رسالة إلى يسوع الفادي الحبيب

تحية ولا أروع مُضمَّخة بعطر عباهر الجليل وزنابقه ، ومؤرجة بعبير سوسنات جبل الزيتون ، التي طالما تغذت من لفح أنفاسك الوردية وبعد : سيدي في مثل هذه الأيام قبل ألفين ونيِّف من السنين ، وفي ليلة كانت للتاريخ تاريخاً ، حطت عصا ترحالك وصحبك في بستان الجسثماني
23 ديسمبر 2008 - 12:34 بتوقيت القدس

 تحية ولا أروع مُضمَّخة بعطر عباهر الجليل وزنابقه ، ومؤرجة بعبير سوسنات جبل الزيتون ، التي طالما تغذت من لفح أنفاسك الوردية وبعد : سيدي في مثل هذه الأيام قبل ألفين ونيِّف من السنين ، وفي ليلة كانت للتاريخ تاريخاً ، حطت عصا ترحالك وصحبك في بستان الجسثماني ، فمشى الطُّهر في كل زاوية فيه ، ورحت ترفع صلاة ما فتئت سيمفونية في فم الحياة ، بينما نبتت من قطرات عرقك المتساقطة كالدم برقوقات شامخات لا تعرف الذبول . إنّ خطايانا البشرية يا سيدي والتي وضعتها طوعا على كتفيك ثقيلة ثقيلة ، تجرح منك النَّفس والبدن ، وأنت يا حَمَل الله ما جئت إلا لفدائنا وحمل أثقالنا وهمومنا وأوجاعنا . ذقناكَ يا سيد فكنت دومًا عسلا لأفواهنا ولكن – لا أقول سّرا – فأنت فاحص القلوب والكلى ، نعم أقول إننا نصلبك كل يوم ، ونبيعك بثلاثين من الفضّة في كل ساعة ، وننكرك قبل صياح الدّيك عشرين مرّة ، ونسقيك خلا ونضفر لك إكليلاً من الشّوك في كل فصح ، ونراهن على ثوبك في كلِّ عام ، فالخطيئة يا رب الحياة متأصلة في نفوسنا ، يزرعها أسد زائر لا يردعه إلا صليب يجوس في هذه النَّفس طولا وعرضًا . لكم أتوق يا هادم الهيكل وبانيه الى موعظة الجبل والى المحبة الّلامتناهية ، والى عشق الأعداء والذوبان في حنان لا يعرف الحدود ، يموت وفي فيهِ ترنيمة الأزل " اغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون "     سيدي ، انتظروك فارسًا تمتطي صهوة حصان قُدَّ من الليل يروح يهدم القلاع ويروي الأرض دمًا ودموعًا ويُتمًا .

خيَّبت ظنّهم يا سيّد ، فقد جئت فقيرا مُعدمًا لا تجد مكانًا تسند إليه رأسك ، وأنت الغنيّ ، ورحت تجالسُ الخطاة والعشّارين وتدعو إلى محبة الأعداء .

أراك بعين الإيمان يا يسوع وأنت تخربش على الأرض والزانية أمامك وغلاظ الرّقاب يخرجون واحدًا واحدًا والخجل يعتصرهم ، بعد أن ألقمتهم هذه الكلمات الهادرة : " من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أولا  بحجر " خرج الجميع وبقيت وحدك يا من لم يعرف خطيئة .

يسوع ؛ يا من أكملت مهمتك على الصَّليب ، وانتصرت على الموت بالموت في عقر داره ، أحثّك على القدوم ثانية فأيام نوح عادت أمرّ وأدهى ، والمسحاء الكذّابون يطلعون كل يوم في ثياب برّاقة من قشور التقاليد والكراهية العمياء والحقد .

وأنا اعرف يا الهي ان يومًا عندك كألف سنة ، ولكن ماذا أقول والبشرية اليوم عادت إلى أيام بيلاطس حيث للذبيحة كرامة لا للرحمة .

يسوع ، لن أطيل عليك ، ولكن في فمي طلبة صغيرة وأنا على يقين بأن بمقدورك تحقيقها فهاكها .
لكم أتمنّى يا سيدي آن تغسل بدمك الطاهر البشرية جمعاء ، أما أنا فيكفيني أن أكون كذاك الذي سرق الفردوس وهو على الصليب ، وأخيرًا عجِّل يا يسوع فأنت وعدْتَ بزيارتنا ثانية ..... إنّا ننتظر .

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا