محبّين للمال... متعظّمين، مستكبرين، مجدّفين (2 تيموثاوس 3: 2)
إنّ محبة المال تجعل الناس متعظّمين مفتخرين بكثرة غناهم، يسعون لتحقيق كل ما تشتهيه نفوسهم.
آه... لو كان الإنسان يذكر دائمًا أنّ كل عطية صالحة وكل بركة هي من الله، لما كان للتعظّم مكان! (يع 1: 17) لكن تذكّر العطية والتمتع بها، دونما تقدير للّه الذي أعطاها، تقود الإنسان إلى الافتخار بنفسه. بالطبع هناك الكثيرون من المحسنين الأسخياء، وما أحوج مجتمعاتنا لمثل هؤلاء، لكن كثيرين منهم يبتغون الشهرة والتقدير والمكانة وليس العطاء البعيد عن الأنظار، أي العطاء لمجرد العطاء، الذي يمجّد الله ويخدم شعبه.
أراد الناس قديمًا أن يصلوا إلى السماء فبنوا برج بابل فبلبل الله ألسنتهم فلم يصلوا إلى الله بل وخسروا حتى لغة التواصل فيما بينهم. إن المتكبّر يعبّر بالفكر والقول والعمل، أنه أفضل من الآخرين... ربّما بمركزه الاجتماعي أو بوضعه الاقتصادي وأحيانًا بحسَبه ونسبه وربما بموهبة باركه الله بها، ويا للعجب! بدل التواضع وشكر الله على عطاياه، ترى الكبرياء والانتفاخ يسود على القلب بجملته. قمة السخرية هي أننا نعلم أن الكلّ سيزول أو يصبح قديمًا وهناك ما سيفقد بريقه بمرور الزمن، فعلام الافتخار!؟
لاحظ أنّ الكبرياء تقودنا للهجوم بل والتعدّي على الآخرين، لكن الطامة الكبرى هي أن المتكبّر يجدّف أيضًا على الله: "لان الشرير يفتخر بشهوات نفسه، والخاطف يُجدّف، يُهين الرب. الشرير حسب تشامخ أنفه يقول: "لا يُطالب". كل أفكاره أنه لا إله (مز 10: 3- 4).
إنه حضيض الفساد البشري، الذي ينكر فيه الإنسان وجود الله وسلطانه، بل ويحاول أن يظهر هو نفسه كإله، حالمًا بذلك الوهم الذي غرسه إبليس في ذهن أمّنا حواء قديمًا: "وتكونان كالله" (تكوين 3: 5). ليت الله يلمس القلوب لمعرفته وبهذه المعرفة الاختبارية يتحوّل التعظّم لانكسار حقيقي، والتكبّر لتواضع قلبي، والتجديف لشكرٍ دائمٍ لربّ الكلّ.