قال رب المجد المبارك، ربنا يسوع المسيح "وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إليّ الجميع" (يوحنا 12: 22)
لقد ارتفع الرب على خشبة الصليب كما قال: "وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية". (يوحنا 3: 14-16).
بارتفاع مخلصنا المجيد جذب إليه جموع المؤمنين، كنيسته وعروسه المقدسة، وهكذا أصبحنا "شركاء الدعوة السماوية" (عبرانيين 3: 1) ومن ثم "شركاء الطبيعة الإلهية" (2 بط 1: 40)، ولا عجب في ذلك، "أم ليست الطبيعة نفسها تعلمنا"، أنه يمكن تحويل قطعة حديد إلى مغناطيس بثلاث طرق، وهي:
1. إذا احتكت قطعة حديدية بترتيب معين مع مغناطيس ولمدة معينة، فإنها تحمل صفة المغناطيسية (الجذب)، وكلما احتكت والتصقت بالمغناطيس وقتا أطول كلما شابهت المغناطيس (الأصل) أكثر، وهكذا نحن كلما اقتربنا إلى الله وكانت شركتنا معه أعمق كلما شابهناه أكثر في القداسة. "الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضًا شَرِكَةٌ مَعَنَا. وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيح." (1 يوحنا 1: 3) ، "وَأَمَّا أَنْتُمْ فَالْمَسْحَةُ الَّتِي أَخَذْتُمُوهَا مِنْهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَلاَ حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ، بَلْ كَمَا تُعَلِّمُكُمْ هذِهِ الْمَسْحَةُ عَيْنُهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ حَقٌّ وَلَيْسَتْ كَذِبًا. كَمَا عَلَّمَتْكُمْ تَثْبُتُونَ فِيهِ. وَالآنَ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، اثْبُتُوا فِيهِ، حَتَّى إِذَا أُظْهِرَ يَكُونُ لَنَا ثِقَةٌ، وَلاَ نَخْجَلُ مِنْهُ فِي مَجِيئِهِ. إِنْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ بَارٌّ هُوَ، فَاعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ مَنْ يَصْنَعُ الْبِرَّ مَوْلُودٌ مِنْهُ." (1 يوحنا 2: 27 – 29)
2. صهر الحديد وصبه في قالب وتعرضه الى مجال مغناطيسي قوي فينجم عنه مغناطيس قوي. "إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا." (2كورنثوس5: 17)، "فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ. وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ." (رومية 12: 1 و 2).
3. لفّ قطعة الحديد بسلك يمر فيه تيار كهربائي. وهكذا يطلب منا الكتاب قائلا "الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ." (رومية 13: 14)، وعلينا أن نسمع كلمات الوحي القائل "فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا إِنْ كَانَ لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ شَكْوَى. كَمَا غَفَرَ لَكُمُ الْمَسِيحُ هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا. وَعَلَى جَمِيعِ هذِهِ الْبَسُوا الْمَحَبَّةَ الَّتِي هِيَ رِبَاطُ الْكَمَالِ." (كولوسي3: 12 – 14). ونطيع الوصية القائلة "أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ. الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ." (أفسس 6: 10 و 11).
مغناطيسنا العجيب هذا لا يجذب فقط للخلاص من الموت الأبدي، إنما يجذب لفيض الحياة الأبدية، ولنيل أجساد ممجدة في صعودنا معه، "فإننا نقول لكم هذا بكلمة الرّب أننا نحن الأحياء الباقين إلى مجيء الرّب لا نسبق الراقدين لأن الرّب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء والأموات في المسيح سيقومون أولا. ثم نحن الأحياء الباقين سنخطف جميعا معهم في السحب لملاقاة الرّب في الهواء. وهكذا نكون كل حين مع الرّب بذلك عزوا بعضكم بعضا بهذا الكلام." (1تسالونيكي 4: 15-18).
الشكر لربنا المبارك، لان هذا المغناطيس المقدس هو مغناطيس النعمة الذي يجذب إليه كل المخلصين بالنعمة على اختلاف أجناسهم.
أخي المحبوب، إذا كنت حتى الآن بعيدًا عن مجال جاذبية هذا المغناطيس أدعوك الآن لترفع قلبك بصلاة عروس النشيد قائلا: "اجذبني وراءك فنجري" (نشيد 1: 4) وعندها تعلم حقيقة الآية "يتجدد كالنسر شبابك" (مزمور 103: 5).
وإن كنت ممن جذبهم الآب إلى الإبن أشدّ على يديك وأدعوك أن تلتصق بقوة بهذا المغناطيس، لتكون أنت بذاتك مغناطيسًا حيًا تجري فيه قوة عمل روح الله الحيّ، لتجذب النفوس التائهة والمتخبطة إلى ربّ الحياة، لكي يجذبها هو إلى سماء مجده عندما يأتي بعظيم مجده. فنهتف جميعًا "أَنْتَ مُسْتَحِقٌّ أَيُّهَا الرَّبُّ أَنْ تَأْخُذَ الْمَجْدَ وَالْكَرَامَةَ وَالْقُدْرَةَ، لأَنَّكَ أَنْتَ خَلَقْتَ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَهِيَ بِإِرَادَتِكَ كَائِنَةٌ وَخُلِقَتْ." (رؤيا 4: 11) ونرنّم قائلين "مُسْتَحِقٌّ هُوَ الْخَروُفُ الْمَذْبُوحُ أَنْ يَأْخُذَ الْقُدْرَةَ وَالْغِنَى وَالْحِكْمَةَ وَالْقُوَّةَ وَالْكَرَامَةَ وَالْمَجْدَ وَالْبَرَكَةَ!" (رؤيا 5: 12).