قوة قيامته

نشكر الله أن قصة الإنجيل لا تنتهي بموت المسيح ولا تختتم بصرخة الانتصار: "قد أكمل". فقد تبع موت المسيح قيامته من بين الأموات: إن يسوع كان "من نسل داود من جهة الجسد" ولكن "تعين ابن الله بقوة بالقيامة
01 مايو 2019 - 14:01 بتوقيت القدس

يعتبر حدث القيامة احد اهم الحقائق التي يؤمن بها المسيحيون، مع ان قيامة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح كانت قبل اكثر من الفي سنة، إلا انه ما زال تأثير القيامة على حياة المؤمنين قوي جدًا، وحتى غير المؤمنين يذكرون ويعيِّدون بهذا الحدث المجيد.

هناك الكثيرين الذين ينكرون صلب يسوع، موته وقيامته في اليوم الثالث، وحتى ينكرون حقيقة القيامة من بين الاموات بشكل عام، ويقولون انه من مات فقد مات، وكل شيء ينتهي بعد الموت!

نعلم جميعًا انه لا بد لكل انسان ان يموت، وليس احد منا سوف يحيا الى الابد على هذه الارض، التي سوف يكون مصيرها الدمار الكامل والزوال كما يُخبر الكتاب المقدس.

نقرأ ايضًا انه بعد الموت هناك القيامة من بين الاموات، القيامة الاولى للذين آمنوا بالرب يسوع كمخلص ورب على حياتهم، ولم يواجهوا الرب كالديان، والقيامة الثانية للذين رفضوا خلاص الرب، صليبه وقيامته من بين الاموات، والذين سوف يدانون على اختيارهم هذا ورفضهم لعمل الخلاص.

يتميز يسوع المسيح عن باقي البشر، انه الوحيد كانسان قد مات وفي اليوم الثالث قام، وهو الان حي الى ابد الابدين في السماء عن يمين الآب القدوس.

باقي البشر الذين ماتوا، ما زالوا ينتظرون رجوع الرب من السماء ليدين الاحياء والاموات.

نقرأ في الكتاب المقدس كيف ان انبياء ورسل الله قد اقاموا الموتى، لكن كل هؤلاء الذين قاموا ماتوا ثانية وهم ايضًا ينتظرون رجوع الرب والدينونة.

نقرأ مثلًا كيف اقام اليشع ابن الامرأة الشونمية، كذلك اقامة طابيثا، ابن امرأة نين، ابنة يايرس واقامة العازر.

حتى في ايامنا هذه نسمع عن احداث اقامة الموتى باسم الرب يسوع، الذي وعد الكنيسة والمؤمنين اننا سوف نصنع آيات وعجائب باسمه.

يؤكد الكتاب المقدس اهمية موت يسوع على الصليب وقيامته في اليوم الثالث، وبتتميم هذا وهبنا الخلاص والحياة الابدية بالايمان بشخصه المبارك.

بموته على الصليب اخذ عنا عقاب الموت الذي هو اجرة الخطية، وبقيامته اعطانا بِره.

هذا ما تنبأ به داود في كتاب المزامير 7:2:

"انت ابني، انا اليوم ولدتك".

كذلك في المزمور 10:16:

"لانك لن تترك نفسي في الهاوية، لن تدع تقيك يرى فسادًا".

تنبأ ايضًا اشعياء في الاصحاح 53 قائلًا:

"ان الرب جعل نفسه ذبيحة أثم يرى نسلًا تطول ايامه، ومسرة الرب بيده تنجح".

نقرأ ايضًا ان قيامة يسوع من الاموات كانت بمشيئة الآب القدوس، بمشيئة وقدرة يسوع نفسه وكذلك عمل الروح القدس.

ففي يوحنا 19:2 نقرأ ما قاله يسوع:

انقضوا هذا الهيكل، وفي ثلاث أيام أُقيمه، اي هيكل جسده والمعنى هو انه قادر ان يقيم نفسه.

كذلك في يوحنا 17:10 يقول:

لهذا يحبني الآب، لاني أضع نفسي لآخذها ايضًا.

وفي رسالة رومية 11:8 يؤكد ان الروح اقام يسوع من الاموات.

وفي رسالة العبرانيين 20:13 نقرأ ان اله السلام، أقام من الاموات راعي الخراف العظيم، ربنا يسوع.

قيامة رب المجد يسوع من الاموات، هي ليست حدث تاريخي نحتفل به كل سنة ونذكر ذلك الحدث العظيم، لكن هذه الحقيقة ساكنة في قلوبنا، ونحياها كل يوم بنعمته الفائقة وبقوة عمل روحه القدوس.

لانه ان كان روح الذي أقام يسوع من الاموات ساكنًا فينا، فالذي اقام المسيح من الاموات سَيُحيي اجسادنا المائتة ايضًا بروحه الساكن فينا ( رومية 11:8 ).

وهنا يؤكد الرسول بولس انه هناك قيامة من بين الاموات، وان روح الله سوف يقيم المؤمنين، وهو يتحدث هنا عن القيامة الاولى للمخلصين والذين آمنوا بيسوع وعملوه الكفاري على عود الصليب.

كذلك في رسالة تسالونيكي الاولى الاصحاح الرابع، يشرح بولس عن قيامة الراقدين، وكيف ان الاموات في المسيح سيقومون اولًا. وبعدها الاحياء سوف يُخطفون جميعًا في السحب لملاقاة الرب في الهواء، وهكذا نكون كل حين مع الرب.

وفي رؤيا يوحنا الاصحاح 20 يتكلم عن الذين عاشوا وملكوا مع المسيح الف سنة، اي القيامة الاولى، والذين ليس للموت الثاني سلطان عليهم.

قيامة ربنا يسوع من الاموات، هي قوة فعالة في حياة كل مؤمن مسيحي، وهي ليست فقط حدث تاريخي او عقيدة، ولا حتى فقط تعليم كتابي.

فهذه كانت وصية الرسول بولس للكنيسة الاولى، وطبعًا لنا نحن اليوم، لانه ان لم يكن المسيح قد قام، فباطل ايماننا، ونحن بعد في خطايانا، وايضًا الذين رقدوا في المسيح ايضًا هلكوا! (كورنثوس الاولى 17:15).

ولكن شكرًا للرب الاله الذي افتقدنا وخلصنا، وعَرَّفنا بالحق الالهي من خلال الكتاب المقدس.

لان الله الذي هو غني في الرحمة، من اجل محبته الكثيرة التي احبنا بها، ونحن اموات بالخطايا احيانا مع المسيح، واقامنا معه، واجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع.

يتكلم الرسول ان الله اقامنا (فعل ماضي) واجلسنا معه في السماويات.

فنحن لا ننتظر فقط القيامة من الاموات وهذا الرجاء العظيم المبارك، الذي كسر شوكة الخوف من الموت والدينونة، بل بنعمة ربنا يسوع الذي قام من الاموات، نحن اليوم احياء بقوة روحه القدوس الساكن فينا، والذي به نصرخ "يا ابا الآب".

بالفعل ما اعظمه من رجاء، ويا له من يقين حي فينا بالايمان، ان الله ساكن فينا بروحه القدوس، وقوة قيامته العاملة فينا كل يوم تغلب كل ضعف او مرض، وهي اقوى من كل خطية او ضعف روحي.

لذلك لنسمع وصية الرسول لنا:
"ان كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق، حيث المسيح جالس عن يمين الله. اهتموا بما فوق لا بما على الارض، لانكم قد مُتُّم وحياتكم مُستترة مع المسيح في الله. متى أُظهر المسيح حياتنا، فحينئذ تُظهرون انتم ايضًا معه في المجد". (كولوسي 1:3).

فهذه هي قوة القيامة العاملة فينا، التي تزيل من حياتنا الزنا، النجاسة، الهوى، الشهوة الردية، الطمع، الغضب، السخط، الخبث، التجديف، الكلام القبيح والكذب، وتُلبسنا كمختاري الله القديسين المحبوبين أحشاء رأفات، لطفًا، تواضعًا، وداعةً وطول اناة، محتملين بعضنا بعضًا ومسامحين بعضنا بعضًا ان كان لاحد على احد شكوى. وتلبسنا المحبة التي هي رباط الكمال ويملك سلام الله في قلوبنا.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا