احترزوا لأنفسكم لئلا تثقل قلوبكم

لقد علم المسيح الكثير على الكيفية التي يجب أن يحيى بها تلاميذه، لكي يكونوا مستعدين دائمًا لمجيء المسيح. لكن جميع تلك التعاليم تتمحور حول التركيز على حالتنا الروحية وحياتنا هنا على الأرض، كيف نحياها اليوم قبل الغد.
08 أغسطس 2012 - 19:38 بتوقيت القدس

لقد علم المسيح الكثير على الكيفية التي يجب أن يحيى بها تلاميذه، لكي يكونوا مستعدين دائمًا لمجيء المسيح. لكن جميع تلك التعاليم تتمحور حول التركيز على حالتنا الروحية وحياتنا هنا على الأرض، كيف نحياها اليوم قبل الغد.

ومن تلك التعاليم قال يسوع:
" 34 فَاحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ فِي خُمَارٍ وَسُكْرٍ وَهُمُومِ الْحَيَاةِ فَيُصَادِفَكُمْ ذَلِكَ الْيَوْمُ بَغْتَةً (يوم مجيء الرب )." لوقا ٢١.

سأركز في هذا المقال على عبارة: "فَاحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ فِي خُمَارٍ وَسُكْرٍ وَهُمُومِ الْحَيَاةِ"، وتطبيقها على حياتنا كمؤمنين.

"فاحترزوا لأنفسكم" : إن هذا التحذير موجه لتلاميذ المسيح - الرسل (عدد ٥). أي أن التحذير هذا موجه للمؤمنين الأقوياء والخدام، قبل المؤمنين الضعفاء والجدد. فلا يوجد أي مؤمن كبير على تلك التحذيرات أبدًا، ويجب أن نحذر جميعنا من خطر الغَرَقْ في أمور هذه الحياة؛ ونصبح بلا ثمر وذات قلوب ثقيلة في حالة نوم، وربما موت روحي (أفسس ٥: ١٤).

"لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ": التحذير يتمحور حول القلوب التي كانت حجرية، ثقيلة، وجاء المسيح في يوم من الأيام، وانتزعها، ووضع مكانها قلوب لحمية خفيفة محمولة على الأذرع الإلهية؛ كما تنبأ النبي حزقيال:
" 19 وَأُعْطِيهِمْ قَلْباً وَاحِداً, وَأَجْعَلُ فِي دَاخِلِكُمْ رُوحاً جَدِيداً, وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِهِمْ وَأُعْطِيهِمْ قَلْبَ لَحْمٍ" حزقيال ١١.
إن تلك القلوب ممكن بسهولة أن تبدأ تُثقل من جديد، في ثلاثة أعراض مَرَضِيَّة:

خمار، سكر وهموم الحياة

خمار الحياة:
إن الخمر يمثل شيء لا يبدو سيء، بل بالعكس في الكثير من الحلات أمر لذيذ وجذاب، لكنه سرعان ما يأخذ الإنسان ويمتلكه ويجعل حياته جحيم؛ كما يقول الكتاب في سفر الأمثال:
" 29 لِمَنِ الْوَيْلُ؟ لِمَنِ الشَّقَاوَةُ؟ لِمَنِ الْمُخَاصَمَاتُ؟ لِمَنِ الْكَرْبُ لِمَنِ الْجُرُوحُ بِلاَ سَبَبٍ؟ لِمَنِ ازْمِهْرَارُ الْعَيْنَيْنِ؟ 30 لِلَّذِينَ يُدْمِنُونَ الْخَمْرَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ فِي طَلَبِ الشَّرَابِ الْمَمْزُوجِ. 31 لاَ تَنْظُرْ إِلَى الْخَمْرِ إِذَا احْمَرَّتْ حِينَ تُظْهِرُ حِبَابَهَا فِي الْكَأْسِ وَسَاغَتْ مُرَقْرِقَةً. 32 فِي الآخِرِ تَلْسَعُ كَالْحَيَّةِ وَتَلْدَغُ كَالأُفْعُوانِ." أمثال ٢٣.
فيأتي المسيح، على ضوء تلك الخلفية التعليمية في عهد القديم، يُشبِّه أمور العالم في الخمر الجذاب واللذيذ؛ ويحذر المؤمنين، مُبتدءً بالرسل، لئلا تثقل قلوبهم من خمور تلك الحياة: خمور شهوة العيون، شهوة الجسد، وتعظم المعيشة.

سُكْر الحياة:
بعدها يستخدم المسيح كلمة "سُكُر"؛ أي أن خمار الحياة ممكن أن تُدخل المؤمن لحالة سُكُرْ؛ حالة يفقد فيها حواسه الروحية، وصوابه؛ ويصبح مُسيطَر عليه من العالم، ولا يقدر أن يرى لمسات الرب في حياته. نعم الغرق في الحياة هنا على الأرض، ممكن أن يفعل هذا ويجب أن نحذر جميعنا. لذلك قال المسيح عن الحبوب التي سقطت بين الشوك:
" 22 وَالْمَزْرُوعُ بَيْنَ الشَّوْكِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَهَمُّ هَذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى يَخْنُقَانِ الْكَلِمَةَ فَيَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ." متى ١٣.

هموم الحياة:
ونتيجة الغرق في خمر وسكر العالم هي: أن يصبح القلق والهم من نصيب المؤمن ليل نهار، بدل الفرح والسلام؛ لأنه يمر في حاله يتعذر عليه فيها تسليم همومه للرب. فالكتاب يقوك: "7 مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ."( ١ بطرس ٥): إن هذه الآية ليست شرطية، أي أنها تقول أن الرب يعتني بنا على كل الأحوال، لكن إلقائنا لهمومنا عليه، يريحنا من التعب. قال المسيح أيضًا " 28 تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ وَأَنَا أُرِيحُكُمْ.... 30 لأَنَّ نيري هِّين وحملي خفيف" (متى ١١). لكن عندما نسمح لقلوبنا في أن تُثقل من خمر وسكر وهموم الحياة، تصبح قلوبنا ثقيلة مُقيدة بقيود العالم، ونصبح حاملين هموم الدنيا على ظهورنا، ونفقد سلامنا وفرحنا، وربما نصبح في حالة نتمنى فيها الموت والتخلص من الحياة.

إذا كنت تمر في حالة كهذه، حالة تشعر فيها أن قلبك مُثقل من خمر وسُكْر وهَمْ هذا العالم، تعال إلى الرب بصلاة توبة وتحرير وقُل له:
" أنت وعدت يا رب في كلمتك أن نيرك هيِّـنن وحملك خفيف، حررني يا رب من أي حمل ليس منك، وامنحني نيرك الهيِّـن وحملك الخفيف. سامحني يا رب، بسبب هواء قلبي للغرق في أمور هذا العالم، وساعدني لكي أتذكر دائمًا أني من العالم، لكن لست أتبع العالم، بل أتبع رب السماء والأرض الذي خلق هذا العالم، والذي اختارني لكي يغيِّر ويفتقد بواسطتي، هذا العالم الضائع والمقيد والهالك."

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا