وحي كلمة الرب لإسرائيل على يد ملاخي (1)

تصف الكلمات الأولى في سفر ملاخي نوع الرّسالة الّتي دُعي النّبيّ لإيصالها من قِبَل الله، وكذلك ما هي المتطلّبات من الرّسول نفسه.
18 أغسطس 2021 - 09:55 بتوقيت القدس
وحي كلمة الرب لإسرائيل على يد ملاخي (1)

"وَحْيُ كَلِمَةِ الرَّبِّ لإِسْرَائِيلَ عَنْ يَدِ مَلاَخِي" (ملاخي 1: 1).

نبوءات من نوعيّة "وَحْي" في الكتاب المقدّس هي نبوءات جادّة وغير سارّة، تتحدّث عن الدّينونة والقصاص، وعادة ما تكون موجّهة إلى الشّعوب الوثنيّة. أمثلة على ذلك: "وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بَابِلَ" (أشعياء 13: 1)، "وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ مُوآبَ" (أشعياء 15: 1)، "وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ دِمَشْقَ" (أشعياء 17: 1)، "وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ مِصْرَ" (أشعياء 19: 1)، "وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بَرِّيَّةِ الْبَحْرِ" (أشعياء 21: 1) وما إلى ذلك. فكلمة "مسا" تعني العبء الثّقيل، شيء يُحمل بجهدٍ، وهذه هي الرّؤى والعظات والنّبوءات الكارثيّة. ومن دعيَ لحمل هذه الرّسالة فإنّه يشعر حتمًا بحمل ثقيل على كاهله.

يبدأ سفر ملاخي بالكلمات "وَحْيُ كَلِمَةِ الرَّبِّ". ومن النّصّ الّذي يتبعه نفهم أنّ هذا العبء ليس عبء القضاء بل هو عبء آخر: عبء المحبّة! "وَحْيُ كَلِمَةِ الرَّبِّ لإِسْرَائِيلَ عَنْ يَدِ مَلاَخِي" (ملاخي 1: 1). كلام الرب هو عبء. 

الله نفسه لديه عبء ثقيل يحمله. وسوف يشرح لاحقًا ماهيّة هذا العبء، لكنّه هنا يقول: "لديّ عبء ثقيل، وأوكله إلى ملاكي (الرّسول). ويتعيّن على رسولي أن يحمل هذا العبء ويسلّمه إلى إسرائيل".

يجب على كلّ من يريد أن يكون مُرسَلًا من الله في هذا العالم أن يتحمّل أعباء الله وينقلها إلى السّامعين.

لقد أعلن يسوع أمورًا مشابهة عندما نادى: "وَمَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُني فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي" (متى 10: 38). هنالك متطلّبات توضع أمام أولئك الّذين يريدون اتّباع يسوع. من أراد أن يكون مندوبًا عن المسيح وأن يكون مُرْسَله يلزمه:
أن ينكر نفسه: يتوجّب على المُرسَل أن يسعى لتطبيق إرادة الله أكثر من تطبيق إرادته. يجب أن يكون مُرْسَلًا أمينًا يمثّل الله ويفهم أنّ الرّسالة أهمّ من المُرسَل. يعتقد الكثيرون منّا أنّ الله لن يتدبّر أمره بدوننا؛ إذا لم ننقل نحن الرّسالة من الله، فلن يكون هناك من يفعلها. بصفتنا رسلًا ليسوع، مدعوّون لإتمام "الإرساليّة العُظمى"()، يجب أن ننكر ذواتنا. لسنا نحن المهمّين بل الله، والعبء الّذي يحمله والرّسالة الّتي يحمّلنا إيّاها. يجب أن نُنقص من ذواتنا بينما هو يزيد (انظر يوحنا 3: 30).

حمل صليب المسيح: يجب أن يحمل المُرسَل عبء الله، وأن يفعل ذلك كما فعل يسوع المسيح - أمام الجميع وبدون خجل. لا يحتاج الله إلى مساعدة ولكنّه يعطينا الامتياز في أن نشترك معه في حمل المشقّات، لأنها خير لنا: "تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ" (متى 11: 28-30). إنّ الله يدعونا بنعمته الفائقة أن نكون شركاء في أعماله.

اتّباع المسيح: يجب على المُرسَل أن يسلك طريق المسيح وأن يبقى قريبًا منه. حيث إذا ابتعد عن المسيح، فلن يعرف إلى أين يمشي المسيح، وكيف يتبعه. هذا يعني أنّ المُرسَل يجب أن يتمثّل بالمسيح - يسلك في طرقه ويتصرّف مثله.
إنّ المسيح يدعونا أن نخرج إلى كلّ مكان، ونعلن رسالته وإنجيله. للقيام بذلك يجب أن نحمل نيره (اللّين) ونتبعه. هؤلاء النّاس يسمّيهم "ملاكي" مُرْسَلِي. هل يمكن أن يدعوك الله "ملاكي"؟

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا