وقفة بين الكتاب المقدَّس وبين غيره – ج7: السؤال عن الدين

هذه الوقفة تخصّ مشروعيّة السؤال ومرادفاته، كالاستعلام والاستفسار والبحث وتقصّي ‏الحقيقة وطلب العون، ما بين الكتاب المقدَّس وبين غيره. فقد حثّ الكتاب المقدَّس على تفتيش ‏الكتب وعلى مجاوبة كلّ سائل...
30 نوفمبر 2015 - 00:43 بتوقيت القدس

هذه الوقفة تخصّ مشروعيّة السؤال ومرادفاته، كالاستعلام والاستفسار والبحث وتقصّي ‏الحقيقة وطلب العون، ما بين الكتاب المقدَّس وبين غيره. فقد حثّ الكتاب المقدَّس على تفتيش ‏الكتب وعلى مجاوبة كلّ سائل. وإليك دليلين من العهد الجديد؛ الأوّل في قول السيد المسيح: ‏‏{فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي}+ يوحنّا 5: 39 ‏والثاني بالوحي إلى بطرس الرسول: {بَلْ قَدِّسُوا الرَّبَّ الإِلهَ فِي قُلُوبِكُمْ، مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا لِمُجَاوَبَةِ ‏كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ، بِوَدَاعَةٍ وَخَوْف، وَلَكُمْ ضَمِيرٌ صَالِح، لِكَيْ يَكُونَ ‏الَّذِينَ يَشْتِمُونَ سِيرَتَكُمُ الصَّالِحَةَ فِي الْمَسِيح، يُخْزَونَ فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَفاعِلِي شَرّ}+ 1 بط ‏‏3: 15-16‏

فما أعظم الثقة التي زَرَعَ السيد المسيح في نفوس أتباعه حينما طلب إلى اليهود أن يفتّشوا ‏الكتب! نعم يا ربّ؛ كتُبُهُمْ شهدتْ لك، لكنّ مِنهم مَن كانوا {مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ ‏يَسْمَعُونَ وَلاَ يَفْهَمُون}+متى 13:13 ‏

فعلى غير المؤمن تفتيش الكتب. وعلى المؤمن الاستعداد لمجاوبة السائلين بوَدَاعَةٍ وخَوف من ‏خطإ ما أو عثرة. فما أكثر ما وجدتُ من وُعّاض مسيحيّين وهم يجيبون على أسئلة كتابية ‏بتواضع وطول بال، مهتمِّين بالسؤال ومتعمّقين في الجواب ومبسِّطينه وموضِّحينه بأمثلة، إلّا ‏الذين لم تكن لديهم أجوبة جاهزة، فاعتذروا؛ إمّا لصعوبة السؤال أو لضيق الوقت، طالبين إلى ‏السائل الانتظار قليلًا مع وعد صادق بالإجابة قريبًا.‏

وفي المقابل؛ قلّما رأيت بين الإسلاميّين أحدًا مستعدًّا للإجابة على أسئلة متعلّقة بالإسلام، ولا ‏سيّما القرآن والصَّحيحَين. فالإجابة إمّا بالسكوت أو بالتهرّب من السؤال أو بلعن السائل، أو ‏النّاقد، وسبّه والدعاء عليه بالشّرّ واتّهامه بالكفر، ممّا أضاف سببًا آخر إلى أسباب ارتداد ‏المسلمين أو إلحادهم أو عبورهم إلى نور السيد المسيح أو التوجّه إلى فلسفة ما شرقية أو ‏غربية. لعلّ أبرز نقاط ضعف الدفاع عن الإسلام ثلاث: 1 وجود نصوص منسوبة إلى الله ‏وهي مضادّة لحقّ الإنسان في عيش آمن وكريم ومضادّة لحريّته 2 افتقار جعبة الإسلامي إلى ‏جواب منطقي على سؤال شائك 3 اختلاف التفسير بما فيه من تأويل. مَن أراد التحقق من ‏كلامي فإنّ خدمة كلّ من گوگل ويوتيوب وفيسبوك متيسّرة.‏

عِلمًا أنّ الله ما منع سائليه سؤالًا ما، وما حَرَمَهم مِن جوابه حتّى في العهد القديم! وإليك ‏مثالين؛ الأوّل: حينما اجْتَمَعَ الشعب لِيَسأَل الرَّبَّ عونًا، استجاب الرب للسؤال، فلم يخذل ‏السائل- حاشا: {هذا ما يقولُ الرّبُّ لكُم: لا تَخافوا ولا تَجبُنوا أمامَ هذا الجَمْعِ العظيم، لأنَّ هذِهِ ‏الحربَ هيَ حَربُ الرّبّ، لا حربُكُمْ}+أخبار الأيام الثاني 20: 15 والرواية كاملة هناك.‏

أمّا الثاني: {في العاشِرِ مِنَ الشَّهرِ الخامسِ مِنَ السَّنةِ السَّابعةِ بَعدَ السَّبْي، جاءَ بعضُ شُيوخ ‏إِسرائيلَ ليسألوني عَنْ مشيئةِ الرّبِّ، فجلسوا أمامي. فقالَ ليَ الرّبُّ: يا اَبنَ البشَرِ، قُلْ لشُيوخ ‏إِسرائيلَ ما تكلَّمَ بهِ السَّيِّدُ الرّبُّ: ...}+حزقيال\ بداية الأصحاح الـ20 وتكملة الرواية هناك. ‏وأدعو القارئ-ة إلى الاستعانة بأحد مواقع تفسير الكتاب المقدَّس إذا ما أساء-ت الفهم. عِلمًا أنّ ‏الكتاب المقدَّس وتفسيره متوفران معًا على الانترنت.‏

السؤال في القرآن

سأرجع إلى الطبري لتفسير المائدة:101 (يا أيّها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إِن تُبْدَ لَكُمْ ‏تَسُؤْكُمْ وإن تَسألوا عنها حين يُنَزَّلُ القرآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفا اللَّهُ عنها...)- فإليك باختصار وتصرّف: ‏‏[ذكر أن هذه أنزلت عليه لسبب مسائل كان يسألها إياه أقوام، امتحانًا له أحيانًا، واستهزاءً ‏أحيانًا. فقال له بعضُهم "مَن أبي"؟ وقال له بعضهم إذْ ضَلَّت ناقته "أين ناقتي"؟ فقال لهم ‏تعالى ذكره: لا تسألوا عن أشياءَ من ذلك، كمسألة عبد الله بن حُذافة إياه مَن أبوه، "إن تبد لكم ‏تسؤكم" يقول: إن أبدينا لكم حقيقة ما تسألون عنه، ساءكم إبداؤها وإظهارها. وقال آخرون: ‏نزلت من أجل مسألة سائل سأله عن شيء في أمر الحجّ...] انتهى. ‏

وتعليقي على الوارد في التفسير هو التالي: إذا قيل بوجود امتحان في بعض الأسئلة فما ‏المشكلة؟ أليس من حقّ الناس امتحان شخص ادّعى بأنّ وحيًا ما أتاه من الله في وقت ظهور ‏عدد من أنبياء كَذَبَة؟ فقد أعطى الله في التوراة علامة للشعب لتمييز النبي الصادق من غيره: ‏‏{وأيُّ نبيٍّ تكلَّمَ باَسْمي كلامًا زائدًا لم آمُرْهُ به، أو تكلَّمَ باَسْمِ آلهةٍ أُخرى، فجزاؤُهُ القتل. وإنْ ‏قُلتُم في قلوبِكُم كيفَ نعرِفُ الكلامَ الذي لم يتكلَّمْ بهِ الرّبُّ. فأُجيبُكُم أنَّ النبيَ الذي تكلَّمَ باَسْمِ ‏الرّبِّ ولم يَحدُثْ كلامُهُ بصدق، فذلِكَ الكلامُ لم يتكلَّمْ بهِ الرّبُّ، بل زادَ فيهِ النَّبيُّ على الحقيقةِ ‏فلا تخافوا مِنهُ}+التثنية\18‏
وتاليًا أنّ ما يثير التعجّب والاستغراب هو تدخّل، منسوب إلى الله، في مواضيع تافهة كهذه: ‏‏(مَنْ أبي، أين ناقتي) فهل يترك الله عمله ليُجيب على أسئلة من هذا النوع؟

كما ادّعى مؤلِّف القرآن، من جهة أخرى، بامتلاك العِلم أيضًا، بقوله: (أنا مدينة العلم وعليّ ‏بابها)- رواه كلٌّ مِن الحاكم في "المستدرك" والطبراني في "الكبير" عن ابن عباس. لذا فلديّ ‏سؤال: لماذا لم يسعف الوحيُ الرسول بجواب مقنِع، ولو بعد حين، إذا كان رسولًا فِعليًّا من ‏الله؟ وإذا قيل إنّ الوحي قد ينقطع، كما حصل بعد وفاة ورقة بن نوفل، فماذا حَلّ بمدينة العِلم؟ ‏فمِن بين الأسئلة الحسّاسة سؤال عن الروح (الإسراء:85) وآخَر عن الساعة (الأعراف:187) ‏فلماذا مُنِعَ الرسولُ العِلمَ بهما ولم يُمنَعِ العلم بغيرهما؟ فمثالًا؛ قال مؤلِّف القرآن: (كانَ النَّاسُ ‏أُمَّةً وَاحِدة...)- البقرة:213 وسؤالي: كيف عَلِمَ أنّها كانت أُمَّةً وَاحِدَة وقد مرّ على ذلك الحدث ‏آلاف السنين؟ ولديّ جواب: هذا العِلم مأخوذ من التوراة! وإليك الدليل: {لِهذا سُمِّيَت بابِلَ، لأنَّ ‏الرّبَ هُناكَ بَلبَلَ لُغَةَ النَّاسِ جميعًا، ومِنْ هُناكَ شَتَّتَهُمُ الرّبُّ على وجهِ الأرضِ كُلِّها}+ تكوين ‏‏11: 9 والتفاصيل في سِفر التكوين\11‏

لعلّ المسلمين يدركون الحقّ، من هذا المنطلق وغيره، لينبذوا الباطل ويفنّدوا كلّ ادّعاء ‏بتحريف الكتاب المقدَّس، ولا سيَّما بعد فشل المسلمين، الأوائل منهم والجدد، في العثور على ‏زعم القرآن التالي في الإنجيل: (وإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ... مُبَشِّرًا برَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي ‏اسْمُهُ أحمد...)- الصفّ:6 ممّا لا مكان له في الإنجيل ولا إشارة إليه، بل ضرب من ‏المستحيل؛ لأنّ السيد المسيح قال: {أَنا هُوَ الطَّرِيقُ والحَقُّ والحَيَاة. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ ‏بِي}+يوحنّا 14: 6 وقال: {أنا الأَلِفُ واليَاءُ، البدَايَةُ والنِّهَايَةُ، الأَوَّلُ والآخِر}+الرؤيا 22: 13 ‏وقال: {يَقُومُ أَنبيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِين}+متّى\24‏

فلمْ يغيّر السيد المسيح قولًا من أقواله يومًا ولم يناقض نفسه- حاشا- وكان فشلهم في العثور ‏على الزعم المذكور سبب قولهم المُفلِس بتحريف الكتاب المقدَّس.‏

هذا في وقت أجاب مؤلِّف القرآن عن أسئلة أخرى، ممّا في سورة البقرة، حسب ما أوحِيَ إليه: ‏‏(يسألونكَ ماذا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْر...)-215 و(يسألونكَ عَنِ الشَّهرِ الحَرَام قِتَالٍ فيه ‏قُلْ...)-217 و(يسألونكَ عن الخَمرِ والمَيْسِرِ قُلْ...)-219 و(يسألونكَ عن اليتامى قُلْ...)-‏‏220 و(يسألونكَ عن المَحِيض قُلْ...)-222 وغيرها. وكان من المفترض، في نظري، أن ‏يوحى إليه أيضًا بأجوبة مقنعة على أسئلة عن الروح والساعة وغيرها.‏

لكنّه في وقت آخر؛ قام بمعاقبة أحد سائليه بالقتل؛ بحسب الحديث المدوَّن في تفسير الطبري ‏سورة يس:77 بتصرّف:[عن قتادة، قوله (قالَ مَنْ يُحْيِي العِظامَ وَهِيَ رَمِيم)- يس:78 ذُكِر لنا ‏أنّ أُبَيَّ بن خلف، أتى رسول الإسلام بعَظْم حائل، ففتَّه، ثم ذراه في الريح، ثم قال: يا محمد، مَن ‏يُحيي هذا وهو رميم؟ قال: "والله يحييه، ثم يُميته، ثم يُدخِلُكَ النار" قال: فقتله رسول الإسلام ‏يوم أُحُد] وتاليًا؛ نقرأ في السيرة النبوية لابن هشام، غزوة أحُد، مقتل أُبَيَّ بن خلف: [قال ابن ‏إسحاق: ... فمات عدوّ الله (أُبَيَّ بن خلف) وهُمْ قافلون به إلى مكة. فقال حَسّان بن ثابت ‏‏(شاعر الرسول) في ذلك- على وزن بحر الوافر:‏

لقد وَرِثَ الضلالة عن أبيه - أبَيٌّ  يومَ بارزَهُ الرسولُ
أتيتَ إليه تحمِلُ رِمَّ عَظْمٍ - وتُوعدُهُ وأنتَ به جَهُولُ
‏... إلخ] انتهى.‏

وتعليقي باختصار شديد: ألِأنّ الرجل سأل سؤالًا منطقيًّا اعتبره رسولُ الإسلام "عدوَّ الله" ‏وعدوَّه ومِن "الكفّار" ومن "المستهزئين" حتّى دفع المسكين حياته ثمنًا عن سؤال؟ وهل ‏يرضى العاقل بأنّ الله يوحي إلى رسوله بكلام غامض؛ غير مفهوم أو لا يتقبّله عقل الإنسان؟ ‏لعلّ هذا الحديث من الأدلّة الواضحة على اتساع رقعة الإسلام بالسيف وليس بالإقناع. وفي ‏رأيي؛ لو ظهرت فتوى إسلامية بحظر تطبيق حدّ الرّدّة على رقاب المرتدّين لأصبح الإسلام ‏في خبر "كان" خلال فترة قصيرة وقياسيّة.‏

وإليك أيضًا تحريم أحد الخلفاء البحث العلمي حول القرآن؛ إذ روى الدارمي قصّة عمر بن ‏الخطّاب مع صبيغ بن عُسل التميمي\العراقي- أحد السّائلين عن القرآن: [قَدِمَ المدينةَ فجَعَل ‏يسأل عن متشابه القرآن. فأرسل إليه عمر وقد أعَدَّ له عَراجِين النخل (1) فقال: مَن أنت؟ قال ‏أنا عبد الله صبيغ، فأخذ عُمَرُ عُرجونًا من تلك العراجين فضربه وقال: أنا عبد الله عمر، ‏فجعل له ضَربًا حتى دَمِيَ رأسه، فقال يا أمير المؤمنين حَسْبك (أي يكفي) قد ذهب الذي كنت ‏أجد في رأسي!]- سنن الدارمي ج1 ص54‏

وممّا رُويَ عن ابن عباس- المذكور أعلى: (سَمِعتُ رجُلًا يسأل ابن عباس عن الأنفال فقال ‏‏"الفَرَسُ مِنَ النَّفَل، والسَّلَبُ مِنَ النَّفَل" فأعاد المسألة فقال ابن عباس ذلك أيضًا، قال الرجل: ‏‏"الأنفال التي قال الله في كتابه ما هي؟" فلم يزل يسأله حتى كاد يُحرجه، فقال ابن عباس: ‏‏"هذا مثل صبيغ الذي ضربه عمر" وفي لفظ فقال: "ما أحوجك إلى مَن يضربك كما فعل عمر ‏بصبيغ العراقي" وكان عمر ضربه حتى سالت الدماء على عقبيه!)- الدر المنثور ج3 ‏ص161 عِلمًا أنّ ابن عباس (ابن عمّ رسول الإسلام وحَبر الأمّة وفقيهها وإمام التفسير ‏وترجمان القرآن)- عن ويكيپيديا: عبد الله بن عباس.‏

وقال الذهبي: [سَمِعنا الشافعي يقول: حُكمي في أهل الكلام أنْ يُضرَبوا بالجريد (2) ويُحمَلوا ‏على الإبل، ويُطاف بهم في العشائر، يُنادى عليهم: هذا جزاء مَن ترك الكتاب والسُّنَّة، وأقبل ‏على الكلام] وقال أبو عبد الرحمن الأشعري- صاحب الشافعي: [قال الشافعي: مذهبي في أهل ‏الكلام تقنيعُ رؤوسهم بالسِّياط وتشريدهم في البلاد. قلت: لعلّ هذا متواتر (3) عن الإمام]- ‏سِيَر أعلام النبلاء ج10 ص29 عِلمًا أنّ الشافعيّ (ت 204 هـ) هو (ثالث الأئمة الأربعة عند ‏أهل السُّنَّة، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، ومؤسِّس علم أصول الفقه، وإمام ‏في علم التفسير وعلم الحديث)- عن ويكيپيديا: محمد بن إدريس الشافعي.‏

مِن أجوبة المُعلِّم الأمين الصّادق

إليك بالمناسبة مِثالًا، من أجوبة السيد المسيح على سائليه، وهي قطْعًا مُتقَنة ومُقْنِعة: {وجاءَهُ ‏مُعَلِّمو الشَّريعةِ والفَرِّيسيُّونَ باَمرأةٍ أمسَكَها بَعضُ النّاسِ وهي تَزني، فَأوقفوها في وَسْطِ ‏الحاضرين، وقالوا لَه: يا مُعَلِّمُ، أمسَكوا هذِهِ المَرأةَ في الزِّنى. وموسى أوصى في شَريعتِهِ ‏بِرَجْمِ أمثالِها، فماذا تَقُولُ أنت؟ وكانوا في ذلِكَ يُحاوِلونَ إحراجَهُ ليَتَّهِموهُ. فاَنحَنى يَسوعُ يكتُبُ ‏بإصبَعِهِ في الأرضِ. فلمَّا ألحُّوا علَيهِ في السُّؤال، رفَعَ رأسَهُ وقالَ لهُم: مَنْ كانَ مِنكُم بِلا ‏خَطيئة، فَليَرْمِها بأوّلِ حجَرٍ. واَنحنى ثانيَةً يكتُبُ في الأرضِ. فلمَّا سَمِعوا هذا الكلامَ، أخذَتْ ‏ضَمائِرُهُم تُبكِّتُهُم، فخَرَجوا واحدًا بَعدَ واحد، وكِبارُهُم قَبْلَ صِغارِهِم، وبَقِيَ يَسوعُ وَحدَهُ ‏والمرأةُ في مكانِها. فجَلَسَ يَسوعُ وقالَ لها: أينَ هُم، يا اَمرأة؟ أمَا حَكَمَ علَيكِ أحدٌ مِنهُمْ؟ ‏فأجابَتْ: لا، يا سيِّدي! فقالَ لها يَسوعُ: وأنا لا أحكُمُ علَيكِ. إذهَبي ولا تُخطِئي بَعدَ الآنَ}+يوحنّا ‏‏8: 3-11‏

عِلمًا أنّ أولئك لو سألوا معلِّمًا آخر لأحرجوه؛ لأنّ الحُكم بأحد أحكام الشريعة يعني أنّ المعلِّم لم ‏يأتِ بشيء جديد بعد موسى النبي، فلا حاجة إلى معلِّم جديد أو رسول جديد. أمّا الحُكم بخلاف ‏الشريعة فيؤدّي إلى اتّهام المعلِّم بمخالفتها، ما يعرّضه للرجم. وعِلمًا أنّ أولئك أمسكوا الزانية ‏ولم يمسكوا الزاني، لسبب ما خارج عن أُفُق هذه المقالة.‏

والجدير ذِكره أنّ السيد المسيح أجاب سائليه بحكمة ووداعة؛ بدون اعتراض على أسئلتهم. وما ‏عاتب أحدًا منهم على سؤال، ولا اعتبره من الكافرين أو الخاسئين أو المُمْتَرِين أو المستهزئين ‏أو الظالمين. وما انتظر وحيًا من السماء لكي يُجيب، فأيّ وحي ينتظر ربُّ الوحي ومِمَّن ‏ينتظر؟! لذا أجابهم بسرعة قياسيّة، لا تأخير في جوابه ولا تسويف. ‏

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. الكاتب 02 ديسمبر 2015 - 22:17 بتوقيت القدس
على فيسبوك لينغا: كيف تقول هذا؟ على فيسبوك لينغا: كيف تقول هذا؟
المعلق: (ان الكثير من القساوسة هربوا من مناظرات مع الدعاة المسلمين. فكيف تقول ان الاسلام حرم السؤال. حاول أن تفهم الإسلام جيدا) الكاتب: يمكنك ادّعاء ما تشاء لكن الحقيقة يعرفها أهل العلم والبحث وتقصّي الحقائق. المعلق: (اذا كنت مطلعا على محاضرات احمد ديدات لما كان لك رد. نسال الله ان يثبتنا على ديننا اﻻسﻻم) الكاتب: مادليلك أخي على مصداقية أحمد ديدات في أيٍّ من مواضيعه؟ حضرتك متعصب للإسلام، وهذا من حقك، فتصدق كل ما يصب في مصلحة الإسلام ولكن ليس من الحكمة في نظري أن تصدق طعنًا ما بغير الإسلام ولا سيّما المسيحية، لأنك لو اطّلعت يقينًا على الكتاب المقدَّس مستعينًا بتفسيره من أحد المصادر المسيحية لاكتشفت كذب ديدات أو غباءه أو كليهما. ديدات في نظري كان أحد المفترين وشيخ الدجاجلة. وقد قال: (لو كنت أتكلم بغير الحق فأدعو الله أن يخرسني) فأخرسه الله في سنواته التسع الأخيرة معانيًا من الشلل. لا أقول هذا تشفّيًا به- حاشا- لكني على يقين بأن الله لقّنه الدرس الذي يستحق على كذبه وكثرة افتراءاته على الكتاب المقدّس. ولديّ إحساس باحتماليّة إيمانه بالسيد المسيح أواخر أيامه، بدون أن يعلن عن هذا الإيمان، شأنه شأن إخوة مسلمين كثر عبروا إلى نور السيد المسيح قبل فوات الأوان.