انشقاقات ونزاعات في الكنيسة (3): أساسيات التأديب الكنسي

بعد أن بيّنا أن النزاع أمر متوقع في الكنيسة. وأننا يجب أن نهتم بآلية اتخاذ القرار، نتساءل: ماذا نفعل عندما يخطئ احد اتباع المسيح ويتعدى علينا؟ ماذا نفعل عندما نعتقد أن القائد في الكنيسة يخطئ إلى الرب وشعبه؟ هل يعطينا الكتاب المقدس تعليمات عن معالجة هذا الأمر
14 يونيو 2010 - 12:32 بتوقيت القدس

مقالات سابقة:

بعد أن بيّنا أن النزاع أمر متوقع في الكنيسة. وأننا يجب أن نهتم بآلية اتخاذ القرار، نتساءل: ماذا نفعل عندما يخطئ احد اتباع المسيح ويتعدى علينا؟ ماذا نفعل عندما نعتقد أن القائد في الكنيسة يخطئ إلى الرب وشعبه؟ هل يعطينا الكتاب المقدس تعليمات عن معالجة هذا الأمر. يبدو لي أن الكتاب المقدس يفرق بين خطأ المؤمن القائد والمؤمن غير القائد. وبالرغم من تشابه التأديب الكنسي للفريقين إلا أنه توجد خصوصيات متعلقة بالمؤمن القائد. ولن يتحدث هذا المقال إلا عن الخطوط العريضة المتعلقة بالتأديب الكنسي آملا أن يعطينا الله فرصة في المستقبل للتعامل مع مشاكل كنسية محددة مثل نشر الخصومات والنميمة، المال والإنقسامات الكنسية، الإدارة والتسلط، التمرد وعدم الخضوع، وفن الاصغاء ودور الكلام الجارح في الإنشقاقات.

إن أخطأ مؤمن لا يخدم في موقع قيادي، فيجب أولا أن نطلب من الله ونصلي من اجله (1 يو 5: 16). الصلاة هنا هي صلاة شخصية وليس وسيلة لنشر النميمة ضد المخطئ. ثم يجب أن نذهب إلى الأخ المخطئ بصورة سرية وشخصية إذ يقول متى: "إن أخطأ إليك أخوك فاذهب اليه وعاتبه بينك وبينه وحدكما" (مت 18: 15). وربما تتحول المعاتبة إلى توبيخ. وهذا أيضا مقبول إذ يقول لوقا: "إن أخطأ إليك أخوك فوبخه، وإن تاب فاغفر له" (لو 17: 3). إن التوبيخ هو التحدي الكلامي الهادف إلى تغيير كل ما هو غير لائق أو ملتوي أو شرير ومحاولة اقناع المخطئ أن يتوب بدلا من التهجم عليه وإدانته. ويشدد لوقا في نفس الآية أن المغفرة تُمنح فقط للتائب. فإن لم يغير الأخ أو الأخت المذنب منطقه وافعاله فإنه لا يتصرف بمحبة وتواضع ويضع حواجز في العلاقة. وبدون توبة صادقة، لا يستطيع أن يحصل على المغفرة من اخيه أي الغاء دين الخطية والحصول على الحرية والاستعداد الكامل لبناء العلاقة من جديد. هذا هو المعنى الواضح في وضع لوقا صيغة الشرط في آيته.

طبعا، عدم توبة المخطئ لا تعني نهاية عمل الأخت أو الأخ المُتعدى عليه. في هذه الحالة يجلب الأخ المخُطئ إليه شاهدين أو ثلاثة وإن استمر المذنب بالتعنت فحينها يجب إعلام كل الكنيسة. وإن لم يخضع المذنب لصوت الكنيسة فحينها تنكسر الشركة المقدسة بينهما أي يتعامل الأخ المتألم مع الأخ المذنب كالوثني والعشار، تماما كما يتعامل تلاميذ يسوع مع غير المؤمنين الذين يحتاجون إلى التبشير (مت 18: 15 – 17). أو ربما يحتاج المذنب غير التائب أن ينفصل عن شركة المؤمنين ليخجل ويفهم أهمية الطاعة إذ يقول بولس: "وإن كان أحد لا يُطيع كلامنا بالرسالة، فسِمُوا هذا ولا تخالطوه لكي يخجل، ولكن لا تحسبوه كعدو، بل انذروه كأخ" (2 تس 3: 14 – 15). ويجب أن تعلن الكنيسة صوتها بصورة واضحة وبسلطان إذ يقول الكتاب أنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسم المسيح بعد الخطوات المذكورة أعلاه فإن القرار الصادر عن الاجتماع هو قرار بسلطان إلهي (مت 18: 18 – 20). وهذا هو المعنى الأصح للآية مت 18: 20. ويخطئ العديد من الناس ظانين أنها تتحدث عن اجتماع المؤمنين الاعتيادي بدلا من اجتماع المؤمنين بهدف اعلان قرار التأديب الكنسي. ويمكن تلخيص الخطوات كما يلي: (1) الصلاة، (2) لقاء فردي سري، (3) مؤتمر سري بين فئة صغيرة، (4) إعلان علني للكنيسة بشأن الأخ المخطئ، (5) قرار كنسي علني.

وإن اخطأ قائد مسيحي فيجب أيضا البدء بالصلاة، ومن الحكمة عدم قبول الشكوى ضد القائد المسيحي إلا إذا تواجد شاهدان أو ثلاثة شهود على الأقل إذ يقول الرسول بولس لتيموثاوس: "لا تقبل شكاية على شيخ إلا على شاهدين أو ثلاثة شهود" (1 تيم 5: 19). بعد التأكد من الشكوى، من المفضل مواجهة القائد المخطئ في لقاء فردي سري، وإذا رفض التوبة فيجب اللقاء به مع مجموعة صغيرة بصورة متكتمة. أما إذا لم يتب فحينها يجب توبيخ القائد أمام كل الكنيسة إذ يقول بولس لتيموثاوس عن الشيوخ الذين لا يسلكون بالحق: "الذين يخطئون وبخهم أمام الجميع، لكي يكون عند الباقين خوف" (1 تيم 5: 20). لاحظ أن الخطية هنا هي خطية مستمرة لم يتوقف عنها القادة.

في الختام، إن دافع التأديب الكنسي هو امتداد ملكوت الله وبناء الجسور. يجب ألا يكون الدافع هو الانتقام. فيجب أن نضع هذا الهدف نُصب اعيننا فنتصرف بحذر ووداعة إذ يقول بولس الرسول: "أيها الأخوة، إن انسبق إنسان فأُخذ في زلة ما، فأصلحوا أنتم الروحانيون مثل هذا بروح الوداعة، ناظرا إلى نفسك لئلا تُجرب أنت أيضا" (غل 6: 1). ويجب أن نسعى إلى نشر المسامحة والتعزية وإزالة اسباب الحزن والغم ممكّنين المحبة للمخطئين بدون المساومة على الحق (2 كو 2: 5 – 11).

القس الدكتور حنا كتناشو
وهو يخدم كعميد أكاديمي في كلية بيت لحم للكتاب المقدس وكلية الجليل للكتاب المقدس

تجاوبا مع رغبة بعض الخدام، تم الغاء التعليقات عن هذا المقال من قبل ادارة الموقع.
هذا وسيؤخذ موضوع الانشقاق بالحسبان من قبل الخدام من أجل امتداد ملكوت المسيح.

اذا اراد اي شخص ارسال تعليق للكاتب، يُرجى ارساله الى info@linga.org وسنقوم نحن بارساله له حسب طلبه.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. سلام 14 يونيو 2010 - 13:09 بتوقيت القدس
كيف نوبخ القائد أمام الجميع؟ كيف نوبخ القائد أمام الجميع؟
ألن يفضح التوبيخ الكنيسة ويعطل عمل الله؟
2. تائهون في الجليل 14 يونيو 2010 - 13:10 بتوقيت القدس
أسئلة للقس حنا أسئلة للقس حنا
قس حنا الرب يبارك هذه الكلمة. هنالك بعض التساؤلات التي تُحيرني... ماذا لو أخطأ الراعي أو القائد في الكنيسة وتم مواجهته من قبل فرد ثم اثنين, وهو أنكر خطأ ويدعمه في ذلك كون معظم الكنيسة عائلية ويدعمونه "في كل شيء". والأقلية المعترضة حاولت الحديث معه وهو رفضه. وهو يوجه أصابع الإتهام لهذه الأقلية. وبالرغم من توجه هذه الأقلية لاستشارة عدد لا بأس به من الخدام بهذا الخصوص وأجمعوا أن الخطأ من القائد إلا أن شيئًا لم يتغير لأن الكلمة النهائية للكنيسة (العائلة)!!! ألا يجب أن تكون هناك سلطة أعلى فوق الكنيسة لتحكم في هذا الأمر بشكل موضوعي وواقعي وعادل؟؟؟ حتى الآن لا يوجد أمر كهذا في نطاق الخدمة هنا. ماذا تقترح أن يكون الحل؟؟ هل هو القمع والخنوع للسلطة المفروضة حتى لا تخسر هذه الأقلية عائلاتها وحياتها المسيحية اليومية مع الرب والكنيسة!؟؟!!
3. جوني 14 يونيو 2010 - 13:10 بتوقيت القدس
انشقاقات ونزاعات في الكنيسة (3): أساسيات التأديب ا انشقاقات ونزاعات في الكنيسة (3): أساسيات التأديب ا
شكرا على المعلومات الواضحه انا تعلمت في الكنيسه كيفية تأديب المؤمنين و لم اعلم او اسمع عن اجرائات تأديب القائد بهذا الوضوح شكرا
4. anan najar 14 يونيو 2010 - 13:11 بتوقيت القدس
تشجيع تشجيع
ان موضوع الانشفاق بين الكنائس والمؤمنيين اصبح ملموس بل عادي مئلوفة دون النظر الكلمة من الكتاب والعمل بموجبها.ولكن هناك شئ اكثر ذو اهمية علي الاقل بنسبة لي وهو .ان بعض المؤمنين اصبح هذا سئ اسلوب حياتهم غير مدركين انهم علي خطئ.
5. ام حبيب 14 يونيو 2010 - 13:11 بتوقيت القدس
لنكون قديسين وبلا لوم قدامة فى المحبة لنكون قديسين وبلا لوم قدامة فى المحبة
6. samia fanous 14 يونيو 2010 - 13:14 بتوقيت القدس
لا اخبىء نفسي واتكلم باسم مستعار بل علنا لا اخبىء نفسي واتكلم باسم مستعار بل علنا
اني لا اقصد الاساءه الى اي خادم او قس للاسف اليوم بيرسموا قسس من هب ودب الكنائس بحاجه الى رعاه رعاه التي تخاف وتحترم رعيتها وليس تاتي بالتسلط على الكنيسه وبراي متزمط يا ريت يكون في تعليم كيف القس يكون راعي محب بلا محاباه وجوه في الكنيسه ويسلك كما سلك الرب يسوع بتواضع ومحبه اني احترم كل قس وراعي واقدر باسم يسوع كل قس امين وراعي امين على رعيته ولكن للاسف يوجد رعاه وقساوسه تطفش الرعيه من الحذيره اناشد بمحبه الرب يسوع ان الرعاه تتوب وتراجع نفسها وتسلك بمحبه بين رعيتها لان الرعيه ليس لها مكان الا حذيره المسيح وشكرا
7. نور 14 يونيو 2010 - 17:22 بتوقيت القدس
الخطأ هو خطأ ولا يهم من اخطأ الخطأ هو خطأ ولا يهم من اخطأ
اؤمن يا قسيس ان ما تكتبه هو استجابه صلوات.ان الاوان لايجاد حلول تحمي رعيه الرب. استمر الرب يباركك واصلي ان لا يبق الامر حبر على ورق
8. شوق حنا 14 يونيو 2010 - 19:11 بتوقيت القدس
الهنا اله نظام ويكره الخطية الهنا اله نظام ويكره الخطية
اشكر الرب على توضيحك لمفهوم ونظام التأديب الكنسي,الرب يباركك واحب ان ارد على سلام من حيفا,بالعكس يا اختي المباركة التوبيخ درس فعال والاية بثيموثاوس الاولى اصحاح 5 واضحة مثل نور الشمس ,ليكن عند الباقين خوف,فالقائد مثال للرعية وان لم يوبخ ستعم الفوضى بالكنيسة.ارجوك يا اخ حنا استمر بالبناء,نحن بحاجة لنظام جديد .حتى ما تروح الرعية بين الارجل.
9. 7efaweie 15 يونيو 2010 - 00:35 بتوقيت القدس
mu2men! mu2men!
emma an yakun mu2men aw mu2men muzayyaf almu2men al7aqeeqi yasmot wa yatrek almashkel fi yad arrab walmu2men almuzayyaf uwa sabab kul almashakel
10. رغدة 15 يونيو 2010 - 01:20 بتوقيت القدس
كلامك جدا صحيح دقيق وواضح.. الرب يباركك كلامك جدا صحيح دقيق وواضح.. الرب يباركك
11. معروف لكم 15 يونيو 2010 - 09:45 بتوقيت القدس
الى التائهون الى التائهون
من قال انك انت على صح ؟؟ والفرد الاخر هو على صح ؟؟ وهل الراعي وكل العائلات التي في الكنيسة خطأ (اي الاكثرية) وانت وهذا الفرد الاخر صح؟؟؟؟؟ معقول؟؟؟ راجع نفسك؟؟؟ وسؤالي كذلك عندما عندما توجهت اى الخدام الى الاستشارة ماذا قلت لهم ؟؟ طبعا وجهة نظرك !!!! لذلك وافقوك الرأي . وهل الخدام الذين وافقوك واجهوا هذا الراعي ام وافقوك على رأيك الذي سمعوه منك فقط؟؟ وهذه مصيبة... وطبعا هذا غير صحي طبعا. الحل هو ان تصلي ان يعلن لك الرب الحقيقة وان لا تبقى تائها فالراعي والكنيسة تحبك الرب لا يريد ان تبقى تائه او في خنوع ولا اعتقد انه هناك سلطة مفروضة فالله وضع مدبيرين في الكنيسة وليس كل واحد يريد ان يعمل ما يحلو له فربنا هو اله نظام وترتيب وكل شيء يحصل في المحبة والخضوع وليس الخنوع
12. بلاد الله الواسعه 15 يونيو 2010 - 13:58 بتوقيت القدس
اسئله للقس حنا اسئله للقس حنا
سلام ومحبه للقس حنا كيف لي ان نوبخ راعي الكنيسه او ما نسميه القائد ان كان يخطىء الى الله اولا ومن ثم الى اعضاء الكنيسه ككل مع انه كان يعلم عن المحبه والعطاء والخضوع والمسامحه والنميمه وهوه كذالك اليس التوبيخ له يعطل عمل الروح القدس في الكنيسه
13. صوت صارخ 15 يونيو 2010 - 21:56 بتوقيت القدس
الى الاخ معروف رقم 11 الى الاخ معروف رقم 11
على اساس جوابك فايماننا باطل والكتاب المقدس فاكثرية العالم غير مؤمن...لا تعطيني فتوه الان بل اعترف بان ذكر الاكثرية كوسيلة دفاع كانت خطأ اذكرك ان الاغلبية خطر كبير بوجود شخص صاحب كلام عذب يعرف كيف يدير الاحاديث وخصوصا (الجانبية منها بشكل لا تبدو كنميمة وهي اشر) واشكر الله لاجل قدرتك النبوية فكيف عرفت ماذا قال للخدام اللذين استشارهم ام انك متأكد من كمال الذين تدافع عنهم. اخي العزيز انا سعيد لانك تميز الفرق بين الخضوع والخنوع... ولكن سؤالي لو ان احداً ما لم يقبل راي الخادم فماذا ستكون ردة فعلك ... احب ان اعرف كيف يستمر الخضوع ولا يتحول لخنوع اخيرا انا لا اعلم من هو الشخص الذي وراء تعليق "تائهون" او من انت ولكن من طريقة كتابتك انصحك بان تراجع دوافع قلبك. "اذا من يظن انه قائم فلينظر ان لا يسقط."
14. باحث عن عن المحبة 15 يونيو 2010 - 22:00 بتوقيت القدس
رقم 11 رقم 11
انا لا اعرف من المقصود بكلام رقم 2 ولكن من الواضح انك تعرف ولكن ما يزعجني انني لم ارى في كلامك اي سمات المحبة وهل هذا يليق؟ فليباركك الرب
15. نسيم حزان - ابوسنان 15 يونيو 2010 - 23:44 بتوقيت القدس
من تعوزه حكمة فليطلب ..... من تعوزه حكمة فليطلب .....
الرب يبارك تعبك وخدمتك في حقل الرب اخي العزيز في المسيح القس حنا , ليعطك الرب حكمة وكل فهم روحي لخدمة شعب الرب
16. مؤمن 16 يونيو 2010 - 13:14 بتوقيت القدس
انشقاق انشقاق
عزيزة حنا والى كل من شارك نعم هناك وجع حقيقي ليست المحبة وحدها هي العلاج الى هدا الموضوع او معرفة في ترتيب الكنيسة اول بعض الايات والتصرف بموجبها لكن يا حنا لو نظرنا الى معلمنا يسوع كيف كان يعمل اتعلمنا كتيرآ عندما واجه ارواح الشر لم يعاملها بترتيب او نظام لكنه انتهرها وامرها ان تخرج وان لم تفعل انت واخرين خدام مثل يسوع سوف تبقى روح الكبرياء وروح التدين والنميمه والرفض داخل الكنيسه هل تتصور ان هناك فعلآ ارواح شريره داخل الكنيسة نعم اخ حنا جدو للمواهب ميزو الارواح ملاحظه حنا منذ ان رايتك في المره الولى عرفت ان الله سوف يستخدمك بقوه وانت الان في انتقال الى مرحله لم تكن تحلم بها لان الله غني في عطائه للذين يسؤلون هليلويا الرب يرفعك من مجد الى مجد