أظهرت تقارير حديثة في الولايات المتحدة أن الغالبية العظمى من المهاجرين المهددين بالترحيل هم من المسيحيين، في معطى يعكس حجم التداخل بين قضايا الهجرة والواقع الديني في البلاد. وبحسب ما نشرته وكالة Associated Press (AP) بتاريخ 24 سبتمبر 2025، فإن ما يقارب 80% من المهاجرين المعرّضين للترحيل ينتمون إلى خلفية مسيحية، أي ما يقارب عشرة ملايين شخص. كما يشير التقرير إلى أن نحو سبعة ملايين مواطن أمريكي مسيحي يعيشون في بيوت تُعرّض فيها الأسرة بأكملها للخطر بسبب الوضع القانوني لأحد أفرادها.
هذا الكشف يسلّط الضوء على أن قضية الهجرة في الولايات المتحدة لا ترتبط فقط بمجموعات معينة كما يُصوَّر أحيانًا، بل تمس مباشرة الكنائس والمجتمعات المسيحية المحلية التي تعتمد على المهاجرين في الحياة الروحية والرعوية. إذ تبيّن أن كثيرًا من المهاجرين المسيحيين يشكلون العمود الفقري للكنائس الصغيرة والجماعات المحلية، وأن أي حملات ترحيل واسعة النطاق ستؤثر بشكل مباشر على استمرار هذه الكنائس وعلى النسيج الاجتماعي للمجتمع الأمريكي.
وتوضح البيانات أن غالبية هؤلاء المهاجرين المسيحيين ليسوا من الشرق الأوسط حصراً، بل ينحدر معظمهم من أميركا اللاتينية (المكسيك، السلفادور، غواتيمالا، هندوراس وغيرها) حيث الغالبية كاثوليكية أو إنجيلية، إضافة إلى مهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء حيث المسيحية واسعة الانتشار. أما المسيحيون القادمون من الشرق الأوسط مثل لبنان وسوريا والعراق ومصر، فيمثلون نسبة أقل، لكنهم يواجهون بدورهم تحديات خاصة مرتبطة بخلفياتهم السياسية والدينية.
في الوقت ذاته، أشارت صحيفة San Francisco Chronicle في تقرير منفصل إلى أن أكثر من مئة كنيسة في منطقة خليج سان فرانسيسكو أطلقت مبادرات لتكون "كنائس ملجأ" (Sanctuary Congregations)، حيث توفر دعماً قانونياً ومالياً وروحياً للمهاجرين المسيحيين المهددين بالترحيل. ولفت التقرير إلى أن هذه الكنائس لا تقتصر في دورها على الجوانب الإنسانية، بل تقدم أيضاً مرافقة روحية تُشعر المهاجرين أنهم جزء من جسد الكنيسة العالمي وأنهم ليسوا وحدهم في مواجهة هذه الأزمة.
وبحسب قادة كنسيين تحدثوا للصحيفة، فإن الكنيسة مدعوة أكثر من أي وقت مضى لأن تكون بيتاً للمهاجرين والضعفاء، تماماً كما فعلت في بداياتها، في وقت يشهد فيه الخطاب السياسي حول الهجرة انقسامات حادة قد تترك ملايين المسيحيين عرضة للتهميش أو الخطر.