حوار مسيحي (4) خدمات كنيستنا الانجيلية

يجد المؤمن في كنيستنا جميع خدمات الكنيسة: فهي تمارس المعمودية طاعةً لوصية الرب: "اذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به"
17 ديسمبر 2011 - 10:35 بتوقيت القدس

قدمت في مقالي السابق تعريف عام لكنيستنا الإنجيلية وأُتبعه في هذا المقال بخدمات كنيستنا.

يجد المؤمن في كنيستنا جميع خدمات الكنيسة: فهي تمارس المعمودية طاعةً لوصية الرب: "اذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به" (مت 28: 19). "اذهبوا الى العالم اجمع واكرزوا بالانجيل للخليقة كلها من آمن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يُدَن" (مر 16:16). انما كنيستنا تهتم بشدة ان تكون المعمودية فى اطار من التلمذة والتعليم والإيمان، طاعة لوصية المسيح حتى لا تكون مجرد طقس او اجراء اجتماعي (1 بط 3:21).

كما ان كنيستنا تمارس بانتظام الإفخسارتيا، فريضة الشكر، عشاء الرب، اذ كتب الرسول بولس: "لانني تسلمت من الرب ما سلمتكم ايضًا: ان الرب يسوع في الليلة التي اسلم فيها، اخذ خبزًا وشكر فكسر، وقال: "خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لاجلكم، اصنعوا هذا لذكري" كذلك الكأس ايضًا بعدما تعشوا، قائلا: "هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي. اصنعوا هذا كلما شربتم لذكري" فانكم كلما اكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس، تخبرون بموت الرب الى ان يجيء. اذا اي من اكل هذا الخبز، او شرب كاس الرب، بدون استحقاق، يكون مُجرمًا في جسد الرب ودمه. ولكن ليمتحن الانسان نفسه، وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس. لان الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه، غير مميز جسد الرب" (1كو 11:23 – 29). لذلك تُعلِّم كنيستنا بقدسية عشاء الرب، اذ ندعو من يتقدم اليه لممارسة الاعتراف والتوبة بالمفهوم الكتابي اذ مكتوب: "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل، حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم" (1 يو 1:9).

كما تؤمن كنيستنا بالكهنوت المقدس اذ المسيح هو رئيس كهنة الله، وهو رئيس كهنة على رتبة ملكي صادق. فهو الكهنوت الاعظم من كهنوت هرون لذلك فان المؤمنيين يصيرون به كهنةً، يستطيع كل منهم ان يتقدم باسمه بثقة الى عرش النعمة مقدمًا ذبائح روحية من الحمد والتسبيح بيسوع المسيح (عب 7-10). وخدام كنيستنا يُسموا بحسب العهد الجديد: شمامسة، شيوخ، قسوس، اساقفة، مبشرين ورعاة. الروح القدس يدعوهم ويقيمهم. وتعترف بهم الكنيسة ببساطة من خلال اعتراف الخدام القُدامى بالجدد منهم واعطائهم يمين الشركة في خدمة رسامة علنية بصلاة ووضع ايدي المشيخة (القسوس او الاساقفة1 تي 4:14) تحت سلطان الرب يسوع المسيح رئيس الرعاة ورأس الكنيسة، الحاضر بالإيمان الذي رآه الرسول يوحنا حاضر في منائر الكنائس وماسك الكواكب اي خدام كنائسه فى يمينه (رؤ 1:20). انما نهتم ان يكون رعاتنا ورعايانا في اطار من الاخوّة المسيحية كوصية الرب: انتم جميعا اخوة ... واكبركم يكون خادمًا لكم فمن يرفع نفسه يتضع. ومن يضع نفسه يرتفع" (مت 23:11). وبالتالي نؤمن في سلطان الكنيسة فى اجراء التأديب الكنسي بقيادة خدام الرب في الكنيسة للمخالفين والمبتدعين وغير التائبين كقول الرب: "من غفرتم خطاياه تغفر له، ومن امسكتم خطاياه امسكت" (يو20:23).

كما تقوم كنيستنا بخدمة الزواج المسيحي الذي نعتبره حسب التعليم الانجيلي "مثال السر العظيم"، اي "سر المسيح والكنيسة" (افس 22:5-23). فهو اكثر من مجرد عقد مدني، بل هو اقتران بعهد الله وربنا يسوع المسيح الذي علمنا واوصانا، اذ ارجع الزواج لشريعته الاولى أي: رجل واحد وامراة واحدة ورباط مدى الحياة "فالذي جمعه الله لا يفرقه انسان" (مت 19:4-6).

وبخصوص العبادة والصلاة، فحسب وصية المسيح في المعمودية والتي هي عِماد إيماننا المسيحي، "عمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس" فعليها: لا تجوز العبادة والصلاة الا لله الآب والابن والروح القُدس. لا نؤمن بما يُدعى "عبادة القديسين" فهم وجميعنا خطاة تبرروا وتقدسوا بنعمة الله في المسيح يسوع ربنا (رو1:25، رو 3:21-31). فـ"القديسين" وعلى رأسهم القديسة المطوبّة العذراء مريم هم فخرٌ للكنيسة، لكنهم لم يقبلوا أبدًا اي مجد او عبادة لهم. ولم يشيروا لانفسهم بل اشاروا للرب وحده، هو موضوع العبادة والمجد. لذلك علينا ان نذكر القديسين وان نتمثل بإيمانهم بل وان نكرم ذكراهم (لو 1:42-55، عب 13:7) وانما ليس بطريقة تغطي على مجد المسيح او تنقص من عمل فدائه وخلاصه (عب 12:1-3).

وذلك لأننا نؤمن بالإيمان الواحد وهو إيمان الانبياء والقديسين: ان المسيح هو الطريق والحق والحياة (يو14:6). وهو الوسيط الوحيد (1تي 2:5) والمخلص الوحيد (اع 4:12)، والشفيع وشفاعته شفاعة كاملة وافية لا تحتاج الى إضافات (1يو 2:1-2) فهو المخلص الحي الذي يتشفع في من يؤمنون به للخلاص التام (عب 7:25)، سواء كانت شفاعة كفارية للخلاص من الخطايا او شفاعة تضرعية للخلاص من الضيق والمتاعب. فهو وحده الذي وعد: "تعالوا الي ياجميع المتعبين والثقيلي الاحمال، وانا اريحكم" (مت 11:28).

لا نؤمن مطلقًا انه يجوز عبادة الله من خلال صور أو تماثيل أو ما يُسمى ايقونات، حتى لو كانت للرب نفسه ونحن نعتمد بذلك على تعليم الكتاب المقدس في العهد القديم والجديد. اذ ان الله نهانا بشدة عن ذلك: "لا تصنع لك تمثالًا منحوتًا، ولا صورة ما مما في السماء من فوق، وما في الارض من تحت، وما في الماء من تحت الارض. لا تسجد لهنّ ولا تعبدهنّ، لاني انا الرب الهك غيور" (خر 20:4-5). "فاذ نحن ذرية الله، لا ينبغي ان نظن ان اللاهوت شبيه بذهب او فضة او حجر نقش صناعة واختراع انسان. فالله الان يأمر جميع الناس في كل مكان ان يتوبوا، متغاضيًا عن ازمنة الجهل" (اع 17: 29).

كما نؤمن بوحدة الكنيسة المبنية على الإيمان الواحد والرب الواحد والمعمودية الواحدة (اف 4: 1-6). انما ليس بالضرورة ان تكون الوحدة وحدة ادارية او مؤسساتية، إنما وحدة الإيمان بالروح والتي تتجسد في علاقات الشركة والمحبة المسيحية والتعاون البنّاء والحوار الموضوعي لتبادل الخبرات الروحية والمشورة بحكمة الله (رؤ 2:7، 11، 17، 29 – 3:6، 13، 22).

كما نؤمن بحسب روح انجيل المسيح بشجب كل انواع الظلم والقهر والاستغلال، سواء الاجتماعي او السياسي او العرقي. فكما هو مشهود له تاريخيًا وعالميًا، ان الفضل الاول يرجع لتعليم الانجيل في تثبيت حقوق الانسان ونُصرة العدالة الاجتماعية وبث التعايش السلمي والتراحم بين البشر.

وككنيسة المسيح نحن مدعوون لطاعة الوصية: "فقط عيشوا كما يحق لانجيل المسيح" (في 1:27). والوصية العُظمى التي علمنا اياها: "تحب الرب الهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل فكرك هذه هي الوصية الاولى والعظمى. والثانية مثلها: تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء" (مت 22: 31- 40).

وبخصوص تفاصيل اكثر عن أنظمة الكنائس، فنحن نعترف ان كل عائلة كنسية من حقها ان تضع من الانظمة ما تراه ملائمًا لاتمام الخدمة (1تي 3:14 -15)، معتبرين ما قاله القديس اغسطينوس وهو معلم مبارك في الكنيسة: "في الامور الجوهرية اتفاق وفى الامور الثانوية حرية".

وفي ذات الوقت نجتهد ان تكون كنيستنا (ونشجع كل كنيسة معنا ايضًا)، أن تكون، سواء في الامور الجوهرية او الثانوية، مُصلحة حسب كلمة الله (ار 23:28-29).

هذا هو فخرنا وشهادة ضميرنا ان كنيستنا الانجيلية هي نفسها الكنيسة التاريخية الجامعة، وقد أُصلحت حسب كلمة الله الكتاب المقدس دستور إيماننا وأعمالنا (مت 25:7، مر 12:24).

ولله الآب والابن والروح القدس كل المجد كما كان منذ الازل والآن والى الابد في كنيسته الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية، آمين.

ارحب بأي سؤال او تعليق.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. مؤمنة 17 ديسمبر 2011 - 10:02 بتوقيت القدس
شكرا شكرا
شكرا جزيلا على هذا المقال فانا اذهب لاحدى الكنائس الانجيلية في قريتي و انا فرحه جدا لمعرفة ما هو اليمان الحقيقي فانا اشعر بسلام و سعادة اثناء تواجدي مع الاخوة و لكن لطالما تسائلت عن الفروق بين الكنائس و هذا المقال اجاب عن تسائلي فشكرا
2. باسم أدرنلي 17 ديسمبر 2011 - 16:37 بتوقيت القدس
أشكر الرب من أجل حكمتك وروحك أشكر الرب من أجل حكمتك وروحك
أخي القس أشرف لقد أبدعت حكمة الرب من خلالك، لتعريف عام، قوي وبسيط، للكثير من الأساسات اللاهوتية والإيمانية التي تحتاج أن تعرف في الكنيسة الأنجيلية في هذا الوقت بالذات. سأستخدم هذه المقالات في كنيستي، لأعرف كل مؤمن جديد على نظرة شاملة عن الإيمان المسيحي الإنجيلي. ليباركك الرب، ويستخدمك أكثر فأكثر
3. عيسى باشا 17 ديسمبر 2011 - 22:14 بتوقيت القدس
شكرا لهذا المقال الرائع المملوء حكمه شكرا لهذا المقال الرائع المملوء حكمه
يع 3: 17 واما الحكمة التي من فوق فهي اولا طاهرة ثم مسالمة مترفقة مذعنة مملوءة رحمة واثمارا صالحة عديمة الريب والرياء "شكرا الاخ اشرف لحكمتك في هذا المقال"
4. مؤمن 18 ديسمبر 2011 - 10:35 بتوقيت القدس
ملحوظة لا بد منها للاخ باسم ارجو استبدال كلمة كنيستي في تعليقك بكنيستنا- الرب يباركك ملحوظة لا بد منها للاخ باسم ارجو استبدال كلمة كنيستي في تعليقك بكنيستنا- الرب يباركك
ملحوظة لا بد منها للاخ باسم ارجو استبدال كلمة كنيستي في تعليقك بكنيستنا- الرب يباركك
5. باسم أدرنلي 19 ديسمبر 2011 - 16:25 بتوقيت القدس
إلى الأخ رقم ٤ إلى الأخ رقم ٤
أنا متأسف على كلمة "كنيستي"، لم أكن أقصد أن الكنيسة ملك خاص لي (كما حكمت علي)، لكني أعرف أن بعض الكلمات تثير حساسيات معينة؛ فإذا قال هذه العبارة بالضبط أي عضو في الكنيسة، تعتبر أمر عادي، لكن إذا قالها الراعي، ستثير حساسية عند البعض. لماذا؟ السبب هو ليس كلمة "كنيستي" بحد ذاتها، بل بسبب الجراح القائمة ما بين بعض الرعاة والرعية التي لم تشفى بعد. صلاتي أن يشفي الرب كنائسنا، وخاصة العلاقة ما بين الرعاة والشعب.