سان فرانسيسكو – في قلب منطقة خليج سان فرانسيسكو، حيث تُصنع أهم ابتكارات التكنولوجيا في العالم، يبرز مشهد غير متوقع: عودة المسيحية لتأخذ مكانًا في حياة رواد التقنية والمستثمرين والمهندسين. بعد سنوات طويلة من سيطرة الثقافة العلمانية على بيئة وادي السيليكون، بدأ كثيرون يبحثون عن إجابات أعمق تتجاوز حدود الذكاء الاصطناعي والبرمجة، ليجدوا في الإيمان المسيحي معنى وهوية جديدة.
إحدى أبرز المبادرات التي تعكس هذا التوجه هي Acts 17 Collective، حيث تنظم لقاءات يجتمع فيها مئات العاملين في مجال التقنية للاستماع إلى شهادات إيمانية ومناقشات حول المسيح في سياق الحياة العملية. تقول ميشيل ستيفنز، المؤسسة المشاركة، إن نحو 45% من المشاركين في هذه اللقاءات ليسوا مسيحيين أصلاً، لكنها سمعت كثيرين منهم يعلقون بدهشة: "لم أكن أعلم أن بيتر ثيل مسيحي… لم أكن أعلم أن المسيحية يمكن أن تبدو هكذا" .
من جانب آخر، يعمل مركز الإيمان والعمل والتقنية في منطقة الخليج (Bay Area Center for Faith, Work & Tech) على ربط القيم المسيحية بواقع العمل اليومي في الشركات التقنية. القائمون على المركز يؤكدون أن "الفضول الروحي يظهر في أماكن غير متوقعة، ولا سيما مكان العمل"، ويرون أن الإيمان بالمسيح قادر على توجيه القرارات وصياغة منتجات تحترم الإنسان وكرامته .
هذه الصحوة الروحية لم تقتصر على المؤسسات، بل شملت شخصيات بارزة. رائدة الأعمال نيكول شاناهان أعلنت مؤخرًا تحوّلها إلى المسيحية، وكتبت أن مهرجان Burning Man الذي طالما اعتبره كثيرون رمزًا للحرية والإبداع ليس إلا "أداة قوية للخداع". وأضافت بعبارة صريحة: "لم أعد أرغب في ‘حرق الرجل’؛ أنا الآن أشتعل حماسة في الروح" .
ورغم أن بعض الأصوات، مثل الكاتبة إليزابيث برونيغ، حذّرت من التعامل مع المسيحية كأداة نفعية لتحسين الحياة أو دعم النجاح المهني، مؤكدة أن المسيح يُتبع لأنه هو الحق، يبقى المؤكد أن الإنجيل يجد طريقًا جديدًا في وادي السيليكون، حيث تلتقي التكنولوجيا بالبحث عن الله .