الوصيّة الخامسة ج2: معنى ورسالة وكيفيّة إكرام الوالدين

ماذا يعني إكرام الوالدين؟ وكيف يتم إكرامهم؟ يذكّرنا إكرام الوالدين بأن على الأبناء والبنات واجبات تجاه آبائهم وأمهاتهم. وقد أكد الرب يسوع على أهمية إكرام الوالدين بحسب الوصيّة الخامسة في قوله له المجد
05 يونيو 2016 - 00:02 بتوقيت القدس

تكررت كلمة כָּבַד (كباد) في العهد القديم بصيغتها العبرية 115 مرّة كإسم وفعل، وترجمت باستخدام كلمات عديدة في التّرجمة العربيّة للكتاب المقدّس، وأهم تلك الكلمات: يكرم، ويمجد، ويثقل، ويشرِّف، وجلال، وغنى، ومجّد، وكرامة. ومن هذه الأسماء والأفعال ما يستخدم لله مثل المجد والكرامة والجلال، كما يستخدم للنّاس. وهكذا فإن الوصيّة الخامسة من وصايا الله "أكرم أباك وأمك"، تعتبر من أهم الوصايا التي تتناول العلاقة الإجتماعية الحميمة والقريبة بين الأبناء ووالديهم، لأنها تتطلب من الأبناء القيام بواجب جليل نحو الأهل. أي أن إكرام الوالدين تعني معاملتهم باعتبارهم أصحاب شأن رفيع ومركز ثقيل، وذوي أهمية كبيرة.

اكرم اباك وامك

أما في العهد الجديد، فإن الفعل اليوناني τιμάω (تيماو) فقد تكرر 21 مرّة، وترجم بفعل "أكرم" في 19 مرّة، وبفعل "ثمَّنَ" في حالتين. والإسم اليوناني τιμὴ (تيمي) تكرر 41 مرة وترجم باستخدام أربعة كلمات في التّرجمة العربيّة للكتاب المقدّس وهي: كرامة (تكررت 30 مرّة)، وثمن (تكرر 9 مرّات)، وقيمة (تكرّر مرّة واحدة)، ووظيفة (تكرّر مرّة واحدة). 

ومن خلال دراسة الآيات التي وردت فيها كلمة כָּבַד (كباد) في العهد القديم، وكلمتي τιμάω (تيماو) و τιμὴ (تيمي) في العهد الجديد، نستنتج أن فعل التكريم والتمجيد والتوقير له سبعة تطبيقات في الحياة العملية:

1. يشتمل الإكرام على عملية إعطاء نقود وأشياء مادية، أي العناية من النّاحية المالية والمعيشيّة. ومن الأمثلة على ذلك قصة بلعام (راجع سفر العدد 17:22، 37؛ 11:24). والعطاء للأرامل كما جاء في تيموثاوس الأولى 3:5-4 "أَكْرِمِ الأَرَامِلَ اللَّوَاتِي هُنَّ بِالْحَقِيقَةِ أَرَامِلُ. 4وَلكِنْ إِنْ كَانَتْ أَرْمَلَةٌ لَهَا أَوْلاَدٌ أَوْ حَفَدَةٌ، فَلْيَتَعَلَّمُوا أَوَّلاً أَنْ يُوَقِّرُوا أَهْلَ بَيْتِهِمْ وَيُوفُوا وَالِدِيهِمِ الْمُكَافَأَةَ، لأَنَّ هذَا صَالِحٌ وَمَقْبُولٌ أَمَامَ اللهِ". والعطاء للشيوخ كما نقرأ في تيموثاوس الأولى 17:5-18 "أَمَّا الشُّيُوخُ الْمُدَبِّرُونَ حَسَنًا فَلْيُحْسَبُوا أَهْلاً لِكَرَامَةٍ مُضَاعَفَةٍ، وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ يَتْعَبُونَ فِي الْكَلِمَةِ وَالتَّعْلِيمِ، 18لأَنَّ الْكِتَابَ يَقُولُ:لاَ تَكُمَّ ثَوْرًا دَارِسًا، وَالْفَاعِلُ مُسْتَحِقٌ أُجْرَتَهُ". 
2. تقديم عطايا للرب من المال ومن غلّات الأرض، وذلك كما نقرأ في سفر الأمثال 9:3 "أَكْرِمِ الرّب مِنْ مَالِكَ وَمِنْ كُلِّ بَاكُورَاتِ غَلَّتِكَ".
3. أكرمَ الرّب يسوع الآب بإعطائه المجد. نقرأ في يوحنا 49:8 قول الرّب يسوع: "لكِنِّي أُكْرِمُ أَبِي".
4. الإكرام يتم أيضاً بالتطويب وإعطاء أهمية وكرامة لعضو في الجسد، أي لأخ مؤمن في الكنيسة التي هي جسد المسيح. نقرأ في رسالة كورنثوس الأولى 23:12-24 "وَأَعْضَاءُ الْجَسَدِ الَّتِي نَحْسِبُ أَنَّهَا بِلاَ كَرَامَةٍ نُعْطِيهَا كَرَامَةً أَفْضَلَ. وَالأَعْضَاءُ الْقَبِيحَةُ فِينَا لَهَا جَمَالٌ أَفْضَلُ. 24 وَأَمَّا الْجَمِيلَةُ فِينَا فَلَيْسَ لَهَا احْتِيَاجٌ. لكِنَّ اللهَ مَزَجَ الْجَسَدَ، مُعْطِيًا النَّاقِصَ كَرَامَةً أَفْضَلَ".
5. إعطاء الاحترام والطاعة والحقوق لأصحابها. نقرأ وصيّة الله في رسالة رومية 7:13 "فَأَعْطُوا الْجَمِيعَ حُقُوقَهُمُ: الْجِزْيَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِزْيَةُ. الْجِبَايَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِبَايَةُ. وَالْخَوْفَ لِمَنْ لَهُ الْخَوْفُ. وَالإِكْرَامَ لِمَنْ لَهُ الإِكْرَامُ.". وفي رسالة أفسس 1:6-3 " أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، أَطِيعُوا وَالِدِيكُمْ فِي الرّب لأَنَّ هذَا حَقٌّ. 2أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، الَّتِي هِيَ أَوَّلُ وَصِيَّةٍ بِوَعْدٍ، 3لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ خَيْرٌ، وَتَكُونُوا طِوَالَ الأَعْمَارِ عَلَى الأَرْضِ". وفي رسالة بطرس الأولى 17:2 "أَكْرِمُوا الْجَمِيعَ. أَحِبُّوا الإِخْوَةَ. خَافُوا اللهَ. أَكْرِمُوا الْمَلِكَ".
6. تقديم العبادة لله. نقرأ في سفر الرّؤيا 11:7-12 " وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ كَانُوا وَاقِفِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ، وَالشُّيُوخِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ، وَخَرُّوا أَمَامَ الْعَرْشِ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَسَجَدُوا ِللهِ 12قَائِلِينَ:آمِينَ! الْبَرَكَةُ وَالْمَجْدُ وَالْحِكْمَةُ وَالشُّكْرُ وَالْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالْقُوَّةُ لإِلهِنَا إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ". (أنظر أيضاً في سفر الرّؤيا 9:4-11؛ 12:5-13؛ 1:19؛ 24:21، 26).
7. الإكرام يفيد أيضاً معنى التضحية والعطاء. نقرأ في سفر القضاة 2:13-18 حواراً رائعاً بين ملاك الله الّذي جاء من السّماء بصورة رجل وظهر لمنوح. وفي هذا الحوار أعطى الملاك لمنوح وعداً قائلا له بأن الله سيعطيه طفلاً، وعندها "قَالَ مَنُوحُ لِمَلاَكِ الرّب: مَا اسْمُكَ حَتَّى إِذَا جَاءَ كَلاَمُكَ نُكْرِمُكَ؟". (القضاة 17:13)

ماذا يعني إكرام الوالدين؟ وكيف يتم إكرامهم؟

يذكّرنا إكرام الوالدين بأن على الأبناء والبنات واجبات تجاه آبائهم وأمهاتهم. وقد أكد الرّب يسوع على أهمية إكرام الوالدين بحسب الوصيّة الخامسة في قوله له المجد في متّى 4:15 "فَإِنَّ اللهَ أَوْصَى قَائِلاً: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَمَنْ يَشْتِمْ أَبًا أَوْ أُمًّا فَلْيَمُتْ مَوْتًا". (أنظر أيضاً متّى 19:19؛ ومرقس 10:7؛ ومرقس 19:10؛ ولوقا 12:18). وفيما يلي أهم معاني إكرام الوالدين، وكيف يتم إكرامهم عمليّاً:

1. يؤكد لنا وحي الله في الكتاب المقدس بأنّ الإكرام يقدّم للأشخاص وليس للأشياء، أي من شخص لشخص آخر، ولا يليق بأيِّ إنسان أن يكرم نفسه. نقرأ في رسالة العبرانيين 4:5 "وَلاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ هذِهِ الْوَظِيفَةَ بِنَفْسِهِ، بَلِ الْمَدْعُوُّ مِنَ اللهِ، كَمَا هَارُونُ أَيْضًا". نلاحظ هنا أنّ كلمة τιμὴ (تيمي) قد ترجمت بكلمة "وظيفة"، وهي المرّة الوحيدة الّتي تستخدم فيها هذه الكلمة، مع أن التّرجمة الأكثر استخداماً هي كلمة "كرامة". وهذه الترجمة تساعدنا لكي نفهم أن وظيفة الكاهن هي تكريم له من الله الّذي دعاه لهذه الخدمة الجليلة.
2. يتم الإكرام على أساس المركز الذي يحتله الإنسان، نحن نكرم الله لأنه رب وسيد الكون، ونكرم الملوك والحكام والقادة والشيوخ. وبنفس المعنى نكرم الأهل بسبب مركزهم وموقعهم في الأسرة. وهكذا يتعلق الإكرام بالمركز والسلطة والمهابة والمنزلة والوقار التي يحتلها الشخص. نقرأ في رسالة تيموثاوس الأولى 17:1 قوله: "وَمَلِكُ الدُّهُورِ الَّذِي لاَ يَفْنَى وَلاَ يُرَى، الإِلهُ الْحَكِيمُ وَحْدَهُ، لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْمَجْدُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. آمِينَ". 
3. يجب أن يكون الإكرام عملياً، فهو ليس مجرد كلمة. نقرأ في إشعياء 13:29 عتاباً من الله لشعبه بسبب تقصيرهم في إكرام الله فعليّاً، والإكتفاء بالتكريم كلاميّاً، حيث يقول لهم: "لأَنَّ هذَا الشَّعْبَ قَدِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ بِفَمِهِ وَأَكْرَمَنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَأَبْعَدَهُ عَنِّي، وَصَارَتْ مَخَافَتُهُمْ مِنِّي وَصِيَّةَ النّاس مُعَلَّمَةً".
4. كذلك يجب أن يكون الإكرام علنياً، كما نقرأ في سفر الأمثال 28:31-31 عن إكرام الأم الفاضلة بتطويبها وتقديم العطايا لها، ومدحها علناً في الأماكن العامّة: "يَقُومُ أَوْلاَدُهَا وَيُطَوِّبُونَهَا. زَوْجُهَا أَيْضًا فَيَمْدَحُهَا: 29بَنَاتٌ كَثِيرَاتٌ عَمِلْنَ فَضْلاً، أَمَّا أَنْتِ فَفُقْتِ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا. 30اَلْحُسْنُ غِشٌّ وَالْجَمَالُ بَاطِلٌ، أَمَّا الْمَرْأَةُ الْمُتَّقِيَةُ الرّب فَهِيَ تُمْدَحُ. 31أَعْطُوهَا مِنْ ثَمَرِ يَدَيْهَا، وَلْتَمْدَحْهَا أَعْمَالُهَا فِي الأَبْوَابِ".
5. توجد علاقة بين إكرام الأهل وإكرام الله. نقرأ في نبوة ملاخي 6:1 "الابْنُ يُكْرِمُ أَبَاهُ، وَالْعَبْدُ يُكْرِمُ سَيِّدَهُ. فَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَبًا، فَأَيْنَ كَرَامَتِي؟ وَإِنْ كُنْتُ سَيِّدًا، فَأَيْنَ هَيْبَتِي؟ قَالَ لَكُمْ رَبُّ الْجُنُودِ". ونقرأ في الأصحاحين الثاني والثّالث من سفر الأمثال عن العلاقة بين عناية الأب بأولاده وعناية الله الأبوية بنا نحن البشر.
6. إكرام الوالدين يعني أن نفكر بهم بطريقة عالية وإيجابية، وأن ننظر اليهم نظرة تقدير وإجلال. وهكذا فإن إكرام الوالدين يعني تمييزهم عن غيرهم من النّاس. نقرأ في سفر صموئيل الأول 30:2 كلمات الله القدوس: "إِنِّي قُلْتُ إِنَّ بَيْتَكَ وَبَيْتَ أَبِيكَ يَسِيرُونَ أَمَامِي إِلَى الأَبَدِ. وَالآنَ يَقُولُ الرّب: حَاشَا لِي! فَإِنِّي أُكْرِمُ الَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي، وَالَّذِينَ يَحْتَقِرُونَنِي يَصْغُرُونَ. ".
7. على الأولاد أن يهابوا آبائهم وأمهاتهم. نقرأ في لاويين وصيّة الله القائلة: 3:19 "تَهَابُونَ كُلُّ إِنْسَانٍ أُمَّهُ وَأَبَاهُ". وكلمة "تهابون" تعني الإحترام والرهبة والتقدير والتوقير.
8. على الأبناء أن يستمعوا لكلام آبائهم وأمهاتهم، وأن يطيعوهم ويعملوا بموجب إرشادهم وتوجيهاتهم. نقرأ في سفر الأمثال 20:6 "يَا ابْنِي، احْفَظْ وَصَايَا أَبِيكَ وَلاَ تَتْرُكْ شَرِيعَةَ أُمِّكَ". نقرأ في أمثال 1:4 "اِسْمَعُوا أَيُّهَا الْبَنُونَ تَأْدِيبَ الأَبِ، وَاصْغُوا لأَجْلِ مَعْرِفَةِ الْفَهْمِ" وفي أمثال 10:4 "اِسْمَعْ يَا ابْنِي وَاقْبَلْ أَقْوَالِي، فَتَكْثُرَ سِنُو حَيَاتِكَ." (أنظر أيضاً أمثال 8:1-9؛ 1:3-2؛ 1:10؛ 1:13؛ وأفسس 1:6-4؛ وكولوسي 20:3). وطاعة الوالدين تعني بالضّرورة عدم عصيانهم، كما نقرأ في سفر الأمثال 8:1 "اِسْمَعْ يَا ابْنِي تَأْدِيبَ أَبِيكَ، وَلاَ تَرْفُضْ شَرِيعَةَ أُمِّكَ".
9. على الأولاد والبنات أن يكونوا مصدر سرور لوالديهم. نقرأ في سفر الأمثال 20:15: "اَلابْنُ الْحَكِيمُ يَسُرُّ أَبَاهُ". وفي سفر الأمثال 3:29 "مَنْ يُحِبُّ الْحِكْمَةَ يُفَرِّحُ أَبَاهُ".
10. على الأبناء أن يفتخروا بوالديهم. أمثال 6:17 "وَفَخْرُ الْبَنِينَ آبَاؤُهُمْ".
11. على الأبناء تطويب آباءهم وأمهاتهم، ويتم التطويب بمباركة الأهل ومدحهم وذكرهم بالخير وتهنئتهم على عطائهم وتضحياتهم وتربيتهم لأولادهم. نقرأ في سفر الأمثال 28:31: "يَقُومُ أَوْلاَدُهَا وَيُطَوِّبُونَهَا ".
12. توقير الأهل وإعطائهم حقهم من العناية والرعاية المالية. نقرأ في رسالة تيموثاوس الأولى 4:5 كلمات الله عن الأولاد بأن عليهم أن: "يَتَعَلَّمُوا أَوَّلاً أَنْ يُوَقِّرُوا أَهْلَ بَيْتِهِمْ وَيُوفُوا وَالِدِيهِمِ الْمُكَافَأَةَ، لأَنَّ هذَا صَالِحٌ وَمَقْبُولٌ أَمَامَ اللهِ". ويتابع قائلاً في الآية رقم 8: "وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْتَنِي بِخَاصَّتِهِ، وَلاَ سِيَّمَا أَهْلُ بَيْتِهِ، فَقَدْ أَنْكَرَ الإِيمَانَ، وَهُوَ شَرٌّ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ". نلاحظ هنا كلمات في غاية القسوة بحق الأبناء الّذين لا يكرمون أهلهم، لأنّ ذلك شرٌّ في حكم الله.
 
لا تتعلق وصية إكرام الوالدين بعمر معين أو مرحلة معيّنة في الحياة. وهي غير محددة بعمل معين، بل أنها تدعوا لإكرام الوالدين بشكل عام، أي في جميع نواحي الحياة، وفي كل مراحل العمر. وهي أول وصية تبين واجب الإنسان تجاه إنسان مثله، وهي أول وصية بوعد.

على الأبناء والبنات أن يكرموا والديهم لأن هذا من أبسط حقوق الأهل على الأبناء، وكذلك لأن هذه هي مشيئة الله. أي أن إكرام الأهل لا يتم لأنهم كاملين أو مثاليين أو حتّى مستحقين. كذلك لا يعني إكرام الوالدين أن يعمل ألأبناء دائماً ما يريده الأهل. فقد يكون الأهل خطاة بشكل مكشوف وبشع، مثل أن يكون الأب لص أو كذّاب أو سكير، أو أن تكون الأم ثرثارة وصخّابة وسيرتها رديّة. في مثل هذه الحالات، يكرم الأبناء الأهل بمساعدتهم على الخروج من حياة الخطيّة، وبالصّلاة لأجلهم، والعمل على تصحيح أوضاعهم. نقرأ في رسالة تيموثاوس الأولى 1:5 -2 كلمات الوحي المقدّس عن تصحيح الكبار كما وأنهم آباء وأمهات لنا حيث يقول: "لاَ تَزْجُرْ شَيْخًا بَلْ عِظْهُ كَأَبٍ، وَالأَحْدَاثَ كَإِخْوَةٍ، 2وَالْعَجَائِزَ كَأُمَّهَاتٍ، وَالْحَدَثَاتِ كَأَخَوَاتٍ، بِكُلِّ طَهَارَةٍ".

إكرام الوالدين يعني أيضاً أن يكون الأبناء وكأنهم المسئولين عن الأهل، وخصوصاً في مراحل الشيخوخة المتأخرة وآخر سنوات الحياة. في هذه المرحلة يقرر الأبناء والبنات بالنيابة عن والديهم في أمور الطعام والشراب واللباس. وتبرهن حقائق الحياة أنّ الأهل يصبحون كثيري المطالب عند التّقدم بالعمر، ولذلك يتوجّب على الأولاد والبنات الحرص والاعتدال وأن يقولوا "لا" لبعض الأشياء والطلبات من الأهل، لأنها يمكن أن تدمر حياة الأبناء، وخاصة علاقتهم مع زوجاتهم.

يجب على الأبناء والبنات الحفاظ على وقار وكرامة واحترام الأهل بشكل دائم. فقد يصل الأهل إلى مرحلة عدم القدرة على إطعام أنفسهم، أو عدم القدرة على ضبط أنفسهم في إخراج الفضلات. وهنا يجب الحفاظ على كرامتهم وخصوصاً أمام الغرباء من خارج الأسرة، وعدم إحراج الأهل.

إكرام الوالدين قد يكون مكلفاً مادياً. قد نحتاج لأدوية كثيرة، وغيارات خاصة، وأجهزة، ودفع أجرة ممرضين، توفير وسائل راحة لهم، أو دفع أجرة دار رعاية إن كان عمل الأبناء معرض للخطر في حالة صرفوا طول الوقت في رعاية الأهل.

قد يشعر بعض الأبناء والبنات بالألم والإنزعاج من رعاية الأهل، لأنّهم يريدون الإنطلاق بحياتهم بدون قيود اجتماعية أو أيّ شعور بالمسئوليّة. لذلك يلجأ كثيرون منهم إلى وضع الآباء والأمهات في بيوت العجزة أو دون زيارتهم وافتقادهم. وقد يكون الأهل مرضى ومتصلين بأجهزة تساعد على استمرار الحياة، ولا يتردد بعض الأبناء بإعطاء إذن للأطباء بإنهاء حياة الأهل حتى يرتاح الأبناء أنفسهم. يحتاج مثل هؤلاء الأبناء والبنات أن يعرفوا قانون الحياة المعلن في الكتاب المقدّس في رسالة غلاطية 7:6-8 " لاَ تَضِلُّوا! اَللهُ لاَ يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا. 8لأَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ الْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَادًا، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ الرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً".

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا