إشارات إنجيل يوحنّا ج12 عَلَّمَتنا الشَّريعة أنّ المسيح يَبقى إلى الأبد

لقد ارتفع بالصليب فصار منظرًا للعالم معلّقًا بين السماء والأرض، كمن هو مستحق لهذه أو تلك. بالصلب جذب العالم إليه وآمن كثيرون به وثبتوا في محبته.
24 فبراير 2018 - 17:30 بتوقيت القدس

نقرأ في الأصحاح الثاني عشر من إنجيل يوحنّا 3مريم أخت لعازر- الذي أقامه المسيح من الموت- تدهن بطِيب غالي الثمن قدَمَي يسوع وتمسحهما بشعرها 10تشاور رؤساء كهنة اليهود لقتل لعازر فلسببه آمن كثير من اليهود بالمسيح 12دخول يسوع أُورُشَلِيمَ مَلِكا 24إنْ ماتت حبّة الحنطة تأتِ بثمر كثير 28صوت الآب لتمجيد ابنه 31طرح رئيس هذا العالم خارجا 37عمى أولئك اليهود 44الذي يؤمن بالمسيح يؤمن بالذي أرسله والذي يرى المسيح يرى الذي أرسله 47جاء المسيح لكي يخلّص العالم لا ليدين العالم إلّا في اليوم الأخير.

بالمناسبة؛ هذا ما سيحصل في اليوم الأخير، أي في المجيء الثاني المنتظر للمسيح: {فكَمَا يُجمَعُ الزَّوَانُ ويُحرَقُ بالنَّار، هكذا يَكُونُ في انقِضَاء هذا العَالَم: يُرسِلُ ابنُ الإنسان- يسوع المسيح- ملائكته فيجمعون مِن ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم، ويطرحونهم في أتون النار. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان. حينئذ يضيء الأبرار كالشَّمس في ملكوت أبيهم. مَن له أذنان للسَّمع فليسمع}+ متّى 13: 40-43

وفي هذا الأصحاح أربع إشارات إلى العهد القديم؛ إليك الإشارة الأولى:
في الآيات التالية؛ المذكورة أيضًا في كلّ مِن متّى\ الأصحاح الـ21 ومرقس\11 ولوقا\19 {14وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَكْتُوب: 15لا تَخَافِي يَا ابنَةَ صَهيَون. هُوَذا مَلِكُكِ يَأتِي جَالِسًا عَلَى جَحشٍ أَتَان}+ والإشارة إلى سِفر زكريّا 9:9
وتعليقي: لا شكّ لديّ في أنّ يوحنّا قد قرأ ما دوّن الإنجيليّون مِن قبل، فاختصر رواية إيجاد الجحش. أذكر هذا لأنّ أحد "الأذكياء" زعم أنّ هذا الاختصار هو من "تناقضات الإنجيل" وهذا "الذكي" بل المتذاكي لم يعرف حتّى معنى التناقض لغويّا. فلا يوجد في الإنجيل تناقض، ولا واحد، وإلّا لاختلف أهل التفسير المسيحي، أيًّا كانت جنسيّاتهم ولغاتهم، وتفسيرهم هو القياس! ليس القياس على "ذكاء" مَن فسَّر شيئًا في الكتاب المقدَّس على هواه، مقتطعًا آية ما من هنا وأخرى من هناك، في عمل منحطّ أخلاقيّا! هذا لأنّ المسيحي يعرف التفسير الصحيح بإرشاد الروح القدس، أو قرأه في كتب معتمدة مسيحيّا، ورقيًّا والكترونيّا، وفهم التفسير جيّدا وكما يجب! كذا فعل الباحثون عن الحقّ والباحثات. أمّا الانحطاط فيكمن وراء محاولات الافتراء على المسيحية ووراء مرادفاته، منها الكذب والتزوير، ما دلّ على إفلاس المفتري فكريّا وأخلاقيّا. وقد سبق لي التنويه بأنّ أحد جنود إبليس قال يوما "اللهمّ أخرِسْ كلّ من لا يقول الحقّ" فأخرسه الله تسع سنين حتّى موته مُقعَدًا مشلولا! لذا فليعلمْ مَن ينوي الاقتداء بذلك الجندي أنّ محاولات النَّيل من المسيحية قد خَزِيَتْ أمام صخرة الكنيسة لأنّ {أبواب الجحيم لنْ تقوى عليها}+ متّى 16: 18
فلا تُشَرّف أهل الافتراء أيّة محاولة، إنّما انطبق عليها قول الأعشى قيس:

كناطِحٍ صخرةً يومًا ليُوهِنَها – فلمْ يَضِرْها وأوهى قَرنَهُ الوَعِلُ

أمّا تفسير الإشارة الأولى فتجده في مقالة الكاتب:
إشارات إنجيل متّى– ج16 استقبال المسيح مَلِكًا في أورشليم

الإشارة الثانية

في الآيات: {32وأنا متى اَرتَفَعتُ مِنْ هذِهِ الأرض جَذَبتُ إليَّ النّاسَ أجمعين. 33قال هذا مُشِيرًا إلى الميتَةِ الّتي سيَمُوتُها. 34فأجابَهُ الجمع: علَّمَتْنا الشَّريعة أنَّ المَسيحَ يَبقى إلى الأبَد. فكيفَ تَقول: لا بُدَّ لاَبنِ الإنسانِ أنْ يرتَفِع؟ فمَنْ هو اَبنُ الإنسان هذا؟}+ إشارة إلى: {أقسم الرب ولن يندم. أنت كاهنٌ إلى الأبد على رتبة ملكي صادق}+ المزمور الـ110: 4 وإلى: {يبس العشب، ذبل الزهر. وأمّا كلمة إلهنا فتثبت إلى الأبد}+ إشعياء 40: 8 ولُطفًا؛ انظر-ي تفسير حزقيال 37: 25

إليك مقتطفات من تفسير يوحنّا 12: 32-34 بتصرّف:
[يُطرح إبليس خارجًا، إلى الجحيم حيث يفقد مملكته التي أقامها بين البشر على الأرض، بينما يرتفع السيد المسيح عن الأرض. بالصليب ينحدر العدو، وبه يرتفع السيد ليرفع معه مؤمنيه إلى السماء.
لقد ارتفع بالصليب فصار منظرًا للعالم معلّقًا بين السماء والأرض، كمن هو مستحق لهذه أو تلك.
لقد سمعت الجماهير عِظاتِه وشاهدت كثيرًا من عجائبه، لكن قلّة منها التصقت به وثبتت في التلمذة له.
بالصلب جذب العالم إليه وآمن كثيرون به وثبتوا في محبته.
وفي تفسير يوحنّا 12: 34 مسألتان؛ الأولى: توقع الشعب خلاف ما أعلن المسيح، فمع سماعهم الصوت الذي من السماء وكلمات النعمة الخارجة من فمه لم يصدّقوا أنه يرتفع بالصليب، أي يموت، مع أنّ العهد القديم قد تنبأ عن موته! فهو كاهن إلى الأبد (المزمور الـ110: 4) وهو مَلِك أبدي (مز 89: 29) جاء عنه في سفر دانيال 7: 14 {فأُعطِيَ سلطانًا ومجدًا وملكوتًا لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة؛ سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض}+ وفي سفر حزقيال 37: 25 {عبدي داود رئيس عليهم إلى الأبد}+ لذا تذكّروا النّبوّات الخاصة بخلوده، ولم يتذكروا النبوات الخاصة بموته وأنه يسكب نفسه للموت (إشعياء 53: 12) وأنّ يديه ورجليه تُثقَب كما تنبّأ المزمور الـ22: 16
والمسألة الثانية: بقول اليهود {من هو هذا الإنسان؟} لم يسألوه لكي يتعرفوا على شخصه، إنما لظنّهم أنّ المَسِيّا- الكاهن والملك إلى الأبد- لا يجب أن يموت. ففوجئوا بقول المسيح {لا بُدَّ لاَبنِ الإنسانِ أنْ يرتَفِع} وتشككوا في كونه المسيّا] بقلم القمّص تادرس يعقوب ملطي

ـــ ـــ

الإشارة الثالثة

في التالي؛ المذكور أيضًا في رسالة بولس الرسول إلى روما 10: 16 {37ومَعَ أَنَّهُ أَجرَى أَمَامَهُمْ آيَاتٍ كَثِيرَةً جِدّا، لَمْ يُؤْمِنُوا به، 38لِيَتِمَّ قولُ النَّبيِّ إِشَعياء: يَارَبُّ مَنْ آمَنَ بكَلامِنا؟ ولِمَنْ ظَهَرَتْ يَدُ الرَّبّ؟} إشارة واضحة إلى بداية سِفر إشعياء\53
وفي التفسير المسيحي: {لمْ يصدّق اليهود أقوال المسيح على رغم أنه تكلّم بسلطان، ليس كالكتبة، وكلمة "سلطان" تعني قوة إقناع عظيمة، كما قال عنه خدّام كهنتهم: {لم يتكلّم إنسان قطّ هكذا مثل هذا الإنسان}+ يوحنّا 7: 46 أما استعلان ذراع الرب فكانت بالقوّة التي ظهرت في إجراء المعجزات، فلم يؤمنوا، على رغم سلطان كلامه وعظمة أعماله]- بقلم هلال أمين.

ـــ ـــ

الإشارة الرابعة

في التالي؛ المذكور أيضا في كلّ من متّى\13 ومرقس\4 ولوقا\8 وفي أعمال الرسل 28: 26 ورسالة بولس الرسول إلى روما 11: 8 {39وما قَدِروا أنْ يُؤمِنوا به، لأَنَّ إِشَعيَاءَ قال أيضا: 40أَعمَى اللهُ عُيونَهُم وقَسَّى قُلوبَهُم، لِئَلاَّ يُبصِروا بعيونِهِم ويَفهَموا بقلوبِهِم ويَتوبوا فأشفيَهُمْ}+ إشارة واضحة أيضًا إلى إشعياء 6: 9
وتفسير الإشارة في مقالة الكاتب: إشارات إنجيل متّى– ج10‏ المسيح يُعَلِّم بأمثال

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا