من يملك علينا؟

ان فكر ومقاصد الله ليست مثل البشر، فهو لا يريد ان يملك على الاراضي والممتلكات، بل يرغب بكل محبة ووداعة ان يملك على قلب الانسان
03 مارس 2022 - 15:55 بتوقيت القدس
من يملك علينا؟

يُعتبر الاحساس بالامان احد الامور الاساسية التي يرغب الانسان ان يمتلكها بحياته، خاصة في ايامنا الصعبة هذه حيث تضرب الامراض العالم باسره، والحرب تعصف باوروبا وتهدد ربما العالم، انتشار الهزات الارضية والمجاعات وتحديات صعبة كثيرة عديدة.

ففي هذه الظروف، يبحث الانسان عن مُعين له ربما الاهل والاقارب والاصدقاء، او ربما الطب والعِلم والتكنولوجيا، او زعيم وقائد سياسي او اجتماعي او حتى ديني.

نحن نشكر الله على كل عطاياه، وكل معونة ذُكرت اعلاه، لكن هل هذه الامور توفر لنا بالحقيقة الطمأنينة وراحة البال ؟

الانسان بطبيعته كائن اجتماعي، يرغب بالشعور بالانتماء الى مجموعة او طائفة لكي تلبي رغبته هذه، فهناك من يشعر بالرغبة للانتماء لمذهب ومعتقد سياسي، يقوده شخص وزعيم قوي الشخصية وخارزماتي، او تشجيع فريق رياضي مثل كرة القدم والشعور بالانتماء لهذا الفريق وبالاخص لنجم كروي على مستوى عالمي، واحيانا ينجذب البعض الى مغني او نجم سينمائي على مستوى عالمي، واحيانا اخرى نرى البعض يشعر بانتماء شديد لدين معين او طائفة، وولائه المطلق للزعيم او القائد الديني لهذه الطائفة، فيصبح كل واحد من هؤلاء، ان كان القائد الديني او السياسي او الاجتماعي، او نجم كرة القدم او المغني بمثابة المرجع الاول والاخير لحياتنا، نتمثل به وباقواله وآرائه وطريقة لبسه ونهج حياته، ويصبح هو "الملك" على حياة الشخص.

هناك بعض الاشخاص الذين يعملون ليل نهار لكسب المزيد من المال والجاه والشهرة، على حساب العائلة والزوجة، فيصبح حُب المال او الشهرة والجاه هو الدافع الاساسي لحياته، وبمثابة مَلِك على القلب والافكار !

نقرأ في كتاب القضاة الاصحاح التاسع عن ابيمالك ابن جدعون، الذي ملك بالقوة والبطش وسفك الدم على شكيم، حتى انه قتل اخوته السبعين وبقي يوثام الاخ الاصغر، وعندها اجتمع جميع اهل شكيم وجعلوا ابيمالك ملكًا عليهم. لكن نهاية ابيمالك كان صعبة جدا عندما طرحت امرأة قطعة رحى على رأس ابيمالك فشجت جمجمته، وطلب من غلامه ان يطعنه فمات، وهكذا نرى النهاية الحزينة لهذا الملك الظالم ولاهل شكيم آنذاك.

وفي كتاب صموئيل الاول الاصحاح الثامن، نقرأ عن شعب اسرائيل عندما طلب ملكًا لكي يملك عليهم كسائر الشعوب، الامر الذي ساء في عيني النبي صموئيل لان الشعب رفض الله لكي يملك عليهم، ومع ان النبي اخبر الشعب عن قسوة هذا الملك الذي سوف يستعبد بنيهم وبناتهم وممتلكاتهم، ومع ذلك اصروا ان يملك عليهم ملكًا، ونحن نعلم مصير هذا الملك ونهايته الحزينة، الملك شاول الذي قُتِل على جبال جلبوع !!

لكن فكر ومقاصد الله ليست مثل البشر، لان الله لا يريد ان يملك على الحقول والاراضي والممتلكات، لكنه يرغب بكل محبة ووداعة ان يملك على قلب الانسان وافكاره، اذ ارسل لنا ابنه الوحيد يسوع المسيح وديعًا ومتواضعًا كما تنبأ زكريا، وكما دوَّن متى في الانجيل الاصحاح 21:

" قولوا لابنة صهيون، هوذا ملكك يأتيك وديعًا، راكبًا على اتان وجحش ابن اتان ".

أخوتي، من هو الملك على قلوبنا وافكارنا وحياتنا في هذه الايام ؟ 

ربما ملك ارضي او زعيم سياسي او ديني او اجتماعي ؟ هل محبة المال والعمل والشهرة والرفاهية ما يملك على حياتنا ؟ او ربما "الانا" تتربع على عرش القلب ؟!

انه وقت ان نُخلي قلوبنا وافكارنا من كل كبرياء بشري، ونتعلم من سيدنا المبارك يسوع المسيح الوداعة والتواضع، ونتوجه وحده الملك والسيد والرب على حياتنا وقلوبنا وافكارنا وممتلكاتنا ومشاريعنا وخدماتنا، لانه وحده المستحق وواهب الحياة، وهو الذي به نحيا ونتحرك ونوجه.

يسوع المسيح هو هو امسًا واليوم والى الابد...

وكما قال الكتاب عنه في رؤيا يوحنا 16:19 انه :

" ملك الملوك ورب الارباب ".

فهل ما زلنا نريد ملك آخر على حياتنا سواه ؟!

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا