انشقاقات ونزاعات في الكنيسة (2): آلية اتخاذ القرار

بعد كتابة المقال الأول عن النزاع، وجدت أن العديد من التعليقات توافق على وجود مشكلة الإنشقاقات بيننا. فلنبدأ التعامل مع هذه القضية الحساسة خطوة تلوة الأخرى. والمقال القصير ادناه خطوة أخرى صغيرة تتعامل مع بعض جوانب آلية اتخاذ القرار.
07 يونيو 2010 - 11:55 بتوقيت القدس

بعد كتابة المقال الأول عن النزاع، وجدت أن العديد من التعليقات توافق على وجود مشكلة الإنشقاقات بيننا. فلنبدأ التعامل مع هذه القضية الحساسة خطوة تلوة الأخرى. والمقال القصير ادناه خطوة أخرى صغيرة تتعامل مع بعض جوانب آلية اتخاذ القرار. ولمنع أي سوء فهم، نشدد أننا نثمّن مساهمات قادة بلادنا وكل من يخدم الرب ونقف إجلالا وتكبيرا لتعب محبتهم، ولا يهدف هذا المقال إلى تقزيم المساهمات المهمة لأي خادم للرب أو تقييم مساهماتهم أو توفير مساحة الكترونية للتعدي على أي إنسان، حاشا، بل نهدف إلى تحفيز شعب الله وقادته لعلاج داء الإنقسامات بدواء كتابي وعملي. فيا رب احمنا من ظلم أي إنسان لأن "الظلم في أي مكان هو تهديد للعدالة في كل مكان." واحمنا من المشتكي الذي ينتقد الآخرين بهدف التدمير وليس البناء ويتحدث بروح فريسيّة وليس كالعشار الذي يقول بحق: أنا خاطئ فارحمني يا رب. وأشهد أنني أكثركم ضعفا وحاجة إلى رحمة الرب. بعيون العشار وليس بنظرات الفريسي صاحب الحاجب المتعالي دعونا ننظر معا إلى بعض النصوص في سفر أعمال الرسل التي تتحدث عن اتخاذ القرارات الكبيرة والمهمة في الكنيسة. سأشرح النصوص باقتضاب، ثم اضع بعض الاستنتاجات والاقتراحات العملية.

أولا، لم يستطع افضل قادة الكنيسة الأولى أن يتعاملوا مع الخدمة بدون مواجهة النزاعات. فلقد كبرت الكنيسة وحدث تذمر فيها بسبب التقصير في الخدمة (أع 6: 1 – 8)، حينها اجتمع الرسل مع شعب الكنيسة وشرحوا المشكلة من وجهة نظرهم وتكلم الرسل برأي واحد. ثم دعوا الشعب إلى انتخاب سبعة أشخاص بحسب معايير واضحة شرحوها للناس. وصلى الرسل ووضعوا الأيادي على الأشخاص المنتخبين. وهكذا نرى اهمية الرأي الواحد للقادة والمعايير الواضحة ومضاعفة عدد الخدام والصلاة العاملة.

ثانيا، اختلف بعض القادة فيما بينهم (أع 11: 1 – 18). وخاصم أهل الختان بطرس لأنه كان في شركة مع "مجموعة مشبوهة"، أي بيت كرنيليوس. لهذا اجتمع كل القادة واعطوا بطرس فرصة لشرح موقفه بشكل علني. وكان جواب بطرس متمحورا حول رؤيا شاهدها وارشاد الروح له وفي شهادة ستة اخوة ذهبوا معه وفي تعامل الله مع بيت كرنيليوس إذ حلّ الروح القدس عليهم. فسكت القادة وسكبوا قلبهم في الصلاة ليمجدوا الله. لاحظوا معي أن القائد الرسول بطرس لم يكن معصوما عن المساءلة أو شرح سلوكه أمام اخوته القادة. لقد تواضع بطرس من اجل الكنيسة بالرغم من عشرات الأسباب التي تؤهله أن يصدر قراره بسلطان. إن وصف الحدة والتسلط بالشخصية القوية هو وصف خال من الصحة. وليس العناد والتسلط دليلا يعكس "قوة الشخصية"، بل يعكس ضعفها وعدم نضوجها. أما بطرس فكان متواضعا.

ثالثا، واجهت الكنيسة مشكلة عقائدية (أع 15: 1 - 35). ولم يستطع القادة أن يتفاهموا فقرروا الذهاب إلى المجمع في أورشليم. وبعد عرض المواقف المختلفة، وقف بطرس متحدثا عن اختباره وأكد أننا يجب ألا نضع قيودا غير ضرورية على اخوتنا إذ طهّر الله قلوبهم بالإيمان واعطاهم الروح القدس. واكدا برنابا وبولس عمل الروح القدس في الأمم. ثم شرح يعقوب توافق الاختبار مع الإعلان الكتابي داعيا إلى عدم وضع قيود غير ضرورية على الأمم. وكانت النتيجة الفرح والتعزية والتبشير بكلمة الله.

بعض الاستنتاجات المتعلقة بالنص الكتابي في سفر أعمال الرسل واقتراحات عملية. (1) يبدو لي أن اجتماعات العمل كانت اجتماعات للصلاة واحيانا للصوم والتسبيح (انظر أيضا أع 1: 15 – 26). ولم تكن الصلاة ناموسا مفروضا، بل جزءا مهما من آلية اتخاذ القرار الصحيح ووسيلة طوعية للتفاعل مع الله وانتظار ارشاده والبحث عن مشورته. ولم تكن صلواتهم عبارات بشرية استهلالية كقص الشريط في احتفالات الإفتتاح، بل تفاعلا عاطفيا وفكريا مع الله. إن النقاش المقترن بالصلاة هو بمثابة جرعة ذاكرة لكل من ينسى أنه لا بالقوة ولا بالقدرة، بل بروح الرب سيمتد عمل الرب. يا رب انعش ذاكرتي الضعيفة بصلوات شعبك في اجتماعات العمل.

(2) واجهت الكنيسة الأولى المشاكل بوضع إجابات ومعايير واضحة أعلنتها للجميع وناقشتها معهم. وتوقعت أن يلتزم بالقرار النهائي كل المؤمنين دون استثناءات. وكان هدف هذه المعايير بناء الكنيسة وحمايتها. ولقد وضع القادة هذه المعايير ولكنهم ناقشوها مع الكنيسة قبل اصدارها. إن المعايير ضرورية ويجب أن نعمل على وضعها بحكمة ونشكر الله لمن يعمل على كتابتها وكتابة عقيدة الكنيسة أو دستور الإيمان أو دستور الترتيب والنظام. في ذات الوقت وبدون التهجم على أي إنسان ولكن من اجل التوضيح فقط، اضيف قائلا: لم تكن المعايير مقدمة بعقلية متخشبة أو متحجرة كالصوان الصلب، بل متسمة بمرونة لكي لا نضع قيودا غير ضرورية على المجموعات غير القريبة منا أو على الخدمات التي تختلف عنا. فالنظام في خدمة الله وليس الله في خدمة النظام. لهذا نحتاج إلى تطوير نظام انجيلي ناجع يساهم في معالجة داء الإنقسام. في ضوء هذا الأمر وضرورة القضاء الكنسي أو وجود قضاة في الكنيسة (1 كور 6: 1 – 5) اشدد على أهمية تأسيس محكمة كنسية إنجيلية مبنية على أسس كتابية ولها سلطان كنسي مُلزم لكل الاشخاص الذي يوافقون على التوجه إليها خاصة أننا نحتاج إلى سلطة كنسية انجيلية تترجم الأبعاد الكتابية في سياق النزاعات والإنشقاقات.

آمل أن تكون هذه الأفكار البسيطة خطوة أخرى في سبيل بناء عقلية الوحدة الملتزمة بالمحبة والحق والتي تسعى بقلب منكسر إلى الحفاظ على جسد المسيح بدون تمزق.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. suheil bathish 07 يونيو 2010 - 10:46 بتوقيت القدس
splits and divisions splits and divisions
thank you pastor hanna for this important article
2. ابنة الرب 07 يونيو 2010 - 10:54 بتوقيت القدس
رائع رائع
الرب يباركك قس حنا
3. anan najar 07 يونيو 2010 - 12:49 بتوقيت القدس
تشجيع تشجيع
الرب يبلركك الي الامام نحن معك بهذة الخطوات في سبيل بناء عقليه متحررة للحفاظ علي جسد المسيح .
4. بنت الرب 08 يونيو 2010 - 12:28 بتوقيت القدس
العمل العمل
نشكرك ايها الاخ المبارك من اجل هذه المقالات المباركة ولكني آمل ان لا تكون هذه المقالات فقط للقراءة او مجرد معلومات على صفحات الانترنت بل ان نكون عاملين بها وبحسبها. فما الذي علينا فعله ان كانت الكنيسة والقسس لا تعمل بهذه الامور فيبقى الامر على ما هو عليه.
5. مؤمن حر 08 يونيو 2010 - 15:05 بتوقيت القدس
أهم الآشياء التي تؤدي الى انشقاقات هو$$$$ أهم الآشياء التي تؤدي الى انشقاقات هو$$$$
6. مؤمنه 08 يونيو 2010 - 18:07 بتوقيت القدس
ماذا تنتظرون؟ ماذا تنتظرون؟
واتسائل الم يحن الوقت بعد؟ ماذا تنتظرون المزيد من الانقسامات ؟ او مزيد من المنتفخون الذين يظنون انهم يحق لهم ان يفعلوا ما يريدون بدون رادع! ويشتتون رعيه الرب
7. القس اشرف ابشاي 08 يونيو 2010 - 18:09 بتوقيت القدس
شكرا جزيلا شكرا جزيلا
شكرا جزيلا لاجل هذه المقالات المخلصة المباركة ونحتاج المزيد منها كما اقترح بالاضافة لذلك ياحبذا اذا تم ترتيب اجتماعات كبيرة مفتوحة ليكون فيها حوارات لمواضيع كتابية خاصة بالايمان والترتيبات والتي يكون فيها وجهات نظر متعددة فمثل هذه اللقاءات اذا رتبت باتقان لن تكون للتنافس و للتناحر لا سمح الله بل حتي نعمل علي فهم افضل لوجهات النظر المتعددة............. كما المواضيع مثل : المعمودية وما يتعلق بها, عشاء الرب وماهيته وكيفية ممارسته , ترتيب الخدام في الكنيسة ,هل توجد رسامة ام لا ؟,خدمة المراة في الكنيسة , الامتلاء بالروح القدس وماذا يعني , المواهب الروحية اليوم , التسبيح والموسيقي والهتاف ومظاهر الفرح ,الاعياد وموقف المؤمن الكتابي , شركة الكنائس , الضمان الالهي ومسئولية الانسان, علامات الكنيسة الحقة ,خدمة الانجيل كوظيفة هل تجوز ام لا ؟ الانعزال لاجل القداسة والاندماج ايضا لاجل النور والملح وكيفية التوزان بينهما , مجي الرب ثانيا والاحداث المرافقة , مفهوم شعب الله في القديم والجديد ولاهوت الارض .....الخ اعتقد ان هذه المواضيع يوجد بشانها وجهات نظر متعددة ربما بعدد الكنائس والاجتماعات الموجودة لكن تجمع المؤمنيين وحواراتهما بروح المحبة ومرجعيتهم للكتاب كونه كلمة الله والسلطة العليا للايمان والاعمال سوف يعمل علي تثبيت الوحدة الرائعة التي دعانا اليها الرب يسوع المسيح واعتقد ان خير من ينظم هذه اللقاءات التعليمية القس حنا وباقي المعلميين المباركيين( وايضا طلاب الماجستير كوظيفة عليهم )