رسائل رعوية (4) إله الفرح

إنه لأمر طبيعي أن يبحث كلّ إنسان عن الفرح، فترى حتى البعيد عن الله يبتهج بأعماله وأقواله مهما كانت، فالحماقة فرحلناقص الفهم .. وللإنسان فرحٌ بجواب فمه، لكنه فرح وقتي لا يُغني ولا يدوم فمحب الفرح إنسان معوز .. وفرح الفاجر إلى لحظة...
04 نوفمبر 2011 - 00:52 بتوقيت القدس

أخي الحبيب/ أختي الفاضلة

إنه لأمر طبيعي أن يبحث كلّ إنسان عن الفرح، فترى حتى البعيد عن الله يبتهج بأعماله وأقواله مهما كانت، فالحماقة فرحلناقص الفهم .. وللإنسان فرحٌ بجواب فمه (أمثال 15: 21، 23)، لكنه فرح وقتي لا يُغني ولا يدوم فمحب الفرح إنسان معوز .. وفرح الفاجر إلى لحظة ( أمثال 21: 17، أيوب 20: 5). لاحظ تقرير الله الإجمالي عن الفرح العالمي: إفرح ايها الشاب في حداثتك وليسرّك قلبك في ايام شبابك واسلك في طرق قلبك وبمرأى عينيك واعلم انه على هذه الأمور كلها يأتي بك الله الى الدينونة (جامعة 11: 9).
لكن، آه ما أعظم الفرق بين فرحٍ مصطنع خارجي وقتي، مصدره الظروف والجسد ونهايته الدينونة، وبين فرح حقيقي داخلي وأبدي، نبعه شخص الله وخلاصه الشخصي.
هل تأتي معي لنتلامس مع إله الفرح الذي يدعونا إلى حياة الفرح؟

1. ينبوع الفرح:
فرّحت قلبي يوم ما قابلتك   يوم ما قابلتك كان يوم عيد
خلصتني، ريّحت ضميري   غيّـرت قلبـي بقلب جديـد
إنها ترنيمة قديمة وجميلة، وهي بالحقيقة تعبّر عما يناله الإنسان الذي قبل عطية الخلاص من الرب، هاتفًا: فرحًا أفرح بالرب، تبتهج نفسي بالهي، لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص.. أما نفسي فتفرح بالرب وتبتهج بخلاصه (أشعياء 61: 10، مزمور 35: 9). إنه إله وينبوع الفرح الذي لا ينضب، يقدّم فرحًا روحيًا لا يتّكل على الأمور الملموسة، بل على ثقة الإيمان فقط (1 بطرس 1: 8).
ما أحلاه من فرحُ متبادل فإنه يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب، لكن بالأحرى ما أغلاه من إله يفرّحنا ويفرح لأجلنا (لوقا 15: 7). ألا يليق بنا أن نرفع قلوبنا كل يوم بالشكر والتقدير لمن أعطانا هذه العطيّة؟

2. إختبارالفرح الحقيقي الدائم:
فتستقون مياها بفرح من ينابيع الخلاص (أشعياء 12: 3). إنها دعوة إلهية أن نختبر حياة الفرح بالرب في كل حين ولأن فرحالرب هو قوتنا، فهو يريدنا أن نعيش الفرح دائمًا(نحميا 8: 10، 2كورنثوس 6: 10)، ممّا ينعكس على كل الكيان أيضًا، فالقلب الفرحان يجعل الوجه طلقا ويطيّب الجسم (أمثال 15: 13، 17: 22).
الحياة المسيحية بسيطة وواضحة، فكلما تعمّق المؤمن بالرب، ينبوع الفرح وتمتّع بكلمته، ظهر الفرح كثمر للروح القدس في حياته. إسمع هذه الكلمات القاطعة: يفرح الصدّيق بالرب.. بطريق شهاداتك فرحت كما على كل الغنى ... وجد كلامك فأكلته فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي ... كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم ويكمل فرحكم (مزمور64: 10، 119: 14، أرميا 15: 16، يوحنا 15: 11).
عندما تبدأ حياة الشركة والصلاة في محضر الرب بعزم القلب، وتواظب على قراءة كلمته بمثابرة واشتياق، فسوف تتمتّع بفرح الرب عمليًا.

3. حياة الفرح:
يستوقفني كثيرًا أن من دواعي الفرح في حياة المؤمن هو اهتمام المؤمنين ببعضهم، فنحن أعضاء بعضنا لبعض وان كان عضو واحد يكرم فجميع الأعضاء تفرح معه ( 1 كورنثوس 12: 26) .كذلك فمحبة الإخوة وتعزيتهم وسلوكهم بالحق يجعلنا نفرح معهم ومن أجلهم ( 3 يوحنا 4، فليمون 7، 1 تسالونيكي 3: 9، أعمال 15: 31). كلما صلّيت وشجّعت، سندت ووجّهت إخوتك، فسوف ترسم الفرح على قلوب ووجوه الكثيرين.
لاحظ أيضًا أن الإيمان الواثق ينشئ فرحًا لا ينطق به ومجيد، وكذلك فرجاء مجئ الرب يفرّح (1 بطرس 1: 8، رومية 12: 12) والحق أيضًا يفرّح محبّي الرب ومثله العطاء الذي يزرع الفرح في النفوس، لذلك ليتنا نعيش حياة الفرح لمجد الرب وننشر الفرح ليملأ كل مشهد(1 كورنثوس 13: 6، عبرانيين 10: 34).

4. معطّلات الفرح:
بالمقابل، فإنّ كل ابتعادٍ عن الرب يأتينا بالغم والحزن، ويعطّل مجالات الخدمة والسجود. واضح أن الخطية تحزن المؤمن ومن حوله ( 2 كورنثوس 2: 5، 7) فهي تُظهر عدم الطاعة وتحزن روح الله الساكن فينا وبالتالي تُفقد المؤمن فرحه فتنقطع شركته العمليّة مع الآب والإبن حتى يحكم على ذاته ويعترف بخطيّته ( أفسس 4: 30). إنتبه أيضًا أن أي تمحور في الحياة الحاضرة وعدم التمسّك بالرجاء المسيحي، يحزن المؤمن (1 تسالونيكي 4: 13).
دعونا نطرح وبتصميم كل ما يعطّل فرحنا في الرب، الذي يريدنا أن نعيش حياة الفرح في شخصه كل حين.

أخي /أختي، لقد بشّرت ولادة المسيح بفرحٍ لجميع الشعب وكلّ أعماله كانت تفرّح، فزكا قبِل المسيح فرحًا وكمل فرح المعمدان به كالعريس والوزير الحبشي آمن به وذهب فرحًا ( لوقا 2: 10، 13: 17، 15: 7، 19: 6، يوحنا 3: 29). أيضًا بعد قيامته المجيدة، فرح التلاميذ إذ رأوا الرب، بل وفرحوا لمّا أهينوا من أجل إسمه (يوحنا 20: 20، أعمال 5: 41).
في صلاته الشفاعيّة يُظهر الرب يسوع أن العلاقة الحيّة بينه وبين المؤمن، تعطي فرحًا كاملاً في القلب، إنه فرح الرب فينا ( يوحنا 16: 24، 17: 13 )، فما أحلى أن تتمتّع بشخصه وتحيا حياة الفرح في الرب كل حين، هاتفًا في كل الظروف ورغم كل المعطّلات: قد امتلأت تعزية وازددت فرحا جدًا في جميع ضيقاتنا... وبهذا أنا افرح، بل سافرح أيضًا ( 2كورنثوس 7: 4، فيلبي 1: 18).

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا