وقفة بين الكتاب المقدَّس وبين غيره– ج10 رابعًا وأخيرا: الصلاة والقرار

أنّ اختلاف المفسّرين على معنى "صلاة الله" بين الرحمة والبركة والثناء مِن الأدلة على ‏صعوبة بعض معاني القرآن، بل أساء اختلافُهم إلى "بلاغة القرآن" عِلمًا أنّ اختلاف التفسير ‏سِمَة غالبة في كتب تفسير...
15 فبراير 2016 - 23:39 بتوقيت القدس

يرى أزْيَدُ من موقع الكتروني إسلامي أنّ (صلاة الله على النبي: ثناؤه على عبده في المَلأ ‏الأعلى عند الملائكة، وصلاة الملائكة: الدعاء) انتهى.‏
وتعليقي: عنوان هذه المقالة واضح وهو "وقفة بين الكتاب المقدَّس وبين غيره" ولا تعني ‏المقالة التشكيك في ما أوحِيَ إلى مؤلِّف القرآن، لكن كاتب المقالة يؤكّد على أنّ مصدر الوحي ‏بالقرآن مختلف عن مصدر الوحي بالكتاب المقدَّس. وقد ضرب أمثلة كثيرة في الأجزاء ‏السابقة. ولديه في هذه المقالة موضوع الصلاة الشائك إسلاميًّا. لطفًا قراءة الأقسام السابقة من ‏هذه المقالة. وقد ورد فيها باختصار شديد: إن الصلاة حاجة يحتاج إليها عباد الله فيتوجّهون ‏بها إلى الله بالتسبيح والشكر والحمد والاستغفار وطلب العون وغيره، خاشعين راكعين ‏وساجدين... أمّا الله جلّ شأنه فلم يكنْ بحاجة إلى صلاة؛ لا في التوراة ولا كتب الأنبياء ولا ‏الإنجيل. وقد ذكر معنى صلاة السيد المسيح في القسم الثاني من المقالة والغرض منها. فالآن: ‏لِمن يتوجّه الله إذا صلّى؟ إلّا إذا اختُرعت معانٍ أخرى للصلاة أو حصل تلاعب بمعناها ‏المعروف عند العرب ما قبل الإسلام.‏

وقد طلب إليّ "فاعل خير" في هامش القسم السابق الاستشهاد بتفسير ثقات المسلمين معنى ‏‏"صلاة الله" في وقت اكتفيت بحجج الأخ رشيد، عبر حلقة برنامجه المدوَّن رابطها هناك. ‏ومن ضمنها اختلافهم على تفسير معناها. وإليك يا فاعل الخير شيئًا ممّا دار في ذهني:      ‏
أوّلًا: أنّ اختلاف المفسِّرين على معنى "صلاة الله" ما بين الرحمة والمغفرة والبركة والثناء ‏مِن الأدلّة على غموض بعض ألفاظ القرآن، بل أساء اختلافُهم إلى "بلاغة القرآن" عِلمًا أنّ ‏اختلاف التفسير سِمَة غالبة في كتب تفسير القرآن، وأنّ اضطراب المعنى ليس مِن سِمات ‏البلاغة ولا ينسجم مع الوارد في القرآن (قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَج)- الزمر:28 و(نزل به ‏الروح الأمين .. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبين)- الشعراء:193و195 كذا في سورة النحل:103 حيث ‏أجمعوا على أنّ المعنى (أفْصَح ما يكون مِن العَرَبِيَّة) بغضّ النظر عن رصد الباحثين ما زاد ‏عن 275 كلمة أعجمية (أي غير عربية) في القرآن، عِلمًا أن أصل "صلاة" سرياني.‏‎ ‎
وبالمناسبة؛ رصد الأخ رشيد في (سؤال جريء 296 دراسة في سورة الإخلاص) ثمانية ‏عشر معنىً مختلفًا لقول مؤلِّف القرآن "الله الصَّمَد" في تفسير الرازي، ولا تفسير لقوله ‏‏"الصمد" الوارد مرة واحدة في القرآن إلّا بفضل خبير سرياني-عربي إذ قال إنّ المعنى: ‏‏(الثالوث المُوَحَّد) بالعودة إلى جذر الكلمة الآرامي- السُّرياني.‏

ثانيًا: إذا اتُّفِق على أنّ معنى صلاة الله "الثناء أمام الملإ الأعلى" فإنّ الثناء (أي المدح ‏والإطراء وذِكر المزايا الحسنة) كلمة عربية معروفة، بل وردت في حديث صحيح (إذا صلّى ‏أحدكم فليبدأ بتحميد ربه، والثناء عليه، وليُصَلِّ على النبي ثم يدعو بما يشاء)- المستدرك على ‏الصحيحين. فما كان صعبًا على مؤلِّف القرآن قول التالي "إن الله وملائكته يُثنون على ‏النبي..." فحُجّة الثناء مفنَّدة. وببساطة فإن معنى الصلاة في لغة العرب مختلف عن معنى ‏الثناء كثيرًا، فلماذا حاول المفسِّرون ليّ أعناق الألفاظ العربيّة؟ أنْ لا جدوى مِن اللي عندي ‏وعند سائر المهتمِّين باللغة. أمّا بعد؛ ‏
‏1 كيف يُعقَل أنّ الله يترك شؤون الكون ومخلوقاته ليتفرّغ للثناء على أحد أنبيائه، هل يدلّ هذا ‏على أنّ الله قَلِق على مصير هذا النبي يوم الحساب؟ هل حان يوم الحساب قبل أوانه لتقتضي ‏الضرورة أن يأخذ الله رأي الملائكة لتزكية نبيّه عندهم بمدحه، ألا يكفي قرار الله وحده ‏بالتزكية، أم ان الملائكة كهيئة المحلَّفين في دور القضاء؟ ‏
‏2 إنّ الملائكة مشغولون بالدعاء لنبيّه، حسب التفسير، لا ينتهون منه إلّا إذا قطع الله عليهم ‏الدعاء لكي يُثني على نبيّه أمامهم. فإذا صحّ هذا الاستنتاج فما الذي يدعو الله إلى الثناء على ‏نبيّه قبل اتّخاذه قرارًا بإدخال نبيّه الجنّة فورًا، مع سبق الإصرار وبدون شفاعة أحد؟
‏3 كيف يلتقي الفريقان على فعل مختلف، كيف يتزامن مدح الله مع دعاء الملائكة؟ ما حاجة ‏الله إلى لفت انتباه الملائكة إلى الثناء على نبيّ طالما استمرّ دعاء الملائكة للنبي إلى أجل غير ‏مسمّى، بينما اختار الله أنبياءه فزكّاهم سلفًا؟
‏4 مَن الذي ضَمِنَ شفاعة الملائكة له يوم الحساب؟
‏5 ألعلّ الله يسأل الملائكة التشفّع لنبيّه لأن النبي أخطأ بشيء ما أو انحرف عن طريق الله ‏المرسوم له، في وقت احتاج أتباع النبيّ إليه ليتشفّع لهم عند الله لكي يدخلهم الجنة القرآنية؟
‏6 أين مكان الصلاة تحديدًا إذا (وَسِعَ كُرسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ والأرض)- البقرة:255 والعرش من ‏معاني الكرسي في تفسير الطبري؟ عِلمًا أنّ الكون غير محدود بمكان ولا زمان.‏
فالتساؤلات كثيرة والمراد بها أنّ "صلاة الله" تعبير غريب سواء على صفات الله المذكورة في ‏الكتاب المقدَّس وعلى لغة العرب ما قبل الإسلام.‏

الصلاة والقرار

أين ذهبت بلاغة القرآن؟

لعلّ من الجدير ذكره أن مفسِّري القرآن اعتادوا على الاستشهاد بالشعر العربي لدعم معاني ‏بعض فقرات القرآن، ولا سيّما الشائكة التي أثارت جدالًا، فأين ذهبت بلاغة القرآن وأين ذهب ‏بيانه؟ لأنّ المفترض بالمفسِّر الإسلامي جعل بيان الكتاب "العربي المُبين" منطلقًا نحو تفسيره، ‏لا الاستغاثة بالشعر لدعم التفسير. هكذا فعل أصحاب المعاجم العربيّة والنحويّون إذ استشهدوا ‏بنصوص القرآن لدعم معاني المفردات العربية، بالإضافة إلى استشهادهم بالشعر. وسأكتفي ‏بضرب مثالين، لأنّ لهاث المفسِّرين وراء الشعر مسألة مألوفة في كتب تفسير القرآن. وسوف ‏نرى أن الطبري استشهد حتّى بوصف الخمرة وهي من "المُنكَر" إسلاميًّا، وأنّ القرطبي ‏استشهد حتّى بشعر قيل بعد وفاة رسول الإسلام بنحو ستّين سنة.‏

المثال الأوّل: استشهاد الإمام الطبري بوصف الخمرة

ورد في تفسير الطبري (ويُقِيمون الصَّلاة...)- البقرة:3- بتصرّف:‏
‏[1. القول في تأويل قوله جلّ ثناؤه (ويُقِيمُونَ) وإقامتها: أداؤها، بحدودها وفروضها والواجب ‏فيها، على ما فُرِضَتْ عليه. كما يُقال: أقام القومُ سُوقَهم، إذا لم يُعَطِّلوها من البَيع والشراء ‏فيها، وكما قال الشاعر- على وزن بحر المتقارب:‏
أَقَمْنا لأَهلِ العِرَاقَيْنِ سُوقَ الضِّرَاب فخامُوا ووَلَّوا جَمِيعَا
‏2. القول في تأويل قوله جلّ ثناؤه (الصَّلاة) حدّثني يحيى... عن الضّحّاك: يعني الصلاة ‏المفروضة. وأمّا الصلاةُ فإنها في كلام العرب الدُّعاء، كما قال الأعشى- على وزن الطويل:‏
لَها حارِسٌ لا يَـبْرَحُ الدَّهْرَ بَيتَهَا ـــ وإِنْ ذُبِحَتْ صَلَّى عليها وزَمزَمَا
يعني بذلك: دعا لها، وكقول الأعشى أيضًا- على وزن المتقارب أيضا:‏
وقابَلَها الرِّيحَ في دَنِّها ـــ وصَلَّى عَلَى دَنِّها وارتَسَمْ] انتهى.‏
علمًا أنّ الدَّنّ: (برميل؛ وعاء ضخم للخمر والخلّ ونحوهما)- معجم المعاني الجامع.‏

وتعليقي أوَّلا؛ إذا صلّى الله وكان الدعاءُ معنى "صلاة الله" فإلى أيّ إله دعا الله- حاشا الله.‏
ثانيًا؛ عِلمًا أنَّ هذه الأبيات ابتداء بقول الأعشى (لَهَا حارِسٌ...) المدوّنة في ج10 ثالثًا والتي ‏ما تزال محفوظة في ديوانه، قالها في وصف الخمرة، فكيف استشهد الطبري بأبيات قِيلت في ‏الخمرة، على أنها من "المنكر" لديه ولدى سائر المسلمين، وهل جَهِل الطبري ما وَصَفَ ‏الأعشى أم تجاهَل؟ ربّما ظنّ الطبري أنّ هذا الاستشهاد يصبّ في مصلحة تفسير القرآن.‏

المثال الثاني: استشهاد الإمام القرطبي بشعر ظهر بعد القرآن بستّة عقود ‏

ورد في تفسير القرطبي (أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحمَة)-البقرة:157- بتصرّف ‏أيضًا: [صلاة الله على عبده: عفوه ورحمته وبركته وتشريفه إياه في الدنيا والآخرة. وقال ‏الزّجّاج: الصلاة من الله عز وجل الغفران والثناء الحسن. ومن هذا الصلاة على الميت إنما ‏هو الثناء عليه والدعاء له، وكرر الرحمة لما اختلف اللفظ تأكيدًا وإشباعًا للمعنى... وقال ‏الشاعر- على وزن السريع:‏‎ ‎
صلّى على يحيى وأشياعِهِ - ربٌّ كريمٌ وشفيع مطاعْ
وقيل: أراد بالرحمة كشف الكربة وقضاء الحاجة] انتهى.‏

وتعليقي: 1 ذكرت في ما تقدَّم أنّ الله جلّ شأنه وقدره لا يصلّي على أحد، حسب الكتاب ‏المقدَّس، كذا في شعر العرب قبل الإسلام.‏
‏2 في هذا النص (أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحمَة) دليل قاطع على اختلاف الرحمة ‏عن الصلاة. فشَتّان ما بينهما.‏
‏3 هل من البلاغة عطف مفرد مؤنّث "رحمة" على جمع مؤنث سالم "صلوات" أم أنّ أصل ‏الكلمة "صلوة" السريانية ثمّ أضيفت الألف بين الواو والتاء المربوطة لاحقًا، أي بعد تطوّر ‏الكتابة العربية؟ فالعطف السليم في رأيي عطف المفرد على المفرد والجمع على الجمع، ‏باستثناء عطف اسم الجلالة؛ لا يجوز عندي عطفه على غيره ولا العطف عليه.‏
‏4 نجد سبع معانٍ لصلاة الله المزعومة في هذا التفسير: (عفوه عن عبده ورحمته وبركته ‏وتشريفه إياه في الدنيا والآخرة والدعاء له والغفران والثناء الحسن) ولعلّ من الواضح أنّ لكل ‏مفردة من هذه المفردات بابًا خاصًّا في قواميس اللغة وأنّ لكل منها معنىً خاصًّا بها.‏
‏5 قال القرطبي محاولًا إبعاد شبهة اختلاف رحمة الله عن صلاته "كرّر الرحمة لما اختلف ‏اللفظ تأكيدًا وإشباعًا للمعنى" فهل تحتاج رحمة الله إلى تأكيد طالما أنها صادرة من الله، وهل ‏تحتاج "صلاة الله" إلى إشباع المعنى بالرحمة إذا كان معنى الصلاة: الرحمة؟ وفي نظري أنّ ‏هذا التكرار، حتّى إذا جاز تبرير القرطبي، يتعارض مع بلاغة القرآن. علمًا أن في تفسير ‏الطبري: [قال أبو جعفر "وصلوات الله" على عباده: غفرانه لعباده] انتهى. وهذا من الأدلة ‏على اختلاف المفسِّرين الذي نوّهت عنه، لكنّهم حاولوا بإخلاص تفسير "صلاة الله" عسى أن ‏يستقيم معناها قرآنيًّا ولعلّ. ‏
‏6 لقد بحثت عن قائل القصيدة التي مطلعها "صلّى على يحيى وأشياعه..." فوجدت أنه ‏‏"السفاح بن بكير بن معدان اليربوعي" المتوفّى بعد سنة 71 هـ وهذا يعني أنّ السفاح شاعر ‏مسلم اقتبس "صلاة الله" من القرآن وليس العكس! فكيف استشهد به الإمام القرطبي؟ ألا يدلّ ‏هذا على فشل القرطبي في إيجاد "صلاة الله" في شعر العرب ما قبل الإسلام؟ وإليك الدليل ‏ممّا روى صاحب المفضليات (1) عن القصيدة، في رثاء يحيى بن شداد بن ثعلبة، من بني ‏يربوع، وكان يحيى مع مصعب بن الزبير في اليوم الذي قُتِلَ فيه، فرثاه السفاح لوفاته. عِلمًا ‏أنّ مصعب قُتِل سنة 72 هـ (ويكيپيديا) وإليك عددًا من أبياتها، أمّا قصّتها فيمكنك إيجادها ‏عبر گوگل:‏

صَلَّى عَلَى يَحْيى وأَشياعِهِ – رَبّ غَفُورٌ وشَفِيعٌ مُطاعْ
أُمُّ عُبَيدِ اللهِ مَلْهُوفَةٌ – ما نَومُها بَعْدَكَ إِلاَّ رُواعْ
يا فارسًا ما أنتَ مِنْ فارِسٍ – مُوَطَّأ البَيتِ رَحِيبِ الذِّرَاعْ

والسؤال المشروع في النهاية: أين ذهبت بلاغة القرآن وبيانه؟ والمزيد عن "بلاغة القرآن" في ‏‏"الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس" للرصافي- ص 614‏

حلّ لغز الصلوات الخمس

لعلّ الإخوة المسلمين يشعرون أخيرًا بمسؤوليّة قولهم "صَلّى اللهُ عليه وسَلَّم" بعد ذِكر محمد أو ‏‏"صلّى الله عليه وآلِهِ وسلّم" مما توارثوا، بدون تدقيق في معنى الشرك بالله وفي عاقبته. هذا ‏بالإضافة إلى قولهم الشهادتين الدّالّتين على الشرك أيضًا- حسب دلالة واو العطف بين "أشهَد" ‏الأولى وبين "أشهد" الثانية. فمَن أراد-ت معرفة الإله الحقّ فليقرأ الكتاب المقدَّس! وليبدأ أوّلًا ‏بقراءة العهد الجديد (الإنجيل) عِلمًا أن قولهم المذكور مفروض عليهم بأمر من مؤلِّف القرآن ‏حسب الأحزاب:56 التي ورد في شقّها الثاني: (يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلِّموا تسليما) ‏لكنّ الأمر لم ينته عند هذا الحدّ؛ فقد ورد في صحيح البخاري- باب وجوب صلاة الجماعة- ‏عن أبي هُرَيْرَة أن محمّدًا قال: (والذي نفسي بيده لقد هممتُ أنْ آمُر بحطب فيحطب ثمَّ آمُر ‏بالصلاة فيؤذن لها ثم آمُر رجلًا فيؤمّ الناسَ ثم أخالف إلى رجال فأحرّق عليهم بيوتهم...) ‏وفي لفظ آخر عن الراوي نفسه: (لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت صلاة العشاء ‏وأمرت فتياني يحرِّقون) وفي رواية مسلم: (فأحرّق بيوتًا على مَن فيها) والمهمّ أنّ محمّدًا كان ‏ما معناه [يشكّ في تاركي الصلاة خشية ارتدادهم عن دينه فالتحاقهم بمعسكرات أعدائه]- هذا ‏ما توصّل إليه الباحث حامد عبد الصمد في إحدى حلقات برنامجه "صندوق الإسلام" المنوّه ‏عنها في القسم السابق. أمّا فتيان محمد فكانوا عيونه وجواسيسه (2) الذين رصدوا "المنافقين" ‏المتخلِّفين عن الصلاة، وحُكْمُ تارك الصلاة عمدًا حكم المرتدّ عن الإسلام. لذا فَرَضَ محمد على ‏جنوده حضور خمس صلوات لتفقّدهم، أي لإحكام سيطرته عليهم، ما يشبه التعداد اليومي في ‏معسكرات الجيش. فلم تكنْ لحضور الصلاة، خلال حياة محمد، علاقة بزيادة التعبدّ لله إلّا ‏ظاهريًّا. وما يزال الخافي على غالبية المسلمين أعظم. فمنذ ذلك الحين [ينطح المسلم الأرض ‏بجبهته أربعًا وثلاثين مرّة في خمسة أوقات من كلّ يوم، هذا إذا أدّى الصلاة المفروضة فقط ‏ولمْ يصل إلى الصلوات المسنونة... ولكن أيّ قيمة لهذه الصلاة التي يصلِّيها صاحبها وهو ‏مقسور عليها قسرًا؟]- (3)‏

الصلاة والقرار

أنت في رحلة الآن، تسير بزورق، ومكتوب على ضفة النهر اليمنى: لقد تجسَّد الله {القدير} ‏بشخص السيد المسيح: { في البَدْءِ كانَ الْكَلِمَةُ، والكَلِمَةُ كانَ عِندَ الله، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ... والكَلِمَةُ ‏صَارَ جَسَدًا وحَلَّ بَيننا ورَأَيْنا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآب، مَملُوءًا نِعمَةً وحَقّا}+ يوحنّا 1: ‏‏1 و14 أمّا على الضفة اليسرى فمكتوب: (إن الله وملائكته يصلّون على النبي يا أيّها الذين ‏آمنوا صلّوا عليه وسلِّموا تسليما)- الأحزاب:56 فعلى أيّ جانبَيه تميل؟ فكِّر بالصلاة إلى الله ‏كي يرشدك ثمّ قرِّر. فمعلومٌ امتياز المسيحية بحريّة الاختيار وحرية اتّخاذ القرار. ومعلومٌ أنّ ‏الدَّيّان يوم الحساب: الله. نَعَمْ هو الدَّيّان، لا الذين نصَّبوا أنفسهم البائسة نُوّابًا عن الله بدون ‏وجه حقّ فعاثوا فسادًا في الأرض.‏

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا