إشارات إنجيل يوحنّا ــ ج4 المَسِيح مُخَلِّصُ العالَم

مَنْ كان يظنّ أن الله يتنازل إلى درجة التجسّد وبعد ذلك يتّضع أيضًا؟ إذ جلس على بئر يعقوب ليراقب فرصة مناسبة ليعلن ذاتَه، بملء نِعمتِه، للخطأة المستولي عليهم ظلام دامس...
04 فبراير 2017 - 01:06 بتوقيت القدس

نقرأ في الأصحاح الرابع من إنجيل يوحنّا الإلهي 7-42 شهادة المرأة السامرية ليسوع. 39 إيمان كثير من أهل السامرة بيسوع. 46-53 إبراء ابن خادم الملك في كَفْرِناحُوم- الآية الثانية التي صنع يسوع في الجليل بعد آية صنع الماء خمرًا (يوحنّا 2: 9) والجدير ذكره بالمناسبة وبتصرّف:

[أوّلًا: أنّ يوحنّا قال {فجَاءَ يَسُوعُ أيضًا إلى قانا الجَلِيل حَيثُ صنع الماء خمرًا} لم يقُلْ "حوَّل الماء إلى خمر" فالسيد المسيح أوجد شيئًا من العدم، أي خَلَقَه؛ فعناصر الخمر أزيد ممّا للماء، إذ يحتوي الخمر على عنصر الكربون ما ليس في الماء.
ثانيًا: معنى خادم الملك: ضابط في الجيش برتبة عالية، فهو كرئيس ديوان الملك. وهيرودس أنتيباس كان معروفًا بإسم الملك. قال كثير من العلماء إنّ هذا الضابط هو خُوزِي وَكِيلِ هِيرُودُسَ (لوقا 8: 3) زوج يُوَنّا- المرأة التي اتّبعت المسيح مع النساء اللواتي {كُنّ يخدِمْنَهُ مِن أموالهنّ} وقال آخرون إنه مَنَايِنُ المذكور في سِفر أعمال الرسل 13: 1]- ممّا في تفسير القس أنطونيوس فكري.
وفي هذا الأصحاح ثلاث إشارات إلى العهد القديم:-

الإشارة الأولى
{5 فأتى إلى مدينة من السامرة يقال لها سوخار (1) بقرب الضيعة التي وهبها يعقوب ليوسف ابنه}+ والإشارة إلى التكوين 33: 19 و48: 22 ويشوع 14: 32

وفي التفسير المسيحي- بتصرف: [كانت السامرة مقاطعة من أرض إسرائيل تبعد عن أورشليم نحو ثلاثة أيام إلى الشمال. أمّا أصل سكّانها فكان من الأُمم (انظر-ي الملوك الثاني 17: 24-34) فمعلوم أنهم تهوَّدوا، لكنهم اقتصروا على أسفار موسى الخمسة ولم ينضموا إلى إسرائيل، كدخلاء من الأُمم، بل ادَّعوا بأنهم شعب الله الحقيقي، وبنوا معبدًا لأنفسهم على جبل جرزيم، وزعموا أنهُ الموضع الذي ينبغي أن يُسجَد فيه، ما سبَّب بُغضًا بينهم وبين اليهود شديدًا ومُزمنا. توجد بقية صغيرة منهم إلى هذا اليوم.
كانت سوخار بقرب الضيعة التي وهبها يعقوب ليوسف ابنه. فيظهر أن يعقوب ابتاعها أوّلًا وحفر فيها بئرًا وهي موجودة الآن. ثم تعدَّى عليها الأموريّون، فالتزم أن يستردَّها منهم بسيفهِ فوهبها ليوسف قبل موته، إذ أراد أن يُميّزهُ عن سائر اخوته.
كان يوسف رمزًا إلى المسيح باعتبار ارتفاعه، ولكن لما حضر المسيح بالاتّضاع وجد أُناسًا أجانب مستملكين نصيبًا جيدًا في وسط أرض إسرائيل، ولكنه لم يأتِهم بقوس وسيف بل ببشارة النعمة التي يحتاج إليها الجميع، فحصل لها قبول عند أولئك الأجانب أكثر من يهود أُورشليم واليهودية الذين من كبريائهم هاجوا ضد مسيحهم وإلههم حالما بلغهم الخبر بحضورهِ في وسطهم. فإذًا انحطاط إسرائيل برفضهم إياه، ووجود الأجانب في أرضهم، من الفرص التي استثمرها المسيح لكي يعلن الله بملء نعمتهِ للذين كانوا على بُعد منه. فإذ تعب يسوع من السفر جلس هكذا على البئر. مَنْ كان يظنّ أن الله يتنازل إلى درجة التجسّد وبعد ذلك يتّضع أيضًا؟ إذ جلس على بئر يعقوب ليراقب فرصة مناسبة ليعلن ذاتَه، بملء نِعمتِه، للخطأة المستولي عليهم ظلام دامس. فبدل أن نتصيّد فرصةً لإهانته، لسبب الصورة التي اتّخذها، يجب أن نقترب إليه بالاحترام لكي نتعلّم مَنْ هو الله]- بقلم بنيامين بنكرتن.

ـــ ـــ

الإشارتان الثانية والثالثة 
{19 قالَتْ لَهُ المَرأة: يَا سَيِّدُ، أَرَى أنَّكَ نبيّ! 20 آباؤنا سجدوا في هذا الجبل، وأنتم تقولون إنّ في أورشليم الموضع الذي ينبغي أن يُسجَد فيه. 21 قال لها يسوع: يا امرأة، صدِّقيني أنه تأتي ساعة، لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون للآب. 22 أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعلَمُونَ، أمَّا نَحنُ فنَسجُدُ لِمَا نَعلَم. لأَنَّ الخَلاصَ هُوَ مِنَ اليَهُود. 23 ولكِنْ تأتي سَاعَة، وهِيَ الآنَ، حِينَ السَّاجِدُونَ الحَقِيقِيُّونَ يَسجُدُونَ لِلآب بالرُّوح والحَقّ، لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثلَ هؤلاء السَّاجِدِينَ لَه. 24 اَللهُ رُوح. والَّذِينَ يَسجُدُونَ لَهُ فبالرُّوح والْحَقِّ ينبَغِي أنْ يَسجُدُوا}+ وفي الآية الـ20 إشارة إلى سِفر التثنية 12: 5

وفي التفسير المسيحي- بتصرّف:
[ربّما سألت هذا السؤال لتغطي على خطيّتها، لكن فيه نقطة إيجابية، هي أن عبادة الله كانت نقطة تشغلها. لقد حاولت التهرب من ماضيها، لكن المهم في النهاية أنها انكشفت لنفسها فاعترفت بخطيتها. والأكثر واقعية أنها اكتشفت أن الذي أمامها قادر كنبيّ أن يقودها في الطريق الصحيح. ولكن إلى أين سيأخذها؛ هل إلى أورشليم حيث يقول اليهود أم إلى جرزيم حيث يقول السامريّون؟ لقد انقلبت المرأة إلى مصلّية صادقة، إذ سألت الذي آمنت به أنه نبيّ عن مكان الصلاة المناسب. لكن ليس من شأن المسيح الدخول في شكليات التدين والمظهريّات، لذا دخل إلى العمق، إلى السجود لله بالروح والحق، لإنّ شكليّات العبادة وتركها روحيًّا من الأمور التي تبعدنا عن الله. فنحن لو قدَّمنا لله عبادة حقيقية سنعرف أين الحق ولن نعود لنسأل عنه. يجب أن يكون هدف عبادتنا أن نعرف المسيح]- بقلم القس أنطونيوس فكري.

وفي تفسير مسيحي آخر- بتصرّف: [أرادت المرأة أن تتخلّص من تأثير السهم الذي أرسل إلى ضميرها فالتجأت إلى الكلام عن السجود، لكن الرب أراد أن يخرجها من هذا الملجأ ليعرِّفها حقيقة نفسها بأنها خاطئة وأنه المخلّص العظيم بالنعمة، لا يخلِّصها من الخطية فحسب بل من عقوبتها أيضا. فلا فائدة تُرجى من سجود على هذا الجبل أو في أورشليم، إنّما وجب عليها أن تسأل: ماذا أفعل يا سيدي بخطاياي، كيف أخلص؟ إذ لم تجد خلاصًا في جرزيم ولا سلامًا في أورشليم. فالحاجة الحقيقية هي إلى المخلِّص]- بقلم هلال أمين.

أمّا في الآية الـ22 ممّا تقدّم فإشارة إلى {فكان هؤلاء الأمم يتّقون الرب، ويعبدون تماثيلهم، وأيضًا بنوهم وبنو بنيهم. فكما عمل آباؤهم هكذا هم عاملون إلى هذا اليوم}+ الملوك الثاني 17: 41

وفي التفسير المسيحي تحت عنوان: امرأة في السامرة ترجع إلى الرب- بتصرّف:
[بقول الرب: {أنتم تسجدون لما لستم تعلمون} رفض العبادة على الطريقة السامرية. وفي هذا التصريح نقض واضح لآراء اللاهوتيّين العصريّين الذين ادّعوا صحّة جميع الديانات، وقدرتها جميعًا على منح الناس نصيبًا في السماء في نهاية المطاف. فالرب يسوع نقل إلى هذه المرأة رفض الله عبادة السامريّين، لأنّها ليست من وحي كلمة الله، بل هي من اختراع البشر، ما لم ينطبق على عبادة اليهود! فقد أفرز الله الشعب العبراني في القديم ليكون شعبه الأرضيّ، فمدّهم بالتعليمات الكافية والوافية لتوجيههم في سبيل عبادته.
ولقد عَلَّم الرب بقوله {لأنّ الخلاص هو من اليهود} أن الله قد عيّن اليهود لحمل رسالته، كما أن الأسفار المقدسة قد أُعطِيَت لهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن المخلِّص- المسيح- جاء من الأمّة اليهودية، بما أنّه وُلِد مِن أمّ يهودية]- بقلم وليم ماكدونالد.

* * *

1 سوخار: ورد ذكرها مرّة واحدة في الكتاب المقدَّس (يوحنا 4: 5) رُجِّح أنّها قرية "عسكر" على بعد نصف ميل شماليّ بئر يعقوب: [سوخار= تحت جبل اللعنات (جبل عيبال) وهو في مقابل جبل جرزيم. وبين سَفحَي الجبلين مدينة شكيم (نابلس حاليّا) وسوخار (خربة عسكر حاليّا) هي بجانب شكيم]- ممّا في تفسير القس أنطونيوس فكري.

2 بئر يعقوب: بئر في قطعة الأرض التي اشتراها يعقوب بن إسحاق ونصب فيها خيمته (تكوين 33: 19 ويشوع 24: 32) وهي في فم الوادي قرب شكيم، على بعد ميل ونصف إلى الجنوب الشرقي من نابلس عند سفح جبل جرزيم (جبل الطور) قرب الدرب الموصل من أورشليم إلى الجليل. وقد بنى البيزنطيّون كنيسة فوق البئر في القرن الرّابع الميلادي، دُمِّرَتْ وأُعيد بناؤها، يستطيع الزائر النزول خلال ممرّات الكنيسة إلى البئر لانتشال الماء منها بواسطة دلو، عِلمًا أنّ ماء هذه البئر عذب. وهذه بالمناسبة غير بئر حاران التي لاقى يعقوب عندها راحيل أوّل مرّة، تجد-ين قصّة اللقاء في سِفر التكوين- الأصحاح الـ29

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا