العلاقات المسيحية - الإسلامية

لا شك أن العلاقات المسيحية الإسلامية قضية ساخنة في عالم اليوم. إنها قضية حياة أو موت. ولقد تحدثت جرائد العالم العربي عن قتل العديد من الاشخاص وجرح المئات نتيجة الاحتجاجات الأخيرة المتعلقة بالفيلم الأخير الذي يتحدث عن نبي الإسلام بطريقة مستفزة
15 سبتمبر 2012 - 17:12 بتوقيت القدس

لا شك أن العلاقات المسيحية الإسلامية قضية ساخنة في عالم اليوم. إنها قضية حياة أو موت. ولقد تحدثت جرائد العالم العربي عن قتل العديد من الاشخاص وجرح المئات نتيجة الاحتجاجات الأخيرة المتعلقة بالفيلم الأخير الذي يتحدث عن نبي الإسلام بطريقة مستفزة. فرد البعض على الاستفزاز بالاستفزاز والعنف والقتل. وانتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة التحدث عن النصوص الدينية الإسلامية ورموز الإسلام بصورة مستفزة.

وتتفاوت قناعات المسيحيين المتعلقة بالإسلام. فهناك من يرى الإسلام ورموزه بصورة سلبية. آخرون يعلنون قيم الإسلام الإيجابية بكل قوة ويظهرون وكأنهم يوافقون مع كُل ما يدعو الإسلام إليه. وثمة فريق ثالث يحاول النظر إلى الإسلام ورموزه بصور متبصرة فينقضوا بعض الأمور ويمدحوا امورا أخرى دون المساومة على قناعاتهم المسيحية. فمثلا، يؤكدون أن العنف والتعدي على المتلكات العامة والمواطنين الأبرياء سواء كانوا مسيحيين ام مسلمين هو أمر ظالم وغير مقبول بتاتا. ويبقى السؤال كيف نتعامل مع كل المسلمين والإسلام بطريقة مسيحية وعادلة. سأقدم في هذا المقال بعض الاقتراحات البسيطة المتعلقة بموقف المسيحي من المسلم. ولن أستطيع أن اتحدث عن الكثير من القضايا لئلا يطول المقال. وربما سأتحدث لاحقا عن موقف المسيحي من الإسلام.

أولا، الإنسان المسلم ذكرا أم أنثى مساويٌ للإنسان المسيحي في قيمته. لقد خلق الله كل البشر، بدون استثناء، على صورته (تك 1: 27). وكل إنسان مخلوق على صورة الله وهو موضوع كرامة وتقدير ومحبة وبركة إذ يعلمنا الكتاب المقدس أن الله بارك الإنسان وبالتالي كل إنسان (تك 1: 28) وأحب كل العالم (يو 3: 16) وبالتالي كل فرد في العالم. بايجاز ترفض المسيحية تشويه قيمة أي إنسان او التقليل من كرامة البشر.

ثانيا، لا تسعى المسيحية إلى تكوين دولة ثيوقراطية يحكمها الله بل يسعى المسيحيون إلى الخضوع للرئاسات والسلاطين الموجودة في البلاد التي يعيشون فيها (رو 13: 1 – 2) لكي يحيوا حياة مطمئنة وهادئة بكل تقوى ووقار (1 تيم 2: 2). وفي البلاد العربية يكون معظم رؤساء الدول والوزراء ورؤساء البلديات غير مسيحيين. وهم مسلمون. وهكذا نرى أن النص في رسالة رومية يعلمنا أن الرئيس المسلم هو خادم الله (رو 13: 4). وبهذا يصبح المسلم من منظار مسيحي ليس خليقة الله فحسب بل خادم الله أيضا. ويستطيع المسلم أن يخدم الله عندما ينشر العدالة والحق.

ثالثا، الإنسان المسلم موضوع صلاة المسيحي وشكره. يقول بولس الرسول "فأطلب أول كل شيء أن تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لأجل جميع الناس" (1 تيم 2: 1). فهذا حسن ومقبول لدى مخلصنا الله (1 تيم 2: 3). وهنا نعلن كمسيحيين شكرنا لأجل كل مسلم ومسلمة يشاركوننا هذا الوطن ويساهموا في بناء مؤسساته وقيمه الاجتماعية ويعملوا على تطويره وتنظيمه حتى تعم الفائدة على الجميع. فالمسلم والمسلمة شركائنا ليس في الإنسانية فحسب بل أيضا في الانتماء القومي وفي المواطنة وفي الكثير من القيم الأخلاقية والاجتماعية.

رابعا، الإنسان المسلم موضوع محبة الله وموضوع محبة المسيحي أيضا. لا أتحدث هنا عن حب الغرام والمشاعر المتأججة بل عن إلتزام المسيحي أن يحب المسلم، وكل مسلم، مهما كانت مواقفه وتصرفاته سواء كانت جيدة ام سيئة. طبعا لا يعني هذا الأمر أن نقبل كل تصرف لأننا نحب الآخر، بل العكس هو الصحيح فالمحبة تعطينا الفرصة أن نسعى إلى بركة من نحبه ومحاولة خلق التناسق الاجتماعي الذي يؤول إلى خير الجميع. ويحب الله المسلمين إذ خلقهم ويريد أن يضمهم إليه وينعم عليهم بكل بركاته خاصة النعيم الذي صنعه بيسوع المسيح. فالله يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون (1 تيم 2: 4). ونحن كمسيحيين ملتزمون بكل قلوبنا أن نحب المسلمين لا بالكلام واللسان بل بالعمل والحق (1 يو 3: 18). ونستطيع أن نترجم محبتنا للمسلم بطرق متنوعة إذ نشاركه قناعاتنا ووقتنا وكل بركة باركنا الله بها بصورة تتوافق مع تعاليم الكتاب المقدس. وتشمل محبتنا السعي إلى التعامل مع المسلم بطريقة عادلة تتحاشى التعميم وتكتسي بالجرأة والشجاعة لتعلن الحق بمحبة ووضوح. فالعنف مرفوض وقتل الأبرياء غير مبرر. وثمة وسائل أخرى للتعامل مع التعديات والإساءات.

أخيرا، أرجو أن تساهم النقاط أعلاه في صقل مواقفنا من كل مسلم ومسلمة. وسوف أتحدث في وقت آخر عن موقف المسيحي من الإسلام. فهل يرفض المسيحي كل أمر يعلنه الإسلام أم أنه يقبل بعض الأمور؟

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. رجا 22 سبتمبر 2012 - 21:42 بتوقيت القدس
الطموحات السياسية للمسلمين و المسيحيين الطموحات السياسية للمسلمين و المسيحيين
المشكة الاساسية، للمسحيين و غير المسيحيين، مع الأسلام و المسلمين هي مشكلة سياسية بالدرجة الأولى. و تلك المشكلة لم تجد حلاً منذ بزوغ الأسلام و إلى يومنا هذا. و من المستبعد تماماً أن يكون هناك حل في المستقبل. لا أحد يستطيع أن يتجاهل بأن الأسلام هو نظام سياسي و ديني متكامل. و لما كان كذلك، فليس هناك ثمة مكان لمفاهيم مثل فصل الدين عن الدولة في الأسلام. و أذا كان على المسيحيين أن يعيشوا في بلدان أغلبية سكانها من المسلمين، فعلى هؤلاء أن يوطنوا أنفسهم على الخضوع للهيمنة الأسلامية إذا ما أرادوا العيش بسلام. المسلمون، إن أرادوا أن يكونوا أُمناء لدينهم، فليس لهم خيار سوى السعي لتطبيق الشريعة الأسلامية. و من هنا تنبع المشكلة التي لا سبيل إلى حلها. ففي الواقع المعاش اليوم في الدول ذات الأغلبية الأسلامية هناك تباين واضح و هوة عميقة بين طموحات المسلمين السياسية و طموحات المسيحيين السياسية. و بتطبيق الديموقراطية، فأن على الأقلية أن تنصاع إلى رأي الأغلبية. و حتى الآن، كانت الأرادة السياسية للجمهور الواسع من المسلمين معطلة بفعل أنظمة الاستبداد الخاضعة للدول الأستعمارية. فهل يكن تصور مستقبل خال من القهر لا تقوم فيه الشريعة الأسلامية في المجتمع؟ غير ممكن. لذلك، لا مستقبل سياسي لغير المسلمين في بلاد الأسلام. و من يقول بغير ذلك، فهو إما يخدع نفسه أو يكذب على الناس .
1.1. القس حنا كتناشو 23 سبتمبر 2012 - 05:05 بتوقيت القدس
الطموحات السياسية والمسيحيين
سألوا أحد الأشخاص: هل أنت متفائل أم متشائم؟ فقال لست متفائلا ولست متشائما. يسوع قائم من بين الأموات. فقوتنا هي أن نواجه موت المجتمع بحياة المسيح وقدرته على تغيير مصير الشعوب. هذا أيماني المسيحي. أيضا، مشكلة التعليق بالنسبة لي هو الغاء التعددية من الإسلام (هناك أكثر من نوع من الإسلام كما يوجد أكثر من تعبير للمسيحية). اضف إلى ذلك، يرى المعلق الجانب السلبي فقط من الإسلام ويصر على تعريف الهوية من منظار ديني فقط فيختزل الهوية القومية والجغرافية والثقافية والاقتصادية تحت عنوان اسلامي ديني (على الأرجح) من منظار السلفية وتطبيق الشريعة الإسلامية. لاحظ أن التعابير الإسلامية تشمل إيران وتركيا والأردن. وجميعها أنظمة سياسية لأغلبية مسلمة ولكنها تختلف بعضها عن بعض. وماذا عن المسلمين في اندونيسا أو في فرنسا أو في الولايات المتحدة. لقد عبروا عن الإسلام بصور مختلفة. يجب أن نعيد دراسة المجمتع الإسلامي بصورة متبصرة. ولا يريدنا المسيح أن نخدع انفسنا أو أن نكذب على الناس أو نكفر من لا يتفق معنا بل أن نسعى معا بانفتاح لنتبع المسيح وسط احبائنا المسلمين. ولا يريدنا أن نتخلى عن رؤيتنا في كوننا نور وملح وسط احبائنا المسلمين. ولا يريدنا أن نتقوقع ونخاف بل أن نخدم ونبارك. وأخيرا، المستقبل السياسي غير منفصل عن التفاعل الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. فغير المسلمين هم أيضا مواطنين ويمكن وصف هويتهم بأكثر من طريقة. وآمل أن يدخل المسيح من خلالهم إلى كل جوانب المجتمع التي تؤثر وتشكل سياسة المجتمع. بكل محبة واحترام
1.2. شريف صبحي 24 سبتمبر 2012 - 09:44 بتوقيت القدس
دور الكنيسه
دور الكنيسه رعايه الاقليه المسيحيه في البلاد الاكثريه الغير مسيحيه واذا تعذر بقاء المسيحين علي هويتهم عليها ان تقدم لهم العون للهجره عن صريق فتح صناديق خاصه لذلك تستخدم في توطين المهاجرين الفقراء في دول المهجر ولا تكون الهجره اعمال فرديه ينجح فيها الاغنياء وذوي المؤهلات فقط ثانيا علي الكنائس المحليه ان تسعي للوحدة وتنبذ الطائفيه لا نها اصبحت لا مجال لها والعمل علي حل مشترك لكل مسيحيو الاقليات
1.3. رجا 26 سبتمبر 2012 - 16:59 بتوقيت القدس
التعددية في الأسلام
التعددية هي أكثر في الواقع السياسي في البلدان المسلمة المختلفة و ليس في التعبير الديني أو في الطموحات السياسية.
1.4. القس حنا 29 سبتمبر 2012 - 18:33 بتوقيت القدس
وماذا عن؟
وماذا عن الشيعة والسنة والصوفية والإسلام السياسي واصحاب الدعوة وغيرها. إن الفكر الديني الإسلامي مختلف فهناك من يكفر غير المسلمين وهناك من لا يفعل ذلك. انظر على سبيل المثال لا الحصر مقال الدكتور عبد الرحمن عباد الذي يتحدث عن الوسطية والتشدد داخل العقيدة الدينية في الإسلام. المقال موجود في مجلة اللقاء 2012. العدد الثاني والصفحات 65 - 82.