رئيس الايمان يسوع‬

عندما صار ابن الله إنسانا شاركنا حياتنا الروحية كما انه شاركنا حياتنا الطبيعية. وهكذا فإن حياته كانت حياة إيمان. هذا سر لا يمكن فهمه تماما ولكننا نقر به لأننا نجده معلنا في كلمة الله.
13 ابريل 2019 - 12:55 بتوقيت القدس

هناك مذاهب كثيرة في عالمنا تأسست على فكر معين، نظرية ما، او حتى بِدَع معينة ساهم بها البشر.

عادةً ما يكون شخص ما وراء ذلك، او احيانًا مجموعة أشخاص، ان كان في المجال العلمي كنظرية داروين التي تناقض مبدأ الخلق في الكتاب المقدس، واكتشافات واختراعات كثيرة من ابداع علماء ( الذين آمن البعض منهم بالرب يسوع المسيح )، كذلك نرى اشخاص كانوا فعالين جدًا في مجال السياسة، علم الاجتماع، الرياضة والفنون وامور كثيرة اخرى.

عندما نتحدث عن ايماننا المسيحي، فهو لا يعتمد فقط على كتاب، على فكر معين او حتى مبدأ حياة، انه ليس ناموس المسموحات والممنوعات، وهو ليس فقط مبدأ ارضي بل له بُعد سماوي وابدي لانه يرتكز على الأيمان بشخص الرب يسوع المسيح له كل المجد، الاله السرمدي، الذي ليس له بداية ايام ولا نهاية.

فنحن عندنا هذا اليقين بالايمان بشخصه المبارك، وحسب وعوده الغنية في الكتاب المقدس، ان كان في امور حياتنا اليومية وبما يتعلق بالابدية.

هذا ما نقرأه في رسالة العبرانيين الاصحاح الحادي عشر، عندما حَثَّ الرسول بان نُحاضِر بالصبر في الجهاد الموضوع امامنا، ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع.

نعم هو رئيس الايمان ومكمله، هو الذي ابتدأ عمل صالح في حياة كل مؤمن باسمه المبارك، وهو وعد ان يتمم عمله بحياتنا حتى يوم رجوعه واختطاف الكنيسة.

هو رئيس الايمان لان الايمان بالخبر، والخبر بكلمة الله، ونحن نعلم ان يسوع هو كلمة الله المتجسد، الذي يُعلِن ذاته لكل واحد منا بروحه القدوس، وهذا عمل يومي في حياتنا، لذلك نقول دائمًا ان الايمان المسيحي هو ليس فقط تعاليم ونظريات جافة، بلا قوة ولا حياة، بل هي تعاليم فعّالة فينا لان رب المجد يسوع  يزرع كلامه المبارك في قلوبنا، لكي نُثمر لمجد اسمه القدوس، ثمر البِر، السلام والاعمال الحسنة.

الكنيسة تتفرس بجمال الرب كل يوم، ناظرة الى رئيس الايمان ومكمله يسوع، وبهذه النعمة المعطى لنا يحثنا الرسول في نفس الرسالة الى العبرانيين، بان نطرح كل ثِقل والخطية المحيطة بنا بسهولة، لان كل ثقل في حياتنا ليس من عند الرب، من الممكن ان يُضعِف ايماننا، ان كانت اثقال نضعها احدنا على الآخر في مجال الخدمة في الكنيسة، او اثقال يضعها الاهل على اولادهم، في مجال الدراسة او العمل وامور اخرى.

دعونا نسمع صوت الحبيب الذي قال ان نيري هين وحملي خفيف، وحتى وان كانت ظروف صعبة او تحديات كثيرة في حياتنا، فهو من دعانا قائلًا: "تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم".

ليتنا جميعًا نطيع صوت الرب، بان نطرح عن اكتافنا كل ثقل وكل حمل ليس من عنده، ان كان خدمة روحية ليست من عند الرب، ان كان الافراط في ساعات العمل للكسب الكثير، في مجال العلم والدراسة او حتى في امور حياتنا اليومية كمشاهدة التلفاز، قضاء ساعات كثيرة امام الهواتف النقالة، وفعاليات اخرى كثيرة لا تمجد اسم الرب ولا تقربنا من حضرته والشركة معه.

كذلك علينا بنعمة الرب ومعونته، ان نطرح كل خطية محيطة بنا وبسهولة، ناظرين الى رئيس الايمان يسوع، وما اكثر الخطية من حولنا وللاسف الشديد، بطريقة الكلام بين الناس والحديث الذي لا يمجد الرب، طريقة اللباس والاباحية في ذلك، كذلك السرقة والخُبث والشر والقتل والزنى والخصام والنزاع بين العائلات...

قال الرب يسوع انه في العالم سوف يكون لكم ضيق، ولكن ثقوا لاني قد غلبت العالم.

يسوع غلب العالم كانسان، بخضوعه التام لمشيئة الآب القدوس، غلب الشر بفعل الخير، الشتيمة واللعن بالبركة، السلب بالعطاء وحتى لقاتليه وهبة الحياة أِن كانوا قد آمنوا به وقَبِلوا غفرانه.

يسوع الذي من اجل السرور الموضوع امامه، احتمل الصليب مستهينًا بالخزي، من اجلي انا وانت احتمل العار والرفض والاهانة لكي يكرمنا جميعًا، بل واطاعة حتى الموت موت الصليب، لكي يُحضرنا شعب مكرس ومخصص للآب القدوس.

هو الرب الاله الذي احتمل الصليب مستهينًا بالخزي، فكم بالحري علينا نحن ان نتفكر في الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلَّا نَكِل ونخور في نفوسنا!

وكما قال الرسول: " لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية! ".

بنفس روح النبوة كتب اشعياء في الاصحاح 10:53، بان الرب سُرَّ بان يسحقه ( اي يسوع المسيح ) بالحزن، ان جعل نفسه ذبيحة أثم يرى نسلًا تطول ايامه، ومسرَّة الرب بيده تنجح.

الله ابتدأ عملًا صالحًا في حياة كل منا، وسوف يكمل الى يوم يسوع المسيح (فيلبي 6:1).

عملًا صالحًا بحياة كل من آمن به ووثقة بمحبته وقدرته، لان الآب نفسه الذي ارسل يسوع يشهد له، ونحن بنعمة الهنا وبمعونته لسنا كالذين لم يسمعوا صوته قط، ولا ابصروا هيئته، وليست كلمته ثابتة فيهم، لانهم لم يؤمنوا بالذي ارسله الله لهم اي يسوع، لذلك قال لهم:

" فتشوا الكتب لانكم تظنون ان لكم فيها حياة ابدية، وهي التي تشهد لي، ولا تريدون ان تأتوا الي لتكون لكم حياة ". (يوحنا 39:5).

لانه ليس فقط الكتاب بحد ذاته، ولا حتى حفظ الكتب المقدسة، بل قبل كل شيء ان نأتي اليه بقلوب تائبة وخاشعة، لكي ننال حياة وحياة افضل.

هو يسوع المسيح، الذي كان من البدء، الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا، الذي شاهدناه ولمسته ايدينا من جهة كلمة الحياة. فان الحياة أُظهِرت، وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الابدية التي كانت عند الآب وأُظهرت لنا. الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به، لكي يكون لكم ايضًا شركة معنا. واما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح. ونكتب اليكم هذا لكي يكون فرحكم كاملًا. (يوحنا الاولى 1:1-4).

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا