تفرّد سفرَيّ ملاخي وعوبديا

سفري ملاخي وعوبيديا يتفردان بخصائص تجعلهما مثيران للاهتمام والدراسة.
04 أغسطس 2021 - 14:51 بتوقيت القدس
تفرّد سفرَيّ ملاخي وعوبديا

ملاخي وعوبديا همّا كاتبان مجهولان. في المقابل، يزوّدنا الكتاب المقدّس بتفاصيل عن الأنبياء الآخرين تحدّد هوّيتهم أو على الأقل الفترة الّتي تنبّؤا بها.

مثلًا: "قَوْلُ الرَّبِّ الَّذِي صَارَ إِلَى مِيخَا الْمُورَشْتِيِّ فِي أَيَّامِ يُوثَامَ وَآحَازَ وَحَزَقِيَّا مُلُوكِ يَهُوذَا، الَّذِي رَآهُ عَلَى السَّامِرَةِ وَأُورُشَلِيمَ" (ميخا 1: 1)، قيل لنا أن ميخا هو مورشتيّ، أي أنّه أتى من بلدة تدعى "مُورِشِتْ جَتْ" (أو كما هي معروفة اليوم - مَارِشَا، بالقرب من بيت جُبْرِينْ، في المنطقة الّتي نشأتُ فيها). ومكتوب أيضًا أنّ ميخا تنبّأ في أيّام يوثام وآحاز وحزقيا، ملوك يهوذا. بعض كتب الأنبياء يحتوي على تفاصيل أقلّ عن النّبيّ وعن عصره: "وَصَارَ قَوْلُ الرَّبِّ إِلَى يُونَانَ بْنِ أَمِتَّايَ قَائِلًا" (يونان 1: 1). في هذه الحالة لا نعرف في أيّ فترة تنبأ يونان، ولكنّنا نعرف بالتّأكيد من هو وحتّى اسم أبيه. بالنّسبة لحبقوق، لم يُذكر أين وُلِدَ ولأيّ عائلة ينتمي، لكنّه دُعي باسم "النّبيّ" ومن هنا نفهم أنّه كان معروفًا. 

لم يتمّ منح ملاخي وعوبديا أيّ ألقاب، ولا أيّ تفاصيل لمعرفة هويّتهم، أو الفترة الّتي تنبّأوا فيها أو مكان إقامتهم. من الممكن استخلاص استنتاجات حول فترة نبوّتهم من محتوى النّبوءات، لكن لا توجد أوصاف تسمح بتحديدها بدقّة. كما أنّ أسمائهم أو ألقابهم ليست بالضّرورة أدوات لتحديد هويّتهم، لأنّ عوبديا يعني "عبد الرّبّ"، وملاخي يعني "رسولي"، ومن المحتمل جدًّا أنّ هذه لم تكن أسمائهم بل وصفًا لدورهم.
في رأيي، أحد أسباب عدم الوضوح هي أنّ رسالتهم ليست محدودة في الزّمان والمكان، بل صالحة في كلّ الأجيال وفي جميع أنحاء العالم. 

أنا لا أقول إنّ رسائل الأنبياء الآخرين غير صالحة في كلّ الأجيال وفي كلّ مكان. إنّما بالعكس! لكن من الأسهل أن نقول عن الرّسائل الواردة في النّبوءات المعطاة لأورشليم في زمن حزقيا، على سبيل المثال، أنّها كانت صالحة في ذلك الوقت ولكنّها لا تتحدّث بالحريّ إلينا اليوم. من الواضح أنّ رسالتَيْ ملاخي وعوبديا هي رسائل بعيدة المدى تنطبق على جميع النّاس في جميع الأزمنة، وتشملنا نحن وفي عصرنا.

الجمهور الموّجهة إليهم الرّسالة مختلف. يتحدث عوبديا إلى أدوم، الجار والمعادي لإسرائيل، ويحذّره من إلحاق الأذى بشعب إسرائيل، في حين الله يعاقبه وألّا يكون شريكًا للشّعوب الّتي تهاجم إسرائيل. هذه رسالة مناسبة لأيّ وقت في تاريخ البشريّة، خاصّة في هذه الأيّام، عندما اجتمع العديد من الشّعوب ضدّ أورشليم.

ملاخي يوجّه كلامه إلى الكهنة واللّاويين وإسرائيل، ورسالته الواضحة تنطبق على كلّ من هم ملوك وكهنة: "...وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ..." (خروج 19: 6، بطرس الأولى 2: 9-10). في كلّ زمان. في الواقع، إنّه كتاب تعليمات لكلّ من أرسله الله، إلى كلّ من هو مُرسَلُه / ملاكه. يصف كتاب التّعليمات هذا الدّور والرّسالة والعقبات، وردود الفعل الشّائعة لرسالة من الله والمُرسَل الّذي يسلّمها.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا