار اليوم وفي هذه المقالة كيف سأكتب ورعشه قلمي ستكتب وها هي الكلمات التي حرمت منها، عارية كما أردتها، لان القضية موجعه جدًا وجرحها عميق للغاية، تدق وتغرس كالسهام في أعماق الجسد والروح، مؤكدا إنني اتخذت عهدا على نفسي ولسوف ألمع عامداً في هذه الضروب الأخلاقية التي تشن من قبل سفهاء وعلوج على ديننا المسيحي أو أي ديانة سماوية أخرى.
أمرآة عارية معلقة على الصليب، وحولها مجموعة من النساء العاريات، فكرة إسرائيلية جديدة ووقحة وخالية من أي معنى أنساني وعقائدي وفني والضحية لوحة العشاء الأخير أي العشاء السري، صورة جديدة لمشاهد فارغة المضمون تصف وتشبه سيدنا يسوع المسيح وتلاميذه بمجموعة من العاريات والراقصات والساقطات، بطلها معرض فني وسخ، سيفتتح في بداية شهر ديسمبر في مدينة يافا-تل أبيب تحت عنوان "فانيلا جنس"، ليكمل لنا هذا المعرض مسلسل الاعتداءات التي بدأتها وسائل الإعلام العبرية، منذ سنة تقريبا ابتدءًا من برنامج ليؤور شلاين التابع للقناة العاشرة والذي أهان سيدتنا مريم العذراء و برنامج "المقعد الخلفي" على القناة الإسرائيلية الثانية والذي سخر بشكل واضح من شخصية الكاهن ودورة الكنسي في سر الاعتراف، واليوم نحن شاهدون على أهانه جديدة العهد ولكنها مختلفة بخطورتها، مضمونا وفكرا، حيث نشرت صحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية وقبل ايام وتحديدا في تاريخ 25.11.2010 وتزامناً مع اقتراب عيد الميلاد المجيد وولادة المخلص يسوع المسيح. هذا الخبر الموجع والمهين والمذل الذي يعصر القلب ويحرق العيون، حيث نشرت الصحيفة عن المحتوى السافر والخطر لهذا المعرض والصور الوضيعة المتواجدة فيه، حيث يحتوي في طياته على صور وعروض جنسية لنساء عاريات بمختلف الإشكال والأنواع، ومنها بعض الصور المهينة لأهم رموز العقيدة المسيحية، مستذكرا أن العشاء الأخير وحسب عقيدتنا المسيحية هو العشاء الأخير للمسيح مع تلاميذه في الفصح اليهودي، وخلال هذا العشاء وفيما هم يأكلون اخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي. واخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً اشربوا منها كلكم. لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا.
الفن الذي يعتبر في الأصل وسيلة من وسائل الارتقاء بالفرد والمجتمع قد يتحول إلى أداة لإفساد الفرد والمجتمع والفساد في هذه الحالة يكون عاماً وشاملاً ويصعب التصدي له أو الحد من آثاره السلبية، إذ أن الفن بكل ميادينه يعد المقياس الأصح الذي يمكن من خلاله معرفة مقدار ما عليه ذلك المجتمع من الحرية والوعي والعين الثاقبة لحضارة وثقافة من تنم عنهم تلك القدرات الربانية، ولكن عندما يتحول الفن إلى أداه وسخه وتافهة مشابه بقذارتها لمثل هذا المعرض، فعندها يفقد الفن الهوية والرسالة والهدف ويصبح غاية في حد ذاته وحينها يتحول هذا الفن من وسيلة لإبراز وإعلاء القيم الجمالية في الكون مثل السلام والمحبة إلى منبع للإساءات والى التطاول على الرسل واحتقار الأديان وعندها يستبعد المعنى الحقيقي للفن ويصبح تجريحاً بكل معنى الكلمة.
أن هذه المستويات الوقحة قد وصلت لذروتها ولم تعد تحتمل أبدا ويجب العمل الآن ومنذ هذه اللحظة لوقف هذه الوقاحات والحطوط النفسية لدى هؤلاء المرضى من البشر لكي يعرفوا جيدا أن المعتقدات الدينية لكل الديانات السماوية ليست طرفة وأداة استهزاء لديهم ولغيرهم وأنهم شخصيات بعيدة كل البعد عن الفن الأصيل والشريف، فأنهم شخصيات لا تثير الكثير من السحر بطريقه سردها للأحداث، فأن القائمين على المعرض، شخصيات تبحث عن الشهرة لمعرضها وعلى حساب المعتقدات الدينية وجمهور المؤمنين، فنحن اليوم وبأكثر من أي وقت مضى نحتاج للوحدة المسيحية في الأرض المقدسة، نعم أن نتوحد ونكون يد واحدة من أجل حماية رموزنا ومقدساتنا المسيحية ومن اجل إثبات الذات، ومن هنا وعبر كلماتي هذه أطالب كل الوسائل الإعلامية العربية والعالمية، وحضرة القاصد الرسولي للفاتيكان الأب أنطونيو فرانكو وسيادة المطران الياس شقور وسيادة المطران بولس ماركتسو وحضرة البطريرك فؤاد الطوال وكل الشخصيات المسيحية والإسلامية والدرزية الدينية منها والاجتماعية والسياسية بالعمل الجاد على عدم افتتاح هذا المعرض وعدم عرض أي صورة ممكن أن تمس بأي ديانة سماوية، ومن هنا أطالب القائمين على هذا المعرض بتقديم اعتذار رسمي وفوري من أجل رد الاعتبار لجمهور المؤمنين وللكنائس المسيحية،ومطالباً والبدء بتحضير برنامج احتجاجي، داعياً كل إنسان أن يقف وقفة الشرفاء أمام أناس لم تتذوق طعم الكرامة يوماً.
وأخيرا......
قيل:تحب قريبك وتُبغض عدوك. وأما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مُبغضيكم،وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم (مت 5: 43 ، 44) ويا لها من كلمات ذهبية، ويا له من مستوى راقٍ ما طمح إليه البشر يومًا. إنها الروح المسيحية الحقه كما عبَّر عنه له كل المجد، ونحن نلاحظ النغمة التصاعدية: فالعداوة في القلب تُقابل بالمحبة والتعبير عنها بالفم، أي باللعنة، يواجَه بالبركة.. ثم إن هي خرجت إلى حيّز العمل بُغضًا وإساءةً وطردًا، إذ بها تُقابَل بالإحسان بل والصلاة من أجل المُسيئين.