لقد عانى المسيحيون في فلسطين كثيرًا بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية والتي ليست دائمًا في صالحهم. مع ارتفاع صوت الاعلام الغربي والعربي حول ذبح المسيحيين وتهجيرهم في العراق ومصر وسوريا، اخذ الموقف الفلسطيني في غزة منعطفًا جديدًا لم نراه سابقًا. بعد اضطهاد الحركات الاسلامية المتطرفة للمسيحيين وقتل البعض من ابنائهم، قرأنا قبل ثلاث شهور عن انتشار خبر في الصحافة الفلسطينية بالخط العريض: "رئيس الوزراء اسماعيل هنية يشارك في عرس مسيحي في غزة! ". اسرائيل التي هجرت الاف المسيحيين عند قيامها واضطهدت المتبقين منهم اقتصاديًا، تحاول ان تضمهم الآن تحت أجنحتها ضاربة قوميتهم في عرض الحائط. اهتمامها في الظهور كحامية للمسيحيين تعثر مع ظهور تنظيم "تدفيع الثمن" التخريبي.
عدد المسيحيين في فلسطين، في الضفة الغربية وقطاع غزة معا لا يتجاوز 1%. بينما تصل نسبتهم في اسرائيل الى 2.2% فقط، 80% من المسيحيين في اسرائيل هم من العرب.
على الرغم من أن نسبة المسيحيين في فلسطين واسرائيل قليلة جدًا، الا ان صوتهم مرتفع ويصل بعيدا.
الملفت للنظر ان صوت المسيحيين عال جدا عندما يجري الحديث عن الاضطهاد أو الاعمال التخريبية ضدهم او عند طلبهم لحقوقهم الاجتماعية. وهكذا اصبح اهتمام الكنيسة مقتصرًا على الحفاظ على ابنائها والمطالبة بتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.
كلية بيت لحم للكتاب المقدس، تقوم برعاية مؤتمر كل سنتين بعنوان "المسيح أمام الحاجز"، تدعو اليه العديد من الشخصيات المسيحية من حول العالم للحديث عن الصراع الاسرائيلي فلسطيني. ترفض الفكر المسيحي الصهيوني وتحاول ان تكسب الاصوات المؤيدة للقضية الفلسطينية من وجهة نظر مسيحية. صوتهم وصل اقاصي الأرض مطالبين بحقوقهم الشرعية! لماذا لا نرى المؤسسات المسيحية عامةً تقوم بالمجهود ذاته لهدف الكرازة؟
منتدى تجنيد المسيحيين يشجع الشباب المسيحي للانخراط بالجيش والمجتمع الاسرائيلي من أجل تعزيز مكانة المسيحيين اقتصاديا وامنيًا في اسرائيل. ورجال الدين العرب المسيحيين يقفون لهم بالمرصاد، يرفضون موضوع التجنيد ويشددون على ضرورة الحفاظ على القومية العربية.
لقد انشغل المسيحيون في كيفية الحفاظ على وجودهم في الارض المقدسة وسط الصراعات الاقليمية والمحلية ونسوا المأمورية العظمى في أن يكونوا شهودا للمسيح وتجاهلوا وصيته قبل صعوده الى السماء بوقت قصير: " دُفع اليّ كل سلطان في السماء وعلى الارض. فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والإبن والروح القدس. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى إنقضاء الدهر " (متى 28: 18 – 20).
لا ننسى أن بعض الهيئات المسيحية تعمل على توصيل البشارة الى المجتمعات العربية غير المسيحية ولكن في خطوات بطيئة ومحدودة. غالبية الكنائس الانجيلية توجه مجهوداتها الكرازية نحو المسيحيين، يركزون في نشر الكلمة على 1%-2% من نسبة السكان المحليين فقط، متجاهلين الغالبية العظمى من الديانات الاخرى خوفا من الاضطهاد أو بحجة عدم ايذاء مشاعرهم فيتركونهم تحت قبضة ابليس ليسرح ويمرح بهم على هواه.
لقد حافظ آباؤنا واجدادنا على التراث المسيحي، ولكن حفاظهم هذا لم يمنع من نقصان نسبة المسيحيين المستمر. لقد جاء الوقت لنفكر بطريقة أخرى مختلفة عنهم!
لقد اختار المسيح ان يأتي الى هذا العالم عندما كانت بلادنا تحت سيطرة المستعمرين الرومان. لم يطالب باستقلال اليهود وحريتهم! لقد جاء لهدف واحد وهو تخليص البشر من عدوهم الحقيقي وهو ابليس الكذاب وابو الكذاب.
لهذا علينا كمسيحيين ان نعيد حساباتنا، ان نلقى باهتماماتنا الارضية جانبًا ونعمل في السنوات القليلة المتبقية لنا على هذه الارض على نشر الانجيل، الخبر السار، بين الجميع. عندما يتخلص الناس من عدوهم الرئيسي وهو ابليس، عندها سيحل السلام الذي يتحدثون عنه... سيتحقق فقط عن طريق رئيس السلام الرب يسوع المسيح.