أنا وجبران والصّليب

لم أرتو من مئات وآلاف الكتب التي قرأتها ، ولكنني ارتويتُ حقًّا من الكتاب المُقدّس. كنت في شبابي غرًّا ، اعتقدتُ أنّ محبة الأعداء ضعف وتخاذل ، وأنّ الصّلب استسلام وخنوع، وقلتُ جهارًا وسرًّا : ماذا يريدني هذا الشّابّ الجليليّ يسوع ، أيريدني أن أخضع واستسلم
12 أغسطس 2009 - 18:41 بتوقيت القدس

اذكر قولا لجبران خليل جبران يقول بما معناه : إنّ الإنسان حين يكون شابًّا يكون ثائرًا، وحين يكبر يدخل في مرحلة الهدوء والسّكينة تمامًا كما الحجَر الذي يُقذَف إلى الماء فإنّه يُحدث دوائر ودوائر الى أن يستقرّ في القاع ويهدأ
كذا كان جبران في العواصف وكذا أضحى في نبيّه.
وكذا كُنتُ في شبابي ، قبل أن أذوق حلاوة يسوع ومذاقه الفريد ، وقبل أن أرتوي من موعظته وأمثاله وحِكَمِهِ التي تفوق الأيام والسنين والأجيال.

لم أرتو من مئات وآلاف الكتب التي قرأتها ، ولكنني ارتويتُ حقًّا من الكتاب المُقدّس.
كنت في شبابي غرًّا ، اعتقدتُ أنّ محبة الأعداء ضعف وتخاذل ، وأنّ الصّلب استسلام وخنوع، وقلتُ جهارًا وسرًّا : ماذا يريدني هذا الشّابّ الجليليّ يسوع ، أيريدني أن أخضع واستسلم وأخنع وأفقد كرامتي ، وأساير عدوّي وأحبّه فيتمرّد عليّ ؟!!
أيريدني أن لا أقاوم اللاعن  والشّرير بل احبّهما وأصلّي من أجلهما؟

لا...لا... أريد مبدأ نيتشه  ، أريد أن اتمرّد ، فبالتمرّد صوْنٌ للكرامة ، وبالثورة البشرية شَمَمٌ وشموخ!!
..  الى أن عرفتُ السيّد ، عرفت حقيقته ، عرفت جوهره الأزليّ السرمديّ الغير مُتحوّل ....عرفته عن قُرب.

هو الذي اقترب...
هو الذي بادرَ ....
هو الذي تواضعَ وعرّفني بشخصه...
هو الذي دفع حساب الّلقاء والعشاء...
وكانت المائدة دسمة ، شهيّة ، مُغذيّة للروح قبل الجسد ، عاطرة ، عبقة بصنوف الرّجاء والأمل والمحبّة والتغيير.
لقد هبّت عليَّ رياح التغيير فكسرت أغصاني اليابسة ، وقلّمت شوائبي ، وداست عنفواني الأجوف  ، فاخضرّ الدّاخل منّي وأزهرت النفس ربيعا دائمًا، وذُقتُ حقيقة الصّليب وعرفت معناه ، فكبر هذا الصليب في عينيّ ، كبر حتى ملأ كلّ كياني .حقيقة عرفت من خلال خشبة الجلجثة معنى الفداء والتضحية والعطاء والبذل وكل المعاني الخيّرة.

أضحى الصّليب الذي اعتبرته في شبابي ضعفًا واستسلامًا ، أضحى عنوان فخر لا يعرف الحدود ، ورمز انتصار ما فوقه انتصار ، وزقزقة تملأ أيامي ولياليّ فرحا وبهجة.
تحسّرتُ وما زلتُ أتحسّر على تلك الأيام التي أكلها الجراد ، الأيام التي ما قدّرت فيها الصليب حقّ التقدير ، وما قدّرت فيها الموعظة على الجبل حقّ التقدير أيضا ؛ هذه الموعظة التي هي في اسطر قليلة أبلغ بما لا يُقاس من كلّ ما خطّه البشر وسيخطونه على مدى الأجيال والعصور.

إكليل شوكك يا سيّدي أجمل وأعظم من كلّ تيجان ملوك الأرض .
إكليل شوككَ يا سيّدي أبلغ تأثيرًا من كلّ قصائد الدُّنيا وخواطر الزمان

صليبك يا يسوع  عنوان مجدٍ ، وفرحة أملٍ ، وفسحة رجاءٍ ابديّ لا تُغلق.
صليبك يا يسوع رمز فخرٍ يُنعش البشرية ويرفعها الى فوق.
صليبك يا يسوع كلّ حياتي ، وكلّ أمنياتي وكلّ رجائي.
ففي صليبك أحتمي ، وبه ألوذ ، وعليه أتكل ، وبه الرجاء والخلاص، ومنه المحبة والخير العميم والخلاص الأكيد.
صليبك يا يسوع منجاة لكل نفس من كل الاوصاب.

صليبك يا يسوع مفزعة الشيطان ومصيبته .

صليبك ........   هو الحياة.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. اشواق 13 أغسطس 2009 - 10:05 بتوقيت القدس
زهير دعيم: أنا وجبران والصّليب زهير دعيم: أنا وجبران والصّليب
تعبير رائع جدا وقوي كأنك اخذت مشاعري اتجاه يسوع حبيبي وترجمتها الى كلمات وتعابير
2. ابنة الرب 13 أغسطس 2009 - 10:05 بتوقيت القدس
معجبه بكتاباتك معجبه بكتاباتك
الرب يباركك يا اخ زهير ويزيد من مقالاتك الشيقه والمنوعة الشئ الملفت للنظر في مقالاتك انها تعكس رؤيتك للعالم مقارنة لعلاقتك مع الكلمة في الكتاب المقدس، اسلوبك في الكتابة جدا شيق وفريد من نوعه. سؤال: هل اصدرت كتب ؟
3. فيولا اسبنيولي 13 أغسطس 2009 - 10:13 بتوقيت القدس
زهير انت جبران الذي يحمل الصليب . زهير انت جبران الذي يحمل الصليب .
الرب يبارك اخ زهير على كلماته الراثعة والمؤثرة, عندما تتكلم عباراتك عن المسيح فأنها تتقدس. أحب كتيرا ان اقرا لك لأن كلماتك تصيب الصميم.
4. زهير دعيم 13 أغسطس 2009 - 15:31 بتوقيت القدس
شكرا من الاعماق. شكرا من الاعماق.
شكرا للاخوات الغاليات في الرب : أشواق ، ابنة الربّ ، فيولا ، ,اقول لابنة الربّ انّ لي 18 اصدارا للكبار وللصغار وهناك الكثير من قصص الاطفال والتأملات والمقالات الاجتماعية والادبية التي تنتظر فرصة النشر في اصدارات. يطيب لي ان اسجّل لك موقعي الخاص. الرب يبارككن ويبارك هذا الموقع الرائع والقائمين عليه zohairdaeem.blogspot.com
5. 7efaweie 14 أغسطس 2009 - 10:34 بتوقيت القدس
ra2e3 ra2e3
a5 zuher lemaza la taqum b2umseya she3reya thaqafeya dasema shaheya 2ushaje3uka 3al zalek
6. الاخت شيرين اسبنيولي 14 أغسطس 2009 - 10:35 بتوقيت القدس
الرب يباركك الرب يباركك
كتابات كثر رائعة ومعزية جدا لقارئها .باسم يسوع ان نكون دائما حاملين الصليب في كل الظروف ونتبع يسوع مهما كلف الثمن
7. زهير دعيم 14 أغسطس 2009 - 13:10 بتوقيت القدس
فكرة جيدة فكرة جيدة
شكرا للاختين الغاليتين في الرب شيرين والاخت الحيفاوية واقول لها فكرتها رائعة.