بدون التبشير و احتواء مسيحيين جدد الكنيسة من دون شك ميتة.
لطالما كان التبشير و استيعاب القادمين الجدد للمسيحية أساس حركة الكنيسة الأولى ، و نجح التلاميذ على قلة عددهم و ضعف إمكانياتهم ، مرقس ، توما ، بطرس ، يعقوب ، بولس بإنشاء إرساليات في البلدان التي عملوا فيها ، حيث استطاعت الجماعات الجديدة تأسيس نفسها حيث يذكر سفر أعمال الرسل و الرسائل كثيراً من القصص عن تلك الاعمال و حتى رغبة الرسول بولس بالعودة للإطمئنان على تلك الجماعات الجديدة ...
و لكن و نحن بالعام 2007 و رغم البنية التحتية الممتازة من كنائس و أديرة و المال المتوفر بقدر لا بأس به تبدو الكنيسة متراجعة جداً و مقتنعة بما لديها من رعايا و هذا الأمر من صنيع إبليس من دون أدنى شك.
يشتكي كثير من المسلمين على مواقع الأنترنت الذين ظهر لهم السيد المسيح او قرؤوا الكتاب المقدس و آمنوا، من رفض الكنائس المحلية مساعدتهم أو دعمهم و تركهم من دون مساعدة ليتعمقوا و هم في بداية طريق الإيمان و في معظم الاحيان يعيشون إيمانهم لوحدهم و غالباً لا يستطيعوا أن يتعمدوا و لو حتى من دون أوراق لأن الإيمان ليس بحاجة لأوراق رسمية حتى و لو لم تعترف الحكومات بهم فمن حقهم أن يتعمدوا. من آمن و اعتمد خلص. ومن جهة أخرى ففي بلدان المغرب العربي و التي انتشرت الكنيسة بعمل الرب و لوحدها من دون وجود كنائس او أديرة يلاحظ أنها المسيحية عادت إليها بعمل الرب و من الواضح أنها طورت آليات عمل ممتازة ، ربما لأنها انطلقت من الصفر حيث تكيفت مع الواقع و استطاعت إيجاد حلول مقبولة لمشاكلهم ، و يقال أن العدد وصل لمئات الألوف من المسيحيين الجدد ، فما هي آليات العمل التي ممكن تفعيلها من أجل الكرازة.
1 - الاديرة : الأديرة كنز موجود في المشرق العربي في سوريا و لبنان و الأردن و فلسطين و مصر و الحقيقة أنها تحولت لمناطق أثرية و سياحية لأخذ الصور و ابتعدت عن الهدف الذي أسست له. ولكن الإيجابي أن ملايين المسلمين يزورون هذه الأديرة للسياحة و الاطلاع و يدخلونها مندون خوف حيث هذا الأمر فرصة لإطلاعهم على الإيمان المسيحي من خلال هذه الزيارات. من الممكن إقامة مركز أو مكتب بكل دير لتوزيع الإنجيل أو الكتيبات الروحية المسيحية بشكل مجاني على الزائرين و هكذا يحصلون عليها من دون إحراج .. و من الممكن للأديرة المشهورة أن تقيم محاضرة شبه يومية عن الإيمان المسيحي بشكل عام في مكان و زمان محدد يقوم به رجل دين مثقف ، على أن يكون خطيباً ماهراً ، و هكذا نستطيع إيصال إيماننا من هذه النافذة الصغيرة المتاحة.
2- الكنائس : راجع أحد المسلمين كنيسة في الأردن و طلب ان يتعمد فرفض رجل الدين و هو برتبة مطران و قال له نحن في بلد إسلامية ، رغم أنه مؤمن بكل شيء و يعرف الإيمان المسيحي تماماً - كان أفضل لو نصحه أن يتوجه للبنان حيث الحرية و يتعمد هناك لو لم يرد المشاكل بدل رده على أعقابه و كان من الممكن أن يساعده بإرساله إلى كنيسة يعرفها هناك و حيث لبنان متنفس للحرية.
3- التوقف عن إطلاق عبارات تشجع الإرهابيين لاستهداف المسيحيين أو تقلل من شان المسيحيين او تواجدهم كلمة مرعبة و شيطانية يطلقها الصحفيون و المواقع الإلكترونية و الصحافة المسيحية و حتى رجال الدين و بجهل كامل يشدون من عزيمة الأصوليين إذ يدأبون على نشر مقالات بعناوين : المسيحيون و المصير المجهول - الخطر - هجرة المسيحيين - اختفاء المسيحيين من الشرق - و هذا الأمر انصياع لإبليس الذي يريد هذا الأمر بالفعل. على الكنيسة و القادة أن يتحلوا بالإيمان ليس عدد المسيحيين ثابتاً حتى يطلقوا هذه التصريحات بل عليهم أن يصلوا للمزيد من النور ليصل كل الموجودين في الظلام مسلمين و مسيحيين غير مؤمنين ، العمل خير من النوح و البكاء ... والأرقام مبشرة بحصاد النفوس التي خلصت رغم أن هؤلاء حالياً يرفض تسجيلهم أو تحويلهم لمسيحيين و لكنهم سند كبير لتغيير المجتمع و قوانينه.
4- نشر كتيبات و تعليمات للكنائس تشرح وتنور المسؤولين الروحيين وأبناء مدارس الأحد حول كيفية التصرف واستقبال المسلمين وإعطائهم أناجيل مجانية أو الترحيب بهم في محاضرات خاصة بهم، بدل الخوف منهم أو طردهم من الكنيسة.
5- المدارس المسيحية : لعبت المدارس المسيحية دوراً كبيراً في نشر العلم و الثقافة خلال القرنين الماضيين و لكنها بكل أسف مقصرة جداً بالتعريف بالمسيحية لطلابها .. و من يسكن بالشرق يدرك أن كثيراً من المسلمين تعلموا فيها و هناك رغبة بالانتساب لها لسمعتها العطرة في تقديم العلم و لكن بكل أسف لا نجد أي جهد في تعريف الطلاب غير المسيحيين بالإيمان المسيحي .. بل على العكس نجد أن بعض الإرهابيين اللبنانيين الذين شاركوا في العمليات الانتحارية على برج التجارة العالمي درسوا فيها فما العمل ؟؟؟
و هنا الآن اتجاه من قبل العائلات الإسلامية في أوروبا و أمريكا بإرسال أبنائهم لمدارس مسيحية او يسارية لإبعاد أبنائهم عن الفكر المتطرف. بإمكان تلك المدارس أن تقدم كتيبات مجانية و أناجيل و حلقات دراسة عن المسيحية لغير المسيحيين بعد انتهاء دوامها الرسمي على ان تكون اختيارية لا إجبارية و بذلك ينالون فرصة حقيقية للتعرف على الإيمان المسيحي الحقيقي.
6- المسيحية السياسية هي عائق أمام نشر المسيحية للمسلمين ، فعندما يتحدث رجل دين لبناني عن المسيحيين و حقوقهم السياسية المغيبة سوف يجعل المسلم ينتقل للجانب الآخر و يتمسك بدينه لأن المسيحية تحولت لحزب لا لدعوة خلاصية . وهذا يبعد الحوار و النقاش العقلي ، إذا تكلم السياسيون فهي مشكلة و لكن إن جعلها رجال الدين عملهم و نسيوا رسالتهم في كارثة حقيقية و دليل على ابتعاد الكنيسة عن هدفها. وهناك أمثلة كثيرة عن رجال دين اخذوا السياسة للمعيشة واستغلوا ثوبهم الديني ونسوا الهدف المسيحي ومن الذي يجب ان يخدموه...
7- ضروة الابتعاد عن الأسماء المذهبية أو الشروح الضيقة التي تعتمد على قديسين بل شرح رسالة المسيح كما وردت في الإنجيل و تشجيع من يرغب من غير المسيحيين لقبول المسيح و خلاصه ، و على المسيحيين أن يعلموا أن ولادتهم في أسر مسيحية هي بركة من الله و مسؤولية على الأهل كي يربوهم و واجب إضافي كي يوصلوا البشارة لغيرهم و على الأسرة تربيتهم على أسس أخلاقية كي يكونوا مثال الطهر و الاستقامة و الخدمة و الحشمة لا مثالاً للفسق و الخلاعة وعدم الأمانة. وللأسف هناك أيضاً مسيحيون مؤمنون يعيشون بالنعمة ولا يهتمون بمشاركة هذه النعمة أو إيصالها للمسلمين وكأنهم يعيشون في جزر أو دويلات كما يحصل في لبنان و العديد من البلدان. و هذا خطأ كبير .
على كل مسيحي أن يصلي يومياً و لو لدقيقة لزميل عمل أو جار كي يصله النور و عليه أن لا يتحرج أن يهديه إنجيل ليقرؤه و على كل الكنائس أن تضع ميزانية لأناجيل توزع مجاناً على العموم.
أخيراً المنطقة مقبلة على حصاد روحي كبير حيث مجد الرب سيرتفع و يسكن كل قلب لينهي أزمات المنطقة و يحرر الشرق الأوسط و لا يبقى إلا اسم ربنا و صليب الخلاص ...
آمين
Jesus for all